أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة في الإمارات، الثلاثاء، الدورة الأولى من “الحوار الوطني للأمن الغذائي” بهدف مناقشة مختلف التحديات والموضوعات التي تساهم في تعزيز الأمن الغذائي لدولة الإمارات.
وقالت الوزارة في بيان وصل “المال” إن العملية قد جاءت عبر إدارة حوار ونقاش بناء بين مختلف الجهات الفاعلة والشركاء في الدولة من القطاعين الحكومي والخاص.
جاء ذلك خلال فعالية نظمتها الوزارة بحضور مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة، ومحمد موسى الأميري، وكيل الوزارة المساعد لقطاع التنوع الغذائي في وزارة التغير المناخي والبيئة، وعدد من مزارعي المزارع الوطنية ومزارعي القطاع الخاص، وعدد من ممثلي وسائل الإعلام، وذلك بحسب بيان وصل “المال”.
واستعرضت الوزارة خلال الفعالية تفاصيل مبادرة “تعزيز استدامة المزارع الوطنية” التي تهدف إلى جعل مزارع المواطنين مورداً رئيسياً للعديد من المحاصيل الزراعية والمنتجات الغذائية لكبرى شركات توريد الأغذية العاملة في دولة الإمارات.
وخلال كلمتها، قالت مريم المهيري: “يعتبر ملف الأمن الغذائي أحد الملفات المهمة والحيوية في دولة الإمارات والعالم، خاصة في الوقت الذي يشهد فيه هذا الملف المزيد من الضغوط والتحديات. فقد اختبرنا خلال أقل من ثلاث سنوات أزمتين كبيرتين أثارتا الكثير من المخاوف على حالة الأمن الغذائي العالمي، تمثلت الأولى في اضطراب سلاسل الغذاء العالمية نتيجة تفشي جائحة (كوفيد-19)، والثانية في النزاعات العالمية والحروب بين الدول، في الوقت الذي يمثل تغير المناخ التحدي الأبرز للتنمية بشكل عام، وللأمن الغذائي العالمي بشكل خاص، وإن هذه التحديات وغيرها، تجعلنا أكثر وعياً بأهمية الأمن الغذائي بدولة الإمارات، وأكثر حرصاً على مواصلة جهودنا لتسريع وتيرة الجهود الوطنية لتحقيق ذلك”.
وأضافت: “انطلاقا من رؤية القيادة في اعتبار الأمن الغذائي قضية أمن وطني ومُمكّن للتنمية الاقتصادية، فقد اتخذنا بالفعل في السنوات الماضية خطوات استراتيجية مهمة في هذا السياق، مثل تطوير قطاع الإنتاج الغذائي المحلي القائم على التكنولوجيا، وتعزيز مساهمته في تضييق الفجوة الغذائية لدولة الإمارات، ومكافحة ظاهرة فقد وهدر الأغذية من خلال مبادرة “نعمة”، ومؤخرا أطلقنا مبادرة تعزيز استدامة المزارع الوطنية والتي تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي في الدولة من خلال زيادة إنتاج المزارع المحلية، وخصوصا المزارع الحديثة المستدامة، وتسويق هذا الإنتاج بشكل فعال”.
وتابعت: “من خلال استضافتها لمؤتمر الأطراف COP28 في وقت لاحق من 2023، ستركز دولة الإمارات على تحقيق تطور نوعي في منظومة العمل القائمة، وتسريع مسارات العمل لتحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051، عبر شراكات وحلول ومخرجات تساهم في إحداث نقلة نوعية إيجابية في القطاع الزراعي والأنظمة الغذائية، لتحقيق أمن غذائي عالمي مرن ومستدام.”
وبدأ الانعقاد الأول للحوار الوطني للأمن الغذائي بعدد من الجلسات النقاشية أهمية الزراعة المستدامة، ودور شركات توريد الغذاء في استدامة المزارع الوطنية، وتعزيز استدامة الغذاء، والابتكار في قطاع الزراعة، وتسويق المنتجات الزراعية المحلية في ظل الاستدامة.
ومن جهته، قال محمد موسى الأميري: “يمثل تعزيز الأمن الغذائي أولوية استراتيجية لدولة الإمارات، كما أن تطوير القطاع الزراعي وتحفيز تبني نظم الزراعة الحديثة وتوسيع قاعدتها يعتبر أحد الركائز الرئيسية للجهود التي تبذلها الوزارة بالتعاون مع شركائها الاستراتيجيين والجهات المعنية على مستوى الدولة، لضمان تعزيز الأمن الغذائي. وضمن استراتيجيتها لتعزيز الإنتاج المحلي بهدف تعزيز الأمن الغذائي.
وأضاف: “وضعت الوزارة العديد من الخطط التي تخدم تعزيز الإنتاج الزراعي الوطني، ويأتي على رأس هذه الخطط الاستمرار في تطوير التشريعات والخدمات المنظمة للقطاع الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي، مثل الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051، بالإضافة إلى تعزيز استخدام التقنيات الحديثة في الإنتاج الزراعي بما يتواءم مع الظروف المناخية في الدولة، والتي تتطلب تبني نظم الزراعة المستدامة، والزراعة العضوية والعمودية والمائية، بالإضافة إلى برامج تسويق المنتجات الزراعية بالشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص”.
وتهدف مبادرة “استدامة المزارع الوطنية إلى مواءمة مستهدفات استراتيجية الأمن الغذائي 2051، والتوسع في الإنتاج المحلي من خلال ضمان اتفاقيات الشراء، ورفع نسبة الاكتفاء الذاتي للدولة للأصناف الغذائية المختارة، وتحسين دخل المزارع الإماراتية دون التأثير على تجارة الغذاء.
بجانب ذلك، تسعى المبادرة إلى إعداد آلية لتنظيم المشتريات الخاصة بالمنتجات الغذائية الوطنية، ووضع قاعدة بيانات باحتياجات الجهات الحكومية المحلية والجهات الأخرى من المنتجات الغذائية الوطنية الطازجة وكميات الإنتاج من المزارع الوطنية، واعتماد قائمة بأنواع المنتجات الغذائية الوطنية الطازجة، وإعداد خطة لزيادة نسبة المشتريات للجهات الحكومية والجهات الأخرى من المنتجات الغذائية الوطنية، ووضع آلية تقييم ومتابعة لضمان تنفيذ المشتريات الخاصة بالمنتجات الغذائية الوطنية، وأيضا وضع آلية منظمة للشركات المتخصصة في الإنتاج الزراعي المستدام للإشراف على ضمان توفر المنتجات من المزارع إلى الجهات ذات العلاقة.
تعتبر هذه المبادرة مبادرة مشتركة بين كلا من وزارة التغير المناخي والبيئة، ومزارع الإنتاج المحلي والمنشآت الوطنية، والشركات الزراعية، والجهات الحكومية وشبه الحكومية، ومؤسسات القطاع الخاص، كما تم تشكيل فريق عمل من للإشراف على تطبيق المبادرة خلال 6 أشهر، ويشمل الفريق عناصر من كل من وزارة الدفاع، ووزارة الداخلية، ووزارة المالية، ومؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، والقيادة العامة لشرطة أبوظبي، والقيادة العامة لشرطة دبي، وهيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية وشركة بترول أبوظبي الوطنية – أدنوك.
وتنطوي المبادرة على إيجاد سوق مستدام للمزارع الوطنية والمزارع على مستوى الدولة من خلال التعاقد مع الجهات الحكومية وشبه الحكومية لتزويدها باحتياجاتها من المنتجات الغذائية والزراعية السنوية على مدى 3 مراحل، هي رفع نسبة مشتريات الجهات الحكومية المتعهدة بنسبة 50 % من الإنتاج المحلي خلال 2023، ثم الارتقاء بتلك النسبة إلى 70% بحلول 2025، ثم بنسبة 100% عام 2030.
تم تحديد 10 منتجات غذائية وأصناف زراعية ضمن المرحلة الأولى من المبادرة وهي، اللحوم الحمراء، والدواجن، وبيض المائدة، والألبان ومنتجاتها، والتمور، والخضروات الورقية، والطماطم، والخيار، والفلفل البارد، والباذنجان. ويجري حالياً دراسة لتحديد المنتجات الإضافية ضمن المرحلة الثانية وفق البيانات الشرائية للجهات المتعاقدة.
وتم التنسيق مع 5 شركات كبرى في كل من إمارة أبوظبي ودبي والشارقة والتي ستتولى مهام التعاقد والتنسيق مع المزارع المحلية في الدولة، وجاري حصر الشركات الزراعية التجارية على مستوى الدولة.
ووفقا لأحدث إحصائيات وزارة التغير المناخي والبيئة، فقد بلغ إجمالي عدد المزارع في دولة الإمارات 38 ألف مزرعة تتبع أساليب زراعة متنوعة وعدة نظم إنتاج زراعية، منها مزارع تتبع أساليب الزراعة العضوية وقائمة على مساحة 46 ألف دونم، وأخرى مزارع تتبع أساليب الزراعة المائية (بدون تربة) وقائمة على مساحة 1000 دونم، ويقدر إنتاجها من الخضروات بنحو 156 ألف طن سنوياً، وما يزيد عن 500 ألف طن من المحاصيل الحقلية والأعلاف، ويقدر إنتاجها من الفاكهة بحوالي 200 ألف طن، كما يغطي إجمالي الإنتاج الزراعي المحلي من الخضروات حالياً نسبة تتجاوز 20% من إجمالي احتياجات السوق، وتصل النسبة في بعض المحاصيل مثل الخيار إلى 80%، مدعومة بخطط ومبادرات الوزارة لتعزيز عمل المزارعين المحليين وآليات الزراعة الحديثة.