قال تقرير الاستقرار المالي للدول العربية 2019، إنه من شأن اتخاذ الدول الأعضاء (بمنظمة التجارة العالمية) غالبيتها من الدول المتقدمة، لعدد كبير من الإجراءات الحمائية، بين تعديلات في الإجراءات الجمركية والتعريفة والشروط، أن يؤثر سلبا على الاقتصادات الناشئة والنامية.
وتوقع التقرير الصادر عن صندوق النقد العربي، أن قد تسفر هذه الإجراءات، على المدى المتوسط، في تقليص حجم التدفقات الاستثمارية للاقتصادات النامية، بل وخروج جزء منها لصالح الدول المتقدمة .
وتناول التقرير تحذيرات صندوق النقد الدولي من تصاعد التوترات التجارية بين الأقطاب الاقتصادية الكبرى في العالم والذي من شأنه أن يزيد من الضغوط على وضعية الاستقرار المالي في اقتصادات الأسواق الناشئة.
وذلك لما تمثله هذه الاقتصادات كحلقة هامة في سلسلة الإنتاج للسلع والبضائع العابرة للحدود، وسيادة حالة من عدم اليقين بشأن السياسات، خاصة النقدية منها.
وطالب التقرير بضرورة أن يولي واضعو السياسات والمستثمرون اهتماما وبذل المزيد من الجهد لإدارة مخاطر ارتفاع سعر الفائدة وتقلبات السوق، حيتث ينبغي على المصارف المركزية أن تواصل تطبيع السياسات بصورة تدريجية، والتوسع في الاعتماد على الإجراءات والأدوات المالية الاحترازية .
خطورة المديونية العامة
على صعيد المالية الحكومية، قال التقرير يعد الارتفاع الكبير في المديونيات العامة من مكامن الخطر التي قد تحد من الحيز المالي للحكومات على تنفيذ الإصالحات التي تستهدف تعزيز النمو الاحتوائي طويل الأجل، الذي يقود إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي، ويعزز القدرة على مواجهة الصدمات، وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية لتحسين تقديم الخدمات .
وتابع: في كثير من المجموعات الاقتصادية الهامة على المستوى العالمي، يقترب الدين العام من مستويات تاريخية، مما قد ينعكس سلبا على آفاق النمو االقتصادي والاستدامة المالية.
في البلدان النامية منخفضة الدخل والعديد من اقتصادات الأسواق الصاعدة، قد يتسبب زيادة مستويات الدين في إضعاف قدرة الحكومات على خلق الوظائف، ومواكبة التطورات التكنولوجية الهائلة التي تتطلب تأهيل البنية التحتية والكوادر البشرية للحاق بركب التطور، خاصة في ظل التزايد المستمر والمتسارع في معدل النمو السكاني بتلك الدول.
فيما يتعلق بالدول العربية أوضح التقرير أنه على الرغم من أن غالبية الزيادة في المديونيات العامة، من جراء الإصدارات التي تم طرحها في الأسواق المالية العالمية تم توجيهها إلى تمويل مشروعات البنية التحتية، وهو أمر إيجابي، إلا أن ذلك قد أدى إلى زيادة أعباء الديون، وعدم تحسن أوضاع المالية الحكومية.
ورجح أن يستمر هذا الأمر على المدى المتوسط، لحين انعكاس نتائج تطوير البنية التحتية في زيادة الاستثمارات، الناتج والتوظيف، والتضخم، وغيرها من المؤشرات المرتبطة بتحسن الآداء الاقتصادي .
الحرب التجارية تهدد النمو العالمي
أكد التقرير أنه من شأن الاستمرار في تصعيد الحرب التجارية بين الاقتصادات الكبرى أن ينعكس ليس فقط في حجم التجارة العالمية، ولكن في النمو االقتصادي العالمي بحد ذاته.
كما أن معدلات النمو المحققة في البلدان المختلفة والمناطق الاقتصادية المختلفة قد يصيبه حالة من التغيير الحاد نظرا لكون التغيرات المتوقعة في توجهات التجارة قد يحدث خللا في في سلاسل الإنتاج العالمية وتحول النمو من منطقة لأخرى قد لا تكون مستعدة لذلك.
ورجح أن يؤدي تقلص حجم التجارة إلى تراجع النمو في عدد من البلدان والمناطق الاقتصادية التي يسهم وجودها ضمن سلاسل الإنتاج عابرة الحدود في تحقيقها لنمو اقتصادي، خاصة في ظل عدم توافر المقومات الذاتية لتحقيق النمو، وانما اعتمادها بصورة أساسية في تحقيق النمو االقتصادي كونها تقع ضمن سلاسل الإنتاج العالمية.
كما يتوقع تراجع شروط التجارة بالدول المتقدمة لصالح الدول النامية، خاصة مع بدء ظهور ما يعرف بـ “أثر تحويل التجارة”، ومثال ذلك، نتج عن التوترات التجارية بين أول وثاني أكبر اقتصادين في العالم، انخفاض واردات الصين من الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 25%، وزيادة وارداتها من البرازيل بنسبة 22%، وهو ما سينعكس بدرجات متباينة على كافة الدول المشاركة في سلسلة إنتاج السلع الامريكية والصينية.