الاتحاد المصري للتأمين يدرس أساليب معالجة مشاكل «متناهي الصغر»

وتتضمن خطة نمو التأمين متناهى الصغر كذلك تطوير أسلوب توزيع التأمين المتناهي الصغر

الاتحاد المصري للتأمين يدرس أساليب معالجة مشاكل «متناهي الصغر»
الشاذلي جمعة

الشاذلي جمعة

6:20 م, الأحد, 20 ديسمبر 20

توقع تقرير IMARC أن يصل سوق التأمين متناهي الصغر إلى 92.1 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2024 ، بمعدل نمو سنوي مركب CAGR قدره 6.1٪ خلال فترة التوقعات (2019-2024)، ويعكس ذلك إمكانات التأمين متناهي الصغر وقدرته على الانتشار والوصول الى فئات الدخل المنخفض أو الفئات التي لا تصل إليها الخدمات التأمينية وبافتراض توقع نمو التأمين متناهي الصغربهذا الحجم، فكيف يمكن التعامل مع التحديات الهائلة التى تعوق نمو التأمين متناهى الصغر وكيف يمكن الاستعداد له ومواجهته؟

تحليل لمعقوات نمو التأمين متناهى الصغر

وكشفت النشرة الأسبوعية للاتحاد المصرى للتأمين عن الإستراتيجيات المستقبلية للتغلب على التحديات التي تعوق نمو التأمين متناهي الصغر، وفي تحليل إستراتيجي بسيط عبر القيام بوضع تصور لمعالجة المعوقات التي تعترض نمو التأمين متناهي الصغر، وسيكون ذلك على الأجلين القصير والطويل وهي الطريقة التي تمكننا من وضع الخطط القصيرة والمتوسطة وطويلة الأجل وتصميم برامج التنفيذ الملائمة والجهات المسئولة ومسئوليات كل منها.

ويقوم التحليل على المدى القصير والمتوسط:عند اجراء التحليل في الأجلين القصير والمتوسط يمكن التركيز على مجموعة من العناصر ولكن قبل شرح هذه العناصر، يجب ان نفكر في الإجابة على هذه الأسئلة ابتكار المنتجات وماهي المنتجات التي سوق تظهر في مجالات التأمين الانتمائي والزراعي وما هو الممكن تقديمه لأصحاب الحرف؟

وهناك سؤال حول قنوات التوزيع: من هم الشركاء – المنظمات غير الحكومية أو المنظمات المجتمعية أو الشركات الدولية لإعادة التأمين أو الجهات المانحة أو الحكومات أو شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أو مكاتب البريد أو جهات التحصيل الالكتروني– الذين نحتاج الى التعاون معهم؟ وبالنسبة للتطور التكنولوجي: ما هي حلول التقنية المتطورة التي سوف تنجح فى أسواق الدخل المنخفض؟ ما هي الأدوات الأكثر تداول بين هذه الفئات المستهدفة؟

ثقافة التأمين تساعد فى فهم سلوكيات العملاء

أما عن ثقافة التأمين فى أسواق الدخل المنخفض: كيف يمكننا أن نساعد العملاء المحتملين على التعرف على التأمين وأن نفهم سلوكيات تلك الأسواق منخفضة الدخول وأن نتخذ من الإجراءات ما يؤدى الى رفع الثقافة والوعي لدى أفرادها؟

وعن تغير المناخ:ما هي الاستعدادات لمواجهة تغير المناخ وأثر ذلك على التصدي لارتفاع معدلات تحقق الكوارث؟ والمساهمة في استقرار ظروف الاقتصاد الكلى: ما هي العوامل التي سوف يتسم بها السوق في المستقبل (النمو السكاني والتنمية الاقتصادية والتحضر وتغير المناخ)؟

والان نستعرض العناصر التالية والتي يمكن ان تجيب عن الأسئلة السابقة وتقدم تحليل على المدي القصير والمتوسطـ ولتحقيق نمو التأمين متناهى الصغر فلابد من ابتكار المنتجات حيث أن التأمين متناهي الصغر، مثل التأمين التقليدي، يمكن ان يقدم خدماته في مجالات عديدة مثل مجال التأمين الصحي ومجال تأمين الممتلكات، وهناك تشكيلة واسعة من المنتجات مثل التأمين على المحاصيل والثروة الحيوانية والمواشي والتأمين ضد السرقة أو الحريق أو التأمين الصحي والتأمين على الحياة ضد خطر الوفاة أو العجز والتأمين على الكوارث الطبيعية وغيرها.

وتتضمن خطة نمو التأمين متناهى الصغر كذلك  تطوير أسلوب توزيع التأمين المتناهي الصغر حيث أنه عادة ما يتمثل أسلوب توزيع منتجات التأمين البسيطة على فئات الدخل المنخفض في الشراكة بين شركة التأمين التي تتحمل الأخطار، وشركة التوزيع التي تحظى بعلاقات وطيدة مع عدد كبير من العملاء، وتتوقف مدى فاعلية ونجاح هذا الأسلوب على مدى التنسيق بين الحكومات وجهات الرقابة والجهات المانحة.

توزيع الوثيقة عبر جوالات الأسمدة

وفى هذه الحالة يمكن بيع التأمين بنفس الطريقة أو الطرق التي يتم بها بيع السلع والخدمات من خلال هذه الجهات مع الاخذ في الاعتبار بساطة منتجات التأمين متناهي الصغر، وعدم الحاجة لعمليات الاكتتاب المعقدة لكل عميل، وبالتالي يمكن تبسيط الإجراءات الى الحد الذي يصبح معه التأمين بمثابة سلعة يمكن أن يبيعها أيشخص؟ ومثال ذلك وثيقة الحوادث الشخصية التي تقوم إحدى جهات التوزيع بالهند بتوزيعها في صورة وثيقة مطبوعة على جوالات الأسمدة.

أما عن  قنوات التوزيع غير الرسمية وغير التقليدية فيمكن لأي مؤسسة تستطيع الوصول الى العملاء ذوي الدخول المنخفضة أن تبيع منتجات التأمين متناهي الصغر،وتقوم مراكز خدمة دفن الموتى في جنوب أفريقيا وغيرها من البلدان ببيع وثائق تأمين الجنازة كما يتم بيع وثائق التأمين على الحياة من خلال أكشاك الإنترنت في الهند، ويبيع التجار منتجات تأمين المؤشرات على الثروة الحيوانية فيمنغوليا. وتخطط إحدى شركات التأمين في شرق أوروبا لتوزيع منتجات التأمين على الممتلكات من خلال محصليالضرائب.

ومن المتوقع أن يشهد المستقبل توسعا هائلا في قطاع التأمين متناهي الصغر من خلال مجموعة كبيرة من قنوات التوزيع غير الرسمية، ويحتاج نمو التأمين متناهى الصغر إلى إعادة التأمين للبرامج التعاونية المحلية حيث عادة ما تؤدى الأخطار ذات الطبيعة الكارثية مثل الفيضانات أو الأوبئة، الى ارهاق القدرات المالية للبرامج التعاونية المحلية مما يتعين معه ضرورة إعادة التأمين لدى الشركات المتخصصة كما هو معتاد (إذا قبلت تلك الشركات ذلك)، أو خلق نوع من اعادة التأمين المتخصصة في مثل هذه العمليات ذات الطبيعة الخاصة والآليات الخاصة حتى تستمر الصناعة وتزدهر.

وسوف يكون ربط أنظمة التأمين الصغيرة والمحلية والتعاونية التي تعمل في التأمين متناهي الصغر بشركات التأمين الرئيسية العاملة بالقطاع التقليدي بمثابة فرصة، وخاصة إذا ماكان هناك اتجاه لدى جهات الإشراف والرقابة نحو تحويل تلك الأنظمة لتكون ضمن المنظومة الكلية للتأمين حيث ان تلك الأنظمة تتعرض للضغوط من قبل جهات الرقابة على التأمين من أجل التحول الى القطاع الرسمي.

دور إعادة التأمين فى نشاط متناهى الصغر

شركات إعادة التأمين التقليدية دور هام يساعد أنظمة التأمين متناهي الصغر على التوسع في قبول الأخطار التي يتم تغطيتها وأيضا في تنوع منتجاته، ووعلى سبيل المثال فيكولومبيا، قامت مؤسسة Munich Re بتطوير منتجات إعادة التأمين بفاعلية من خلال التعاون مع مؤسسة Suramericana الشريكة لابتكار منتجات متناهية الصغر ذات مرونة عالية تجعل العملاء يقبلون عليها بالمقارنة بشركات التأمين التعاوني. وسوف يصبح دور شركة إعادة التأمين أكثر أهمية للتأمين متناهي الصغر مع ازدياد تعقد المنتجات وتطورها.

والبند السادس فى استراتيجة نمو التأمين متناهى الصغر هو التوسع في التأمين للفئات ذات الدخل الأقل، ويمكن تغطية الفئات ذات الدخل الأقل من خلال التأمين الاجتماعي الذى توفره الحكومات والمنظمات التابعة لها ، مثل التأمين الصحي وهو ما يدخل ضمن هدف ومضمون الضمان الاجتماعي بمعناه الأشمل ، ومع ذلك فهناك اتفاق في الرأي حول عدم وصول التأمين التجاري الى الفئات ذات الدخل الأقل (الذين يمثلون الشريحة الأدنى داخل الاقتصاد والبالغ نسبتهم من 10%-15% من مجموعة الأفراد وقد تتغير هذه النسبة في المستقبل، حيث توجه الحكومات في المستقبل اهتمامها بهذه الفئات و العمل  على تغيير ظروفها الاقتصاديةوالاجتماعية بالعديد من البرامج ومن بينها التأمين بشكل عام،  والتأمين متناهي الصغر على وجه الخصوص) . وقد يتغير ذلك في المستقبل حيث تركز الحكومات بصورة أكثر وضوحاً على هذا الجمهور.

وتلعب التكنولوجيا دور هام فى نمو التأمين متناهى الصغر حيث تحظى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بتأثيرات ايجابية غير متوقعة على تنمية التأمين في البلدان النامية، وعلى سبيل المثال يمكن أن تحل المكالمات الهاتفية محل الانتقالات باهظة التكلفة ويمكن أن تمد الرسائل النصية المزارعين بالتوقعات المناخية، ويتم تبادل المعلومات الخاصة بالأسواق بسهولة ويسر، وازدادت الاشتراكات في خدمات الهواتف المحمولة بالبلدان النامية من بضع مئات من الملايين في بداية القرن الواحد والعشرون الى بلايين في الوقت الحالي. وعلى الرغم من أن انتشار خدمات شبكة الأنترنت جاء متأخراً عن انتشارخدمات الهواتف المحمولة، إلا أنه يشير الى اتجاهات نمو مماثلة.

وهذا يعد مؤشراً هاماً نحو اتجاه نمو التأمين متناهي الصغر فيالمستقبل. وهناك العديد من الأمثلة على ذلك، وتقوم إحدى شركات التأمين في شرق أوروبا بتطوير إجراءات معالجة البيانات السريعة القائمة على الرسائل النصية القصيرة في مجال التأمين الصحي،حيث يقوم الطبيب الذي يتحقق من مطالبة ما بإرسال رسالة نصية الى السيرفر، وتحمل هذه الرسالة أكواد المريض والعلاج اللازم.وتتضمن الاستجابة الآلية للطبيب تفويضاً بسحب تعويضات التأمين من أي ماكينة صراف آلي. ويتم تصميم النظام كي يوفر النقد في حالة الطوارئ لوقت لاحق.

ويمكن أن تعتمد الحلول المماثلة على شبكة الانترنت، حيث يتم ارسال الأموال الى الهاتف المحمول، أو بصورة مباشرة الى مقدم خدمة الرعاية الصحية، وتحظى شبكة الانترنت والهواتف المحمولة والبطاقات الذكية بإمكانية الحد من التكاليفوتوسيع نطاق انتشار التأمين المتناهي الصغر في مختلف أنحاء سلسلة الإمدادات، وسوف يقدم الوكلاء والعملاء الطلبات الكترونياً ويتم إصدار الوثائق تلقائياً وتوزيعها عبر شبكة الانترنت، وتزيد عمليات سداد الأقساط الكترونياً من فعالية العملية.

وتتمثل إحدى المزايا الكبرى للتحول من الأسلوب الورقي الى المعالجة الالكترونية في سرعة توفير البيانات التفصيلية،التي تسمح بإجراء دراسات أفضل حول معدلات الوفيات وانتشار الأمراض وتوفير أسعار أفضل وأيضا فهم أشمل للأخطار داخل أي سوق وفى حالة استخدام الأسلوب الالكتروني بفاعلية سيؤدى ذلك الى إمكانية ابتكار منتجات تتلاءم بصورة أفضل مع السوق، والحقيقة انه لم يكن من المتوقع إصدار وثائق تأمين في حجم بطاقات الائتمان أو انتشار استخدام الهواتف المحمولة في عمليات السداد والأنشطة المصرفية منذ عشر سنوات.

دور التكنولوجيا فى انتشاره

ومن الواضح أنه إذا كان من المقدر ان التأمين المتناهي الصغر سوف يصل الى اعداد هائلة من الأشخاص، فإن التطور التكنولوجي هو الذي سوف يساعد على تحقيق ذلك، وتلعب ثقافة التأمين دور محورى فى تحقيق نمو التأمين متناهى الصغر حيث يتطلب التأمين المتناهي الصغر ثورة ثقافية، لدى جميع الأطراف المشاركة سواء من الشركات أو العملاء أو الجهات الوسيطة فبقدر ما تحتاج شركات التأمين الى فهم عملائها ذوي الدخل المنخفض بقدر، ما يحتاج العملاء المحتملون الى فهم التأمين وينبغي أن تصبح قنوات التوزيع غير التجارية على دراية بشركائها التجاريين، والعكس بالعكس.

وفي معظم البلدان النامية، يعتقد العملاء ذو الدخل المنخفض أنهم لا يحتاجون الى التأمين ولا يثق هؤلاء العملاء بشركات التأمين ولا يدركون تماماً مفهوم تغطية الأخطار ويؤمنون بشدة بأن التأمين للأثرياء فقط وأنهم لا يمتلكون الموارد الكافية لسداد أقساطه، ولا شك أن الأمر سوف يستغرق وقتا طويلا قبل أن يثق هؤلاء الافرادفيأي منتج تأمينيمتناهي الصغر وأن يترسخ في عقيدتهم ووعيهم أهمية ذلك النشاط وجدواه عندما يجدون أمامهم واقعاً استفاد منه أفراد وجماعات وأسر تعرضت لإصابات تم تعويضها واصابات تم شفاؤها وأيتام مات عائلهم فوجدت من يقف بجانبهم، وبمجرد أن يتجسد ذلك الأمر ونحصل على منتج ناجح جدير بالثقة، سهل ذلك عملية التسويق بدليل واقعي فعال.

وترتكز عملية تطوير ثقافة التأمين على عاملين مهمين هما زيادة الفهم وخلق الثقة، وحتى يتحقق ذلك فإنه يشترط أن يتوافر فيمن يقدم هذا التأمين الاستيعاب الكامل لأهمية وآلياته وان يكون مقتنعاً بدوره في خدمة المجتمع بشكل عام ومكوناته من الأفراد والجماعات على وجه الخصوص، كما تحتاج ثقافة التأمين الى توليفة متكاملة تجمع بين أسلوب التسويق والتوعية بالسوق والسماح للعملاء باستشعار الآثار الايجابية الملموسة للتأمين، وأن يكون ذلك بشكل مستمر ومتجدد حتى تحدث الأثر الإيجابي لها من الأجلين القصير والطويل.

وهناك عامل التغير في الأخطار والمناخ ودوره فى نمو التأمين متناهى الصغر حيث يؤدى النمو الاقتصادي والتحضر وتغير المناخ الى تحول المشهد العالمي للأخطار وبالتالي يؤدى ذلك الى تغير وتحولفي أسواق التأمين.  وسوف تزيد هذه التغيرات من حجم الطلب على التأمين بشكل عام والتأمين المتناهي الصغر على وجه التحديد، بينما قد تؤدى بعضها الآخر الى انخفاض حجم الطلب عليه.

فالنمو والتقدم يؤدى الى اتساع أسواق التأمين متناهي الصغر ، حيث يزداد معدل إقامة المشروعات الصغيرة من خلال التمويل الصغير ومتناهي الصغر مما يؤدي الى اتساع سوق هذاالتأمين ويحصل عدد أكبر من الأشخاص على الخدمات المالية، وعلى صعيد أخر يمكن أن يؤدى شدة تركز الناس فى المدن الكبرى الى زيادة الكثافة السكانية فيها مثلما حدث فى لاجوس ومكسيكو سيتىومومباى ، الى تغيير أنماط الأضرار الناتجة عن تحقق الكوارث .

وقد توصلت إحدى الدراسات التي أجرتها هيئة اللويدز إلى أن الصين قد تصبح ” منطقة تركز” لتعرض شركات التأمين للكوارث ، حيث تزداد كثافة القيم المعرضة للأخطار الناجمة عن الكوارث وإمكانية أن يتأثر التأمين متناهي الصغر سلبيا بالنمو الاقتصادي، وسوف يؤدى تغير المناخ العالمي الى زيادة حدة الأحوال المناخية وما ينجم عنها من كوارث طبيعية. ومن السبل المقترحة للتخفيف من تبعات الفيضانات والجفاف والعواصف في البلدان النامية، استحداث أنظمة التأمين متناهيالصغر، حيث يجتذب تأمين المؤشرات المناخية في الوقت الحالي معظم الاهتمام نتيجة لخطر التصحر المتزايد والتغيراتالهيكليةفي الزراعة وإعادة التوطين على نطاق واسع.

واقترح البعض مثل مبادرة مؤسسة Munich Reضد مخاطر المناخ، أن يكون التأمين متناهي الصغر جزءاً من الحل المطروح وسيؤدى ذلك الى أن تصبح المساعدات الفنية وأنماط الدعم الأخرى أكثر فاعلية كما ذكر رتشارد وارد، المدير التنفيذي لهيئة اللويدز قائلاً: ” ينبغي أن يتم توفير التأمين متناهي الصغر مقترنا باتفاقية الأمم المتحدة بشأنتغير المناخ من أجل دعم التنمية المستدامة في المناطق التي تتعرض لهذا النوع من الأخطار”.