اكتمل بناء الجامع الأزهر واحتفل بإفتتاحه يوم صلاة الجمعة فى رمضان سنة 361ه / 972 م.
وأول درس عقد فيه صحن المسجد كان فى صفر 365 ه / 975 م، وعقدت فيه أول حلقة علمية، فأوردا المقريزي، أن أول أستاذ جلس بالتدريس فى الأزهر: هو قاضى القضاه، أبو الحسن على ابن النعمان القيراونى المتوفى سنة 371 ه، وأول كتاب درسه هو كتاب
«الإختصار» فى فقه الشيعة، أو فقه آل البيت فى بعض المسميات، وهو من تأليف أبيه؛ أبى حنيفة النعمان المغربى المتوى سنة 360ه.
ثم توالى إلى عقد حلقات القراءة والدرس فى الجامع الأزهر ؛ حيث عين الخليفة العزيز بالله، سنة: 378 ه/ 988 م طوائف من الفقهاء ليعقدوا مجالسهم العلمية بالأزهر فى كل يوم جمعة، فيما بين صلاتى الجمعة والعصر وكان عددهم سبعة وثلاثين فقيهًا ، وقد رتَّب لهم الخليفة رواتب وجرايات مُجزية، وأنشأ لهم دارًا للسكن بجوار الأزهر، كما أجرى عليهم الوزير ابن كلس أرزافًا كثيرة من أمواله الخاصَّة.
وهنا نجد أنفسنا أمام حدَث جامعى حقيقى ؛ فقد كان أولئك الفقهاء الذين رتَّبهم ابن كلس للقراءة والدرس بالأزهر، وأقرَّهم العزيز بالله أول فوج من الأساتذة الرسمين الذين عُينوا بالجامع الأزهر، وأجرت عليهم الدولة أرزاقًا ثابتة، وباشروا مهمتهم العلمية تحت إشراف الدولة بطريقة منظمة مستقرة ؛ وبذلك يكتسب الأزهر لأول مرة صفته العليمة الحقيقة كمعهد للدراسة المنظمة، ويبدأ حياته الجامعية الحافلة المديدة.
ومنذ يومئذ اتَّخذ الأزهر مكانته ككعبة للثقافة الدينية والدنيوية، وظل يرفد هذه الثقافة بأهم مكوناتها ومقوماتها ؛ سواء فى مصر، أو فى العالم الإسلامى.
ولم تكن حلقات العلم فى الأزهر آنذاك قاصرةً على الرجال ؛ حيث وجدت حلقات دارسية خاصة بالنساء، سُمَّيت فى ذلك الوقت مجالس الحكمة.
وكان نظام التعليم فى الأزهر حلقات دراسية، يتصدرها أستاذ يجلس فيها على كرسي، يتحلق أمامه الطلاب والمستمعون، يقرؤون عليه الفنون المختلفة، ويستمعون إلى شرحه، ثم يناقشونه أو يستوضحونه فيما قرؤوه وفيما التبس عليهم.
وقد تميز الأزهر بهذا النظام التدريسى منذ نشأته، واستمر هكذا حتى سنة 1911 م؛ حيث صدر القانون الذى نظم الدراسة فى الأزهر على أسس جديدة، ونص على إنشاء مجلس أعلى للأزهر، وهيئة لكبار العلماء، وإنشاء معاهد دينية فى بعض عواصم الأقاليم، وإضافة مواد جديدة للدراسة ؛ مثل: التاريخ والجغرافيا، والرياضة، ومبادئ الطبيعة، والكيمياء.
أما إنشاء الجامعة بكلياتها الثلاث ؛ الشريعة، وأصول الدين، واللغة العربية ؛ فقد تم بموجب قانون صدر فى نوفمبر، سنة 1930 م.
www. ragai2009.com