البنك الدولي : تعافي الاقتصاد العالمي سيكون ضعيفاً ما لم يتم كبح جماح «كورونا»

قال البنك ؛ إنه تتمثل قمة الأولويات على صعيد السياسات في الأمد القريب في السيطرة على انتشار الفيروس وضمان سرعة توزيع اللقاحات

البنك الدولي : تعافي الاقتصاد العالمي سيكون ضعيفاً ما لم يتم كبح جماح «كورونا»
سمر السيد

سمر السيد

1:47 م, الخميس, 7 يناير 21

توقع البنك الدولي، أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 4% عام 2021، بافتراض أن التوزيع الأولي للقاحات فيروس كورونا (كوفيد-19) سيصبح واسع الانتشار خلال هذا العام.

 لكن البنك الدولي يفيد في عدد يناير 2021 من تقريره الآفاق الاقتصادية العالمية بأن التعافي سيكون ضعيفا على الأرجح، ما لم يتحرك صانعو السياسات بحسم لكبح جماح الجائحة وتطبيق إصلاحات لتعزيز الاستثمار.

وقال البنك في بيان صحفي إنه على الرغم من أن الاقتصاد العالمي ينمو مجددا بعد انكماشه بنسبة 4.3% في 2020، فإن الجائحة تسببت في خسائر فادحة من الوفيات والإصابات المرضية، ودفعت بالملايين نحو هوة الفقر، وربما تقلص النشاط الاقتصادي والدخل لفترة طويلة.

وتتمثل قمة الأولويات على صعيد السياسات في الأمد القريب في السيطرة على انتشار الفيروس وضمان سرعة توزيع اللقاحات على نطاق واسع. وبغية دعم التعافي الاقتصادي، ستحتاج السلطات أيضا إلى تيسير دورة إعادة الاستثمار التي تهدف إلى نمو مستدام أقل اعتمادا على الدين الحكومي.  

وفي معرض التعقيب على التقرير، قال رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس “بينما يبدو أن الاقتصاد العالمي دخل في مرحلة تعاف ضعيف، يواجه صانعو السياسات تحديات جسيمة – في الصحة العامة، وإدارة الدين، وسياسات الموازنة، وأنشطة البنوك المركزية والإصلاحات الهيكلية – في الوقت الذي يسعون فيه لضمان أن يكتسب هذا التعافي العالمي الذي ما زال هشا قوة دفع ويرسي الأساس لنمو قوي… وللتغلب على تأثيرات الجائحة ومكافحة العوامل المعاكسة على صعيد الاستثمار، ثمة حاجة لدفعة كبيرة لتحسين بيئة الأعمال، وزيادة مرونة أسواق العمل والمنتجات، وتعزيز الشفافية والحوكمة.”

وبحسب تقديرات البنك الدولي، فإن انهيار النشاط الاقتصادي العالمي في 2020 كان أقل شدة بقليل مما كان متوقعا في السابق، وذلك لأسباب على رأسها الانكماش الأقل حدة في الاقتصادات المتقدمة والتعافي الأكثر قوة في الصين، وفي المقابل، فإن تعطل النشاط في أغلبية اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية كانت أشد حدة مما كان متوقعا.

وفي هذا الصدد، قالت كارمن راينهارت، نائبة الرئيس ورئيسة الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولي “ثمة حاجة لمعالجة الهشاشة المالية في العديد من تلك البلدان، إذ أثرت صدمة النمو على ميزانيات الأسر المحرومة وميزانيات الشركات”.

وتكشف التفاصيل الواردة في قسم من التقرير أن التوقعات القريبة الأجل ما زالت تتسم بارتفاع حالة عدم اليقين، وأن  اختلاف نتائج النمو يظل محتملا. ويشير سيناريو سوء الأوضاع، الذي ينطوي على استمرار ارتفاع الإصابات والتأخر في توزيع اللقاحات، إلى احتمال تقييد النمو العالمي عند 1.6% في 2021. في الوقت ذاته، يشير سيناريو تحسُّن الأوضاع، الذي ينطوي على النجاح في السيطرة على الجائحة وتسارع عملية توزيع اللقاحات، إلى أن النمو العالمي قد تتسارع وتيرته بمعدل يصل إلى 5%.

وفي الاقتصادات المتقدمة، تعثر الانتعاش الناشئ في الربع الثالث عقب ارتفاع الإصابات مجددا، مما يشير إلى بطء التعافي ومواجهة كثير من التحديات. ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة 3.5% في 2021، بعد انكماشه بمعدل يُتوقع أن يبلغ 3.6% في 2020. وفي منطقة اليورو، من المنتظر أن ينمو الناتج 3.6% في العام الجاري، بعد انخفاضه 7.4% في 2020.  ومن المتوقع أن ينمو النشاط في اليابان، التي شهدت انكماشا بنسبة 5.3% في السنة التي انتهت للتو، بمعدل 2.5% في 2021.  

ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الكلي في اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية، ومنها الصين، 5% في 2021، بعد انكماشه 2.6% في 2020.  ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني 7.9% في العام الجاري بعد تسجيل معدل نمو يصل إلى 2% في العام الماضي.  وباستثناء الصين، من المتوقع أن تنمو اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية بنسبة 3.4% في 2021 بعد انكماشها بنسبة 5% في 2020.  وفي الاقتصادات منخفضة الدخل، من المتوقع أن يرتفع النشاط 3.3% في 2021، بعد انكماشه بنسبة 0.9% في 2020.

وتستعرض الأقسام التحليلية من أحدث تقرير للآفاق الاقتصادية العالمية الكيفية التي فاقمت بها الجائحة المخاطر المحيطة بتراكم الديون؛ والكيفية التي قد تكبح بها النمو على المدى الطويل في ظل غياب جهود الإصلاح المنسقة، وما هي المخاطر المرتبطة باستخدام برامج شراء الأصول كأداة للسياسة النقدية في اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية.

وقال آيهان كوس، القائم بأعمال نائب رئيس البنك الدولي لشؤون النمو المنصف والتمويل والمؤسسات “فاقمت الجائحة على نحو كبير من مخاطر الديون في اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية؛ وستؤدي آفاق النمو الضعيف إلى زيادة أعباء الديون على الأرجح وتآكل قدرة المقترضين على خدمة أعباء الديون. ويحتاج المجتمع الدولي للتحرك سريعا وأن يضمن على نحو حازم ألا ينتهي تراكم الديون مؤخرا بسلسلة من أزمات الدين. فليس بمقدور العالم النامي احتمال عقد ضائع آخر.”

وأضاف أنه مثلما فعلت الأزمات الشديدة في الماضي، فإنه من المتوقع أن تخلف الجائحة آثارا معاكسة مستمرة على النشاط العالمي.

ووفق بيان البنك الدولي ؛ من المرجح أن تؤدي إلى تفاقم التباطؤ في النمو العالمي المتوقع على مدى العقد القادم بسبب نقص الاستثمار، وانخفاض التوظيف، وتراجع القوى العاملة في العديد من الاقتصادات المتقدمة. وإذا كان لنا أن نتلقى دروسا من التاريخ، فإن الاقتصاد العالمي يتجه صوب عقد من النمو المخيب للآمال ما لم ينفذ صانعو السياسات إصلاحات شاملة تحسن المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي المنصف والمستدام.

ويحتاج صانعو السياسات إلى مواصلة الحفاظ على التعافي، والتحول تدريجيا من دعم الدخل إلى سياسات تعزيز النمو. وفي الأمد الأطول، في اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية، ستساهم السياسات الهادفة إلى تحسين الخدمات الصحية والتعليمية، والبنية التحتية الرقمية، والقدرة على الصمود في وجه تغير المناخ، وممارسات الشركات والحوكمة في تخفيف الضرر الاقتصادي الناجم عن الجائحة، والحد من الفقر وتعزيز الرخاء المشترك.  وفي سياق يعتري فيه الضعف مراكز المالية العامة ويرتفع الدين، فإن الإصلاحات المؤسسية التي تستهدف تحفيز النمو الذاتي تكتسب أهمية خاصة. ففي الماضي، كان المستثمرون يعترفون بعوائد النمو الناتجة عن جهود الإصلاح برفع توقعاتهم للنمو في الأمد الطويل وزيادة تدفقات الاستثمار.

وتستخدم البنوك المركزية في بعض اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية برامج شراء الأصول استجابةً لضغوط الأسواق المالية الناجمة عن الجائحة، وذلك ربما للمرة الأولى في العديد من الحالات.  

وحين تم توجيه تلك البرامج إلى معالجة إخفاقات الأسواق، بدا أنها تسهم في تحقيق استقرار الأسواق المالية خلال المراحل الأولى من الأزمة. لكن في الاقتصادات التي تستمر فيها عمليات شراء الأصول في التوسع ويتبين أنها تمول عجز الموازنة، فإن تلك البرامج ربما تؤدي لتآكل استقلالية البنك المركزي، وتهدد بإضعاف العملة ما يؤدي لإزالة الدعائم التي قامت عليها توقعات التضخم، وتزيد المخاوف بشأن القدرة على تحمل أعباء الدين.