الأسطورة لا تموت.. مارادونا أفضل من لمس كرة القدم

نشأ مارادونا في حي فيلات فيوريتو الفقير

الأسطورة لا تموت.. مارادونا أفضل من لمس كرة القدم
إسلام مصطفى

إسلام مصطفى

10:50 ص, السبت, 26 نوفمبر 22

ولد في المرتبة الخامسة من بين ثمانية أطفال لعائلة كاثوليكية، الاسم الأول للأسطورة مارادونا له أصوله اليونانية والعبرية، يعني إما موردًا أو مدرسًا، اسمه الأوسط أرماندو والذي يدل على “رجل في الجيش”.

نشأ مارادونا في حي فيلات فيوريتو الفقير، كانت عائلته من بين أفقر سكان المدينة، وسط أسرة بسيطة كانت تسبب له بعض الانزعاجات خاصًة من ناحية الأم، التي كانت تستولي على الكرة في بعض الأحيان، إذ أرادت منه أن يركز على دراسته في الآخر ليكون محاسبًا محترفًا ولم تكن تعلم أنه سيصبح تاريخ كرة القدم نفسها.

لم يمض وقت طويل قبل أن تدرك – والدته – أخيرًا أن كرة القدم كانت هدفه الأبدي.

في سن التاسعة ، تعلم مارادونا لعب كرة القدم، حيث جاء أول اتصال له بلعبة كرة قدم عندما طُلب منه الانضمام إلى فريق قريته المسمى “البصل الصغير”، بينما كان مع فريق Little Onions، قاد فريقه للفوز بـ140 مباراة متتالية.

من هو والد الأسطورة الأرجنتينية مارادونا؟

اسمه دييجو الأب، ولد في إسكوينا ، مدينة في الأرجنتين، لسنوات عديدة كان والد دييجو مارادونا يكسب رزقه من نقل الركاب بالقارب، كان يركبه في المياه الأرجنتينية.

اعتبره الكثيرون الرجل الذي صاغ أحلام دييجو، إذ قدم دييجو الأب تضحيات مالية كبيرة في بداية مسيرة ابنه المهنية، عمل لساعات طويلة بمصنع لرؤية ابنه.

أدرك الأب أن أهمية ابنه لكرة القدم الأرجنتينية كبيرة، لهذا السبب لم يفوت هو وزوجته أيًا من مباريات ابنه.

بدايات مارادونا

بدأ مارادونا مشواره الكروي باللعب في سن مبكرة بنادي أرجنتينوس جونيورز، ومن هناك انتقل إلى بوكا جونيورز في بوينس آيرس. فقد كان النادي المفضل لأبيه، وتُوج معه بلقب الدوري الأرجنتيني عام 1981. ثم سرعان ما انتقل دييجو بعد ذلك إلى أوروبا للانضمام إلى نادي برشلونة الإسباني، بعد أن أصبحت الأرجنتين صغيرة للغاية بالنسبة له.

لقد أنفق النادي الكتالوني رقماً قياسياً بلغ 7,3 مليون دولار في عام 1982 للفوز بتوقيع الفتى الأرجنتيني الساحر مارادونا، ولكنه لم يكن سعيداً قط في برشلونة، واشتبك مارادونا باستمرار مع المدير الفني الألماني أودو لاتيك، وذلك لاهتمامه المفرط بإقامة الحفلات الليلية في منزله الجديد وتعمد السهر. وبعد ثلاثة أعوام، ترك مارادونا النادي وربما اتخذ القرار الأفضل في مسيرته.

مارادونا ورحلة نابولي التاريخية

في يوليو/ تموز 1984، انتقل مارادونا إلى نابولي مقابل مبلغ قياسي عالمي آخر قدره 10.5 مليون دولار. ولم يحقق النادي الإيطالي قبل مارادونا سوى كأس إيطاليا عامي 1962 و1976، لكن الفتى الأرجنتيني قاد النادي بين عامي 1984 و1991 للتتويج بلقب الدوري الإيطالي مرتين وكأس إيطاليا وكأس السوبر الإيطالي وكأس الاتحاد الأوروبي في 1989.

قال عنه كانافارو: مارادونا هو بمثابة الإله لسكان نابولي، لقد غيّر مجرى التاريخ، عانينا على مدى 80 عامًا من الكفاح لعدم الهبوط في الدوري المحلي، لكن بتواجده في صفوف النادي على مدى سبع سنوات، فزنا بالدوري المحلي وكأس الاتحاد الأوروبي وكأس إيطاليا.

في نابولي تخلد مارادونا بطلاً، ولكن إقامته في المدينة ومغامراته فيها اتسمت بالشهرة والسمعة السيئة، إذ بدأ في تعاطي الكوكايين والاقتراب من المافيا المحلية، لقد تمتع مارادونا بالحياة إلى أقصى حد، على حافة الشرعية، ولكن شعبيته ظلت رغم من ذلك، وبات إيقونة خالدة.

مارادونا وكأس العالم وهدفه التاريخي

سجل مارادونا ربما أشهر هدف في مسيرته الكروية باليد خلال مباراة إنجلترا في ربع نهائي كأس العالم 1986 في المكسيك، بعدما صعد لمواجهة يد الحارس بيتر شيلتون بيده ووضع الكرة داخل الشباك.

ونجح مارادونا في خداع الحكم التونسي علي بن ناصر، بصحة الهدف، وسط اعتراضات من لاعبي المنتخب الإنجليزي، الذين رأوا أنهم تعرضوا للظلم، خاصة أن الإعادات أظهرت أن يد مارادونا وضعت عمداً لتجعله يسجل الهدف.

وبقي هذا المشهد أحد أشهر المشاهد في تاريخ كأس العالم والذي وصفه الأسطورة لاحقاً بأنها “يد الله”، وهو المصطلح الذي أطلقته الصحافة العالمية لاحقاً على الهدف.

في نفس المباراة سجل مارادونا الهدف الذي اختير أفضل هدف في تاريخ كؤوس العالم، حين راوغ مدافعي المنتخب الإنجليزي بعدما استلم الكرة من وسط الملعب ثم أكمل طريقه بـ11 لمسة، الأخيرة فيهم كانت داخل المرمى.

ومر يومها مارادونا من 5 لاعبين إنجليز وهم بيتر بيردسلي وستيف هودج وبيتر رايد وتيري بوتشر وتيري فينوك، وإذا كان هدف لمسة اليد سمي بـ”يد الله”، فإن هذا الهدف اختير كهدف القرن العشرين.

بكاء مارادونا وضياع حلم معادلة إنجاز بيليه

لم يتمالك دييجو أرماندو مارادونا مشاعره بعدما خسرت الأرجنتين نهائي كأس العالم 1990 أمام ألمانيا بركلة جزاء أندرياس بريمي في الدقيقة 85 من عمر المباراة.

وكان مارادونا يأمل في معادلة إنجاز بيليه في تحقيق كأس العالم مرتين على التوالي بعدما توج به في 1986، خاصة أنه في مونديال 1990 تفوق على إيطاليا والبرازيل، اللذين أخرجا بلاده من مونديال 1982 قبل 8 سنوات، ولكن المنتخب الألماني كان لحلم دييجو بالمرصاد.

ولم يستطع مارادونا حبس دموعه، لينفجر باكيا على منصة التتويج، قبل وأثناء تسلمه الميدالية الفضية لصاحب المركز الثاني في المونديال.

مارادونا وقرار تعليق الحذاء نهائيًا

خاض مارادونا مباراته الأخيرة في 25 أكتوبر عام 1997 مع نادي بوكا جونيورز، الذي كان يدعمه دائماً. وقبل ذلك، تم إيقافه عن اللعب لمدة 15 شهراً بسبب تعاطيه المواد المخدرة. ومن أجل تجنب المزيد من الإيقاف، أعلن مارادونا اعتزال اللعب في نهاية الشهر، وهو يبلغ من العمر 37 عاماً، لينهي مسيرته الكروية المليئة بالسحر والإبداع والفضائح والتهور.

مارادونا مدرب الأرجنتين

عُين مارادونا مدرباً لمنتخب الأرجنتين في أكتوبر 2008، ليتحقق حلم أسطورة كرة القدم، إلا أن هذا الحلم لم يكتمل، فقد عانى فريقه في نهائيات كأس العالم 2010، حيث خسر 4-0 أمام ألمانيا في ربع النهائي وتمت إقالته في النهاية. ومن ثم درب أندية في المكسيك وأماكن أخرى، لكنه لم يكن بنفس مستوى نجاح مسيرته الكروية.

مارادونا وصراعه مع المرض ثم وفاته

لقد أدى أسلوب حياة مارادونا إلى مشاكل صحية، بما في ذلك وزنه. أكثر من مرة تفادى الموت، إلى أن وفاته المنية وبعد أن خضع اللاعب السابق لجراحة طارئة لعلاج تجمع دموي على المخ، تعرض مارادونا لأزمة قلبية وتوفي عن عمر ناهز 60 عاماً.