تسببت الأزمة الاقتصادية في لبنان وتآكل المداخيل و في دفع قسم كبير من اللبنانيين إلى الإحجام عن شراء ملابس جديدة والعودة إلى ملابسهم القديمة.
ووسط الشارع الرئيسي لبلدة المنارة في منطقة البقاع الغربي الريفية بشرق لبنان، وفي غرفة جانبية من منزلها المتواضع، تنشغل الخياطة الخمسينية رباب أبو عامر في تصليح ثياب مستعملة.
وأكدت أبو عامر، التي بدت منهمكة في إصلاح مختلف أنواع الثياب، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أنها فرِحة بعودة الروح لمهنتها القديمة المتجددة بعد فترة سبات طويلة.
الأزمة الاقتصادية في لبنان
وأضافت أن تدهور الوضع الاقتصادي والعملة اللبنانية وتآكل المداخيل وتفشي البطالة والفقر وارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية دفعت قسمًا كبيرًا من اللبنانيين إلى أن يحجم عن شراء ملابس جديدة، والعودة إلى ملابسهم القديمة المكدسة في الخزائن.
ورأت أبو عامر أن مواكبة اللبنانيين لآخر صيحات الأزياء باتت من الماضي الجميل، وأن همّ الجميع في الظروف القاسية الحالية البحث عما يسترون به أجسادهم بأقلّ ما يمكن من تكلفة، مما أعاد إحياء مهنة الخياطة بعدما شارفت على الانقراض.
من جهته أعاد الستيني راشد علوان تأهيل محل خياطة صغير، كان قد هجره منذ عدة سنوات في وسط بلدة جب جنين في البقاع الغربي، وقال، لـ((شينخوا))، إن العشرات من المواطنين يقصدونه يوميًّا لإصلاح ملابس أفراد عائلاتهم الممزقة أو الضيقة.
بدء اختفاء الخياطة المحلية
وأضاف: “عاد التألق لآلة خياطتي القديمة، وأُنجز يوميًّا إصلاح حوالي 20 قطعة ثياب، ويتوزع العمل بين تقصير وتوسيع وترقيع وإدخال تعديلات على الملابس وإعادة تدويرها لتناسب فردًا آخر فى الأسرة”.
وقال “بدأ اختفاء الخياطة المحلية في أواخر تسعينيات القرن الماضي مع سيطرة استيراد الملابس الجاهزة والتقدم التقني الهائل بمصانع الملابس، لكن الفقر أنعش المهنة بعدما كنا فقدنا الأمل بإحيائها”.
وأكدت الخياطة دلال حمدان التي تعمل في محل صغير ببلدة الرفيد في البقاع الغربي، لـ((شينخوا))، أن المهنة كانت قد تلاشت أمام زحف الملابس الجاهزة المستوردة، لكن اليوم وبسبب التدهورالاقتصادي بات العمل في الخياطة يُدرّ مبلغًا مُجزيًا.
إعادة تدوير الملابس
وأشارت إلى أن عملها يشمل تقصير وترقيع الملابس الرجالية والنسائية، كما أنها تخيط الكمامات القماش التي يمكن غسلها وكيُّها وإعادة ارتدائها لفترات طويلة.
أما الخيّاطة زينب عماشة فقالت، لـ((شينخوا))، إنها تخصصت في تدوير فساتين الأعراس المستعملة وإدخال التعديلات المناسبة عليها، خصوصًا أن سعر فستان العرس باهظ التكلفة.
وأشارت إلى أن انعكاسات الأزمة الاقتصادية والمعيشية دمّرت الطبقة المتوسطة، فازداد عدد الفقراء مما أعاد إلى الواجهة من جديد مِهن الترميم والتصليح والتدوير؛ وبينها الخياطة.
يُذكر أن لبنان يعاني تدهورًا اقتصاديًّا ومعيشيًّا حادًّا في ظل أزمة مالية تتزامن مع شُحّ في العملة الأجنبية وانهيار الليرة اللبنانية مع وضع المصارف قيودًا على سحب الودائع.
وقد أدى هذا الوضع إلى إغلاق العديد من المؤسسات وتسريح عشرات الآلاف من العاملين وتصاعد البطالة وتراجع قدرات اللبنانيين الشرائية مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة تتجاوز 100%.
يشار إلى أن هذه المادة نقلًا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.