على راشد
أغنيتان وطنيتان جديدتان فى طور التجهيز حاليا.. ومن المخطط أن تظهران خلال الفترة القريبة المقبلة، لينضما إلى سلسلة طويلة من الأغانى الوطنية عبر تاريخ مصر، الأغنيتان الجديدتان من كلمات مؤلف واحد هو صفوت زينهم، الأولى بعنوان: «مصر قوية» وتعود بها الفنانة عفاف راضى بعد غياب طويل، ويعتبر هذا النمط ليس غريبا عليها.. فقد كانت ممن شاركوا فى أغنية «اخترناه» لمبارك. والأغنية الجديدة لها تضع فيها الجملة الشهيرة للرئيس عبد الفتاح السيسى «مصر أم الدنيا» وتتحدث فيها عن قوة مصر وعلاقتها بالدول وقوة جيشها، أما الأغنية الثانية فهى لعلى الحجار بعنوان «قمحنا يا وش الخير».. وذلك فى إطار محاولات مصر للتوسع فى زراعة القمح، بعد حصاد أول محصول للقمح فى إطار مشروع الـ 1.5 مليون فدان بالفرافرة بالوادى الجديد .
ولا تعتبر هذه المحاولات فى التأريخ للأحداث السياسية والحديث عن الحكام جديدة، بل إنها مستمرة عبر مدار التاريخ المصرى الحديث، بداية من الملك فاروق حتى الآن، وهناك العديد من المحاولات الناجحة فنيا، لكن تظل أغلب الحالات مطبوعة بالتملق والتقرب للسلطة، لكن فى المقابل كانت هناك نماذج قليلة لأغانى مناهضة للسلطة مثل أغانى الشيخ إمام مع الشاعر أحمد فؤاد نجم .
وفى عهد الملك فاروق كانت هناك بعض الأغانى لكبار المطربين، مثل أم كلثوم التى قدمت أغنية للملك فاروق فى عيد ميلاده تقول فيها «اجمعى يا مصر أزهار الأمانى يوم ميلاد المليك.. واهتفى من بعد تقديم السلام.. شعب مصر يفتديك»، كذلك كان لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب الذى قدم للملك فاروق أغنية فى عيد ميلاده أيضا، ولكنه حاول فيها الحديث عن الشباب لكن فى إطار أن الملك هو من يحركهم وهو الذى بيده كل شيء فيعقدون عليه الآمال وتقول كلمات الأغنية « ياللى آمال الشباب ترويها إيدك… الليلة عيد الشباب.. الليلة عيدك… دعيت عيد شبابك قمت لبيته.. ميلادك ساحر جمالك قمت حبيتك… من كتر غيرتى عليك فى القلب خبيتك… وقلتلك يا فاروق القلب ده بيتك.. شبابك لمحة من الجنة تهنى الروح وتسعدها.. وتاجك مصر تتهنى عليه الدنيا تحسدها… وعيدك غنوه تتغنى وطول الليل أرددها.. وأقول للفجر يستنى لفرح مصر يوم عيدها… لفرح مصر يوم عيدها ».
وعلى الرغم من انتهاء الملكية بثورة يوليو 1952 فإن العقول ظلت تمجد فى الحكام، من خلال الأغنيات التى تغنى بها كبار الفنانين للرؤساء، فمن تغنى للملك فاروق تغنى أيضا لجمال عبد الناصر، وفى نفس السياقات تقريبا، ليقدم عبد الوهاب أغنية «تسلم يا غالى»، وتقدم أم كلثوم «يا جمال يا مثال الوطنية»، وذلك بعد أن تعرض عبد الناصر لمحاولة اغتيال فى المنشية بالإسكندرية عام 1954، أما عبد الحليم حافظ فكان له حظ وافر من الأغانى الوطنية وخاصة لعبد الناصر .
عبد الحليم حافظ كانت أولى تجاربه فى الغناء الوطنى من خلال نشيد «العهد الجديد» والذى قدمه فى عام 1952 حول ثورة يوليو، وبعدها توالت أعماله الغنائية التى تنوعت بين الحديث عن الوطن أو الرئيس، وكذلك عن الإنجازات التى تمت فى تلك الفترة، وبرغم تمجيده لناصر فإن العندليب كانت له مجموعة من الأعمال القوية التى لها أهداف واضحة خالية من التملق الزائد للحكام، متحدثة أيضا عن انتصارات الشعب الذى اعتبره هو السيد لهذا الوطن، وكانت أغلب تلك الأغانى من كلمات الشاعرين الراحلين صلاح جاهين وعبد الرحمن الأبنودى، ومن تلك الأعمال «أحلف بسماها وبترابها» و«البندقية اتكلمت» و«ابنك بيقولك يا بطل» و«عدى النهار» وغيرها من الأعمال التى أرخت للعديد من الأحداث السياسية، وكان للرئيس الراحل محمد أنور السادات حظه فى أغنية وحيدة من أغانى عبد الحليم وهى «عاش اللى قال» عقب انتصارات أكتوبر، بينما الأغانى الخاصة بأكتوبر كلها كانت عبارة عن دور الجيش فى العبور والتأكيد على وطنية الشعب المصرى الذى كان كتلة واحدة ضد الاحتلال .
ومن بين الأغانى المهمة لعبد الحليم حافظ أغنية «المسئولية» من كلمات الشاعر صلاح جاهين والتى قدمها فى عام 1963 عقب تأسيس الاتحاد الاشتراكى العربى، وكلمات الأغنية تناولت العديد من المطالب التى تمنى أن تحدث بعد تأسيس الاتحاد لتعبر الأغنية عن تلك المطالب التى قالتها الأغنية على أنها أمور ضرورية ينبغى تنفيذها فمن كلماتها «مفيـش محال والعزم معـانا.. والعلم بينور دنيانا.. والفكـر بيجسم أحلامنا.. قـدامنا شـايفينهـا وشـايفانا.. شـايفيـن رايتنا ف حضن النسمـة مـرفـرفة بستـائـر نجـمة.. علـى مـدينة عـربية.. معـرفش مـن أى الأقـطار… حرية واشتراكية ووحدة.. مكتوب حروفها بمليون ورده.. علـى صدر بلدة عربية.. معرفش مـن أى الأقطار… صناعة كبرى ملاعـب خضـرا… تمـاثيل رخام ع الترعة وأوبرا… فى كل قرية عربية.. دى ماهيش أمـانى وكلام أغانى… ده بر تانى قصادنا قريب.. يـا معـداوية .
وبعد تلك الحقبة الخاصة بعهدى جمال عبد الناصر والسادات جاءت فترة حكم مبارك وقدمت خلاله مجموعة من الأغانى عبر الأجيال الجديدة كان أشهرها أغنية «اخترناه» والتى شارك فيها المطربون عفاف راضى، أنوشكا، محمد ثروت، نادية مصطفى، سمير الإسكندرانى، لطيفة، صفاء أبو السعود، محمد العزبى، محمد الحلو، هدى عمار، حسن الأسمر، حسن فؤاد، وزينب يونس، والأغنية تعتبر استمرارا لترسيخ مبدأ الحديث حول أهمية الحاكم ورضوخ الشعب أمامه حتى لو كانوا هم من أوصلوه للحكم باختيارهم !.