أكد عدد من خبراء قطاع تكنولوجيا المعلومات أن الألعاب الجماعية فى مصر وبالأخص رياضة كرة القدم من أكثر القطاعات المرشحة للاستفادة بقوة من تقنيات التحول الرقمي، والمتمثلة فى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء خلال المرحلة المقبلة خاصة وأنها تمتلك قطاعًا عريضًا من الجمهور وانتشار واسع مقارنة بنظيراتها الفردية.
وقالوا إن رفع كفاءة وميكنة منظومة الرياضة فى مصر يحتاج إلى وجود رؤية استثمارية واضحة وتضافر جهود جميع الأطراف المعنية بها ، بالإضافة إلى دراسة التجارب العالمية الناجحة التى ساهمت فى دفع هذا القطاع للأمام وتحديدا الاستثمار فى البنية التحتية التكنولوجية لاسيما الترويج للملاعب الذكية .
وكانت شركة استادات للاستثمار الرياضى قد أعلنت فى أكتوبر الماضى عن استحواذها على 4 كيانات ناشئة تعمل بقطاع التكنولوجيا الرياضية، ضمن خطتها لتوفير منتج إلكترونى لدعم الأندية واللاعبين وهى سكوتم المتخصصة فى قياس وتحليل أداء اللاعبين، وبيلد أب المتخصصة فى إدارة المواهب والربط بين وكلاء اللاعبين والمديرين الفنيين والأندية.
وهناك شركة سبورتولوجى أفريقيا لبرامج قياس الأداء التكتيكى للاعبين باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى، وسبوتكر العاملة فى الترويج للسياحة الرياضية فى مصر.
وقدر الدكتور محمد خليف استشاري الابتكار والتحول الرقمي ومقرر لجنة الثقافة الرقمية بالمجلس الأعلي للثقافة ، حجم سوق الحلول التكنولوجية فى قطاع الرياضة عالميا خلال العام الماضى بحوالى 15 مليار دولار ، ومتوقعًا وصوله إلى 118 مليار فى 2034 .
وأوضح خليف أنه يتم تقسيم قطاع الحلول الرياضية إلى أكثر من سوق أولها يخص الألعاب الجماعية أو الفردية والثانية تتعلق بالرياضيات الرقمية والتى تمثل التطور الطبيعى للألعاب الإلكترونية وتحولت إلى بطولات كبيرة ويصل حجم سوقها بحلول 2032 إلى 10 مليارات دولار، معتبرا أنه مع تطور أشكال الألعاب الإلكترونية وتطور شبكات البنية التحتية للاتصالات عالميا وزيادة نسب انتشار خدمات تكنولوجيا الجيل الخامس ستصبح هذه الأرقام مرشحة للزيادة .
ولفت إلى وجود سوق آخر مرتبطة بصناعة الحلول الرقمية فى الرياضة تتعلق بخدمات بث المحتوى والاعلام ويقدر حجمها بحوالى 70 مليار دولار ، مستشهدا بتجربة بطولة كأس العالم الأخيرة لكرة القدم والتى شهدت تكامل واضح بين التطبيقات الرقمية والجمهور وشاشات العرض التفاعلية.
وأشار إلى أن التحول الرقمى فى قطاع الرياضة له صور متعددة منها برامج وأنظمة لإدارة النوادى والصالات الرياضية وعمليات التخطيط وإدارة الموارد داخل القطاعات الرياضية والتى باتت تستحوذ على اهتمامات كبيرة داخل الأندية وأسفرت عن إنشاء إدارات تسويق ورعايات متخصصة.
وتطرق خليف أيضا إلى تقنيات التكنولوجيا القابلة للارتداء wearbles والتى أصبحت أداة مهمة تستخدم فى قياس أداء لاعبى كرة القدم وتحليل أدائهم ومتابعة حالتهم الصحية لدرجة أن بعض الابطال الأوليمبين يعتمدون عليها بصورة كبيرة خلال الفترة الأخيرة، لافتا إلى دور منصات البث الرياضى والتى تمثل حاليا بديلا عن شاشات التليفزيون والقنوات الفضائية بشكلها التقليدى فى نقل الحدث مباشرة، من خلال دخولها فى شراكات ضخمة لإدارة الحقوق الرياضية والملكية الفكرية للعلامات التجارية للأندية.
وتابع :” توجد أيضا برامج تحليل الأداء الرياضى فى مختلف الألعاب باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى وأصبحت هناك شركات متخصصة تعمل على تقديمها للراغبين فى شرائها فى صورة خدمة ، مبينا أن التطور التكنولوجى السريع أدى إلى ظهور دوريات فى قطاع الألعاب الإلكترونية واصبحت مرتبطة بتقنيات الميتافيرس وتكنولوجيا الواقع الافتراضى والمعزز الأمر الذى يستلزم معه تطوير نظم لإدارتها .
ورجح أن تشهد الفترة المقبلة اقتحام الشركات الناشئة سوق تطوير الحلول الرقمية فى قطاع الرياضة، خاصة وأنها تمتلك القدرة على المرونة والتكيف سريعا مع المتغيرات المحيطة ، فضلا عن تطويع التقنيات التكنولوجية ومنها الذكاء الاصطناعى وإنترنت الاشياء فى حل مشكلاته ، إلى جانب الكيانات التى تمتلك شبكة عملاء واسعة محليا وإقليميا أو أندية كبرى تفضل الاستثمار فى ذلك النوع من الحلول لنفسها أو للغير أو دمج الجمهور بشكل أكبر لتحقيق مكاسب أكبر .
وتوقع رواج أعمال الشركات المتخصصة فى برامج التأهيل النفسى والإرشادات الغذائية للاعبين شريطة دمج التكنولوجيا مع خبرات القيادات والكفاءات الفنية لضمان نجاح المنظومة ، راهنا قدرة الكيانات الناشئة على مواصلة نجاحاتها داخل هذا المجال بمتابعة الاتجاهات العالمية الحديثة والتوسع فى أسواق كبيرة ، فضلا عن توافر ملاءة مالية أو دعم مالى من قبل مستثمرين استراتيجيين مما يعزز ويخلق فرص استحواذات جديدة بالقطاع وجلب عملة صعبة للبلاد من خلال تصدير خدماتها الرقمية للخارج.
ورأى أن الألعاب الجماعية فى مصر لديها فرصة قوية للاستفادة من تقنيات التحول الرقمى خاصة وأنها تمتلك جمهورًا واسعًا وحقوق بث، وتلقى نسب قبول أكبر مقارنة بنظيراتها الفردية مثل الرياضيات القتالية والتى تحتاج إلى حملات تسويقية ، محددا أبرز التحديات التى تواجه منظومة تطوير وميكنة الرياضة المصرية فى نقص الكفاءات وضعف البنية التحتية، إذ أن مصر مازالت بحاجة إلى تأهيل وتدريب الرياضيين على تطويع التكنولوجيا الحديثة بصورة أكبر.
وأوضح أن القطاعات الرياضية تتطلب مزيدًا من التطوير على مستوى شبكتها الأمر الذى يحتاج إلى أهمية توافر رؤية استثمارية وكفاءات وأدوات للتنفيذ، فضلا عن نشر الوعى بين الرياضيين .
ومن جانبه ، قال زهير عمار ، خبير الاستثمار والتسويق الرياضى ، إن صناعة حلول تكنولوجيا الرياضة فى مصر تشهد نموا واعدا إلا أنها تواجه مجموعة من التحديات التى يجب التغلب عليها لتحقيق أقصى استفادة ممكنة ،ومنها تكلفة التطوير والتنفيذ والاحتياج الى استثمارات مالية كبيرة مما يجعل الدخول إلى هذا المجال صعباً للشركات الصغيرة والناشئة ، كما أن هناك احتياجًا مستدامًا لتحديثات تلك التكنولوجيا والبرامج المصاحبة لها ، مما يزيد من التكاليف التشغيلية.
وأوضح عمار أن من أبرز التحديات أيضا مسألة حماية البيانات والخصوصية والامتثال للوائح التنظيمية المتعلقة بحماية البيانات، والتى تختلف من دولة إلى أخرى لاسيما مع جمع كميات هائلة من البيانات الشخصية والرياضية، بالإضافة إلى صعوبة دمج الحلول التكنولوجية الجديدة مع الأنظمة والبرمجيات القائمة فى الأندية والاتحادات الرياضية و ضعف البنية التحتية إذ تحتاج بعض المنشآت الرياضية إلى تحديث البنية التحتية لتدعم هذه التقنيات.
ورأى أنه فيما يخص ثقافة المستخدمين لحلول تكنولوجيا الرياضة فان المقاومة للتغيير و التكيف مع التقنيات الجديدة واحتياج المستخدمين سواء كانوا رياضيين أو مدربين أو إداريين، إلى التدريب والتأهيل للاستفادة الكاملة من هذه التقنيات يحتاج نظرة واقعية وتقديم حلول خارج الصندوق.
واعتبر أن متابعة التحديات العالمية لاسيما المنافسة الشديدة ودخول شركات تكنولوجيا كبرى هذا المجال أدى إلى تحفيز العديد من الشركات الناشئة التى تتنافس على تقديم حلول مبتكرة .
ولفت إلى أن الأزمات الاقتصادية تؤثر سلبا على الاستثمارات فى هذا المجال وتؤدى إلى تتغير أولويات الإنفاق لدى الأندية والاتحادات الرياضية بسبب التحديات الاقتصادية.
وتابع قائلا: بات من الضرورى للمستثمرين فى مجال حلول تكنولوجيا الرياضة فى مصر الاسترشاد بالتجارب العالمية الناجحة التى ساهمت فى دفع هذا القطاع إلى الأمام ، وتحديدا الاستثمار فى البنية التحتية التكنولوجية، لاسيما الترويج للملاعب الذكية أى تجهيز الملاعب بـ IoT (إنترنت الأشياء) و هو مصطلح تقنى يشير إلى شبكة من الأجهزة والأشياء المادية المتصلة ببعضها البعض عبر الإنترنت، مما يتيح لها جمع البيانات وتبادلها وتحليلها وببساطة، فإنترنت الأشياء هو ربط العالم المادى بالعالم الرقمي.
ولفت إلى أن تكنولوجيا إنترنت الأشياء تلعب دورا كبيرا فى جمع البيانات حول أداء اللاعبين والجمهور وتحسين تجربة المشاهدة و تطوير منصات البيانات مثل اطلاق منصات متخصصة لجمع وتحليل البيانات الضخمة المتعلقة بالرياضة، مما يساعد فى اتخاذ قرارات أفضل وتحسين الأداء ، مشددا على أهمية التعاون مع مشغلى المحمول على تطوير تطبيقات تحقق تغطية حية للمباريات وإحصائيات تفصيلية ومن ثم التفاعل مع الجماهير.
وألمح إلى أهمية التعاون كذلك مع شركات الأندية الصحية وتشغيل منشآت التدريب البدنى لنشر تطبيقات التدريب الشخصى لتوفير برامج تدريبية مخصصة لكل فرد بناءً على مستواه البدنى وأهدافه ، إلى جانب كيانات بيع تذاكر المباريات والمنتجات الرياضية لتوسيع دائرة تطبيقات التجارة الإلكترونية مثل عمليات شراء تذاكر المباريات والمنتجات الرياضية .
وطالب كليات الإدارة الرياضية وعلوم الرياضة بتطوير مناهج الواقع الافتراضى والمعزز فى مجالات التدريب واستخدام تقنيات الواقعين الافتراضى والمعزز لتوفير تجارب تدريبية واقعية للرياضيين وتحليل الأداء ، من خلال استخدام هذه التقنيات لتحليل حركة اللاعبين وتحديد نقاط القوة والضعف.
وأشار إلى أنه يجب أيضا تشجيع استخدام تقنية الذكاء الاصطناعى فى تحليل مقاطع الفيديو للمباريات وتحديد الأحداث المهمة و استخدام نماذج التعلم الآلى للتنبؤ بنتائج المباريات وإصابات اللاعبين ، كما أنه يجب على صعيد تجارب الجماهير توفير تطبيقات تشجيع التفاعل الاجتماعى بين الجماهير من خلال المنصات الرقمية وتوفير خدمات مخصصة لكل مشجع بناءً على اهتماماته وتفضيلاته.
وأعرب عن آمله فى رؤية عوائد ملموسة فى القريب العاجل من فرص الاستثمار فى مجال حلول تكنولوجيا الرياضة ،والتى من الضرورى تشجيعها فى إطار سياسات حكومية واضحة ومستدامة، خاصة وأنها ستعود بالفائدة على الرياضة المصرية وتحقق أرباح كبيرة من خلال مصادر دخل جديدة مثل الرعاية الرقمية وتجارة التذاكر الإلكترونية و تحسين أداء الرياضيين، من خلال التدريب المستهدف وتحليل البيانات و زيادة تفاعل الجماهير مع الأحداث الرياضية وزيادة ولائهم، وخلق فرص عمل جديدة فى مجال الصناعات المرتبطة مثل مجالات البرمجة، وتحليل البيانات، وتصميم الألعاب الالكترونية
وأكد رئيس شركة ناشئة متخصصة فى حلول تكنولوجيا الرياضة ، أن بعض الدول نجحت فى تطويع التقنيات داخل الرياضة وصعدت لأدوار متقدمة فى بطولات عالمية على غرار تجربة دولة آيسلندا ، والتى وصلت إلى دور الثمانية فى كأس العالم 2018 رغم صغر التعداد السكانى البالغ 365 ألف نسمة ، الأمر ذاته لم تستطع مصر تحقيقه حتى الآن.
وقال إن معظم المستثمرين فى لعبة كرة القدم لا يبحثون عن ربح بقدر الشهرة السريعة ، وبحسب شركة ديلويت للأبحاث التسويقية والتى تُصدر تقريرا سنويا عن إيرادات الأندية الأوروبية، فتقترب إيرادات أندية مثل ريال مدريد ومانشستر يونايتد وبرشلونة والأرسنال من النفقات الاستثمارية.