نما الاقتصاد التركي بوتيرة قوية، هذا العام، متفوقًا على معظم الاقتصادات الكبيرة مع تعافيها من الوباء؛ لكن هذا الأداء يأتي على حساب استقرار الأسعار والعملة في البلاد، بحسب وكالة بلومبرج.
الاقتصاد التركي الأسرع نموًّا
وبعد حوالي سنة من شبه الجمود الذي سببه كوفيد- 19، جاء النمو التركي أسرع من جميع دول مجموعة العشرين، باستثناء الصين في الربع المنصرم.
وتعزَّز النمو بفضل الاستهلاك القوي؛ على خلفية الإجراءات الداعمة التي قدَّمتها الحكومة في العام الماضي، والتي تمثلت في خفض أسعار الفائدة وتعزيز الإقراض.
ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7% على الفترة المقابلة من العام الماضي، وبنسبة 1.7% على الربع الأخير، ليتجاوز 6.3%، وهي متوسط توقعات 22 محللًا في استطلاع بلومبرج للفترة نفسها من عام 2020.
نموذج غير مستدام
يرى إنفر إركان، كبير الاقتصاديين في “تيرا ياتريم” ومقرُّها اسطنبول، إن هناك “وهمًا بشأن سعر الصرف” في بيانات النمو الاقتصادي في تركيا.
وقال إن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالدولار الأمريكي انخفض بنحو 40% منذ 2013 إلى حوالي 7700 دولار، العام الماضي، مما يجعل النموذج الاقتصادي التركي غير مستدام؛ لأن النمو مدفوع بشكل أساسي بالإنفاق الحكومي والجهود المبذولة لتعزيز الإقراض.
وقد شجّعت الحكومة البنوك على زيادة القروض لمساعدة الشركات والمستهلكين على تجاوز أزمة كوفيد- 19، العام الماضي.
واقترن ازدهار الائتمان بدورة تيسير مُسبقة، وأدى هذا النمو إلى إضعاف العملة بنسبة 20%، العام الماضي، وأبقى التضخم الرئيسي في خانة العشرات.
فقدت الليرة التركية 10% أخرى مقابل الدولار، في الربع الأول، خاصة بعد أن أقال الرئيس رجب طيب أردوغان محافظ البنك المركزي ناجي إقبال في مارس.
وأدى قرار إقالة إقبال، الذي سعى إلى استعادة مصداقية البنك المركزي، إلى خفض سريع لحماس المستثمرين، مما أدى إلى تراجع الأسواق التركية.
فيما يلي بعض النقاط البارزة في تقرير الناتج المحلي الإجمالي الصادر عن معهد الإحصاء الحكومي في أنقرة يوم الاثنين:
لا يزال استهلاك الأُسر- الذي يقدر بحوالي ثلثي الاقتصاد- يمثل أحد المحركات الرئيسية للنمو. وقفز بنسبة 7.4% على العام السابق.
جاءت أكبر مساهمة في النمو من قطاع الصناعات التحويلية الذي ارتفع بنسبة 12.2% في الربع الأول على أساس سنوي.
نما حجم الاقتصاد إلى 728.5 مليار دولار في الربع الأول، مقارنة بمبلغ 717 مليار دولار بالأسعار الجارية، العام الماضي.
ارتفعت الصادرات بنسبة 3.3% على أساس سنوي، بينما انخفضت الواردات بنسبة 1.1%.
ارتفع إجمالي تكوين رأس المال الثابت، وهو مقياس للاستثمار من قِبل الشركات، بمعدل سنوي نسبته 11.4%. بينما ارتفع الإنفاق الحكومي 1.3% بعد قفزة 6.6% في الربع السابق.
نما الاقتصاد بنسبة 1.7% في الربع الأخير مقارنة بالربع السابق، عند تعديله حسب الظروف الموسمية وعدد أيام العمل. كما ارتفع الناتج الإجمالي بنسبة 1.8% في عام 2020.
تسارع التضخم
تكشف البيانات التحدي الذي يواجهه محافظ البنك المركزي الجديد شهاب كافجي أوغلو، بينما يتطلع إلى استعادة استقرار الأسعار دون تهدئة الاقتصاد قبل الانتخابات العامة في عام 2023.
تعهّد كافجي أوغلو باستمرار السياسة النقدية بعد تعيينه وأبقى سعر الفائدة القياسي دون تغيير عند 19% للاجتماع الثاني هذا الشهر، قائلًا إن وتيرة مكاسب الأسعار قد بلغت ذروتها في أبريل. تسارع تضخم المستهلك للشهر السابع إلى 17.14% في أبريل.
قد يكون هناك انخفاض محدود في وتيرة النمو في الربع الثاني، وفقًا للخبير الاقتصادي المقيّم في اسطنبول هالوك بورومجيكجي الذي يقول إن “عدم اليقين بشأن السياسة النقدية يجعل من الصعب تقييم ارتفاع المخاطر على توقعاتنا للنمو بنسبة 5.5% لعام 2021”.