أعلن البنك التجاري الدولي (CIB)، عن بحث سبل إطلاق “أكاديمية التمويل المستدام” علي نطاق دولي، ويستهدف CIB من خلال تلك الأكاديمية دمج مفاهيم العمل المناخي والتوعية بها مع المنظومة التعليمية والتدريبية التابعة للقطاع المصرفي، فضلاً عن سد فجوة التوعية بأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وقد تم إطلاق هذه المبادرة خلال حلقة نقاشية بعنوان “التعليم من أجل التنمية المستدامة” التي أدارها CIB على هامش مؤتمر المناخCOP27 في يوم المجتمع المدني الموافق 15 نوفمبر تحت شعار “COP27 شرم الشيخ: من إفريقيا إلى العالم”.
أدارت الحلقة النقاشية د. داليا عبد القادر رئيس قطاع التمويل المستدام بـCIB، وكان من أبرز المتحدثين د. ديفيد أور أستاذ الدراسات البيئية بكلية باول سيرز التابعة لكلية أوبرلين، ود. جيمس مارش الأستاذ بجامعة فيرمونت، وناتالي مانجوندو عضو فريق أبطال الأمم المتحدة رفيعي المستوى لتغير المناخ في الشؤون المالية، د. جوناثان بيدلي عميد كلية هينلي للأعمال بإفريقيا، د. دينا عبد الفتاح أستاذ مساعد ورئيس قسم الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، د. حلمي أبو العيش رئيس جامعة هليوبوليس للتنمية المستدامة والرئيس التنفيذي لمجموعة سيكم، ومرقص ميخائيل رئيس قطاع التعلم والتطوير بـCIB
وأوضحت د. داليا عبد القادر “أنه على الرغم من تأسيس أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بموجب اتفاقية باريس، التي تم عقدها خلال مؤتمر الأطراف COP21 في عام 2015، و التي ألزمت الدول الموقعة بمجابهه التغيرات المناخية، أن العالم لا يزال يمر بتطورات ملحوظة، فارتفعت درجات حرارة الأرض بصورة كبيرة خلال الأعوام الخمس الأخيرة، ويشير هذا المنحنى الخطير لظاهرة الاحتباس الحراري إلى وجود فجوة كبيرة في الأنظمة الموجهة للحد من اثار التغيرات المناخية على مستوى العالم، ومن بينها المنظومة التعليمية التي لا تزال تعتمد على مفاهيم القرن العشرين التي جزأت المعرفة إلي جزر منعزلة من مناهج متخصصة مستقلة تفتقد المنظور الشمولي و التفاعل الحيوي System Thinking”” و الذي هو أساس الاستدامة.
وأكملت: ” وبناء علي ذلك سنجد أن الخريجين الحاصلين على شهادات العلوم المالية ليس بالضرورة لديهم أي دراية علمية أو معرفية بالمعايير البيئية وقوانين حماية البيئة، وهو ما يؤدي بدوره إلى استقطاب المؤسسات المالية سنويًا آلاف الخريجين الذين يفتقدون الإلمام بتطبيق معايير وممارسات التنمية المستدامة التي يطلبها العمل بالقطاع المصرفي التزاما بإرشادات و تعليمات البنك المركزي المصري الخاصة بالتنمية المستدامة، ومن هذا المنطلق حرص CIB على سد هذه الفجوة، من خلال تطوير مؤسسات ووحدات تعليمية شاملة تتضمن مناهجها التعليمية المعرفة العلمية والعملية بمعايير وممارسات التنمية المستدامة”.
ويركز مؤتمر المناخ COP27 على حشد التمويلات اللازمة للعمل المناخي، وتطوير حلول ابتكارية لمعالجة عقبات تواجه مسيرة التنمية المستدامة، وكان من أبرز المحاور التي تناولتها الحلقة النقاشية “هل تحقق الأنظمة التعليمية السائدة في القرن 21 متطلبات أهداف التنمية المستدامة؟”.
وفي هذا الإطار، قال د. ديفيد أور إن تغيير الأفكار والمفاهيم له أولوية كبيرة على تغيير السياسات الاقتصادية والأنظمة التكنولوجية من أجل معاجلة أزمة التغير المناخي المتفاقمة، مؤكدًا أن هذا التغيير يتطلب تطوير أنظمة التعليم.
وأشار د. جوناثان بيدلي إلى وجوب تركيز الشركات والجامعات وكليات إدارة الأعمال الإفريقية على تبني فكرة تحقيق النهضة الإفريقية، والرخاء المشترك، بدلا من التركيز على الربحية فقط، مؤكداً أن الاستثمارات الرأسمالية القائمة على تحقيق الربح فقط تتكبد تكاليف باهظة للغاية، حيث أن مردود القضايا الملحة مثل الفقر والإقصاء والتغير المناخي وغيرها ستنعكس سلبًا بكل تأكيد على الجميع وستؤدي مستقبلاً إلى عواقب غير محمودة.
وأضاف بيدلي أن الظاهرة التي نوجهها حاليًا هي عدم وجود خطة أو خطة بديلة لمعالجة مثل هذه القضايا، وينبغي أن تتضافر الجهود بين جميع كليات إدارة الأعمال لترسيخ فكرة تحقيق النهضة والرخاء المشترك في عقيدة وأذهان الإدارة العليا وفرق العمل بالمؤسسات والشركات، بدلا من المساعي القاصرة على تحقيق الربحية فقط.
وأوضح بيدلي أن الدور الجديد الذي يجب أن تلعبه الجامعات وكليات إدارة الأعمال الإفريقية هو إرساء منهج جديد يتم بموجبه تأسيس منظومة اقتصادية توائم متطلبات العصر، بدلا من المناهج القديمة التي لا تواكب التطورات المحيطة.
وقد تناولت الحلقة النقاشية أيضًا سبل سد الفجوة بين الأنظمة التعليمية واحتياجات الشركات والمؤسسات حاليًا لدمج معايير وممارسات الاستدامة في أنشطتها وأعمالها، امتثالاً للوائح والقوانين المعمول بها على الصعيد الوطني.
وأوضح مرقص ميخائيل رئيس قطاع التعلم والتطوير بـCIB أنه: “انطلاقًا من رفع التوعية المعرفية والعلمية بمعايير وممارسات الاستدامة لم يعد أمرًا اختياريًا، بل أصبح ضرورة ملحة للجميع. وانطلاقًا من ذلك، يضخ البنك التجاري الدولي CIB استثمارات كبيرة في تعليم وتدريب الخريجين الجدد على علوم وأساسيات التمويل المستدام، ورفع توعيتهم بالأطر والسياسات التنظيمية المتعلقة بهذا المجال بوجه عام، وأهداف استراتيجية التنمية المستدامة التي يتبناها CIB على وجه الخصوص”؟
وقالت د. دينا عبد الفتاح إن الأنظمة التعليمية القائمة على رفع الوعي بالاستدامة أصبحت أداة لا غنى عنها، لتمكين الأجيال القادمة من التكيف والتعامل مع التحديات المناخية المتصاعدة والحد منها، مؤكدة أن التغير المناخي أصبح حقيقة لا يمكن إنكارها، كما أصبحت الاستدامة أمرًا ملحًا ومتجذرًا في عقول قادة الأعمال، وبالتالي ينبغي أن تتجه الأنظمة التعليمية إلى دمج الأفكار والمناهج التي ترسخ فكرة التنمية المستدامة في عقيدة الأجيال الشبابية الجديدة.
مسلط د. حلمي أبو العيش الضوء على تجربته في جامعة هليوبوليس، وأكد خلال الحلقة النقاشية على أن الطريق الوحيد لمعالجة التغير المناخي هو إجراء حوار مجتمعي يشارك فيه كل مواطن من أجل اقتراح أفكار جديدة لتحسين جودة تعليم التنمية المستدامة، وعرض ومناقشة كافة التحديات التي يواجها المواطنون، مع إجراء تغيرات جوهرية للنظام التعليمي بجميع مراحله ليشمل مختلف علوم وممارسات التنمية المستدامة.
وقد مثلت الحلقة النقاشية منصة للإعلان عن خطة البنك لتطوير “أكاديمية التمويل المستدام”، والتي تأتي ضمن أهداف استراتيجية التمويل المستدام التي يتبناها البنك، ويحرص CIB بشدة على نشر العلوم والمعرفة بالتمويل المستدام والأدوات اللازمة لتعزيزه؛ سعيًا إلى الارتقاء بقدرات فريقه وجميع الفرق العاملة بالقطاع المصرفي وجميع الأطراف ذات العلاقة.
ويستهدف البنك من خلال هذه الجهود تحقيق التكامل بين المؤسسات المالية العاملة بأسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، للالتزام بمعايير وممارسات الاستدامة، بالإضافة إلى تمكين الأجيال القادمة من مواصلة هذا الطريق.