مع صباح اليوم نكون قد عرفنا اسم الرئيس الأمريكى الجديد رقم 45، (أو الرئيسة). فحتى كتابة هذه السطور يتقدم دونالد ترامب بعدد لا بأس به من أصوات المجمع الانتخابى؛ وهو ما أصاب الجميع بدهشة كبيرة خاصة بعد أن أظهرت معظم استطلاعات الرأى، بل كلها، تقدم هيلارى كلينتون فى الانتخابات بهامش كبير،ورغم أن ترامب نفسه لم يكن متوقعا أن يصل إلى كل هذا البعد، ويقال إنه ترشح كنوع من الدعاية لأعماله وليس بهدف الفوز بالبيت الأبيض.
سواء فاز ترامب أم لم يفز، يجب أن ندرك أن ذلك لن يعنى تغييرات كبيرة فى السياسة الخارجية، التى تحكمها قوى دولية ومواثيق ومصالح لا تتغير مع تغير الأحزاب أو الأشخاص فى الدول الكبرى، قد يتغير الأسلوب، ولكن جوهر السياسة يظل كما هو؛ بدليل أننا كنا نشعر بالتفاؤل مع انتخاب باراك أوباما الذى تقدم بوعود عديدة فى حملته الانتخابية بخصوص غلق معسكر جوانتانامو وإعادة الجنود الأمريكيين من أفغانستان والدول المتحاربة، إلى حد أن منحته إدارة نوبل جائزتها للسلام؛ ولكن أوباما لم يحقق شيئا بعد ثمانى سنوات من حكمه، ليس لتغيير فى آرائه ولكن لأن الضغوط الدولية والمصالح الأمريكية فى العالم لا تتغير ما بين ليلة وضحاها.
وأيا كانت النتيجة النهائية فإننا يجب أن نتعلم أن استطلاعات الرأى لا تعكس الواقع حقيقة؛ فكما حدث مع الاستفتاء الذى جرى فى بريطانيا حول خروجها من الاتحاد الأوروبى، وإلى أى مدى كانت استطلاعات الرأى تشير إلى رفض الناخب قرار الانفصال، ولكن نتيجة الاستفتاء كانت مفاجئة للجميع، بل صدمة لأوروبا كلها ولشريحة كبيرة من الشعب البريطانى، كما أن هناك استطلاعات للرأى ملفقة كما حدث فى نيويورك فى انتخابات محلية فى الماضى، حينما نشر استطلاعات ملفقة عن فوز مرشح حزب بعينه لمنصب عمدة، فتخلى معظم مؤيدى الحزب الآخر مرشحهم وتحولت أغلب التبرعات إلى الفائز فى الاستطلاع، لأنه لا أحد يحب تأييد الخاسر.
وأيا كانت النتيجة النهائية للانتخابات الرئاسية الأمريكية فإننا يجب أن ندرك أنها الأسوأ فى تاريخ البلاد سواء فى تدنى مستوى اللغة فى المناظرات، ومستوى العلاقة بين المرشحين الرئيسيين إلى الحد الذى هدد فيه ترامب غريمته بالسجن فى حالة فوزه؛ كما هى الأسوأ من حيث السياسات التى طرحت والتى تهدد العالم بحروب جديدة وتهدد الولايات المتحدة داخليا بانهيار مؤكد، أو من حيث شخصية كلا المرشحين التى لا ترتقى للمستوى المطلوب لممثل أكبر دولة فى العالم وأسلوبه عندما يمثل الولايات المتحدة فى المحافل الدولية والمؤتمرات الأساسية، والسؤال المطروح حاليا هو هل هذا المستوى هو المطلوب حاليا فى الولايات المتحدة الأمريكية؟