تحذيرات متكررة، وإحصائيات غير رسمية تتحدث عن الآلاف من ضحايا الأدوية المغشوشة فى مصر، وتقارير رسمية تؤكد وجود عشرات منها، بلغت فى عام 2022 ما يزيد على 40 صنفًا، أغلبها لعلاجات أمراض مزمنة.
ويتفاوت حجم تجارة الأدوية المغشوشة من بلد لآخر، ومن منطقة لأخرى، وفى مصر تعتبر من المشكلات الكبرى التى تواجه القطاع الصحى، وتؤثر على سلامة المرضى والمستهلكين، لكن يبقى السؤال من أين تأتى الخامات المستخدمة فى صناعة هذه الأصناف، وطريقة تصنيعها وكيفية وصولها للصيدليات، وما حجم هذه التجارة غير المشروعة؟
سماسرة لتهريب خامات الأدوية من الموانئ
حين طالبت بإلحاح صديق لى -يعمل فى مجال الاستيراد- لإيجاد طريقة مأمونة لاستيراد خامات أدوية من الصين، كان رده “لا أعرف أحدا، لكن أمهلنى بعضًا من الوقت لأعرف من يعمل فى هذا النشاط، وسأعود إليك مره أخرى”.
لم يمر كثير حتى أرسل لى هاتف شخص، وطالبنى بأن أبلغه أننى حصلت على رقم الهاتف من شخص يدعى “عمار” (اسم مستعار) حتى يطمئن ويتحدث بأريحية، وبالفعل هاتفته، وأبديت له رغبتى فى تهريب خامات لأدوية من الصين، لكننى أخشى من ضبطها فى الجمارك، خاصة أن الفترة الأخيرة تشهد رقابة صارمة.
“مصطفى” (اسم مستعار) هو السمسار الذى تواصلت معه، سألنى “أنت معاك الظبطة”، قلت له ماذا تقصد بالظبطة؟ فرد “يعنى معاك شركات بتستورد ومتفق معاها على وضع الكميات التى ترغب فى تهريبها داخل بضائعها، ومعاك ظبطة مع مستخلص جمركى ولا لا”، فقلت له هذه أول مرة أحاول فيها جلب خامات من الخارج ولا أعرف أحدا.
“لا تقلق، حظك إن شاء الله كويس، فى شركات يمتلكها أصدقاء لى ولديهم مكاتب فى الصين، تعمل فى نشاط استيراد “الأقمشة، والإستانلس، والمواد الكيميائية” لكن يجب أن تجلس معهم للاتفاق على تكاليف هذه العملية، وطريقة سداد الأموال.
أظهرت للمهرب عدم قدرتى على التواصل مع شركات أو تجار فى الصين لشراء هذه الخامات، ومن ثم توصيلها للشركة التى ستقوم بشحنها إلى مصر، فطالبنى باللقاء للحديث فى كل التفاصيل.
فى حى الغلابة ومتنزه الأثرياء “المكس” بالإسكندرية، التقيت المهرب وبرفقته شخصين على أحد المقاهى الشعبية، عرفنى أنهم أصحاب شركات استيراد من الصين، وطالبنى بالحديث عن كل التفاصيل، للوصول إلى اتفاق واضح.
كان اللقاء مشوبًا بالحذر، فما إن هممت بالحديث، حتى طالب أحدهم بأن يغلق الجميع هاتفه المحمول، بعدها استطردت، مبديًا عجزى عن معرفة طرق الحصول على الخامات من الصين أو كيفية دخولها لمصر، كما أننى أخشى من ضبط هذه الخامات فى الموانئ.
“أبو سيف” (اسم مستعار) رجل أربعينى، يبدو من حديثه وإنصات الحضور له، أنه هو من يملك زمام الأمور، قال” إحنا ممكن نشيل الليلة كلها، هنشتريلك الخامات من الصين، وهندخلهالك فى وسط البضاعة، وهنظبط مع ناس تبعنا فى الجمرك، وتستلم مننا بره الميناء، وكله بحسابه”.
سألته ما المبلغ المطلوب نظير هذه العملية، فعلق ضاحكًا “إحنا مش بنشتغل بالجنيه المصرى، وكل خطوة من الخطوات اللى قولتها هيكون عليها فلوس أكيد، لأننى مش لوحدى ومعايا ناس تانية لازم ترزق، الأول ابعتلى اسم الخام اللى أنت محتاجه علشان نعرف سعره، كمان الوزن قد إيه، لأنه ثمن سيدفع مقدما”.
واستكمل، “أما “العمولة” المطلوبة فستكون فى حدود 2000 دولار “ما يعادل 65 ألف جنيه”، ستدفع نصفها بعد إتمام عملية الشراء من الصين، والمتبقى عند التسليم، أظهرت له قلقى من ضبط الخامات وأنا لا يمكننى أن أتحمل كل هذا المبلغ، لأننى سأقترضه من أحد أصدقائى، فرد “يا باشا احنا مش هناخد منك فلوس حرام، ولو عارف إنى مش هعرف أدخلك شغلك مش هقعد معاك، والبضاعة بتاعتك هتدخل فى (حاويات) لا يتم تفتيشها”.
فى اليوم التالى، أرسل لى “مصطفى” رسالة صوتية ليؤكد أن عمولته منفصلة عن الاتفاق الذى توصلت إليه، وأنه يستحق الحصول على 600 دولار بعد أن أوصلنى لـ”أبو سيف”، فقولت حقك محفوظ، لكنى أعمل على تدبير المال، وفى اللقاء المقبل سأدفع لك، لكن ليس 600 دولار، عليك أن تقف معى فأنا ما زلت فى بداية المشوار، لينهى حديثه بجملة لن نختلف”.
“المسار الأخضر”.. قائمة لشركات لا تخضع لعمليات تفتيش داخل الموانئ
خلال الاتفاق مع المهرب (أبو سيف)، وإظهار قدرته على تهريب الخامات داخل واحدة من الحاويات التى لا تخضع للتفتيش، استوقفنى الأمر، هل يسمح لحاويات أن تدخل البلاد دون إخضاعها للتفتيش، وما الشركات التى تحصل على هذا التسهيل؟
تواصلنا مع عدد من العاملين فى الموانئ المصرية، للوقوف على حقيقة وجود شركات استيراد يسمح لها بدخول البضائع دون إخضاعها للتفتيش، فكان الرد قاطعًا؛ نعم هناك قائمة تضم أكثر من 240 شركة لا تخضع شحناتها لعمليات التفتيش، بحكم أن هذه الشركات لديها سمعة جيدة، ولم تسجل الموانئ عليها أى ملاحظات خلال السنوات الماضية.
القوائم التى تشمل هذه الشركات، حصلت “المال” على قائمة بها، يطلق عليها عدد من الأسماء ففى موانئ الإسكندرية يطلق عليها الفاعل الاقتصادى، وفى ميناء السويس يطلق عليها المسار الأخضر، وفى باقى الموانئ يطلق عليها القائمة البيضاء، وجميعها تدفع الرسوم الجمركية بعد احتسابها من واقع أوراق الاستيراد.
وبالبحث عن القوائم البيضاء أو المسار الأخضر، تبين أن هذا النظام كان معمولا به فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وتم إلغاؤه فى العام 2012، بحجة وجود أعطال فى أجهزة الفحص بالأشعة، حتى أعادت الحكومة العمل به فى نوفمبر 2019، ليُعلن عن قائمة تضم 75 شركة تتمتع بمزايا هذا النظام والمتعارف عليه باسم “السيل الجمركي”.
وفى أبريل 2021، بلغ عدد الشركات التى تخضع لنظام المسار الأخضر 189 شركة، وفى أكتوبر 2022 تمت الموافقة على إدراج 11 شركة أخرى ضمن القائمة، وفى يناير من العام الحالى تم إدرج ما يقرب من 26 شركة أخرى.
وتشمل القائمة البيضاء شركات عاملة فى مجالات “الدهانات – الغزل والنسيج – الأدوية والمعدات الطبية – الأسمنت – الإلكترونيات – البترول – البلاستيك – المستلزمات البيطرية – السيارات – السلع الغذائية – الزراعة” علاوة على أنشطة أخرى”.
وفى يونيو الماضى، وبعد أن استقبلت الأجهزة الأمنية مستندات تفيد بوجود تلاعب فى قيمة شحنة قادمة من الصين لصالح شركة من شركات المسار الأخضر، حصلت إدارة الجمارك فى ميناء العين السخنة على موافقة بفتح وفحص الشحنة، ليتبين وجود تلاعب فى الكمية المستوردة من أجزاء مبردات مائية بغرض التهرب الضريبى.
الجمارك: منع عمليات تهريب خامات الأدوية بشكل كامل أمر بالغ الصعوبة
مصدر مسئول بالهيئة العامة للجمارك المصرية، رفض ذكر اسمه، قال فى تصريحات مسجلة، إن وقف عمليات تهريب خامات الأدوية أمر بالغ الصعوبة، وعلى الرغم من الجهود التى نبذلها لكن لا يمكن أن نمنعها بشكل كامل، خاصة أن المهربين دائما ما يبحثون عن طرق جديدة، علاوة على أنها تكون عبارة عن كميات صغيرة الحجم.
ولفت إلى أن الموانئ شهدت خلال السنوات الماضية حالات انفلات وتلاعب من قبل بعض العاملين فيها، وهو ما تتصدى له الدولة منذ سنوات من خلال الأجهزة المعنية، خاصة هيئة الرقابة الإدارية التى تلعب مؤخرا دورا هاما لاقتلاع العناصر الفاسدة.
وفى يونيو 2022، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط حاوية شملت محتوياتها “3883 أمبولا من مادة الكيتامين المخدر – مُكملات غذائية – أدوية غذائية – مستلزمات طبية – كميات من الهواتف المحمولة – ماكينات تحصيل رسوم”.
كما أمكن ضبط سيدة، تعمل مندوب تخليص، ومستخلص جمركى لمحاولتهما إنهاء إجراءات الإفراج عن الحاوية المشار إليها دون اتباع الإجراءات المنظمة فى هذا الشأن قانوناً، وقدرت حينها قيمة الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عليها بنحو 30 مليون جنيه.
مصر على رأس قائمة الدول المستوردة لخام الإيفيدرين
وبحسب مؤسسة “فولزا” المعنية برصد مبيعات خامات الأدوية حول العالم، فإن الشحنات التصديرية من الصين لمواد خام دوائية بلغت فى 2023 نحو 37 ألف شحنة، تم تصديرها من قبل 2704 مصدرين صينيين إلى 1421 مشتريا، دون تحديد الكميات، خاصة أن أغلب الشركات ترفض الإفصاح عن حجم الكمية المستوردة.
وعلى الرغم من رفض السلطات الصينية للاتهامات الموجه بشأن مساهمتها فى انتشار الأدوية المغشوشة، فإن التقرير الأخير الصادر عن مجلس مراقبة المخدرات الدولية INCB قال إن ما يزيد على 6.1 أطنان من مادة الإيفيدرين “التى تدخل ضمن جدول المخدرات والسموم” تم ضبطها عام 2021، كانت الصين مصدر %95 منها، مشيرًا إلى أن مصر تأتى فى المركز الثالث ضمن قائمة الدول الأكثر استيرادا للخام، كما أنها تأتى ثانيًا فى استيراد مادة السودوإيفيدرين.
وأشار تقرير مجلس مراقبة المخدرات الدولية إلى أنه رغم ضآلة مضبوطات الإيفيدرين التى أبلغت عنها بلدان فى أفريقيا، فإن المنطقة وجهة رئيسية لواردات للمنتج، حيث تظهر أربع بلدان هى نيجيريا ومصر وجنوب أفريقيا وغانا من بين البلدان العشر الأكثر استقبالا للمادتين.
ومن المؤكد أن حجم الكميات المستوردة من المادتين ربما يثير الشكوك، لكن بعد عملية بحث مطولة تبددت هذه الشكوك، ففى العام 2022 نشر موقع إخبارى فى الأردن خبرا تضمن اعتراض المملكة الهاشمية شحنة دوائية قادمة من مصر، تبين أنها خامات من مادة الإيفيدرين يبلغ وزنها 972 كيلوجراما، خاصة أن الشركة المدونة فى الأوراق كمستورد تبين أنها لم تطلب الشحنة.
ولم تكن الشحنة التى تم اعتراضها فى الأردن هى الوحيدة، ففى العام نفسه اعترضت السلطات فى جورجيا شحنة يبلغ وزنها 120 كيلوجراما، تبين أيضًا أن الشركة المستوردة لا تملك لها موافقات استيراد، كما أن دولة الإمارات قالت إنها استقبلت إخطارات مسبقة من مصر حول تصدير 3 أطنان من خام السودوإيفيدرين، فى حين أن متطلباتها السنوية من الخام لإنتاج أصناف علاجية من المادة لا تتجاوز الـ 2418 كيلوجراما.
وبطبيعة الحال لا تتوافر البيانات والأرقام الرسمية، حتى إن محاولات التواصل مع مسئولين فى هيئة الدواء لمعرفة أسباب استيراد كميات كبيرة من الخامات سالفة الذكر لم تنجح.
الخامات فى براميل العلف الحيوانى وصناديق قابلة للكسر
وفى محاولة للتوصل لمصدر الخامات التى يتم ضبطها فى مصانع غير رسمية، راجعنا فيديوهات وصورا لعمليات ضبط قامت بها أجهزة وزارة الداخلية، وكان اللافت فيها أن أغلب الخامات كانت داخل براميل مدون عليها أسماء خامات ومساحيق تستخدم فى العلف الحيوانى، كما أن بعضها كان داخل صناديق وضع عليها ملصق “قابل للكسر”، جميعها تم استيرادها على أنها مواد لصناعة الأعلاف الحيوانية.
وفى أبريل 2022، ضبط مصنع لإنتاج العقاقير المغشوشة فى مدينة شبين القناطر، عُثر بداخله على 6516 عبوة لعقارات طبية مقلدة “منتج نهائى”، و159 كيلوجرامًا مادة خام معبأة داخل براميل “منتج حيوانى”، و220 ألف نشرة داخلية لأصناف دوائية متنوعة وأدوات ومعدات تعبئة وتغليف وميزان حساس.
وبمراجعة تقارير مؤسسة “ فولزا” المعنية برصد مبيعات خامات الأدوية، تبين أن مصر استقبلت 3588 شحنة لأدوية بيطرية مقبلة من دولتى الهند والصين منذ يناير وحتى أبريل من العام الحارى، بزيادة قدرها %20 عن نفس الفترة من العام الماضى 2022.
صعوبة جرد المخزون من الأدوية فى الشركات الحكومية
وعلى الرغم من تأكيدات هيئة الدواء حول وجود إجراءات صارمة على عملية استيراد خامات الأدوية ومتابعة صرفها قبل عملية التصنيع، فإن ما قاله لنا “إسلام” فنى صناعة كبسولات بأحد المصانع حول تهريب خامات من المصانع الحكومية يستدعى التوقف أمامه.
واطلعت “المال” على عدد من تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات والميزانيات لعدد من الشركات الحكومية العاملة فى صناعة الدواء، وكان لافتًا وجود ملاحظات حول عدم قدرة اللجان على جرد المخزون من الأدوية لمطابقته مع حجم الخام المستخدم، علاوة على وجود كميات قيل أن صلاحيتها انتهت أو قاربت على الانتهاء، كما أن بعضها لم تخضع لعمليات جرد منذ سنوات.
وقال تقرير مراجع الحسابات لواحدة من الشركات الحكومية فى يونيو من العام الحالى صراحة “لم نتمكن من اختبار مدى مطابقة جرد المخزون فى فروع الشركة، والبالغ 3 ملايين جنيه تقريبًا فى 31 ديسمبر 2022 مع الأرصدة الدفترية، إذ لا تحتفظ الشركة ببطاقات صنف بمخزونها القائم، ولم تكن هناك إجراءات مراجعة بديلة للتأكد من صحة واكتمال أرصدة المخزون”، وكان رد الشركة: تم جرد المخزون بمعرفة الإدارة وفقًا للأصول المرعية.
شعبة الأدوية: شركات العقاقير البيطرية تخضع لرقابة شرطة المسطحات المائية فقط
“تهريب خامات أدوية من المصانع الرسمية هو أمر لا يمكن حدوثه”، بهذه الكلمات علق الدكتور على عوف رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية، مؤكدا أن الخامات التى تستخدم فى صناعة الأدوية المغشوشة جميعها تدخل البلاد عن طريق مهربين.
واعتبر أن تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات فى هذا الشأن ربما تفتقر للدقة، خاصة فيما يتعلق بالخامات، علاوة على أن الجهاز غير معنى بهذا الأمر، فالإشراف على استيراد وصناعة الخام هو أمر من اختصاص هيئة الدواء المصرية فقط.
واعتبر “عوف” أن هيئة الدواء تقوم بدور جيد فى مراقبة الأسواق خلال المرحلة الأخيرة، مطالبًا فى نفس الوقت بإحكام السيطرة على سوق الأدوية والمستلزمات البيطرية، والتى اعتبرها من الأبواب غير الشرعية للأدوية المغشوشة.
واستنكر رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية عدم إخضاع صناعة الأدوية البيطرية للرقابة، مشيرًا إلى أن الجهة الوحيدة التى لها حق الرقابة على الدواء البيطرى هى شرطة المسطحات المائية، وهو أمر لا أجد له تفسيرا حتى اللحظة.
ورش لصناعة ماكينات الدواء فى أكتوبر
الآن باتت طرق الحصول على الخامات المستخدمة فى صناعة الأدوية المغشوشة معروفة، ولا صعوبة فى الحصول عليها، لكن كيف سيتم تحويل هذه الخامات لأصناف دوائية، الأمر يحتاج لماكينات تقوم بهذا الدور.
عملية البحث عن الماكينات لم تكن صعبة، فهناك سوق غير رسمية لهذه التجارة، كل ما تحتاج إليه هو أن تصل إلى أحد الأشخاص الذين لديهم سابق معرفة مع هؤلاء التجار حتى يطمئنوا للتعامل معك.
“محتاج ماكينة مصنع ولا محتاج حاجة شغل ورش يا دكتور وناوى تصنع إيه”، بهذه الكلمات استقبل “أبو ماسة” معد التحقيق، بعد أن تم الاتفاق على لقاء فى منطقة أكتوبر سبق أن رتب له وسيط.
وطالبت التاجر بمعرفة قدرة الماكينات المتوافرة من حيث الانتاج والسعر، بعد أن أكدت له أننى أعمل على تدبير الأموال لشراء الخامات، ومن ثم شراء ماكينة للتصنيع.
ويبدو أن التاجر تعاطف معى، فسرعان ما أكد مساعدتى، حتى إنه أمسك هاتفه وتحدث لشخص آخر طالبا منه صناعة ماكينة للكبسولات داخل ورشته فى مجمع الأمل بمنطقة ورش أكتوبر، قائلًا له “ابن عمى عايز ماكينة زى اللى عملتها بتاع “البرشام”، وتقولى هتتكلف كام”، لكن الشخص الآخر طالبه باللقاء بدلًا من الحديث على الهاتف.
وأبديت للتاجر تخوفى من عدم قدرة الماكينة التى سيتم تصنيعها فى الورشة على إنتاج نفس الصنف، ليرد “يا دكتور ده شغلنا، ومتستلمش الماكينة غير لما تجربها، الراجل اللى أنا كلمته ده بروفسير ومش بيتعامل مع أى حد، وهيعمل معاك واجب فى سعر التكلفة”.
وأظهرت للتاجر بعض الحيرة والقلق، وطلبت منه الاطلاع على واحدة من الماكينات التى تم تصنيعها فى الورشة، لم يتردد فى إرسال فيديو لماكينة تم تصنيعها فى نفس الورشة، قائلا” دى واحدة من الماكينات اللى صنعها، وكانت تكلفتها حوالى 45 ألف جنيه، لكن الأسعار زى ما أنت عارف يا دكتور زادات، فأنا هضغط عليه وأخليه يعمل واحده زيها ومش هيعدى سعرها 75 ألف جنيه”.
واستشعر أبو مازن أننى غير متحمس لفكرة صناعة ماكينة داخل الورشة، فقال: “شغل الورش اللى على قد الأيد موجود، ولو الأمور متيسرة شويا فى ماكينة قدامى طالعة من مصنع بس دى غالية شويا يعنى ممكن تمنها يوصل لـ600 ألف جنيه، بس إمكانياتها كبيرة، وهبعتلك فيديو تشوفها لو تقدر توفر تمنها ممكن نتكلم مع صاحبها وننزل من سعرها شويا”.
الدكتور محيى عبيد، النقيب السابق لصيادلة مصر، قال إن حالة انفلات غير مسبوقة تعيشها سوق الدواء، حتى إن بعض من يعملون فى عمليات الغش يلجأون لبعض ماكينات صناعة الشيكولاتة لاستخدامها فى إنتاج أصناف دوائية تقدم للجمهور.
وطالب “عبيد”، فى تصريحات لـ”المال”، بضرورة وجود تشريع يضمن تغليظ العقوبة على ما وصفهم بمافيا الدواء، مشيرًا إلى أن عمليات غش الدواء، تحتاج لمزيد من الرقابة المحلية وأيضًا العالمية، ابتداء من عملية تصدير الخامات ومرورًا بعمليات التصنيع وصولا لتوزيع الأصناف على الصيدليات.
وبالعودة إلى المهرب “أبو سيف”، للاستفسار عن إمكانية استيراد ماكينة من الخارج، أكد أن الأمر سهل، مقترحا أن يقوم بالتنسيق مع شركة من شركات الاستيراد التى يتعاون معها لجلب ماكينة “تحت بند” ماكينات أبحاث، وهى التى تستورد بغرض إجراء الأبحاث والدراسات للعاملين فى المراكز البحثية.
وقاطعته لكن هذه العملية تحتاج إلى موافقات وتراخيص، فرد: “لا تقلق كله يخلص بالفلوس، بس لازم تكون عارف إن إنتاجها قليل يعنى مش كميات”، واستكمل “ممكن نجيب ماكينة كبيرة بس هنقطعها وندخلها على كذا مرحلة، وهذه الخطوة ربما تحتاج لشهور، بسبب تشديدات الجمارك” حسب وصفه”.
سوق حرة لخامات الأدوية!
واكتشفنا على مواقع التواصل الاجتماعى سوقًا مزدهرة لتجارة خامات الأدوية، حتى إن بعض من يتاجرون بها، يقدمون خدمة التوصيل لأى محافظة من محافظات الجمهورية.
واطلعنا على مئات المجموعات الناشطة فى هذا السياق على موقع التواصل الاجتماعى “فيسبوك” يتفاعل معها المئات، وكان حجم وأنواع الخامات المعروضة أكثر مما تصورنا وبأسعار تنافسية، يمكنها أن تغنيك عن مخاطر تهريب الخامات عبر الموانئ.
وتواصلنا مع عدد منهم وتظاهرنا بأننا نرغب فى شراء خامات لأدوية خاصة بعلاجات مرضى السكر وخامات لإنتاج مسكنات ومضادات حيوية، حصلنا على عروض متنوعة وبأسعار متفاوتة يمكن النقاش فيها قبل إتمام عملية الشراء.
وتواصلت “المال” مع إدارة “فيسبوك” للوقوف على أسباب انتشار الصفحات التى تروج لبيع خامات دوائية، وما يتبع هذه الخطوة من مخاطر على الصحة العامة واقتصاد الدولة، فكان ردها: نحن نشجع الناس على الإبلاغ عن المحتوى الذى يعتقدون أنه يخالف قواعدنا، ويمكنك أن تمدنا بعينات من هذه الصفحات لمساعدتنا.
رحلة البحث عن خام “الميتفورمين”
على مقربة من الجامع الأزهر يقع شارع بورسعيد التجارى، قال لى أحد الصيادلة العاملين فى مصنع أدوية، هناك تنشط تجارة الخامات الدوائية، لكن لا يمكنك أن تذهب بمفردك عليك أن تصطحب شخصا معروف لدى التجار حتى تتبدد مخاوفهم من التعامل معك، لتبدأ رحلة البحث عن شخص يقوم بهذا الدور.
وسرعان ما توصلنا لتاجر على علاقة بعدد من العاملين فى هذه المنطقة، أرسلنى لشخص يدعى “نمر”، بعد أن طلب منه الاهتمام بى ومساعدتى، ذهبت فى نفس اليوم والتقيت به، وأبديت رغبتى فى الحصول على 30 كيلو من خام الميتفورمين المستخدم فى صناعة أصناف دوائية لمرضى السكر.
ونصحنى “نمر” بالبحث عن صفحة على موقع التواصل الاجتماعى تحمل اسم “المحور” لأنه من الصعب أن يتعامل معى أحد بشكل مباشر، وبالفعل وجدنا ما نبحث عنه وتلقينا عروضا بالأسعار.
“الجامع الأحمر”.. سوق نشط لبيع فوارغ عبوات الأدوية
الآن بات أمر الحصول على خامات الأدوية سهلًا للغاية، كما أن الحصول على ماكينة للتصنيع لم يكن بالصعوبة التى كنا نتوقعها، لكن هناك خطوات أخرى يجب الانتهاء منها لضمان تقديم صنف دوائى يصعب اكتشافه.
وفى منطقة “الجامع الأحمر” والمعروفة بصناعة العطور، تنشط عمليات بيع الفوارغ الزجاجية والبلاستيكية، ولا صعوبة فى الحصول على أى من هذه الفوارغ “سواء كانت عبوات لقطرات العين أو زجاجات للدواء” بمختلف الأحجام والأشكال، حتى إنه يمكنك طلب أى كمية من خلال الهاتف مع وجود خدمة التوصيل.
وتواصلنا مع عدد من التجار لمعرفة المنتجات وأسعارها، وبالفعل استقبلنا عروضا متفاوتة، دون الاستعلام حتى عن الغرض من الحصول عليها، خاصة أن الحديث كان يدور حول كميات بالآلاف.
“إسلام” هو الشخص الذى التقينا به خلال البحث عن فوارغ عبوات الأدوية، تواصلت “المال” معه مرة أخرى، وطلبنا منه المساعدة فى الحصول على “أشرطة” نضع فيها الكبسولات، فكان رده يوجد ورش فى مناطق المرج وعين شمس وأكتوبر، والأمر ليس صعبا، ومن خلال هذه الورش سيتم إيصالك بمطابع تعمل على طباعة “النشرة والاستيكر والكرتون” بعد تقديم عينه من المنتج الأصلى.
وفى أكتوبر 2022، ضبطت وزارة الداخلية مطبعتين فى منطقة المرج لقيام مالكيها بطباعة مطبوعات تجارية خاصة بمنتجات أدوية ومستحضرات تجميل، وعدد من العلامات التجارية.
50 دولارًا لتعلم صناعة الدواء
ليس بالضروة أن تكون حاصلًا على شهادات علمية فى صناعة الدواء حتى تتمكن من إنتاج أصناف دوائية مغشوشة وتطرحها فى السوق، فمع ما تشهده شبكات التواصل الاجتماعى من عمليات ترويج لأنشطة غير مشروعة، ظهرت إعلانات لدورات تعليم صناعة الدواء.
تواصل معد التحقيق مع واحدة من الصفحات التى تروج للأمر، تحمل اسم “كبسولة” اسم مستعار، يديرها شخص تونسى عبر موقع “لينكد إن” للاستفسار عن الدورة التعليمية المقدمة والمؤهلات الدراسية الواجب توافرها للاستفادة منها ومدتها الزمنية وتكاليفها.
“الأمر بسيط والدراسة مفتوحة للجميع”.. بهذه الكلمات رد “خالد” اسم مستعار على طلب تعلم صناعة الدواء، مؤكدا أن الأمر لن يستغرق سوى أسبوعين فقط بعد الانتهاء من دورة تدريبة يتم تقديمها عبر منصة على موقع “تليجرام”، ولن تكلفك أكثر من 50 دولارا.
أكدت له أننى لم أدرس الصيدلة ولا أعرف عنها شيئًا، فعلق ليس ضروريًا؛ لكن يجب أن تسجل من خلال الرابط الذى سأرسله لك أنك طبيب أو صيدلانى، على وعد بمنحى 50 نقطة فى كل محاضرة لإتمام التدريب بشكل أسرع، إذا ما قدمت استمارة طلب الحصول على الدورة التعليمية خلال يومين.
وفى اليوم التالى، أرسل “خالد” رسالة للاستفسار عن عدم التسجيل للحصول على الدورة التعليمية، ونصحنى بالتسجيل على المنصة والاطلاع على المحاضرات وبعدها أقرر الاستمرار أو الانسحاب، لكننى توقفت عند هذا الحد.
مخازن غير رسمية
وبحسب إحصائيات غير رسمية فإن عدد مخازن الأدوية التى تعمل فى السوق المصرية تتجاوز الـ45 ألف مخزن، منها ما يقرب من 18 ألف لديه تراخيص وموافقات بممارسة النشاط.
والمخازن غير المرخصة وبحسب هيئة الدواء المصرية، تقوم بممارسات غير قانونية وأخلاقية، فمنها يتم توزيع أصناف مغشوشة، وعلاجات منتهية الصلاحية، وأخرى ضمن جدول المخدرات والسموم، وبعضها تم جلبها من الخارج دون حصولها على موافقات من لجنة السياسات الدوائية أو معرفة حتى مصدرها.
معد التحقيق تواصل مع أكثر من 30 صيدلية فى محافظتى القاهرة والجيزة، للوقوف على طرق وصول الأصناف المغشوشة للصيدليات، وما الخطوات المتبعة للتأكد من سلامة تراخيص المخازن التى يتعاملون معها.
“لا توجد طرق للتأكد من تراخيص المخازن، وكل ما يهمنا هو الحصول على فواتير تحمل اسم المخزن الذى نتعامل معه”.. ربما تعبر هذه العبارات عن أغلب الردود التى تلقاها معد التحقيق من الصيادلة، كما أن عددا كبيرا منهم أقروا بتلقيهم أصناف مغشوشة، وأوقفوا التعامل مع المخازن الوارده منها، دون إبلاغ هيئة الدواء المصرية، معتبرين أنهم الحلقة الأضعف فى هذا النشاط غير الشرعى، وإبلاغ هيئة الدواء سيتسبب فى مشكلات لهم.
عدد من الصيادلة أفصح عن عدة أصناف التى اكتشفوا أنها مقلدة، منها، كتافاست (مسكن)، راميتاكس (مضاد حيوي)، أفيروزوليد (مضاد للجراثيم)، دولفين 25 مجم (مضاد للالتهابات)، وجميعها أصناف لم يصدر بشأنها أى تحذيرات من هيئة الدواء المصرية.
440 مفتشًا يراقبون أكثر من 90 ألف شركة ومصنع ومخزن وصيدلية
تمتلك مصر 174 مصنعا للدواء، و150 آخر تحت الإنشاء، و2000 شركة مسجلة للتصنيع لدى الغير، فيما يعرف باسم “شركات التول”، علاوة على أكثر من 85 ألف صيدلية مرخصة بخلاف ما يدار دون موافقات رسمية فى المناطق العشوائية أو عبر شبكات الإنترنت، وأكثر من 45 ألف مستودع للدواء، أغلبها لا يملك تراخيص، بحسب تقديرات غير رسمية.
وكل هذه الأرقام، ومع ما تشهده سوق الدواء من انفلات، ربما لم تشفع أمام القائمين على هيئة الدواء والمعنية بإدارة ملف الدواء فى مصر، حتى إنها أصدرت قرارًا بتقليص عدد المفتشين من 2200 إلى ما يقرب من 440 على مستوى الجمهورية، ما جعل الأمر أكثر تعقيدا لإحكام السيطرة على السوق.
أزمة أعداد المفتشين ربما عبرت عنها منشورات هيئة الدواء نفسها، فمع كل تنبيه أو تحذير بشأن أصناف مغشوشة أو غير مطابقة للمواصفات، تبرز الهيئة أنها تلقت بلاغا من الشركة المصنعة حول الصنف، ما يعنى أن عملية مراقبة السوق باتت جزءا من عمل الشركات، وليس هيئة الدواء.
وسائل التواصل الاجتماعى فى دائرة الاتهام
باتت وسائل التواصل الاجتماعى أحد المتهمين فى أغلب قضايا التهريب والهجرة والتجارة غير المشروعة، والترويج لمنتجات مغشوشة، كل ما عليك هو أن تدفع الأموال مقابل الترويج لأى نشاط.
فبعد رحلة بحث طويلة خاضتها “المال” حول طرق تهريب الخامات الدوائية للسوق المصرى، بدأت فى الظهور صفحات عبر وسائل التواصل الاجتماعى تُعلن عن بيع خامات دوائية، بل إن بعضها يتيح خدمة التوصيل لأى محافظة من محافظات مصر.
والأمر لم يتوقف عند إعلانات بيع الخامات الدوائية، فسرعان ما ظهرت أخرى لبيع ماكينات التصنيع، بعضها تم تهريبه والآخر يباع “خردة”، بل إن الأمر وصل لعملية الترويج لورش محلية تعمل على تقليد الماكينات.
“الخدمات المشبوهة” التى تقدم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى، امتدت لتروج لمنتجات العبوات الفارغة من الزجاج والبلاستيك، وباقى مستلزمات الصناعة التى تضمن قيام الأشخاص بتقديم منتجات دوائية مغشوشة يصعب اكتشافها ظاهريًا.
معد التحقيق وثق محاولات لشراء خامات أدوية، منها ما يستخدم لعلاج مرضى السكر وأمراض الكبد، ومضادات حيوية، وعبوات فارغة وماكينات تصنيع وطباعة “استيكر” من خلال شبكات التواصل الاجتماعى، أغلبها تمت الاستجابة له دون الاستعلام حتى لو شكليا عن التراخيص.
83 مليار دولار قيمة مبيعات الأدوية المغشوشة عالميًا
مطلع يونيو من العام الحالى، قدرت منظمة الصحة العالمية قيمة مبيعات الأدوية المزيفة أو المغشوشة بـ83 مليار دولار سنويا، وأكدت أن 1 من كل 10 منتجات طبية يتم تداولها فى البلدان النامية دون المستوى المطلوب أو مزيفة.
وبحسب تقديرات المنظمة، فإن أفريقيا وحدها تشهد وفاة ما يقرب من 120 ألف شخص سنويا جراء تعاطيهم أدوية مغشوشة مضادة للملاريا، بخلاف ما يقرب من 170 ألف ضحية من الأطفال نتيجة تلقيهم مضادات حيوية مغشوشة.
وفى آخر دراسة لها، قالت المنظمة إن %42 من جميع الأدوية المزيفة التى تم الإبلاغ عنها فى الفترة من 2013 إلى 2017 جاءت من أفريقيا، وأن 150 دولة تأثرت بجرائم الأدوية المغشوشة.
شعبة الأدوية: عمليات غش الدواء تتعرض لها كل دول العالم
وبالعودة إلى حديث الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية، للوقوف على حجم الأصناف المغشوشة فى السوق المصرية، قال: إن العديد من التقديرات تشير إلى ما يقرب من 10 إلى %30 من إجمالى الأصناف الدوائية المسموح بتداولها فى السوق المصرية، مضيفًا إننى أرى أن هذه التقديرات ربما تكون غير دقيقة؛ نعم لدينا أصناف مغشوشة وهو أمر موجود فى كل دول العالم لكننا نسير بخطوات جيدة لإحكام السيطرة على الأمر.
17 ألف صنف دوائى مسموح بتداولها
وبحسب تقرير المؤسسة الدولية “أى إم إس”، فإن إجمالى مبيعات الأدوية فى السوق المصرية فى العام 2022 تجاوزت الـ140 مليار جنيه، جاءت شركة نوفارتس فى المركز الأول كأكثر الشركات مبيعًا، فيما حققت شركة روش معدلات نمو وصفت بأنها الأعلى بالقطاع فى مصر.
ويبلغ عدد الأصناف الدوائية المسموح بتداولها فى سوق الدواء المصرية أكثر من 17 ألف صنف، لديها موافقات وتراخيص من الجهات الحكومية.
صفحات على الإنترنت لبيع الدواء دون عناوين
ولم تقتصر أزمة توزيع الأصناف الدوائية المغشوشة على المخازن غير الرسمية، فنشاط رائج لصفحات دوائية على وسائل التواصل ومواقع الويب دون رقابة، حتى أن إحدى الصفحات تحمل اسم “برشامة” تقوم ببيع عقار “زانتاك” وهو عقار تقرر سحبه من الأسواق لاحتوائه على شوائب سرطانية، وثق معد التحقيق محاولة شراء له.
واعتبرت منظمة الصحة العالمية who أن مواقع الويب وصفحات السوشيال ميديا غير القانونية تقف عقبة رئيسية أمام محاولات القضاء على الأدوية المغشوشة، وأكدت أن %50 من هذه التطبيقات والصفحات تضع عناوين لمقراتها غير حقيقية، علاوة على أن %89 منها لا تطلب وصفة طبية.
وأشار معهد الأمن الصيدلانى Psi فى آخر تقرير له إلى أن معدلات غش الأدوية فى دول العالم، سجلت فى العام 2017، 3609 صنفًا مغشوشًا، وفى العام 2018، 4405 أصناف، وفى 2019 نحو 5081 صنفا، وفى 2020 حوالى 4344 صنفا، وفى 2021 بلغت 5987 صنفًا.
تعديلات تشريعية
وفى يوليو من العام الحالى، أحال المستشار حنفى الجبالى رئيس مجلس النواب المصرى مشروع قانون بشأن قمع التدليس والغش، والتلاعب فى المنتجات، جاء فى مادته الثانية، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر.
وكل من غش أو شرع فى أن يغش شيئا من أغذية الإنسان أو الحيوان أو من العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو من الحاصلات الزراعية أو المنتجات الطبيعية أو من المنتجات الصناعية معدا للبيع، وكذلك كل من طرح أو عرض للبيع أو باع شيئًا من هذه الأغذية أو العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو الحاصلات أو منتجات مغشوشة كانت أو فاسدة أو انتهى تاريخ صلاحيتها مع علمه بذلك.
وكل من صنع أو طرح أو عرض للبيع أو باع مواد أو عبوات أو أغلفة، ما يستعمل فى غش أغذية الإنسان أو الحيوان أو العقاقير أو البيانات الطبية أو الأدوية أو الحاصلات الزارعية أو المنتجات الطبيعية أو المنتجات الصناعية على وجه ينفى جواز استعمالها استعمالًا مشروعًا بقصد الغش وكذلك كل من حرض أو ساعد على استعمالها فى الغش بواسطة كراسات أومطبوعات أو بأية وسيلة أخرى من أى نوع كانت.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين، ولا تتجاوز سبع سنوات، وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه، ولا تجاوز 2 مليون جنيه، أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر إذا كانت الأغذية أو العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو الحاصلات أو المنتجات المغشوشة أو الفاسدة أو التى انتهى تاريخ صلاحيتها أو كانت المواد التى تستعمل فى الغش ضارة بصحة الإنسان أو الحيوان.
بيع الخامات والعبوات الفارغة فى قلب القاهرة.. والتوصيل «دليفرى»
440 مفتشاً يراقبون أكثر من 90 ألف شركة ومصنع وصيدلية!!
دورات تعليمية لصناعة الدواء فى أسبوعين مقابل 50 دولارًا
رواج نشاط بيع الماكينات القديمة للمصانع.. وورش محلية لتقليدها
45 ألف مخزن أغلبها يعمل دون تصاريح.. وصفحات على السوشيال ميديا لبيع العقاقير دون رقابة