الأزاريطة.. من المعجم إلى روايات الأهالي

مها يونس : الأزاريطة واحدا من أرقى وأقدم أحياء الإسكندرية، ويقع في منتصف المحافظة بين محطة الرمل والشاطبي. اسم الحي بات أكثر شهرة خلال الأيام الماضية بعد واقعة العقار المائل الذي عُرف إعلاميا باسم "برج الأزاريطة المائل"، لكن الاسم الذي لا يعكس ترتيب حروفه أي كلمة عربية مألوفة، شغل البعض لمعرفة أصل

الأزاريطة.. من المعجم إلى روايات الأهالي
جريدة المال

المال - خاص

4:50 م, الجمعة, 2 يونيو 17

مها يونس :

الأزاريطة واحدا من أرقى وأقدم أحياء الإسكندرية، ويقع في منتصف المحافظة بين محطة الرمل والشاطبي.

اسم الحي بات أكثر شهرة خلال الأيام الماضية بعد واقعة العقار المائل الذي عُرف إعلاميا باسم “برج الأزاريطة المائل”، لكن الاسم الذي لا يعكس ترتيب حروفه أي كلمة عربية مألوفة، شغل البعض لمعرفة أصل التسمية أو سببها.

إيمان عيسى، إحدى مواطنات الأزاريطة قالت إن أصل الكلمة قد يعود إلى “ماذر ريتا  Mother Retta”، أي “الأم ريتا” وهي سيدة يونانية الجنسية كانت تقطن المنطقة وعرفت ببراعتها في حل مشكلات السكان النفسية والاجتماعية، فسمي الحي باسمها بعد وفاتها عرفانا لها، ثم تحولت الكلمة إلى أزاريطة بفعل تداول الكلمة عبر سنوات عديدة.

قصة عيسى ليست الوحيدة، فقصص أخرى حكاها الأهالي عن تحوير الاسم الذي كانت يشير في الأساس إلى مهندس يوناني كان وراء تخطيط المنطقة، أو عائلة يونانية سمي الحي باسمها لأنها كانت أول من يقطن المنطقة.

يوسف شاكر أحد السكان، قال إن أصل “الأزاريطة” يعود للغة أجنبية ويعني “منطقة المقابر” لأن المنطقة قديما كانت تحوي مقابر، وكانت أيضا قريبة من مقابر الشاطبي.

وأكد عالم أثري لـ “المال” أن منطقة الأزاريطة تحوي بالفعل الكثير من القبور القديمة أسفل شوارعها، بدءاً من منطقة الأزاريطة وحتى منطقة الشلالات بحي وسط، متوقعاً أن تعني “الأزاريطة” كلمة “قبور”، مشيراً إلى أن الكلمة ليست أثرية لذلك فهي غير موجودة في المعجم الأثري.

“المال” بحثت في معجم “فرج للعامية المصرية” الذي ألفه المهندس سامح فرج، والذي قال إن أصل كلمة “مزاريطة” هي كلمة “لازاريتو” بالإيطالية، وتعني المعزل، وتستخدم في إيطاليا بمعنى “مستشفى يُعزل فيه المرضى بالأمراض المُعدية” مثل الحميات والأمراض الجلدية.

 ووفقاً للمعجم فقد تم بناء مستشفى للأمراض المعدية في الإسكندرية على أيدي خبراء إيطاليين، وأطلقوا عليها اسم “لازاريتو” وتحور الاسم بعد ذلك لـ “الأزاريطة” وتُطلق على الحي بأكمله حالياً.

وبحثت “المال” في المعجم “الإيطالي – العربي” لتكتشف أن كلمة ” LAZARETTO” تُعني بالعربية “مستشفى الأمراض المُعدية”، الأمر الذي يرجح الرواية الأخيرة، بأن المستشفى التي بُنيت بالحي قديماً كان سبباً في إطلاق إسم “الأزاريطة” عليه، وهي ذات المستشفى الحالية المعروفة باسم المستشفى الأميري الجامعي.

مصادر أكاديمية أخرى قالت إن اسم المستشفى يعود لأصل فرنسي Lazarette، نسبة إلى أول محجر صحي تم بناؤه في فرنسا في جزيرة «سانت ماري دو نازاريه»، ولفظ لازاريت (Lazarette) أصله لاتيني، ومعناه (Ladre)، أي الأبرص أو المجزوم، حيث كانت الدول الرومانية تبالغ في الحجر على المجذومين، فكانوا يضعوهم في الحجر طوال حياتهم، ومن ذلك اللفظ اشتقت كلمة (الأزاريطة).

وكان حي الأزاريطة يُعرف بسكانه من الجاليات المختلفة، وبالأخص اليونانيين الذين كانوا يمثلون غالبية السكان، واشتغلوا بالتجارة والبقالة، حيث يوجد المربع اليوناني بالحي الذي يضم المدرسة اليونانية، والملجأ اليوناني “مانا”، المتواجد حتى الآن.

ودائماً ما كانت الجالية تجتمع بمقر النادي اليوناني الذي يقع على ناصية شارع “سوتر”، وعندما هجر اليونانيون الإسكندرية عقب ثورة يوليو 1952، تحولت محالهم إلى ورش للحرفيين، وورش قطع غيار السيارات وخاصة في الجزء الجنوبي منها باتجاه شريط ترام الرمل والشلالات، أما الجزء الشمالي منها هو الجزء الراقى المطل على شاطىء بحر السلسلة.

يُشار إلى أن تاريخ إنشاء منطقة الأزاريطة يرجع إلى فترة حكم ” محمد علي باشا ” حاكم مصر الذي أراد النهوض بمدينة الإسكندرية فأنشأ بها مجلس صحي، إلا أنه وبعد انتشار مرض الكوليرا فكر في إدخال نظام الحجر الصحي المعمول به في أوروبا فجمع قناصل الدول وشكل منهم لجنة وأصدر بعدها قرار إنشاء أول محجر صحي يقع بجانب الميناء الشرقي الذي يرسو به سفن الجاليات الأوروبية والأجنبية.

جريدة المال

المال - خاص

4:50 م, الجمعة, 2 يونيو 17