شهدت رؤوس أموال البنوك تحركًا خلال العام الماضى، عقب صدور قانون المصارف الجديد بزيادة رأسمالها إلى 5 مليارات جنيه، الذى أصدره البنك المركزى المصرى رسميًا فى منتصف سبتمبر 2020.
وخلال العام المالى الماضى، عظمت البنوك العاملة فى السوق المحلية من إجمالى حقوق الملكية لديها، لتتراوح معدلات النمو من %2 وحتى 28 %.
قال خبراء مصرفيون إن قرار البنك المركزى بزيادة رأسمال البنوك إلى 5 مليارات جنيه جاء لتدعيم معيار كفاية رؤوس الأموال، مشيرين إلى أن كلما ارتفعت القاعدة الرأسمالية للبنوك انخفضت نسبة المخاطر، وجعل ذلك المصارف قادرة على التصدى لأى أزمات تواجهها.
وتوقع الخبراء أن تشهد السوق المصرفية خلال الفترة المقبلة اندماجات بين عدد من البنوك، وطرح بعضها فى البورصة، بهدف زيادة رأسمالها.
ورفع مشروع قانون البنوك الجديد الحد الأدنى لرأسمال المصارف العاملة فى السوق المحلية إلى 5 مليارات جنيه، بدلًا من 500 مليون، و1.5 مليار فى النسخة الأولى لمشروع القانون التى تم طرحها خلال عام 2017.
يشار إلى «المال» أجرت رصدًا سابقًا عقب صدور القانون بالعام الماضى، على القوائم المالية لنحو 33 بنكًا عاملة فى السوق المحلية لرصد حجم رأس المال المدفوع وفقًا لميزانيات ديسمبر 2018، وحجم حقوق الملكية التى يمكن أن تستخدمها فى زيادة رأسمالها المدفوع، للتوافق مع القانون الجديد والمقرر تقديمه للبرلمان قبل نهاية الشهر الحالى، وتوصل وقتها إلى عدم توافق عدد كبير من البنوك، لكنها تمتلك قاعدة حقوق ملكية قوية تمكنها من زيادة رأس المال المدفوع عبر التحويل من الأرباح المحتجزة.
وأظهرت أحدث تقارير البنك المركزى، ارتفاع رؤوس أموال البنوك بنحو 11.6 مليار جنيه خلال عام، لتصل إلى 185.357 مليار بنهاية يونيو 2021، مقابل 173.701 مليار بنهاية يونيو 2020، كما ارتفعت إجمالى الاحتياطيات بالبنوك إلى 362.1 مليار بنهاية يونيو 2021، مقابل 319.817 مليار خلال الفترة نفسها من 2020.
قال محمد عبدالعال، عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إن تحديد رأسمال البنوك بـ5 مليارات جنيه فى القانون الجديد يتوافق مع المتطلبات الدولية، خاصة فى ظل استعداد القطاع المصرفى المصرى لتطبيق معايير «بازل 4»، وتطبيق المعيار المحاسبى الجديد «9IFRS» الذى يفرض متطلبات جديدة على القطاع المصرفى تحتم وجود رؤوس أموال قوية.
محمد عبدالعال: القانون يستهدف زيادة صلابة وكفاءة القاعدة الرأسمالية
وأكد عبد العال أن القانون الجديد يستهدف زيادة صلابة وكفاءة القاعدة الرأسمالية للبنوك العاملة فى السوق فى مواجهة المخاطر المحتملة، وتعزيز قدرتها على المنافسة مع نظيرتها الأخرى إقليميًا وعالميًا.
وأشار إلى أن تحديد رأسمال البنوك بـ5 مليارات جنيه فى القانون الجديد، يتلاءم مع ارتفاع المخاطر على المستويين المحلى والدولى، موضحًا أن هذا الأمر قد يفرض اتجاه بعض البنوك للاندماج للتغلب على عدم قدرتها على زيادة رأس المال.
ونوه إلى أن البنك المركزى منح البنوك مهلة تصل إلى 3 سنوات لزيادة رؤوس أموالها مراعاة لظروف بعض البنوك التى تعانى مشكلات مالية، مؤكدًا أن البنوك المتخصصة ستظل كما هى، خاصة بعدما بدأت خطة إعادة هيكلة بدعم قوى من البنك المركزى.
وأوضح أن هناك العديد من الطرق لزيادة رأس المال، أبرزها الاستعانة بالأرباح المحتجزة فى قاعدة حقوق الملكية، أو قيام المساهمين بضخ رأسمال مباشر فى البنك، مشددًا على أن البديل لذلك هو الخروج من السوق والبيع لمستثمرين آخرين أو الاندماج مع بنوك أخرى.
وفى يناير الماضى، قرر البنك المركزى عدم السماح للبنوك بإجراء توزيعات نقدية من أرباح العام أو الأرباح المحتجزة القابلة للتوزيع على المساهمين، بهدف تدعيم القاعدة الرأسمالية للبنوك، لمواجهة المخاطر المحتملة، نتيجة استمرار انتشار جائحة كورونا، والسماح فقط بإجراء توزيعات للعاملين وصرف مكافآت لأعضاء مجالس الإدارة عن العام المالى 2020، حيث جاء هذا القرار بعد مرور نحو 3 أشهر على صدور قانون البنوك الجديد رسميًا، والذى يتطلب توافق نحو 32 بنكًا من أصل 38 عاملة فى السوق.
وطبقًا للمادة الرابعة من مواد إصدار هذا القانون فإن البنوك تلتزم بتوفيق أوضاعها طبقًا لأحكامه خلال مدة لا تتجاوز سنة من تاريخ العمل به، ويجوز لمجلس إدارة البنك المركزى مدها مرة أخرى لا تتجاوز السنتين، وبذلك فإن الفترة الانتقالية تتراوح من سنة إلى ثلاث سنوات.
وتقدم «المال» فى التقرير التالى تحركات رؤوس أموال البنوك المدرجة فى البورصة خلال العام المالى الماضى، والذى ينتهى فى يونيو 2021، مع توضيح إجمالى حقوق الملكية لهذه البنوك، وفقًا للقوائم المالية المعلنة، بعدما كشفت عن زيادة فى رؤوس أموال 5 بنوك من إجمالى 12 مدرجة، بقيمة 1.09 مليار جنيه، فى حين تغيرت إجمالى حقوق الملكية بنسب متفاوتة.
وزاد رأس المال المدفوع ببنك فيصل الإسلامى المصرى قائمة البنوك الأكثر خلال العام المالى الماضى بنسبة نمو بلغت 34 %، ليصل رأس مال البنك المدفوع إلى 4.08 مليار جنيه بنهاية يونيو 2021، مقابل 3.04 مليار بنهاية يونيو 2020، كما ارتفع إجمالى حقوق الملكية بنسبة %13.3 ليصل إلى 15.10 مليار، مقابل 13.33 مليار خلال الفترة نفسها من 2020.
ووصل رأس المال المدفوع ببنك التعمير والإسكان بنهاية يونيو الماضى 1.51 مليار جنيه، مقابل 1.26 مليار بنهاية يونيو 2020، بنسبة نمو بلغت 20 %، فى حين سجل إجمالى حقوق الملكية 8.09 مليار بنهاية يونيو 2021، مقابل 6.53 مليار جنيه بنهاية يونيو السابق عليه، بنسبة نمو %23.8 خلال عام.
وبلغ رأس المال المدفوع للبنك المصرى الخليجى نموًا بنسبة %16.5 خلال العام المالى الماضى، بقيمة 3.62 مليار جنيه نهاية يونيو 2021، مقابل 3.10 مليار بنهاية يونيو 2020.
كما ارتفع إجمالى حقوق الملكية بنسبة %12.5 داخل البنك المصرى الخليجى، ليصل إلى 5.52 مليار جنيه.
وصعد رأس المال المدفوع لبنك قناة السويس بنسبة %10 خلال العام لتصل إلى 2.20 مليار جنيه بنهاية يونيو الماضى، مقابل 2 مليار جنيه بنهاية يونيو السابق عليه.
كما ارتفع إجمالى حقوق الملكية بنسبة %14 داخل بنك قناة السويس ليصل إلى 3.96 مليار جنيه بنهاية يونيو الماضى، مقابل 3.47 مليار بنهاية يونيو السابق عليه.
وزاد رأس المال المدفوع داخل التجارى الدولى خلال العام المالى الماضى، بنسبة 0.58 %، ليصل إلى 14.77 مليار بنهاية يونيو 2021، مقابل 14.69 بنهاية يونيو السابق عليه.
كما شهد إجمالى حقوق الملكية داخل التجارى الدولى ارتفاعًا ملحوظًا لتسجل 62.76 مليار جنيه مقابل 52.33 مليار جنيه، بنسبة نمو %19.9 خلال عام.
وداخل بنوك SAIB، والبركة الإسلامى، وكريدى أجريكول مصر، الاتحاد الوطنى، الكويت الوطنى، مصرف أبو ظبى الإسلامى، وقطر الوطنى الأهلى، لم تشهد رؤوس الأموال تحركًا على الإطلاق خلال العام المالى الماضى، إلا أن إجمالى حقوق الملكية صعدت بنسبة تتراوح من %2.6 إلى 28.1 %.
وأظهرت نتائج أعمال بنك البركة صعود حقوق الملكية بنسبة %28.1 لتصل إلى 5.5 مليار جنيه، و%20 فى بنك كريدى أجريكول لتصل إلى 7.8 مليار جنيه.
وبلغ إجمالى حقوق الملكية 41.5 مليار جنيه فى بنك قطر الوطنى الأهلى بنسبة %15 خلال عام.
وصعد إجمالى خقوق الملكية بنسبة %14.1 ببنك SAIB لترتفع من 303 ملايين دولار فى يونيو 2020 إلى 346 مليون دولار.
وعلى مستوى حقوق الملكية داخل بنك الكويت الوطنى، فقد صعد بنسبة %13.7 خلال العام المالى الماضى فى بنك الكويت الوطنى، لترتفع من 8.34 مليار جنيه فى يونيو 2020 إلى 9.4 مليار بنهاية يونيو الماضى.
وصعد إجمالى حقوق الملكية بالبنك المصرى لتنمية الصادرات بنسبة 8.5 %، ليرتفع من 6 مليارات جنيه إلى 6.5 مليار نهاية يونيو الماضى.
كما صعد إجمالى حقوق الملكية لمصرف أبو ظبى الإسلامى بنسبة %2.5 خلال العام المالى الماضى، ليصل 5.6 مليار جنيه نهاية يونيو الماضى، مقارنة مع 5.54 فى نفس الفترة من العام الماضى.
محمد بدرة: ضرورة منطقية تناسب التطورات الجديدة فى المصارف
ويرى محمد بدرة، عضو مجلس إدارة البنك العقارى، أن الحد الأدنى الجديد لرأسمال البنوك هو تحديد منطقى يناسب التطورات الجديدة فى القطاع المصرفى والأزمات التى مرت بها دول العالم، وكان يجب على «المركزى» إعادة النظر فى رفع الحد الأدنى لرأسمال البنوك.
وأشار إلى أن 500 مليون جنيه التى وضعها «المركزى» فى 2004 كانت تناسب الأوضاع الاقتصادية حينها، لافتًا إلى أن فترة السماح التى سيمنحها «المركزى» للبنوك لن تتجاوز 3 سنوات، وهى فترة كافية للبنوك لرفع الحد الأدنى لرؤوس أموالها، والبنوك خلال تلك الفترة ستكون لديها القدرة على تهيئة أوضاعها لرفع رأس المال بآليات عدة، فى مقدمتها احتجاز الأرباح.
وتوقع أن تشهد السوق المصرية خلال تلك الفترة اندماج بعض البنوك، وطرح بعضها الصغرى فى البورصة، بهدف رفع رأسمالها، كما تشهد السوق بعض صور الاستحواذ على المؤسسات الدولية على المصارف الصغرى.
وأكد الخبير المصرفى، طارق متولى، أن أغلب البنوك لن تواجه أى مشكلة فى زيادة رأسمالها، كما يتوجب عليها توفيق أوضاعها مع الرأسمال الجديد، وذلك لتضاهى الثورة التكنولوجية العالمية التى ستغزو البنوك، إضافة إلى تمويل المؤسسات العملاقة، وذلك يحتاح إلى بنوك ذات رؤوس أموال كبيرة.
كما توقع «متولى» أن تشهد السوق المصرية موجة من اندماج بعض البنوك، واستحواذ مصارف على أخرى، أو سيكون هناك اكتتاب لزيادة رأس المال، تزامنًا مع موجة الاستحواذات التى يشهدها القطاع المصرفى عالميًا.
وأعلنت البنوك على مستوى العالم عن صفقات تزيد قيمتها على 54 مليار دولار حتى أواخر سبتمبر2021، وفقاً لشركة «ديلوجيك»، ما يضع عمليات الاندماج والاستحواذ فى الصناعة على قدم وساق لأكبر عام لها منذ 2008، وفى مثل هذا الوقت من العام الماضى، أعلنت بنوك عن عمليات اندماج بقيمة 17 مليار دولار.
واستبعد طارق متولى أن تتجه البنوك إلى الطرح فى البورصة فى الفترة المقبلة، حيث إن الكيانات الموجودة هى كيانات ستلجأ إلى ضخ أموال فى فروعها الموجودة بمصر لزيادة رأس مالها.
وأكد أن البنوك الصغيرة غير القادرة على تطوير الجانب التكنولوجى الخاص بها، وعدم قدرتها على تمويل مشروعات كبرى، هذه التى تضر السوق أكثر ما تفيده.