❏ «المركزى» يفتح الباب أمام القطاع للحصول على مساندة المؤسسات الدولية
❏ أكرم تيناوى: التركــز الائتمــانى لأكبر
50 عميلًا الأكثر تأثيراً.. ونبحث حلول غير تقليدية
❏ حسين رفاعى: احتجاز الأرباح وزيادة رأس المال الأقرب للتنفيذ
أمنية إبراهيم
يواجه القطاع المصرفى تحديات كثيرة خلال العام الجارى، يتصدرها الحفاظ على
معيار كفاية رأس المال، فى ظل زيادة التوقعات بتراجعه تأثرًا بتضخم قيمة
الأصول الدولارية، عقب قرار تحرير سعر صرف الجنيه.
ويعد معدل كفاية رأس المال، من المؤشرات الهامة والتى تعكس قدرة البنوك على
مواجهة المخاطر، وتغطية الالتزامات من خلال قياس ناتج قسمة القاعدة
الرأسمالية على إجمالى الأصول، والالتزامات العرضية المرجحة بأوزان
المخاطرة.
ورجح قيادات وخبراء الجهاز المصرفى، تسلح البنوك باحتجاز الأرباح وتقليل
حجم التوزيعات، لدعم حقوق الملكية، للحفاظ على معيار كفاية رأس المال،
علاوة على هيكلة محافظ التمويل فيما يخص التركز الائتمانى لأكبر 50 عميلًا،
إذ تواجه بعض البنوك مشاكل بسبب زيادة وزن المخاطر الترجيحى، بما ينعكس
سلباً على كفاية رأس المال.
وفى إطار تحرك «المركزى» لدعم القطاع، سمح، الأسبوع الماضى، للبنوك بتلقى
قروض، وودائع مساندة من المؤسسات، وبنوك التنمية الدولية، مع احتسابها ضمن
معدلات كفاية رأس المال.
وشهد نهاية العام الماضى تحرك مجموعة من البنوك المحلية، أبرزها؛ المصرى
الخليجى، والمصرف المتحد، وقطر الوطنى، لدعم معدلات كفاية رأس المال، عبر
سيناريوهات متعددة، منها الحصول على قروض مساندة من مراكزها الرئيسية، أو
مساهميها بالنسبة للبنوك الأجنبية، أو الاتجاه لزيادة رؤوس أموالها.
ويدرس قطر الوطنى، زيادة رأسمال البنك المصدر، والمدفوع من 7.4 إلى 8.9
مليار جنيه، بزيادة قدرها 1.4 مليار جنيه، عن طريق توزيع أسهم مجانية،
تمويلها عبر الاحتياطى العام.
كما أعلن المصرف المتحد قبل أيام، موافقة البنك المركزى على زيادة رأسمال
المصرف ليصل إلى 3.5 مليار جنيه، بهدف تقوية وتعزيز المركز المالى،
والقاعدة الرأسمالية، تمهيدا للطرح لمستثمر رئيسى خلال العام الحالى.
وأقر المصرى الخليجى، مطلع 2016، زيادة فى رأس المال المُصدر والمدفوع، بمبلغ 129.4 مليون دولار، على عدة شرائح.
فيما حصلت مجموعة من البنوك على قروض مساندة من مساهميها أو مراكزها الأم
بالخارج، آخرها بنك كريدى آجريكول، الذى حصل على قرض بقيمة 30 مليون دولار،
من المركز الرئيسى بفرنسا، لتدعيم الشريحة الثانية من رأس المال فى ديسمبر
الماضى، بعد قرار تحرير سعر الصرف.
وحصل بنك SAIB«» على قرض مساند من المصرف العربى الدولى، أكبر مساهميه،
بقيمة 50 مليون دولار، فى النصف الأول من 2016، لدعم القاعدة الرأسمالية،
والتوافق مع مقررات «بازل 2» فيما يخص معيار كفاية رأس المال.
كما ضخ البنك المركزى أيضاً، قرض مساند بقيمة 31 مليار جنيه، لـ3 بنوك
عامة، قبل تعويم الجنيه بفترة، حصل منها بنك مصر على 16 مليار جنيه، و13
مليار جنيه للأهلى، ومليارى جنيه لصالح القاهرة، ما دعم القاعدة الرأسمالية
لتلك البنوك، ورفع معيار كفاية رأسمالها، لتتوافق مع الضوابط.
وأظهر مسح «المال» تراجع معدلات كفاية رأس المال لدى نحو 12 بنكاً من بين
19، أفصحوا عن المعيار فى ميزانيات أعمالهم، بنسب تراوحت بين 0.26 و8.61 %
خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2016، وقبل بيان أثر تحرير سعر صرف الجنيه، مدفوعاً بارتفاع محافظ الأصول، بينما لم تتعد نسب ارتفاع المعيار لدى البنوك السبعة المتبقية 2.25 %.
وقفزت أصول القطاع المصرفى بنحو 582 مليار جنيه، فى الفترة ذاتها، لتصل إلى
3.067 تريليون جنيه، بدلا من 2.485 تريليون جنيه، نهاية 2015، كما ارتفع
إجمالى أرصدة الإقراض، والخصم للعملاء، أكثر من 178مليار جنيه، لتبلغ
970.15مليار جنيه، مقابل 786.6 مليار جنيه.
واشترط «المركزى» ألا تقل معدلات كفاية رأس المال عن 10 %، لترتفع عن متطلبات «بازل 2»، المقدرة بنحو 8 % فقط.
من جهته أكد أكرم تيناوى، الرئيس التنفيذى لبنك ABC مصر، أن التركز
الائتمانى لأكبر 50 عميلًا، يعد العامل الأبرز المؤثر فى معدلات كفاية رأس
المال، وتسبب فى تراجعها لدى عدد من البنوك، وأن توسيع قاعدة الائتمان
والقروض ضرورة للتغلب على تلك العقبة، لتقليل التركز، وتلافى الأوزان
الترجيحية المرتفعة للمخاطر.
ولفت «تيناوى» إلى أن البنوك حرصت على التوسع فى تمويل المشروعات الصغيرة،
ضمن مبادرة البنك المركزى، إلى جانب تنويع قاعدة عملائها من الشركات لتخفيض
التركز الائتمانى، إلا أن تغيير سعر الجنيه أمام الدولار بعد تحرير
سعرالصرف، أدى لتضخم محافظ التمويل بالبنوك، نتيجة فروق العملة بالنسبة
للقروض بالعملات الأجنبية، ما خلق تحدياً جديداً أمام البنوك للوصول إلى
نسبة الـ 20 %، المقررة لمشروعات الـ SME’s من إجمالى المحفظة، وكذا هيكلة
الجزء الخاص بنسب التركز لأكبر 50 عميلًا.
واستبعد الرئيس التنفيذى لبنك ABC، دعم القواعد الرأسمالية للبنوك والتغلب
على عقبة تراوح معدلات كفاية رأس المال عبر طلب زيادات فى رؤوس أموالها من
المساهمين، مشيراً إلى أن الحل يكمن فى طريقة إدارة محفظة القروض.
وقال «تيناوى» إن البنوك المقوم رأسمالها بالدولار الأمريكى، لم تتأثر
بالمشاكل الناتجة عن فروق سعر الصرف، ولم يمانع مقترح إمكانية لجوء بعض
البنوك لإدارج شريحة بالعملة الأجنبية فى رأسمالها، إذا ما أرادت التحوط ضد
مخاطر تقلب العملة، إلا أنه أكد صعوبة تطبيق ذلك، مؤكداً أنه حل غير عملى،
نظراً لمتطلبات تغيير النظام الأساسى للبنك والمحاسبى.
يشار إلى أن البنك المركزى أقر تعليمات جديدة بشأن التركز الائتمانى مطلع
العام الماضى، تقضى بخفض الحد الأقصى لتوظيفات البنوك لدى العميل الواحد،
من 20 % إلى %15، من القاعدة الرأسمالية، والعميل والأطراف المرتبطة من 25%
إلى 20%.
وفرض «المركزي» إجراءين حال تجاوز إجمالى التسهيلات الائتمانية الممنوحة
لأكبر 50 عميلًا، والأطراف المرتبطة به عن 50 %، من المحفظة الائتمانية،
يتمثل الأول فى رفع وزن المخاطر الترجيحى على قيمة التجاوز عند حساب معيار
كفاية رأس المال إلى 200 %، عند تراوح النسبة المشار إليها لأكثر من 50 %،
حتى 70 % من إجمالى المحفظة، و%300 حال تجاوز النسبة عن 70 % من المحفظة.
فيما يمثل الإجراء الثانى مراعاة ألا تزيد قيمة التجاوز عن نصف القاعدة
الرأسمالية، فى فروع البنوك الأجنبية، ومنح «المركزي» البنوك مهلة عام
لتوفيق أوضاعها مع هذا القرار.
من جانبه قال حسين رفاعى، عضو مجلس الإدارة التنفيذى، رئيس المجموعة
المالية بالبنك الأهلى المصرى، إن البنوك ستواجه مشاكل تراجع معيار كفاية
رأس المال، الناتج عن تضخم محافظ الأصول نتيجة فروق العملة، باحتجاز
الأرباح، لدعم وتقوية قواعد رأسمالها.
وأشار «رفاعى» إلى أن المشاكل والعقبات التى تواجه الحفاظ على معيار كفاية
رأس المال لدى وحدات القطاع المصرفى، تختلف من بنكاً لآخر، وإن كان تضاعف
محفظة القروض بالعملات الأجنبية الشائع لدى الأغلبية نظراً لفروق
سعرالعملة، إلا أن نسبة التركز الائتمانى لأكبر 50 عميلًا من إجمالى
المحفظة الائتمانية، يشكل عائقًا أيضاً لدى بعض البنوك لإعطاءها وزن ترجيحى
أعلى للمخاطر، وتعكف حالياً على هيكلة التمويلات الممنوحة بما يتماشى مع
القواعد الأخيرة للبنك المركزى.
ولفت رئيس المجوعة المالية، عضو مجلس الإدارة التنفيذى، إلى أن البنوك
تراقب عن كثب الأوزان المرجحة للمخاطر فيما يخص الدولار، وتقوم بمعالجتها
على الفور، حتى تكون ضمن النسب المقبولة، لتلافى انعكاس أثر ذلك على معدلات
كفاية رأس المال التى يولى البنك المركزى اهتماما كبيرا بها.
ولم يستبعد «رفاعى» إجراء بعض البنوك زيادات جديدة فى رؤوس أموالها لدعم
وتقوية قواعدها الرأسمالية، وتعزيز مركزها المالى، عبر الاحتياطيات
والأرباح المحتجزة.
ويرى «رفاعى» أن اختبارات التحمل «Stress Test» التى تجريها البنوك كجزء
أساسى من إدارة المخاطر، ساعدها إلى حد كبير فى التحوط، والحذر، والتحرك فى
الوقت المناسب، إذ يعطى إنذاراً مبكراً بشأن أى نتائج سلبية غير متوقعة،
ناشئة عن المخاطر المتنوعة الى يواجهها البنك.
من ناحيته قال رئيس القطاع المالى بأحد البنوك العربية العاملة بمصر، أن
البنوك المحلية سلكت أكثر من طريق للحفاظ على معدلات كفاية رأس المال خلال
العام الماضى، بعد إقرار قواعد الركز الائتمانى التى انعكست على معيار
الكفاية لدى أغلب وحدات الجهاز.
وأشار إلى أن تعويم الجنيه سينعكس أثره على نتائج الربع الأخير من عام
2016، بعد هبوط الجنيه بأكثر من 100 %، إذ أن القواعد الرأسمالية للغالبية
العظمى من البنوك مقومة بالعملة المحلية، وأن الالتزامات العرضية، وجزء من
محفظة الأصول بالدولار ( قروض بعملات أجنبية)، ما سيؤدى لتغيير الوزن
الترجيحى لها فى مقام النسبة، ويهبط بمعيار كفاية رأس المال.
مشيراً إلى أن المعيار ينخفض لدى بعض البنوك عن النسبة المقررة بنحو 10 %،
وأن البنك المركزى يسمح بهذا التجاوز لفترة معينة، طبقاً لحالة كل بنك، حتى
يتمكن من معالجة الأمر، والوصول للحد الأدنى المطلوب، سواء عن طريق تعزيز
القاعدة الرأسمالية، باحتجاز الأرباح، أو ضخ رؤوس أموال جديدة، وإما تسويق
جزء من محفظة القروض سواء فيما يخص القروض بالعملات الأجنبية، أو التركز
الائتمانى لأكبر 50 عميلًا.
وأضاف رئيس القطاع المالى، أن البنوك اتجهت فى آواخر العام الماضى لهيكلة
محافظ استثماراها فى الأوراق المالية، للحفاظ على القاعدة الرأسمالية، عبر
تحويل جزء مؤثر منها إلى أوراق محتفظ بها، حتى أجل استحقاقها، بدلاً من
إدراجها بغرض المتاجرة.
يجدر الإشارة إلى أن مجموعة بنوك اتجهت لهيكلة محافظ استثماراتها فى
الأوراق المالية، فى الربع الاخير من 2016، بناء على توجيهات شفهية من
البنك المركزى، وتنصح بتحويل جزء من المحفظة إلى أوراق مالية محتفظ بها حتى
تاريخ الاستحقاق بدلاً من إتاحتها للتداول أو البيع، وكانت «المال» كشفت
عن هذه الأمور فى أكتوبر الماضى.
وكإجراء احترازى للحفاظ على قواعد رأس المال، تحسبًا لخطوة تحرير سعر صرف الجنيه
أمام الدولار، ورفع العائد عليه، إذ تقوم البنوك بتبويب استثماراتها فى
الأوراق المالية ضمن بند «المتاحة للبيع»، إذا ما كانت تنوى التخلص منها فى
الأجل القصير، ويطلب ذلك تكوين احتياطى لها بما ينعكس على القاعدة
الرأسمالية.
ويولى «المركزى» اهتماما بمعدلات كفاية رأس المال فى البنوك، إذ ألزم
القطاع المصرفى فى إبريل الماضى، بتطبيق نسب دعامة تحوطية بهدف تعزيز
متطلبات رأس المال اللازمة لحماية البنوك، وضمان تغطية الخسائر التى تنشأ
لديها، أو خلال فترات الضغط، أو الأزمات المالية والاقتصادية.
ووفقا للدعامة الإضافية ستصعد معدلات كفاية رأس المال لدى البنوك من 10 إلى %12.5 بحلول يناير 2019.