«الأغاني الصاخبة صداع في رأس ركاب المواصلات».. هل يعاقب القانون السائقين؟

قانوني: هناك فراغ تشريعي يتعلق بالتلوث الضوضائي الصادر من المركبات.

«الأغاني الصاخبة صداع في رأس ركاب المواصلات».. هل يعاقب القانون السائقين؟
أماني عوض

أماني عوض

8:54 م, الثلاثاء, 7 مارس 23

“الأغاني الصاخبة” و”أصوات الكلاكسات المزعجة” يتعمد سائقو المواصلات العامة من “ميكروباص” أو “توك توك” تشغيلها دون النظر لما يتسببون له من أضرار للركاب تتعلق بالسمع، أو التوتر، أو ارتفاع ضغط الدم، أو التأثير السلبي على الصحة النفسية لهم وللركاب ولأطفالهم، وتصل إلى حد فقدان السمع عند الأطفال والكبار بسبب التلوث الضوضائي الذي يتعرضون له والذي يتجاوز الحد المسموح به، وعند اعتراض الركاب على تلك الموسيقى تحدث مشاجرات مع السائقين تتسبب في اعتداءات بعضهم على الآخر، وأحيانًا أخرى ينتج عنها إصابات بين تلك الأطراف، أو حوادث نتيجة عدم تركيز السائقين.


2.5 مليار ضحية للأصوات الصاخبة في 2050

وحذرت منظمة الصحة العالمية في تقرير صادر عنها، من وصول عدد ضحايا الأصوات الصاخبة إلى 2.5 مليار بحلول عام 2050، مطالبة بألا يتجاوز متوسط مستوى الصوت عن 100 ديسيبل.

وبحثت “المال” لمعرفة هل يعاقب القانون السائقين عند تشغيل الأغاني الصاخبة والمهرجانات، والأصوات المزعجة التي قد تحمل بعضها كلمات خادشة للحياء، خلال رحلتهم في استقلال الميكروباصات أو التوك توك، وجاوب قانوني عن هذا السؤال بأن الأمر يحتاج لوضع المشرع عقوبة مغلظة، لأن حاليًا يطبق عليها غرامة تبدأ من 5 جنيهات وتصل إلى 2000 جنيه، وفقًا لعدة مواد في قانوني البيئة والمرور.


قانوني: هناك فراغ تشريعي يتعلق بالتلوث الضوضائي الصادر من المركبات

قال محمود الحديدي الخبير القانوني، والمحامي بالاستئناف، إن هناك فراغ تشريعي يتعلق بتشغيل الأغاني الصاخبة أو الموسيقى أو التلوث الضوضائي الصادر عن مركبات وسائل المواصلات، وذلك نظرًا لحداثة الأمر وتطوره، حتى وصل لوضع سائقي “الميكروباصات وتوك توك” مكبرات صوت و”استريو” داخل المركبة، ما يؤثر بالسلب على الصحة الجسدية “السمع” والنفسية على ركاب تلك المركبات.

وأضاف الحديدي في تصريح خاص لـ”المال”، أن الأمر تطرق له قانوني البيئة والمرور بطريقة غير مباشرة باعتبارها ضمن التلوث البيئي، واعتبرها مخالفة وعقوبتها غرامة مالية، ولكن يجب أن يغلظ المشروع العقوبة مع وضع عقوبات سالبة للحرية تكون رادعة للتلوث الضوضائي.

وأوضح الحديدي، عدة مواد جاءت في قانوني البيئة والمرور تناولت تلك الظاهرة: كما جاء في القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009: (مادة 42) تلتزم جميع الجهات والأفراد عند مباشرة الأنشطة الإنتاجية أو الخدمية أو غيرها، خاصة عند تشغيل الآلات والمعدات وآلات التنبيه، ومكبرات الصوت بعدم تجاوز الحد المسموح بها لمستوى الصوت، وعلى الجهات مانحة التراخيص مراعاة أن يكون مجموع الصوت بعدم تجاوز الحد المسموح، والتأكد من التزام المنشأة باختيار الآلات والمعدات المناسبة لضمان ذلك، وتبين اللائحة التنفيذية لهذا القانون الحد المسموح بها لمستوى الصوت ومدة الفترة الزمنية للتعرض له”.


غرامات قانوني البيئة والمرور من 5 جنيهات حتى ألفى جنيه

يعاقب كل من يخالف حكم المادة 42 فقرة أولى من هذا القانون بغرامة لا تقل عن 500 جنيه، ولا تزيد عن 2000 جنيه، مع مصادرة الأجهزة والمعدات المستخدمة في ارتكاب الجريمة.

وأكدت المادة 12 من اللائحة التنفيذية لقانون المرور، ألا يجوز استعمال أجهزة التنبيه إلا في حالة الضرورة لتنبيه مستعملي الطريق لاقتراب المركبة أو إلى خطر ناشئ عنها أخطر يهددها، كما لا يجوز إعطاء إحدى الإشارات الصوتية بطريقة تزعج المارة أو تقلق راحة الجمهور أو تضر بالبيئة بالمخالفة للقانون رقم 4 لسنة 1994 في شأن حماية البيئة، ولا يجوز أن يكون المنبه الصوتي متعدد النغمات أو أن يصدر أنغامًا أو أصواتًا أخرى لا تتفق والغرض من أجهزة التنبيه.

كما جاء في القانون رقم 121 لسنة 2008 في شأن تعديل بعض أحكام قانون المرور رقم 66 لسنة 1973، نصت المادة 74 مكرر: “تسيير مركبة في الطريق العام تصدر منها أصوات مزعجة أو ينبعث منها دخان كثيف أو رائحة كريهة أو يتطاير من حمولتها، أو يسيل منها مواد قابلة للاشتعال أو مضرة بالصحة أو مؤثرة على صلاحية الطريق للمرور أو يتساقط من حمولتها أشياء تشكل خطرًا على مستعملي الطريق أو تؤذيهم يعاقب بغرامة لا تقل عن 5 جنيهات ولا تزيد على 25 جنيهًا”.


الحديدي: يجب وضع عقوبات وقائية رادعة للحد من الضوضاء البيئي


وطالب الحديدي، بوضع عقوبات وقائية “رادعة” للوقاية من الضوضاء البيئي بكل صوره، سواء كان عن طريق الأغاني الصاخبة أو استخدام آلات التنبيه بلا مبرر، مما يعود بالضرر الجسدي وتأثيره على السمع، والذي يصل إلى حد فقدان السمع، كما ذكرت تقارير صادره عن منظمة الصحة العالمية ودراسات أخرى، نظرًا لزيادة الحد المسموح به من التعرض للضوضاء والأصوات المزعجة.

وضرب مثالًا بتعديل المادة 166 مكرر من قانون العقوبات، والتي ذكرت أن كل من تسبب عمدًا في إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز عام وغرامة لا تزيد عن 10 جنيهات أو بإحدى هاتين العقوبتين، مطالبًا باستحداث مادة مثلها للإزعاج في المواصلات العامة.


أركان جريمة «الأغاني الصاخبة» في المواصلات

ورأى الخبير القانوني، أن تشغيل الأغاني الصاخبة يعتبر جريمة عمدية من شقين، الأول وهو تعمد الإضرار بالغير وهم “راكبي المواصلات”، من خلال إصدار أصوات صاخبة شديدة تقلق راحة الأفراد، والشق الآخر تشتيت الانتباه عن الطريق مما يتسبب في وقوع حوادث، أو الإخلال بالحفاظ على سلامة الركاب.

ولفت إلى أن القانون الفرنسي وضع عقوبات رادعة تتعلق بتشغيل الموسيقى الصاخبة أو إصدار تلوث ضوضائي من المركبات.

واعتبر منح الضبطية في حالات إزعاج الركاب سيؤدي لتقليل تلك الظاهرة، والحد من الأصوات المزعجة الصادرة عن المركبات، أو تفعيل خط ساخن للإبلاغ عن المركبات التي تتعمد تشغيل الموسيقى الصاخبة وتتسبب في التلوث الضوضائي.


«قانون مكبرات الصوت» وضعه الملك فاروق.. ولم يتطرق للمركبات

وأشار إلى وجود قانون يسمى “مكبرات الصوت” وضع منذ عام 1949 برقم “5” صادر من الملك فاروق، تضمن مكبرات الصوت وعقوبتها ولكن المتعلقة بالمحلات والمنازل وتراخيص إقامة الحفلات في المنازل، وعاقب فيها المخالفين لإصدار تراحيص بالحبس 15 يومًا ومصادرة الأجهزة، ويمكن أن يعدل بإضافة مادة تتعلق بمكبرات الصوت في وسائل المواصلات.


دراسات تحذر الموسيقى الصاخبة: مضاعفاتها تؤدى للموت

وحذرت دراسة صادرة عن جامعة برونيل في لندن، من الاستماع إلى أغنيات ذات موسيقى صاخبة أثناء القيادة لأنه قد يؤدي إلى حالة إرهاق عقلي، ويعرض السائق لخطر ارتكاب أخطاء، وفقًا لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية.

وأشارت دراسات سابقة إلى أن الموسيقى الصاخبة الغنائية، يمكن أن ترفع مستويات العدوانية وتشجع الثقة المفرطة، خاصة بين السائقين الأصغر سنًا.

وأكد أطباء أن التعرض على المدى الطويل وبإفراط للموسيقى الصاخبة ليس فقط مضرًا بالصحة، ولكن يسبب مضاعفات يمكن أن تؤدي إلى الموت.

طبيب: تسبب فقدان السمع

وأوضحوا أنه أثناء الاستماع لموسيقى صاخبة تخترق الذبذبات جسم الإنسان، وتنفذ إلى كل أعضائه الداخلية، وتؤدى إلى ضغط الدم وارتفاع دقات القلب، وتساعد على تجلط الدم بزيادة كثافته (الكوليسترول).

وأكد الدكتور أسامة إبراهيم استشاري أنف وأذن أن التعرض للأصوات العالية والموسيقى الصاخبة لمدد طويلة تتسبب في فقدان السمع على المدى البعيد، نظرًا لأنه يصيب العصب الحسي السمعي.

سائق: مفيش سبب يمنعني من تشغيل الأغاني.. والمتضرر يستقل “أوبر”

من جانبه، علق أحد سائقي الميكروباصات على تشغيل الأغاني الصاخبة قائلًا: “بأنه لم يجد تحذيرات سابقة من تشغيلها، وأن الأمر يساعده على عدم الشعور بطول الطريق.

ولفت إلى أنه يشغل الأغاني الصاخبة في رحلته اليومية أثناء العمل، ولا يستجيب عند طلب انخفاض الصوت، متابعًا: “مفيش سبب يمنعني، والمتضرر عليه أن يأخذ سيارة خاصة، أو يطلب شركة توصيل ركاب مثل “أوبر”.


الصحة العالمية: 1.1 مليار شخص معرضون لفقد السمع بسبب الموسيقى المرتفعة

وحذرت منظمة الصحة العالمية، من أن 1.1 مليار شخص من المراهقين والبالغين عرضة لخطر فقد حاسة السمع، بسبب الاستماع إلى الموسيقى بصوت مرتفع، و43 مليون شخص في المرحلة العمرية من 12 إلى 35 عامًا فقدوا حاسة السمع.

وذكرت أن فقدان السمع يكلف الاقتصاد العالمي 980 مليار دولار أميركي سنويًا، بسبب تكاليف القطاع الصحي، وأجهزة السمع، والدعم التعليمي، وفقدان الإنتاجية، وكذلك التكاليف المجتمعية.