الاقتصاد العالمي يواجه تبعات أسوأ تفش لفيروس كورونا في الصين

أبلغت الدولة عن أكثر من 5000 حالة إصابة جديدة الاثنين

الاقتصاد العالمي يواجه تبعات أسوأ تفش لفيروس كورونا في الصين
أيمن عزام

أيمن عزام

11:06 م, الأربعاء, 16 مارس 22

يوشك الاقتصاد العالمي – الذي يعاني بالفعل من الحرب في أوكرانيا ويهدده الركود التضخمي – على مواجهة اضطراب أكبر، إذ تكافح الصين لاحتواء أسوأ تفشٍ لفيروس كورونا منذ ظهور الوباء.

منذ تفشي ووهان قبل عامين، حققت الصين نجاحاً نسبياً في تقليل الاضطرابات من خلال السيطرة على حالات الإصابة بالفيروس بسرعة، أما الآن، فيمثل الانتشار الجغرافي والعدوى العالية لمتحور “أوميكرون” تحدياً لاستراتيجية الوباء المتشددة المتمثلة في إجراء اختبارات صارمة وإغلاق مدن أو مقاطعات بأكملها.

وإذا فشلت الصين في احتواء انتشار “أوميكرون”، ستعرقل القيود الإضافية على الحركة بداية الاقتصاد الواعدة للعام الجاري، وهو ما يضعف بدوره ركيزة أساسية لنمو العالم. وباعتبار الدولة المصنع الفعلي للعالم، فإن أي اضطرابات في الصادرات قد تقود إلى نقص، يمكن أن تؤدي أيضاً إلى ارتفاع التضخم على المستوى العالمي، بالتزامن مع بدء البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة، مثل الاحتياطي الفيدرالي المتوقع المنتظر له أن يتحرك اليوم الأربعاء.

أسوأ تفش لفيروس كورونا

قال جاي برايسون، كبير الاقتصاديين في “ويلز فارغو آند كو”: “ستأخذ جميع قصاصات الورق تلك وتجمعهم مع بعضهم بعضاً، حينها سيكون بإمكانك رؤية تباطؤ حاد محتمل للاقتصاد العالمي”.

يعتمد الكثير على مدى سرعة الصين في احتواء الفيروس، حيث أبلغت الدولة عن أكثر من 5000 حالة إصابة جديدة الإثنين للمرة الأولى منذ أولى أيام الوباء، ورغم أن التفشي يعتبر طفيفاً وفقاً للمعايير العالمية، إلا أنه دفع المسؤولين إلى إغلاق المزيد من المدن ومنع أكثر من 45 مليون شخص من مغادرة منازلهم.

شينزين

وفُرض الإغلاق على سكان شينزين البالغ عددهم 17.5 مليون نسمة يوم الأحد لمدة أسبوع على الأقل، وتقع المدينة في مقاطعة قوانغدونغ، مركز التصنيع القوي، والتي يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي 1.96 تريليون دولار، أي ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي لإسبانيا وكوريا الجنوبية، وتشكل 11% من اقتصاد الصين، وفقاً لـ”بلومبرغ إيكونوميكس”.

وشكَّلت صادرات قوانغدونغ في 2021 والبالغة قيمتها 795 مليار دولار 23% من شحنات الصين في ذلك العام، أي أكثر من أي مقاطعة أخرى.

وتحذر “بلومبرج إيكونوميكس” من أنَّ القيود في شينزين يمكن أن تلحق أقوى ضربة مرتبطة بالفيروس للنمو منذ الإغلاق على مستوى البلاد في عام 2020، وتهدد أيضاً بإرسال صدمات الإمدادات إلى جميع أنحاء العالم، وخفَّض “مورغان ستانلي” توقعاته للنمو العام الجاري إلى 5.1%، أي أقل من هدف الحكومة البالغ حوالي 5.5%.

تبعات الإغلاق الحالي

قالت تشانغ تشو، كبيرة اقتصاديي منطقة آسيا، “ستوجه الإجراءات القوية لاحتواء أسوأ تفشٍ لـ”كوفيد 19″ منذ أوائل مارس ضربة مباشرة لجانبي الإنتاج والاستهلاك في مقاطعة تشكل 11% من الناتج المحلي الإجمالي، ولم تمس الخطوات السابقة لاحتواء موجات تفشي الفيروس أغلب قطاع التصنيع، لكن سيضرب الإغلاق الحالي الناتج في صناعات رئيسية مثل التكنولوجيا والآلات التي تغذي سلاسل الإمداد العالمية.” 

طُلب أمس الإثنين من سكان مقاطعة جيلين الشمالية الشرقية عدم المغادرة أو السفر، وتعد المنطقة التي يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة موطناً لمدينة تشانغتشون، وهي مركز صناعي يضم حوالي 9 ملايين نسمة، والتي شكلت حوالي 11% من إجمالي إنتاج الصين السنوي من السيارات في عام 2020.

تعهدت بكين بتقليص تأثير قيود الفيروس على الاقتصاد عبر جعلها موجهة أكثر وأقصر.

قالت شينزين – التي تهدف إلى إنهاء إغلاقها في غضون أسبوع ستفحص خلاله جميع السكان ثلاث مرات – ومركز التصدير في دونغقوان إن المصانع خارج المناطق الأكثر خطورة يمكن أن تواصل العمل، إذا حافظت على سلامة الموظفين عبر اختبارات منتظمة.

إغلاق المصانع

مع ذلك، بدأ الضرر يلحق بالمصنعين الذين كانوا يشكون بالفعل من ارتفاع التكاليف بسبب حرب أوكرانيا.

قالت موردة “أبل” الرئيسية، “هون هاي بريسيجن اندستري” ، إنها ستوقف الإنتاج في مواقعها في شينزين، لتنضم بذلك لصناع السيارات العالميين مثل “فولكس واجن”، و”تويوتا”، اللتين أوقفتا بعض عملياتهما في المقاطعة الشمالية جيلين.

تقول تولي ماكالي، مديرة منطقة آسيا والمحيط الهادي في “سكوتيا بنك”: “بالنظر إلى أن الصين مركز تصنيع عالمي رئيسي وواحدة من أهم الروابط في سلاسل التوريد العالمية، قد تكون لسياسة كوفيد في البلاد آثار غير مباشرة ملحوظة على نشاط شركائها التجاريين والاقتصاد العالمي”.

أظهرت بيانات اليوم الثلاثاء أن الاقتصاد الصيني قد حقق انتعاشاً قوياً في يناير وفبراير، بدفع من التحسن القوي في إنفاق الأسر، بجانب استثمارات الشركات المملوكة للدولة.

لكن حذر الاقتصاديون من أن هذه القراءات أصبحت جزءاً من الماضي، بالنظر إلى التطورات المشهودة منذ نهاية فبراير، وقال المتحدث باسم المكتب الوطني للإحصاء، فو لينغوي، اليوم الثلاثاء، إن الإغلاق وكذلك الضغط من ارتفاع التكاليف والاضطراب المحتمل قد يؤثر على النمو.

تأثر سلاسل التوريد

بدأ تزايد الازدحام في بعض الموانئ الصينية، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار شحن الحاويات مرة أخرى. وتأتي المخاوف بشأن تجدد تعطل سلسلة التوريد في الوقت الذي بدأت فيه موانئ الساحل الغربي للولايات المتحدة في معالجة بعض الأعمال المتراكمة المتأخرة جراء الوباء، بفضل الهدوء بعد عطلة رأس السنة الصينية.

ويُقدَّر حوالي 20% من البضائع الواردة إلى بوابات الحاويات الأكثر ازدحاماً في الولايات المتحدة من منطقة شينزين، وفقاً لمتحدث باسم ميناء لوس أنجلوس.

قد يشبه التأثير العالمي للإغلاق المرتبط بكوفيد في الصين للحصار الذي عصف بسلاسل التوريد عندما أغلقت سفينة حاويات قناة السويس العام الماضي، وفقاً لستيفاني لوميس، نائبة رئيس المشتريات الدولية في شركة الشحن “كراغو ترانس”.

وقالت: “إذا لم يسمحوا لأي من هؤلاء الأشخاص بالذهاب للمصانع وإنتاج البضائع، لن يتحرك شيء.. سيتوقف كل شيء”.

توقع تشيواي تشانغ، كبير الاقتصاديين في “بينبوينت أسيت مانجمنت” ، أن يتضح قريباً ما إذا نجح دليل الصين في احتواء كوفيد وقلّص التداعيات السلبية على العالم أم لا.

وأضاف: “يفرض التفشي مخاطر هبوطية على الاقتصاد الصيني على الأقل في الأشهر القليلة المقبلة.. وسيفاقم تباطؤ الصين مخاطر الركود التضخمي ومشكلات سلسلة التوريد”.