Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

الأتوبيس النهري "يغرق" فى الإهمال

الأتوبيس النهري "يغرق" فى الإهمال

الأتوبيس النهري "يغرق" فى الإهمال
جريدة المال

المال - خاص

10:38 ص, الأثنين, 25 مايو 15

ركاب: بطىء ومزعج.. وآخرون: لابد من زيادة إجراءات الأمان
سائق: 42 مركبة لا يعمل منها سوى 2

آية رمزى ودعاء محمود 

للوهلة الأولى تعتقد أنه مهجور منذ زمن بعيد.. خاصة مع توارِى العاملين بالمحطة عن الأنظار، ثم تُفاجأ برواده يجلسون على الكراسى فى انتظار قدومه يحمل ركابًا آخرين، ما إن يفرغ منهم حتى يمتلئ بهم، لتبدأ رحلة الانتظار ربع ساعة أخرى، فى محاولة لجذب المزيد من الركاب.

مؤخرًا أعلنت محافظة القاهرة عن اللجوء لتطوير «الأتوبيس النهرى»؛ لتخفيف حدّة الزحام المرورى الذى بات يخنق شوارع العاصمة، حيث إن المرفق يتبع هيئة النقل العام التى تتبع بدورها محافظة القاهرة، فضلا عن عرض الحكومة، ممثلة فى وزارة المالية عبر وحدة الشراكة مع القطاع الخاص، فى المؤتمر الاقتصادى «مصر المستقبل» مشروعًا لتطوير منظومة النقل النهرى، مما قد يزيد عدد محطاته من 16 إلى 28.

«المال» استقلّت رحلتين من رحلات الأتوبيس، من محطة ماسبيرو إلى محطة كوبرى جامعة القاهرة، وهو المسار الأشهر والأوحد الذى تم تقليصه من 4 محطات «ماسبيرو– كوبرى الجامعة– الروضة- مصر القديمة»، إلى اثنتين فقط، ورحلة أخرى من ماسبيرو إلى القناطر؛ للوقوف على أحوال الأتوبيسات الحالية، وطبيعة الشريحة التى تستقلُّها.

«الأتوبيسات الحالية لم تشهد أى تجديد منذ ما يزيد على 30 عامًا، والأتوبيسات الموجودة حاليًا لا يعمل منها سوى 2 فقط، من أصل 42 أتوبيسًا، والباقى يعانى من أعطال»، هكذا لخّص أحد السائقين، الذى رفض ذكر اسمه خوفًا من التعسّف ضدّه.

يستنكر سائق الأتوبيس، الذى ضاق ذرعًا بالمسئولين عنه، عدم دعم هيئة النقل العام لخط ماسبيرو- كوبرى الجامعة، حتى يستكمل رحلته إلى مصر القديمة، لافتًا إلى أنه من المفترض أن تقوم الهيئة كل خمس سنوات بإعادة تأهيل عدد من الأتوبيسات، لكنها لا تقوم بذلك فعليًّا على حد قوله، مستطردًا «لم تتجدد الأتوبيسات منذ عام 80 ولا مرَّة حتى الآن».

يقول السائق إن هيئة النقل العام، التابعة لمحافظة القاهرة، تحصل على دعم سنوى من المحافظة، يبلغ حوالى 26 مليون جنيه لتطوير الأتوبيس، وهو ما لا يتم بالفعل، ويتساءل السائق عن السبب وراء إهمال هذا المرفق، رغم اهتمام «النقل العام» مؤخرًا بتجديد أسطول الأتوبيسات البرية الأخرى.

يفجر السائق المفاجأة الأخطر على حياة مستقلِّى الأتوبيس المحدودين، ويقول: «المفروض فى كل محطة من محطات الأتوبيس نظارًا ومفتشين، يسجلوا رقم الرحلة اللى انطلقت واسم السواق وموعد انطلاق الرحلة، وموعد الرجوع، وده مش موجود، يعنى لو أى حاجة حصلت للأتوبيس محدش هيعرف إحنا فين، وفى النهاية لو حصلت أى حاجة للأتوبيس أنا المسئول».

وعن إجراءات الأمان المتوفّرة داخل الأتوبيس، يشرح السائق كيف أن تصميم الأتوبيس النهرى ووجود ما يشبه الحصيرة المعدنية فى أرضيته، يحول دون غرقه، لافتًا فى الوقت نفسه إلى أن الأتوبيس لم يشهد سوى حالة غرق واحدة منذ 10 سنوات؛ بسبب تعطّل إحدى ماكيناته، مما سمح بدخول المياه إليه وغرقه.

وبسؤاله عن إمكانية حدوث ذلك لأى أتوبيس آخر، قال إنهم يعملون على إصلاحها بأنفسهم أولا بأول، ويفعلون ما يَحول دون ذلك.

انطلقت الرحلة إلى كوبرى الجامعة بعد ما يقرب من ربع الساعة، لانتظار المزيد من الركاب، وما بين مستمتع ولا مُبالٍ يتصاعد عادم الأتوبيس، الذى لا مفرَّ من استنشاقه، مصاحبًا بصوت يشبه ماكينة الحرث الزراعى، الذى يجعل من الصعب سماع مَن بجوارك.

«أكتر حاجة مُزعجة فى الأتوبيس صوته، بسبب المكن القديم، بالإضافة لعدم نضافته، وبطء حركته». يقول أحد الركاب محمد عادل، عامل 43 نظافة بالسكة الحديد، عند سؤاله عن رأيه فى الأتوبيس النهري، مطالبًا أيضًا بزيادة عدد المحطات، وتوصيله بشبرا الخيمة والمظلات؛ حتى يتاح له أن يستخدمه فى الذهاب لأى مكان، بعيدًا عن زحام الطرق.

ويشير عادل إلى أنه من الصعب الاعتماد على الأتوبيس النهرى كوسيلة مواصلات رئيسية، لتلك الأسباب، بالإضافة إلى عدم وجود ألواح زجاج على شبابيكه، وهو ما لا يلائم أجواء الشتاء، ويعرِّض حياة الأطفال للخطر.

ورغم قرب عمل عبد الرحمن، أحد الركاب، من محطة ماسبيرو، حيث إنه يعمل مهندس ديكور بمبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون، فإنه لا يفكر فى الاعتماد عليه فى الذهاب لعمله؛ نظرًا لأنه يسكن بالمنيب، قائلا «لو كانت المراسى ممتدة لكل المناطق المتاح بها إنشاء محطات نهرية على مستوى الجمهورية، كان يمكن الاعتماد عليه فى الذهاب للعمل».

ولفت إلى أن طول فترة انتظار الأتوبيس أيضاً من الأسباب التى قد تحول بينه وبين الاعتماد عليه فى الذهاب لعمله، فمن الممكن أن ينتظر الأتوبيس حوالى نصف ساعة  ليصل «مشوار» لا يتعدى وقته ربع ساعة فقط!

القمامة تنتشر على أرضية الأتوبيس، كأنها جزء طبيعى من المشهد، شريحة ركاب الأتوبيس لا تحمل فئة واحدة من الشباب أو الكِبار، سوى أن جميعهم بسطاء جاء استخدامهم للأتوبيس لصدفة وقوع مشوارهم فى نطاق محطتيه الوحيدتين.

أما المعالم التى يمر بها الأتوبيس النهرى على ضفاف النيل، والتى تأخذ الفنادق الضخمة النصيب الأوفى منها، فيشير إليها «أميرة وبسمة» اللتان لم يتعد عُمرهما 25 عامًا، تركبان الأتوبيس الأول «للفسحة فقط» على حد قولهما، فهو قليل التكلفة، جنيه واحد فقط».

وهما لا تقتنعان بإمكانية اعتمادهما عليه كوسيلة مواصلات، بعيدًا عن زحام شوارع القاهرة، فهو بالنسبة لهما «للفسحة أفضل منه وسيلة مواصلات»، كما أنهما لا تأمنان خطر اصطدامه بأحد المراكب، أو تعرُّضه لحادث ما.

وبغرض الترفيه أيضًا يركب عادل أبو طالب، موظف بمطار القاهرة، الأتوبيس، مستصحبًا زوجته وطفله الصغير، يقول: «من فترة لأخرى بنركبه للفسحة بس، مش للمواصلات».

وعن إمكانية اعتماده عليه للذهاب إلى العمل، يقول إنه من الممكن أن يحدث ذلك إذا توفرت إجراءات الأمان الأساسية، بالإضافة إلى مد أوقات تشغيله لفترات أطول، وأن يكون أسرع مما هو عليه الآن، فضلا عن تجديده، مشيرًا إلى أنه لم يتغير منذ أن كان يركبه للفسحة أيضًا منذ سنوات.

ويضيف أبو طالب أنه فى حين توافرت تلك الإجراءات بالأتوبيس النهرى، سيكون توافد المواطنين عليه أكبر، حيث إنه «مريح ومهدئ للأعصاب». 

يصل الأتوبيس بعد حوالى 20 دقيقة من انطلاقه إلى محطة كوبرى الجامعة، ليجد ما لا يتعدى 20 راكبًا آخرين ينتظرون، يقف تقريبًا نفس المدة ثم يعود إلى «ماسبيرو».

ولا تَستخدم كل من «هاجر- فاطمة- نورا» الأتوبيس كوسيلة مواصلات، رغم قربه من جامعتهم، فقد اتخذوه للترفيه فقط، قائلين «إحنا لو مشينا الحتة اللى بيوصلها لنا هنوصل أسرع».

تختلف الرحلة من ماسبيرو إلى القناطر، فى أن معظم الركاب يستخدمونه كوسيلة مواصلات وليس ترفيهًا فقط، بعد يوم شاق فى العمل، سيكون محببًا للبعض الاستمتاع بالسير فى منتصف النيل ساعة كاملة.

كان ركاب خط القناطر ما بين نائم ومتفرج وسارح، ومسترخٍ، إذ يعم الصمت التام بعيدًا عن فوضى الضوضاء بالخارج. 

محطة الأتوبيس النهرى أغلقت عند وصولنا والساعة تقارب الخامسة والنصف، ليعلن سائق الأتوبيس عدم عودته مرة أخرى إلى ماسبيرو، ويفرغ من الركاب عائدًا وحده.

على بُعد أمتار من محطة ماسبيرو، ستجد محطة لأتوبيس ألوانه مشابهة، لكنه أكثر بهجة، تتزين بوابته برسوم فرعونية كُتب فوقها «الأتوبيس النهرى السياحى»، تذكرته تصل إلى 6 جنيهات، مقابل رحلة نيلية مدتها ساعة.

الأتوبيس مكوّن من طابقين، أحدهما مفتوح، بخلاف الأتوبيس العادى المكوّن من طابق واحد، كل شىء به أكثر جودة على استحياء من الأتوبيس العادى، بدءًا من الكراسى «الجِلد» المتواجدة بالطابق الأول رغم قِدم هيئتها نسبيًّا، مرورًا بمشروع بيع المسلِّيات الذى يضع صاحبه بضاعته على إحدى كراسى الدور الثانى.

أغلب ركاب الأتوبيس السياحى من الشباب الذين لم يتعد عددهم 15 راكبًا فى الأتوبيس الضخم الذى قد يتسع لحوالى 100 فرد

جريدة المال

المال - خاص

10:38 ص, الأثنين, 25 مايو 15