■ فى وجود الوزير الجديد
■ خبراء يكشفون أسباب تراجع أعداد السفن الناقلة إلى 111.7 مليون طن سنوياً
يناقش المجلس الأعلى للموانئ فى اجتماعه المقبل برئاسة الفريق كامل الوزير، وزير النقل الجديد، الدراسة التى انتهى منها قطاع النقل البحرى بشأن أثر رسوم الموانئ على أسعار السلع الاستيراتيجية، ومن بينها القمح والذرة.
وكشفت دراسة مقارنة أجراها قطاع النقل البحرى مؤخرًا تراجع عدد السفن الخاصة بنقل السلع الاستراتيجية بالموانئ المصرية، كما أن الحمولات تراجعت إلى 11.7 مليون طن العام الماضى بدلا من 12 مليون فى 2017.
وأكد محمد فودة، رئيس مجلس إدارة شركة لوجستيك إحدى الشركات العاملة فى نقل الأقماح، أن عدة متغيرات عالمية ومحلية أدت لتراجع السفن الناقلة للأقماح والحبوب، أبرزها ارتفاع أسعار توريد القمح العالمية من 180 دولارًا للطن إلى 260 دولارًا، بما يعادل 1600 جنيه زيادة فى سعر الطن.
وتابع أن من بين العوامل ارتفاع الضرائب التى تحصلها الدولة على نقل الأقماح، بالإضافة إلى أن الدولة كانت تحصل نصف فى المائة ضريبة أرباح تجارية على الأقماح والذرة وأصبحت الآن %1 من قيمة الفاتورة، وبالتالى زادت تكلفة طن القمح بما يعادل %30 عن سعره مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى، وذلك فى ظل ركود السوق وتراجع حركة البيع والشراء والأزمة التى خلفتها بعض الشركات الدولية الإماراتية بخروجها من نشاط تداول الحبوب فى مصر، ومعاناة ما يقرب من 70 مطحنًا بسبب تلك الأزمة.
ولفت فودة إلى أن زيادة استيراد هيئة السلع التموينية للقمح على حساب نصيب شركات القطاع الخاص قلل الحصص الاستيرادية من شحنات الحبوب، وقال إن القرار 800 لسنة 2016 أثر بشكل مباشر على أسعار السلعة النهائية، نظرا لارتفاع تكاليف التداول داخل الموانئ.
وقال إن القرار لم يراع فى بنوده المتعلقة بعمليات الشحن والتفريغ اليومية حدود الصرف المباشر، وحدد حد أدنى للتفريغ 8 آلاف طن/ يوم، فى حالة تخزينها، لافتًا إلى أن هناك موانئ مثل غرب بورسعيد عدد المخازن قليلة مقارنة بحجم التفريغ المحدد بالقرار 800؛ ما يضطر الشركات إلى الصرف المباشر للسلع، وحتى عام 2017 كان مسموحًا للسفن تحت عشرة آلاف طن شحن كميات صغيرة وتدخل بها الموانئ المصرية لتلبية احتياجات الطبقات المتوسطة فى القطاع الخاص، ومع صدور القرار 800 لم يعد وجود لهذه السفن نظرًا للتكلفة المرتفعة لرسوم الموانئ.
وأضاف فودة أن القرار جعل كافة شركات الحبوب تلجأ للإيداعات الخارجية سواء ساحات تخزين أو موانئ جافة خارج الدائرة الجمركية، نظرا لانخفاض رسوم التخزين داخلها.
وكشفت إحصائيات السفن المترددة على الموانئ المصرية تراجع عدد السفن الناقلة للأقماح خلال العام المنقضى 2018 إلى 283 سفينة، مقارنة بعدد 336 سفينة عام قبل الماضى 2017.
فيما تراجعت أعداد السفن الناقلة للذرة خلال عام 2018 إلى 204 سفينة مقارنة بعدد 213 سفينة عام 2017، وسجلت الموانئ 12 سفينة ناقلة لسلعة السكر الاستراتيجية عام 2018 مقارنة بعدد 33 سفينة العام قبل الماضى 2017.
وكشف التقرير انخفاض واردات مصر من السكر لتسجل 300 ألف طن مقارنة بمليون طن عام 2017، كما سجلت حمولات السفن من سلعة الذره تراجعًا طفيفًا العام الماضى بإجمالى 8.7 مليون طن مقارنة بعام 2017 باجمالى 9 ملايين طن.
وأكد الدكتور محمد الأباصيرى، رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بمركز بحوث واستشارات الأكاديمية العربية للنقل البحرى وعضو لجنة تطوير الموانئ، أن الدولة تتجه ناحية إحلال الصادرات محل الواردات ودعم الاكتفاء الذاتى مما ينعكس على معدلات حركة التجارة الخارجية المنقولة عبر الموانئ وتقليل الواردات من السلع الاستيراتيجية والاتجاه للتصدير، ما يقلب اتجاهات التجارة من وإلى مصر فى ظل مشاكل العملة.
ولفت إلى أن العلاقات بين الدول وتغير السياسات الاقتصادية والتجارية بيننا يؤثر فى حركة التجارة البحرية، كأن يتم التحول من أمريكا إلى أوروبا أو منها إلى الشرق الأقصى، وأن المتغيرات تؤثر بالطبع على الموانئ وحركة تداول السلع؛ لأن الموانئ انعكاس للاقتصاد يؤثر ويتأثر به، ولا يكون مؤشرًا لانخفاض أداء الميناء لكنه يكون مؤشرًا لقوة أو ضعف العلاقات الاقتصادية.
ويختلف الوضع بالنسبة لحركة الحاويات الترانزيت، فإذا ما حدث تحول فى معدلات الحركة بالسالب لصالح موانئ أخرى منافسة عادة ما يكون إما بسبب انخفاض أداء الميناء أو ارتفاع أسعار الخدمات بالموانئ، مثلما حدث العام الماضى عندما انسحبت بعض الخطوط للملاحية لليونان، نظرًا لارتفاع تكاليف الموانئ.
ويرى الأباصيرى أنه لابد أن تتحول الموانئ للدور اللوجستى بحيث تكون معبرًا للتجارة البحرية الخارجية فى ظل التحول الاقتصادى لمصر، والتحول عن الاستيراد لصالح الصادرات.
ويجب التركيز على عمل أنشطة إضافية تحتاجها الدول المجاورة فى حوض المتوسط، وخلق أنشطة مضافة، ما يجبر الخطوط على التردد على الموانئ المصرية لتحويل السلعة لقيمة مضافة (الموانئ اللوجستية).
وقال إن هناك سلعا تنخفض وأخرى ترتفع، ما يستلزم إعادة تقييم أصول الموانئ، والغرض منها وإدارة الأصول بما يضمن كفاءة تشغيلها، وضرب مثلا بقضية انفصال شمال السودان عن جنوبه كأحد المتغيرات الاقتصادية والسياسية التى أثرت بشكل مباشر على موانئنا البترولية؛ إذ كانوا يمدون أنابيب من الجنوب للشمال حتى ميناء بورسودان، وعندما حدث الانفصال انقطعت الصادرات لرفض الجنوب التصدير عبر بورسودان، واختاروا كينيا كميناء بديل للتصدير.
وأضاف أنه تم وضع توصية بإقامة معامل تكرير بحيث يتم استيراد البترول الخام وتفريغه وتكريره وإعادة بيعه للدول الأفريقية كمنتجات بترولية بالشراكة مع مستثمرين، ومنحهم تسهيلات لإعادة تشغيل الميناء صادر ووارد، وبالتالى يتم تعظيم القيمة الاقتصادية للميناء بخلق أنشطة جديدة تضاعف العائد، وتضمن رواج حركة التجارة البحرية عبر هذه الموانئ.
وأشار الأباصيرى إلى أن اللجنة المكلفة بإعداد المخطط العام للموانئ تقوم حاليا بقراءة بيانات كل ميناء وتحليلها، وتقييم أوضاعه وتحديد مواطن القوة والضعف، ومعدلات استغلال البنية الأساسية والأصول؛ تمهيدًا لوضع التوصيات لاستغلال الموانئ.
ولفت إلى أن التجارة الخارجية مرتبطة بالاقتصاد والمتغيرات الاقتصادية والسياسية التى تمر بها الدولة، وتوجهات الدولة الاستيراتيجية فى المرحلة الحالية، فيما يرتبط حركة الترانزيت بالتغيرات فى سياسات الخطوط الملاحية مرتبطة بسياسات تسعير الموانئ ولا ترتبط بكفاءة الخدمات.
وقال اللواء على الحايس، نائب الرئيس الأسبق لهيئتى ميناء الإسكندرية وبورسعيد، إن القرار 800 لسنة 2016 نص فى المادة 9 منه (يلتزم التوكيل الملاحى بتحصيل مقابل عدم الالتزام بمعدلات الشحن والتفريغ الواردة بالبند 5 من المادة 12 وتوريده لهيئة الميناء المختص، لافتا إلى أن ذلك يستوجب أن يؤدى المرخص له بنشاط الشحن والتفريغ إلى هيئة الميناء المختص مبلغ 45 جنيها لكل متر طولى للسفينة عن كل يوم، وذلك نظير عدم الالتزام بمعدلات الشحن والتفريغ الواردة بالبند 5 من المادة 12 من القرار وتوريده إلى هيئة الميناء).
وأضاف أن هيئات الموانئ العالمية هى المراقب والمنظم لجميع الأنشطة بالميناء وليس التوكيل الملاحى، كما وضع القرار حدا أدنى لمعدلات التفريغ للقمح والذرة وفول الصويا بواقع 8 آلاف طن فى اليوم للسفن أكثر من 55 ألف طن، و7 آلاف طن يوم للسفن أكثر من 35 ألف طن، و6 آلاف طن يوم للسفن أكثر من 20 ألف طن، و5 آلاف طن يوم للسفن أكثر من 10 آلاف طن حتى 20 ألف طن، و3 آلاف طن يوم للسفن أكثر من 10 آلاف طن، بالإضافة إلى مقابل الانتفاع بالترخيص؛ مما ساهم فى زيادة أعباء المزاولين لنشاط تفريغ وشحن الحبوب والغلال، وهو ما يعد سببًا من أسباب تراجع النشاط.