تباينت ردود أفعال المشاركين فى اللقاء الذى عقده الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط والتعاون الدولى مع ممثلى بعض الأحزاب السياسية لبحث آليات تحقيق العدالة الاجتماعية فى خطة الحكومة للعام المالى الجديد 2013-2014، حيث يرى البعض أن الخطة لا يمكن أن تحقق المبادئ الرئيسية للعدالة الاجتماعية، فيما يرى البعض الآخر أن الحكومة يعيبها عدم القدرة على التواصل مع مؤسسات المجتمع المدنى لمساعدتها على تحقيق استراتيجتها.
قالت الدكتورة سحر الطويلة، رئيس مركز العقد الاجتماعى بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، المشرفة على محور العدالة الاجتماعية فى الخطة التنموية للعام المالى المقبل 2013-2014، إنها نظمت حتى الآن 11 ورشة عمل لمناقشة الاحتياجات اللازمة لدى عدد من قطاعات الاقتصاد المصرى للوصول إلى مفهوم حقيقى للعدالة الاجتماعية الواجب ضمانها فى الخطة المقبلة.
وأوضحت أن مخرجات ورؤى العمل المسجلة جميعها بالصوت والصورة فى اكثر من 60 ساعة اجتماعات، تلخصت بعدد من التقارير القطاعية تمس 8 قطاعات اجتماعية لما يحقق رؤيتهم ومقترحاتهم لمنظور العدالة الاجتماعية اللازمة لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة على مدار السنوات المقبلة.
وأكدت سحر الطويلة أنه لا يمكن لفصيل واحد فى الشعب المصرى الانفراد بتحقيق تلك المطالب والمقترحات التى تبلورت فى عدد من المبادرات التى وضعناها أمام وزير التخطيط والتعاون الدولى ليقوم بدوره فى التنسيق الكامل بين الحكومة والقطاع الخاص من جانب والمجتمع المدنى بمنظماته ومؤسساته وكياناته من جانب آخر.
سحر الطويلة: هناك تخوفات من بعض القوانين التى لا توجد لها أطر تشريعية حقيقية
وقالت إن هناك تخوفات من بعض القوانين التى لا توجد لها أطر تشريعية حقيقية ولا يمكن تنفيذها على ارض الواقع، ومن المفترض انها تحقق قدراً من العدالة الاجتماعية أو تساعد على الوصول إلى الوضع الأمثل مثل قانون التأمين الصحى الكامل.
ولفتت إلى ضرورة توفير بيانات ومعلومات فى شكل خرائط «GIS» لتوضيح المتاح على ارض الواقع فى القطاعات المطلوب العمل عليها وما تم إنجازه وما المراد تحقيقه للعمل على تنفيذه فى اسرع وقت ممكن، موضحة أن الوضع الحالى لا يتحمل العمل وفقاً لنظريات فلسفية ويجب اتخاذ إجراءات حقيقية على أرض الواقع، على أن يحدث اتفاق حقيقى بين مختلف القوى السياسية الفاعلة بشأن تلك الإجراءات.
وشددت سحر على ضرورة تمكين الجمعيات الأهلية من المشاركة فى تحقيق العدالة الاجتماعية باعتبارها من أكثر الكيانات المنتشرة فى جميع أنحاء الجمهورية، فضلاً عن توافر إرادة سياسية حقيقية للمشروعات التى تم الإعلان عنها فى خطة الموازنة العامة الجديدة.
وقالت إن الحكومة عليها وضع ضمانات لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال المساءلة ومكافحة الفساد، خاصة فيما يتعلق بالإعلان عن المناقصات والشركات الفائزة بها، وكذلك مواعيد الانتهاء من هذه المشروعات حتى نتمكن من الوصول إلى الحوكمة فى الخطة الحكومية.
ولفتت إلى أن الحكومة مطالبة أيضاً بالعمل على تثبيت معدلات الفقر من خلال إجراءات أكثر فاعلية، مشيرة إلى أن الآليات المدرجة حالياً قد لا تؤدى إلى خفض الفقر المتفشى فى مختلف أنحاء الجمهورية.
وشددت رئيس مركز العقد الاجتماعى بمجلس الوزراء على أهمية تفعيل دور جهازى حماية المستهلك ومنع الممارسات الاحتكارية من خلال إعادة النظر فى القوانين المنظمة لعمل الجهازين بما يساعد على الحد من تفاقم معدلات التضخم.
عدم وجود سياسات واضحة فى الخطة الجديدة لمكافحة التسرب فى التعليم الأساسى
وانتقدت عدم وجود سياسات واضحة فى الخطة الجديدة لمكافحة التسرب فى التعليم الأساسى، خاصة فى المناطق العشوائية والريف بسبب تردى الوضع الاقتصادى للأسر الموجودة بتلك المناطق، مطالبة الحكومة بتبنى سياسات من شأنها تحسين مستوى المعيشة لجميع الطبقات بما يساعد على تحقيق رضا المواطنين، خاصة أن الشعب المصرى وصل إلى درجة عالية من الغضب خلال الفترة الماضية.
وقال رامى لكح، عضو مجلس الشورى، رئيس حزب «مصرنا»، خلال جلسة الحوار المجتمعى، إن أحد اهم اسباب غياب العدالة الاجتماعية هو ارتفاع الدين الداخلى والخارجى وأعبائه التى وصلت إلى ما يزيد على ربع الموازنة العامة للدولة، مشيراً إلى أن استمرار زيادة الدين العام وتوسع الحكومة فى اصدار سندات واذون الخزانة وما تبعه من زيادة أسعار الفائدة عليها لإغراء البنوك لتوجيه اموال المودعين لتمويل العجز الحكومى ساهمت فى تراجع البنوك عن دورها فى إقراض المستثمرين أو رفع سعر الفائدة على القروض الموجهة للاستثمار، وهو ما أدى إلى رفع تكلفة التمويل، وبالتالى عزوف المستثمرين عن التوسع فى أعمالهم، أو خلق فرص عمل جديدة.
رامى لكح: الدين المتراكم من النظام السابق سببه التوسع فى الاقتراض
وأوضح لكح أن الدين المتراكم من النظام السابق سببه التوسع فى الاقتراض لتمويل إنشاء البنية التحتية ومد الطرق لمناطق مثل مارينا والساحل الشمالى والقاهرة الجديدة والطريق الصحراوى وهو ما استفاد منه 100 ألف شخص من جموع الشعب المصرى لا أكثر، وبالتالى يجب أن يتحملوا تكلفته وليس الكادحين من أبناء الشعب.
وكشف لكح لوزير التخطيط أن من ضمن غياب العدالة الاجتماعية التى نرجو الحكومة أن تكون على رأس أولوياتها خلال الخطة الجديدة، عدم اتخاذ اجراءات فى عمليات تخصيص أراض بلغت نحو 120 ألف فدان بنحو 50 جنيهاً فقط للفدان كاملة المرافق، لافتاً إلى أن التخصيصات تمت على نحو 75 ألف فدان فى القاهرة الجديدة، و30 ألف فدان على طريق مصر – اسماعيلية الصحراوى، والباقى فى مناطق شرم الشيخ والغردقة والساحل الشمالى، وهناك 200 ألف فدان اخرى تم تخصيصها لنحو 100 ألف شخص بمساحات متفاوتة فى المدن الجديدة رغم أن السعر التجارى للمتر يبلغ ما بين 20 و30 ألف جنيه فى الوقت الذى لم يتم دفع ولو جزءاً بسيطاً من قيمة هذا المبلغ.
وأشار إلى انه لو فرضت الدولة 1000 جنيه ضريبة على المتر فى هذه المناطق وفق التسويات التى تقوم بها فانه سيوفر على الدولة 800 مليار جنيه تستطيع بها سداد جزء من مديونياتها وعدم الاقتراض من الخارج.
واوضح اننا نستورد ما يقرب من 10 آلاف سيارة فارهة سنوياً تصل قيمتها إلى نحو 2.3 مليار دولار يمكننا ايقاف هذا النوع من السيارات التى يتم استيرادها لصالح عدد قليل من الافراد فى المجتمع وتستنفد موارد الشعب المصرى، كما أن فاتورة استيراد الهواتف المحمولة بلغت 3.7 مليار دولار وهو ايضا رقم كبير للغاية يمكن تقليصه من خلال فرض جمارك مرتفعة عليها ومجموعهما يوازى ما تستورده مصر من القمح سنوياً.
فرج عبد الفتاح: تكلفة خلق فرصة عمل جديدة كبيرة للغاية
ومن جانبه قال فرج عبد الفتاح، ممثل حزب التجمع، إن تكلفة خلق فرصة عمل جديدة كبيرة للغاية نظرا لان مصر ما زالت ضمن قائمة البلدان النامية، حيث إنه لتوفير 200 ألف فرصة عمل تحتاج إلى استثمارات تقدر بنحو 16 مليار جنيه، لافتاً إلى ضرورة أن تقوم الدولة بالاستثمار بنفسها من خلال ضخ المزيد من الاموال فى شركات القطاع العام حتى تستطيع المنافسة بقوة، شريطة خلق ادارة قادرة على اتخاذ الاجراءات المطلوبة فى الوقت اللازم مع مراعاة حقوق الشعب وعدم اهدارها.
من جانبها قالت مى عبدالحليم، عضو اللجنة العليا بحزب غد الثورة والمستشار الاقتصادى للحزب أن الحديث عن العدالة الاجتماعية يمثل ثلث مطالب الثورة المصرية التى ساهمت فيما نحن فيه الان ويجب علينا أن نعطيها قدرها، واعتبارها محوراً ضمن 7 محاور تتم مناقشتها مجتمعيا للوصول إلى خطة تنموية خلال العام المقبل يعد اهداراً لجزء كبير مما تستحقه.
وأشارت إلى أن غياب آليات وطرق التنفيذ هو ما يعيب اى خطة يتم وضعها من جانب اى حكومة، وهو ما تفتقده العديد من لقاءات الحكومة، ولابد أن نناقش طرق وآليات التنفيذ، وليس الاهداف المرجوة.
وأوضحت أن تكلفة انتاج فرصة عمل جديدة فى السوق كبيرة فى الوقت الذى لو أحيت فيه الحكومة فرصة العمل المتوقفة ستكون تكلفتها اقل بكثير، حيث إن هناك ما يزيد على 1300 مصنع توقف منذ الثورة واعادة تشغيلها لن تتطلب الكثير، بالإضافة إلى سرعة الحصول على الانتاج بشكل مباشر منها.
وقالت إن نسبة 10% التى أعلنت الحكومة عن تخصيصها لصالح برامج العدالة الاجتماعية لا تكفى لحل الأزمات الموجودة حالياً فى مصر، مشددة على ضرروة التوسع فى إتاحة التمويل اللازم لصالح المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ومن جانبه طالب حسن القلا، الذى حضر ممثلاً عن حزب مصر الحكومة الحالية بالتوسع فى وضع سياسات تنموية تساهم فى زيادة التشغيل فضلاً عن منح الشركات الحالية امتيازاً يمكنها من ضخ استثمارات جديدة تساهم فى توفير فرص عمل.
حسن القلا يحذر من الاتجاه نحو فرض مزيد من الضرائب التصاعدية
وحذر القلا من الاتجاه نحو فرض مزيد من الضرائب التصاعدية كاستجابة للدعوات التى رفعها البعض خلال الفترة القليلة الماضية واصفا بأنها لا تتجاوز كونها المزايدة السياسية، متعجباً من إصرار الحكومة على وضع برنامج يستهدف فى الأساس الجباية من المواطنين فى حين أن الجهاز الإدارى لوحده يلتهم اكثر من 172 مليار جنيه سنوياً.
وقال الدكتور أيمن رفعت محجوب، الاستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إن الحكومة عليها أن تنتقل بالمواطن من حد الكفاف إلى حد الكفاية كمعيار رئيسى لتحقيق العدالة الاجتماعية، مشيراً إلى أن الضريبة التصاعدية حق اجتماعى ولكن الأهم اختيار الوقت المناسب لتطبيقها.
وشدد محجوب على أهمية إعادة النظر فى سياسات الدعم بحيث يكون موجهاً أكثر لدعم المنتج وليس المستهلك على غرار ما يتم فى الوقت الحالى.
فيما انتقد عمر عبد الله، مستشار وزير التربية والتعليم السياسات التى تعمل عليها الحكومة فى الوقت الحالى معتبرها تسبب زيادة التضخم فى مصر، منها على سبيل المثال المزاد الأخير الذى أعلنت عنه وزارة الاسكان فى منطقة مصر الجديدة مشيراً إلى أن الأسعار جاءت مبالغاً فيها نظراً لمحدوية المساحات المطروحة.
وتساءل عن دور قطاع الأعمال العام فى التشغيل، وضخ استثمارات جديدة، مطالباً بتفعيل دور بعض الشركات مثل الحديد والصلب والنصر للسيارات والنيل للأدوية وكذلك شركة ممفيس للأدوية إلى جانب شركات الغزل والنسيج فضلاً عن دور الهيئة العربية للتصنيع.
وانتقد عبد الله فرض الحكومة ضرائب على الحديد والصلب والأسمنت التى تمس محدودى الدخل من الدرجة الأولى، مشيراً إلى أهمية تفعيل آلية الوقف والزكاة باعتبارهما من الآليات الرئيسية لتعبئة المدخرات، وأن مصر يمكنها أن تجمع أكثر من 18 مليار جنيه سنوياً من هذه الآليات.
محمد جودة يطالب بالعمل على توسيع آليات العدالة الاجتماعية بحيث تعطى أولية أكثر للمناطق الريفية
قال محمد جودة، المتحدث باسم اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إن الخطة الجديدة التى أعلنت عنها الحكومة جيدة ولكن لن تحقق العدالة الاجتماعية التى نادت بها ثورة 25 يناير، مطالباً بالعمل على توسيع آليات العدالة الاجتماعية بحيث تعطى أولية أكثر للمناطق الريفية التى تعانى من غياب الخدمات العامة مثل التعليم والمرافق والخدمات الصحية.
ويرى جودة أن التحول للدعم النقدى فيما يتعلق بالتغذية فى المدراس قد يكون أكثر جدوى من النظام الحالى الذى يشوبه وقائع فساد من العاملين عليه، وأن الجهاز الإدارى للدولة لا بد أن يُعاد النظر فيه بحيث يكون أكثر قدرة على تنفيذ الخطط التى أعلنت عنها الحكومة.
وأكد يحيى أبو الوفا، رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الوسط، أن الحكومة مطالبة بتطبيق الضريبة التصاعدية على الدخل، وليس على الشركات بحيث تتحمل الفئات الأكثر غنى أعباء الطبقات الفقيرة، مشيراً إلى أن الحزب انتهى من إعداد مشروع قانون جديد للضرائب على الدخل تمهيداً لعرضه على مجلس الشورى لإقراره.
وطالب من وزير التخطيط والتعاون الدولى الحصول على الاتفاق المبدئى الذى سيتم توقيعه مع الصندوق بهدف الوقوف على الملامح الرئيسية لشروط القرض قبل التوقيع على الاتفاق النهائى.
وقال ممثل حزب النور فى المؤتمر، إن الحكومة مطالبة بتفعيل دور شركات قطاع الأعمال العام فى تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إتاحة الفرصة للشباب فى تشغيل المجمعات الاستهلاكية على سبيل المثال.
وأشار إلى ضرورة العمل على تنشيط السياحة، باعتبارها من الموارد الرئيسية لتوفير العملة الأجنبية فى الوقت الحالى من خلال العمل على وضع استراتيجية شاملة مع وزارات الآثار والطيران المدنى.
وتساءل جمال سمك، ممثل حزب البناء والتنمية فى اللقاء عن تجاهل الحكومة لدور المؤسسات الدينية مثل الأزهر والكنيسة فى وضع برامج العدالة الاجتماعية باعتبارها من أكثر المؤسسات القادرة على إقناع الأفراد بأهمية تلك السياسات.
وقال سمك إن الحكومة عليها أن تكون أكثر تواصلاً مع الشارع المصرى للإعلان عن الخطط التى تتبناها بحيث يكون الداعم الحقيقى لتنفيذ تلك الخطط وتقييمها بشكل فعال.