خدمات الـOUTSOURCING الناجى الوحيد
هبة نبيل ومحمود جمال:
سيطر التشاؤم على رؤى الرؤساء التنفيذيين لشركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالسوق المحلية، والذى ظهر بوضوح فى انتهاجها سياسات انكماشية للخروج من أزمات الوضع الاقتصادى الراهن، وعلى رأسها نقص السيولة الدولارية بالسوق المحلية. وأجمعت شركات الحلول التكنولوجية على صعوبة تسعير خدماتها، وبالتالى تكبدها خسائر كبيرة تتراوح بين %30 إلى %40 من قيمة تعاقداتها مع الشركات والهيئات المختلفة، نتيجة التغير المستمر فى سعر صرف العملة الخضراء مقابل الجنيه.
فيما اتخذت الشركات الأجنبية العاملة بالسوق المصرية مسارات متعددة للتهرب من القيود المفروضة على تحويل أرباحها للخارج من البنك المركزى المصرى، منها إعادة توجيه هذه الاستثمارات مرة أخرى فى شراء أصول جديدة بعيدة عن نشاطها الرئيسى، أو وقف نشاطها والتخارج نهائيا.
ورغم إصرار الحكومة على تحصيل %50 من مكونات تراخيص الجيل الرابع للاتصالات الـLTE بالعملة الأجنبية، فإن شركات المحمول لم يعد أمامها سوى سيناريوهين لتمويل شراء ترددات الـ 4G أولها مخاطبة شركاتها الأم، أو تدبير جزء من هذه الشريحة الدولارية عبر السوق السوداء إلا أنه مازال الخيار الأصعب.
وتعد شركات الكول سنتر الناجى الوحيد من اضطراب الأوضاع الاقتصادية، والتى تعوّل على انخفاض سعر صرف الجنيه فى زيادة ربحية صادراتها للأسواق الأوروبية والخارجية، ولكنها طالبت وزارة الاتصالات بتسويق خدماتها دوليا حتى تستعيد مصر مكانتها على خريطة التعهيد الدولية.
مع تفاقم أزمة العملة
تمويل «الجيل الرابع» حائر بين السوق السوداء والشركات الأم
تواجه شركات المحمول الثلاث (فودافون، وأورانج، واتصالات) صعوبة فى تدبير الشريحة الدولارية، والتى تمثل نصف قيمة تراخيص الجيل الرابع للاتصالات الـ”LTE” بالتزامن مع أزمة نقص النقد الأجنبى بالسوق المحلية.
ويبحث المشغلون حاليا عن حلول بديلية لاحتواء هذه الأزمة فى ظل الاشتراطات البنكية الصعبة لتوفير سيولة دولارية للشركات وعلى رأسها مخاطبة الشركات الأم لتوفير السيولة المطلوبة.
ورأى عدد من خبراء ومسئولى شركات الاتصالات أنه لا بديل أمام وزارة الاتصالات سوى السماح للشركات بتقسيط قيمة التراخيص الجديد، أو وضع سقف كحد أقصى لسعر الدولار المتعاقد عليه على أن يتم قبول الدفع بالجنيه المصرى إذا ارتفع سعر الأخضر بصورة أكبر من المتفق عليه.
وقال مصدر مسئول بإحدى شركات المحمول أن لجوء المشغلين إلى السوق السوداء لتدبير جزء من احتياجات الدولارية لشراء ترددات الـ4G سيرفع سعر العملة الأجنبية عندئذ بين 15 و16 جنيهًا، دون السيطرة عليه مرة أخرى.
وانتقد المصدر سياسة الحكومة فى الضغط على المشغلين من خلال التلويح بدخول مشغل رابع للمحمول للامتثال لبنود التراخيص الجديدة بالكامل دون إبداء ملاحظات عليها، معتبرا أن تسويق ترددات الـ4G على شركات اتصالات خليجية وأجنبية غير مجدٍ اقتصاديا، حيث ستعمل الشركة الجديدة بموجب التراخيص كمزود لخدمات نقل البيانات عبر المحمول فقط.
وأكد هانى محمود، وزير الاتصالات الأسبق، أن نجاح أى مشغل جديد للاتصالات مرهون بقدرته على الاندماج مع الشبكات القائمة لتقديم خدمات قيمة مضافة للعملاء على غرار دول إسبانيا وإنجلترا وجنوب إفريقيا وإلا سيلاقى مصيره.
وقال خالد شريف، مساعد وزير الاتصالات السابق، إن شركات المحمول يجب أن تتوصل لاتفاق ودى مع وزارة الاتصالات بشأن تحصيل الجزء الأكبر من قيمة تراخيص الـ4G بالجنيه أو سداد نسبة الـ50% الدولارية عبر أقساط بمدد زمنية محددة، وذلك بغرض تعجيل إجراءات طرحها رسميا على المشغلين.
وأضاف شريف أن المشغلين لديهم حرية التصرف فى تدبير المبالغ المطلوبة سواء عبر الاقتراض من البنوك محليا أو خارجيا، أو الحصول عليها من الشركات الأم ولا يوجد فى قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 ما يعيق أيا من هذه الحلول المطروحة.
ورأى أن دخول مشغل جديد رابع للمحمول سيهدد مصالح جميع الشركات، وبالأخص المصرية للاتصالات والتى مازالت تفتقر إلى الإمكانيات الفنية والمالية لتشغيل خدمات الجيل الرابع مقارنة بالمنافسين الجدد مثل “زين الكويتية”.
وتشتمل تراخيص الـ “LTE”التى تشترط وزارة الاتصالات تحصيل 50% منها بالدولار، و50% بالجنيه، على رخصتين لتشغيل خدمات بوابة المكالمات الدولية، لصالح “فودافون وأورانج” بنحو 3.6 مليار جنيه بعد عامين، وأخرى لتشغيل خدمات الثابت الافتراضى بقيمة 100 مليون جنيه.
كما ستسدد “المصرية للاتصالات” 7 مليارات جنيه نظير تشغيل خدمات الموبايل، وحصولها على ترددات الجيل الرابع، و12 مليار جنيه من شركات المحمول، مقابل استكمال ترددات الجيل الثالث وتشغيل الرابع، بواقع: 3.540 مليار لـ”فودافون”، ومثلها لـ”أورنج”، و5 مليارات لـ”اتصالات مصر”.
ومن المعروف أن شركات “زين الكويتية”، و”تشاينا تيليكوم” الصينية، والاتصالات السعودية STC تتنافس على ترددات الجيل الرابع ولكن الأولى هى الوحيدة التى تقدمت بعرض رسمى حتى الآن لوزارة الاتصالات.
واقترح حمدى الليثى، رئيس شركة ليناتل لحلول الاتصالات، أن يتم الاتفاق بين وزارة الاتصالات وشركات المحمول على وضع سقف كحد أعلى لسعر الدولار المتعاقد عليه فى قيمة تراخيص الجيل الرابع على أن يتم قبول الدفع بالجنيه المصرى إذا ارتفع سعر الدولار بصورة أكبر من المتفق عليه.
وأوضح أن هذا الاقتراح قد يطمئن شركات الاتصالات، لاسيما فى ظل عدم توافر السيولة الدولارية الكافية، مشددا على ضرورة وجود سياسة ورؤية حكومية واضحة فى هذا الصدد، حيث إن الأوضاع الحالية غير محفزة لأى صفقة تجارية.
وتعليقاً على عروض شركات أجنبية بشراء رخصة الجيل الرابع، أضاف أن الأولوية حاليا لابد أن تكون لدخول استثمارات جديدة من الخارج وذلك يحتاج إلى قرارات جريئة وتشريعات جديدة للخروج من كل المشكلات الراهنة.
تعانى من غياب تسويقها دولياً
خفض الجنيه رهان «الكول سنتر»
تراهن شركات الكول سنتر على تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار فى زيادة ربحيتها، علاوة على تغطية نفقات عملياتها التشغيلية خلال المرحلة المقبلة، إلا أنها مازالت تعانى من غياب تسويق خدماتها دوليا.
كما تنتقد هذه الشركات ضعف الدعم المخصص من قبل الحكومة لصادراتها للأسواق الأوروبية والآسيوية والأمريكية والذى لا يتجاوز الـ%10 فقط.
وقال أشرف الطنبولى، رئيس شركة “ISOURCONG” السابق لخدمات التعهيد، إن تراجع قيمة الجنيه سيوفر فوائض مالية للشركات تساعدها على تغطية عملياتها التشغيلية، فتكلفة تشغيل المقعد الواحد منذ عام كانت تقدر بألف دولار ما يعادل 8 آلاف جنيه وقتها، سيصل حاليا لـ 11 ألف جنيه تقريبا.
وذكر الطنبولى أن صناعة الكول سنتر محليا تفتقر إلى آليات تسويقها خارجيا، لذلك فإن استعادة مكانة مصر عالميا على خريطة التعهيد مرهونة بكثافة تواجدها فى المحافل والمؤتمرات الدولية، والاستعانة بخبراء من الصحف الأجنبية المتخصصة لاستعراض مقومات السوق المصرية، والتى تمتلك ميزة تنافسية تتمثل فى تنوع اللغات ولكن بأعداد قليلة مقارنة بأسواق الهند والفلبين.
ورغم تراجع ترتيب مصر من المركز الرابع عالميا قبل أحداث ثورة 25 يناير 2011 إلى المركز الـ16 وفقا لإحصائيات مؤسسة الأبحاث التسويقية “إيه تى كيرنى”، مازالت وزارة الاتصالات تعقد آمالا عريضة للوصول بحجم صادرات خدمات الـOUTSOURCING خلال العام المالى لـ2020/2021، إلى 23 مليار جنيه، مقارنة بـ11 مليارًا فى العام المالى 2013/2014، بنسبة نمو 109%، علما بأنها تقدر حاليا بنحو 14.5 مليار جنيه.
وشدد مدحت خليل، رئيس شركة راية القابضة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، على أهمية دعم وزارة الاتصالات لصادرات الخدمات التكنولوجية للأسواق الأوروبية والعربية، ومنها خدمات الكول سنتر، كونها صناعة كثيفة العمالة ولا تحتاج إلى استثمارات مالية ضخمة، منوها بأن 75% من خدمات التعهيد يتم تصديرها للخارج، ولكن لا يتجاوز قيمة الدعم المخصص لها الـ500 ألف دولار سنويا.
وعلق قائلا: “هناك مجالات كثيرة يجب منحها الأولوية لتحقيق التنمية التكنولوجية، ليس من ضمنها توطين صناعة الإلكترونيات إذ إن معظم دول العالم تتجه إلى الصين كمصنع للإلكترونيات”، معتبرا أن محاولات الشركات المصرية فى هذا المجال تستهدف مجرد تجميع مكونات أجهزة الهواتف الذكية والكمبيوتر دون تحقيق قيمة مضافة للدولة.
وكشف خليل أن «راية» تعتزم التوسع فى مجال خدمات «الكول سنتر» بالسوقين الإنجليزية والمغربية خلال الفترة المقبلة، فى ظل ارتفاع فرص نمو هذا المجال بكلتا السوقين.
قال سامح منتصر، رئيس شركة bdosnad لخدمات التعهيد، إن صادرات التعهيد سوف تتأثر إيجابياً بارتفاع سعر الدولار، لتصبح خدماتها منافسة بالسوق العالمية ولكن ذلك ليس كافياً لاستعادة معدلات التصدير السابقة.
ولفت منتصر إلى أن الاستقرار السياسى هو المحدد الرئيسى فى استعادة مكانة مصر على خرطة التعهيد العالمية لما كانت عليه قبل ثورة يناير 2011، حيث احتلت المركز الرابع آنذاك وكانت تنافس على المركز الثالث.
البعض قلّص نشاطه.. وآخرون وظفوا السيولة فى شراء أصول
الشركات الأجنبية تواجه أزمة تحويل الأرباح بالتخارج
تباينت ردود أفعال شركات تكنولوجيا المعلومات الأجنبية العاملة بالسوق المحلية، حول أزمة القيود المفروضة على تحويل أرباحها للخارج، حيث اتخذت مسارات مختلفة، منها توظيف هذه الأرباح فى شراء أصول جديدة بعيدة عن نشاطها الرئيسى، أو التخارج نهائيا نتيجة عدم قدرتها على مواكبة التغييرات الاقتصادية المتلاحقة.
وكشف هشام عبدالغفار، رئيس قطاع المبيعات السابق بشركة بورولايد للإلكترونيات بمصر ومنطقة الشرق الأوسط، أن شركة صينية تعمل فى مجال حلول شبكات الاتصالات بمصر تعجز حاليا عن تحويل أرباحها والبالغة 500 مليون دولار إلى بكين، مما جعلها تلجأ إلى شراء مبانٍ، وقطع أرض بالقرية الذكية بمدينة 6 أكتوبر بجزء من المبلغ لحين وضوح السياسة النقدية للدولة.
ولفت عبدالغفار إلى عدم قدرة شركات الـIT على الوفاء بالتزاماتها طويلة ومتوسطة الأجل نتيجة عدم التنبؤ بسعر الدولار، مما يزيد مخاوف رؤسائها التنفيذيين من ضخ استثمارات جديدة بمصر بالوقت الراهن.
وذكر أن أغلب الشركات العالمية أصبحت تنتهج سياسات انكماشية تحوطا لتدهور الأوضاع الاقتصادية أكثر من ذلك عبر عدم استثمارات جديدة أو حتى توسيع القائمة منها.
واعتبر أن السيناريو الأنسب لاحتواء أزمة نقص الدولار بمصر هو أن يتم تحديد سعره وفقا لآليات العرض والطلب، مع وجود شبكة ضمان اجتماعى للفقراء، الأمر الذى سيسهم تدريجيا فى القضاء على ظاهرة السوق السوداء.
وقال محمد النقيب، نائب رئيس شركة “STAR LINK” الإماراتية لحلول أمن البيانات بمنطقة الشرق الأوسط، إن أغلب شركات التكنولوجيا الأجنبية لا تحقق أرباحًا لعدم قدرتها على تحصيل قيمة تعاقداتها بالكامل بنفس السعر المتفق عليه مع تذبذب سعر صرف الدولار أمام الجنيه.
وكشف النقيب عن قرار شركة “EXCULSIVE METWORK” السعودية لحلول الشبكات التخارج نهائيا من السوق المصرية لضبابية السياسة الاقتصادية والنقدية للحكومة، علاوة على تسجيل IT أخرى رفض -تحديد هويتها- خسائر خلال العام الماضى بلغت قيمتها 350 ألف دولار، نتيجة الفارق بين تغيير العملة الخضراء بين السوقين الرسمية والموازية.
ورأى أن الحكومة بحاجة لتثبيت سعر صرف الدولار فى البنوك وفقا للأسعار العالمية مع فتح باب الاستيراد أمام الشركات، منوها بأن الأردن أصبحت منافسا قويًا لمصر فى جذب الاستثمارات الأجنبية حيث تقدم تسهيلات ومزايا اقتصادية وبنكية لها.
وتابع أن مسئولى الشركات العالمية رفعوا مذكرات إلى المهندس ياسر القاضى وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للمطالبة بأهمية استثناء شركات تكنولوجيا المعلومات من القيود المفروضة من قبل البنك المركزى المصرى على استيراد مكونات الإنتاج لتحريك المياه الراكدة بالسوق المحلية، ووعدهم الوزير بدراسة الأمر جيدا.
من جانبه، توقع دون كواك، رئيس شركة LG للإلكترونيات بمصر، حدوث انفراجة قوية فى أزمة الدولار خلال النصف الثانى من 2016، لافتا إلى قيام الحكومة بمساعدة الشركة فى مفاوضاتها مع البنوك من أجل توفير العملة الخضراء لاستيراد مكونات الإنتاج اللازمة لتشغيل مصنعها بمدينة العاشر من رمضان.
يذكر أن LG واجهت عدة أزمات بالتزامن مع تفاقم أسعار الصرف، اضطرتها إلى وقف خط إنتاج المصنع لمدة تصل إلى 10 أيام خلال أكتوبر 2015 نتيجة عدم توافر اعتمادات دولارية من البنوك تمكنها من استيراد مكونات الإنتاج من الخارج، مما أدى إلى احتجاز مكونات إنتاج تقدر بـ23 مليون دولار بميناء دمياط، لمدة تزيد على 45 يوما.
وفى نوفمبر من نفس العام، نجحت الشركة فى الحصول على 20 مليون دولار اعتمادات مستندية من بنوك «مصر» و«الأهلى» و«القاهرة»، بما أدى إلى عودة المصنع للعمل من جديد، ولكنها لم تحقق أى أرباح فى 2015. وقال وليد فؤاد، مدير شركة مورفو الفرنسية للحلول الأمنية بمصر إن مجموعة سافران الفرنسية المالكة للشركة تعيد النظر فى ضخ 500 مليون جنيه استثمارات جديدة بالسوق المحلية بالتزامن مع أزمة نقص الدولار، وتمسك الجهات الحكومية بسداد قيمة تعاقداتها بالجنيه بدلا من العملة الخضراء.
وقال فؤاد إن مورفو تواجه مشكلة تحويل العملة الأجنبية اللازمة لاستيراد قطع غيار أجهزتها من الخارج، منوها بأن مورفو مستعدة لزيادة استثماراتها بالسوق المصرية بشرط تحسن الأوضاع الاقتصادية للبلاد.