شكل القرار الأخير للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بإعفاء عدد من المنتجات التكنولوجية بما في ذلك الهواتف الذكية، وأجهزة الحواسيب المحمولة، ومحركات الأقراص الصلبة، ومعالجات الكمبيوتر، ورقائق الذاكرة من الرسوم الجمركية، دفعة إيجابية لمصنّعي الإلكترونيات في الهند، وفي مقدمتهم شركتا آبل وسامسونج.
وقال بانكاج موهيندرو، رئيس جمعية الإلكترونيات الخلوية الهندية (ICEA)، التي تمثل كبرى الشركات العاملة في القطاع، من بينها آبل، سامسونج، ديل، إتش بي، وآسوس: “يمثل هذا الإعفاء فرصة لتعزيز قدراتنا الإنتاجية. ورغم استمرار التوجه العالمي نحو تقليص الاعتماد على الصين، فإن الأزمات الأخيرة شكلت صدمة قوية ستُعيد تشكيل سلاسل الإمداد دون أن تضر بالصناعة الهندية على المدى الطويل.”
ويُشير محللون إلى أن القرار الأمريكي جاء نظراً لأن هذه المنتجات الإلكترونية الحساسة لا تُصنع في الولايات المتحدة حالياً، ويحتاج إنتاجها داخلياً إلى سنوات. وفي هذا السياق، قال برابهو رام، رئيس وحدة استخبارات الصناعة لدى شركة سايبر ميديا ريسيرش (CMR):”الإعفاءات الأمريكية تمثل متنفساً مهماً لصناعة التكنولوجيا العالمية، إذ تُخفف الضغط على سلاسل التوريد الخاصة بالإلكترونيات الاستهلاكية، وأشباه الموصلات، ومكونات الأجهزة، مما ينعكس إيجاباً على شركات مثل آبل والقطاعات المرتبطة بها.”
ورغم أن هذه الخطوة تُعد استثناءً مرحباً به، إلا أن حالة عدم اليقين بشأن مستقبل العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين لا تزال قائمة. ففي حين تم إعفاء منتجات صينية محددة من الرسوم الأمريكية، ما تزال الصين تُبقي على رسوم بنسبة 20% على أجهزة iPhone، وأجهزة الحواسيب، والساعات الذكية الموجهة للسوق الأمريكي.
وعلى الجانب الآخر، تستفيد كل من الهند وفيتنام من إعفاءات مماثلة، حيث تُصدَّر الأجهزة من البلدين إلى الولايات المتحدة دون رسوم جمركية تُذكر.
وتؤكد التقديرات أن هذه الميزة تمنح المصنعين في الهند وفيتنام تفوقًا تنافسيًا بنسبة تصل إلى 20% مقارنة بالصين. ومع ذلك، فإن منتجات الصوت، مثل سماعات AirPods وسماعات الرأس، لا تزال خاضعة لرسوم جمركية مرتفعة قد تصل إلى 100% عند تصديرها من الصين، مقابل 10% فقط عند تصديرها من الهند أو فيتنام.
وفي تطور مهم، أعلن أشويني فايشناو، وزير الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات الهندي، أن صادرات الهواتف المحمولة من الهند بلغت 200 ألف كرور روبية خلال السنة المالية 2024-2025، محققة نموًا بنسبة 55% مقارنةً بـ 129 ألف كرور روبية في العام السابق.
وأشار الوزير إلى أن شحنات هواتف iPhone وحدها ساهمت بنحو 1.5 تريليون روبية من إجمالي قيمة الصادرات، مما يعكس تزايد اعتماد الشركات العالمية على الهند كمركز تصنيع استراتيجي.
وأكدت ICEA أن هذا النمو الاستثنائي جاء مدفوعاً بتنفيذ برنامج الحوافز المرتبطة بالإنتاج (PLI)، والذي جذب استثمارات أجنبية مباشرة ضخمة، وساهم في تحويل الهند إلى واحدة من أسرع مراكز تصنيع الهواتف نمواً على مستوى العالم.
وأضافت الجمعية: “الزخم القوي في صادرات الهواتف تقوده شركات عالمية مثل Apple وSamsung، اللتين ضاعفتا من نطاق عملياتهما الإنتاجية في الهند. وتشير التقديرات إلى أن قيمة الإنتاج المحلي للهواتف المحمولة في الهند بلغت نحو 5.25 مليار روبية هندية خلال السنة المالية 2025، مقارنة بـ 4.22 مليار روبية في السنة السابقة.”
ويُعزز هذا الأداء القوي مكانة الهند كمحور استراتيجي بديل في سلاسل التوريد العالمية، في ظل التوترات التجارية المستمرة بين القوى الاقتصادية الكبرى.