
أكد مصرفيون أن ارتفاع
مخاطر التشغيل فى الوقت الراهن، ستكون له تداعيات سلبية على أرباح البنوك،
حال استمرار الاضطرابات الحالية، مشيرين إلى أن البنوك قد تلجأ إلى رفع حجم
المخصصات الخاصة بالقروض غير المنتظمة لارتفاع احتمالات التعثر، بجانب
زيادة المخصصات الخاصة بخسائر التشغيل والتى تنبع من ارتفاع أسعار الوثائق
التأمينية على كل الأصول البنكية.
وتوقعوا أن تمر الظروف
الحالية سريعاً وتتحسن الأحوال يوماً بعد يوم، مشددين على أن البنوك
استطاعت أن تجتاز فترات أصعب من الوقت الراهن، مستدلين بأحداث ثورة 25
يناير، وهو العام الذى شهد زيادة فى أرباح البنوك، رغم وقوع كثير من
الاضطرابات فيه.
وأوضحوا أن هناك مصروفات حتمية تتحملها البنوك، ولا
يمكن التهرب منها مثل تكاليف التأمين على الموظفين والعملاء، وتركيب
كاميرات المراقبة وحماية الفروع من خلال تشديد الحراسات، والمرجح أن تزيد
خلال تلك الفترة، لافتين إلى أنه من الصعب أن تلجأ البنوك لرفع قيمة
العمولات المصرفية على الخدمات البنكية لتعويض الربحية ومواجهة حالات
التعثر، لكنهم أشاروا إلى أن هناك خدمات مصرفية غير منصوص عليها فى تعاملات
البنك المركزى ارتفعت أسعارها بالفعل.
وكانت الاضطرابات التى
شهدتها مصر بعد فض اعتصامى «رابعة العدوية» و«النهضة»، قد دفعت السلطات إلى
فرض حالة الطوارئ وحظر التجوال، لمواجهة حالة الانفلات الأمنى فى البلاد،
وهو ما أدى إلى ارتفاع مخاطر التشغيل فى كل القطاعات الاقتصادية نتيجة
تقليص ساعات العمل، وزيادة تكاليف التأمين، وارتفاع حالات التعثر، وهو ما
يفتح التساؤل حول مدى التأثير على ربحية البنوك ولجوئها لرفع المخصصات.
وكان
البنك المركزى قد سمح للبنوك بالإغلاق مبكراً فى الساعة الثانية عشرة،
كنتيجة للاضطرابات السياسية والأمنية، لكن تم تعديل المواعيد لتصبح من
الساعة الثامنة والنصف، وحتى الواحدة ظهراً ابتدءًا من الثلاثاء الماضى.
ومن
جانبه قال حسين رفاعى، المدير المالى بالبنك الأهلى، إن الفترة التى تمر
بها الدولة حالياً من أحداث سياسية وانفلات الحالة الأمنية تعتبر مؤقتة
وقصيرة، ولن يكون لها تأثير سلبى على مخصصات مخاطر التشغيل وحجم الربحية فى
البنوك، موضحاً أن البلاد شهدت بعد ثورة 25 يناير فترة صعبة على الاقتصاد
بدرجة أكبر من الوقت الحالى.
وأوضح حسين أنه حال استمرار الوضع
الحالى، كما هو دون تغيير للأفضل، واستقرار الأحوال، فمن المتوقع أن يكون
هناك تأثير سلبى على مقدار التكاليف والمصروفات وانخفاض الربحية فى
المصارف، متمنياً ألا تزيد تلك الفترة على أسبوع حتى يمكن تجاوز تداعياتها.
وأشار
إلى أن هناك مصروفات حتمية تعبر عن تكاليف ثابتة لا يمكن التوفير فيها أو
الهروب من عدم تحملها، ومن بينها تكاليف الأمن ونقل الأموال وتأمين
الموظفين والعملاء ضد عمليات السطو، وتوفير كاميرات المراقبة عبر الفروع،
مضيفاً أنه من المحتمل أن ترتفع تلك المصروفات بشكل يقلل من حجم الأرباح فى
القطاع المصرفى.
وأضاف حسين أنه من غير المنطقى اللجوء إلى رفع
مقدار العمولات على الخدمات المصرفية لمقابلة الارتفاع فى المصروفات
الثابتة، حتى لا يدفع معدلات التضخم للزيادة، خاصة أن الدولة تمر بفترة
صعبة، بالإضافة إلى أنه لا يمكن زيادة الإيرادات دون تقديم خدمات جديدة.
وأكد
أنه لا توجد أى مشكلات فى انخفاض الربحية بالبنوك، فى سبيل مساندة الدولة
ومساعدتها فى محنتها، وتقديم الخدمات للعملاء، موضحاً أن البنوك الكبيرة
التى تصل أرباحها إلى المليارات لن تتأثر بدرجة كبيرة عندما تتعرض تلك
الأرباح للانخفاض بمقدار يصل إلى 100 مليون جنيه.
ولفت إلى أن
استمرار أى بنك فى تقديم خدماته المختلفة، وعدم اللجوء إلى إغلاق الفروع أو
ماكينات الصرافة فى ظل الأزمات التى تشهدها الدولة، يعزز من مصداقية
المصرف أمام عملائه، وزيادة الثقة فيه مستدلاً بأنه بعد أحداث 25 يناير،
وارتفاع درجة المخاطر كان البنك الأهلى المصرى هو المصرف الوحيد الذى ظل
يغذى ماكينات الصرافة بالسيولة، وهوما انعكس عليه بالإيجاب من خلال زيادة
حجم ودائع العملاء فيه، وارتفاع حجم التعاملات.
ويرى عبدالله
السادة، نائب مدير عام بالبنك العربى الأفريقى الدولى، أن الاضطرابات
السياسية والتدهور فى الحالة الأمنية بشكل عام، يؤثران على نشاط كل
القطاعات الاقتصادية والبنوك، ويقللان من حجم الأرباح، منبهاً إلى أن معظم
المصارف تضع خطة لإدارة العمليات حال توقف النشاط فى بعض الفروع، فيمكن
الانتقال إلى مكان آخر، وإبلاغ العملاء بتوقف التعاملات فى الفرع المعطل.
وأضاف
عبدالله أن تشكيل المخصصات يتم بناءً على معايير من قبل البنك المركزى،
لافتاً إلى أن البنوك لجأت إلى تأجيل سداد أقساط القروض الشخصية للتسهيل
على العملاء بعد أحداث ثورة 25 يناير مباشرة.
وتوقع محمد بدرة،
الخبير المصرفى، انخفاض حجم الأرباح فى القطاع المصرفى ككل، نتيجة ارتفاع
مخاطر وخسائر التشغيل، موضحاً أنه حال تعرض البنوك لأى حادث مثل عملية سطو
على فرع ما وسرقة الأموال بداخله أو عمليات النصب والاحتيال، فإن شركات
التأمين تدفع جزءًا لتعويض البنك عن الخسائر، على أن يتحمل الجزء المتبقى
المصرف نفسه، بما يرفع من مخصص العمليات المصرفية أو خسائر التشغيل.
وأوضح
بدرة أنه من فترة لأخرى يتم النظر فى الظروف ليتم تقييمها والوصول إلى
تقدير الخسائر المتوقعة والفعلية بشكل جيد، ليتم عمل مخصص لها، مضيفاً أن
هناك إدارة للمخاطر تكون مسئولة عن رفع توصيات للإدارة العليا بشأن كل
المخاطر التى يواجهها البنك سواء فى عمليات الائتمان أو تأمين الفروع أو
غيرها.
وأكد أن مقدار مخصص خسائر التشغيل يختلف من بنك لآخر، لكنه
عموماً متوقفاً على مدى تمتع البنك بنظم رقابة داخلية فعالة وقوية بشكل
يساعد على إحكام المصروفات والسيطرة عليها بما يقلل من حجم المخصص درجة
أكبر من البنوك الأخرى، بالإضافة إلى رؤية وسياسة البنك، ففى حال الرغبة فى
زيادة معدلات الأمان فإن المصارف تلجأ إلى زيادة المخصصات بشرط أن تكون
هناك خسائر فعلية.
ولفت بدرة إلى أن بعض البنوك لجأت إلى رفع مقدار
العمولات بدرجة كبيرة على الخدمات المصرفية غير المنصوص عليها فى تعاملات
البنك المركزى مثل تأجير الخزائن الحديدية للعملاء لمواجهة الارتفاع فى
مخاطر التشغيل والخسائر المتوقعة، عكس الحال فيما يتعلق بعمولة الخدمات
البنكية المنصوص عليها بالبنك المركزى مثل خطابات الضمان والاعتمادات
المستندية.
وأشار إلى أن البنوك ستلجأ إلى رفع المخصصات للقروض غير
المنتظمة، كنتيجة لتأثر المصانع والشركات الحاصلة على تمويلات بسبب الأحداث
الحالية، والتى قلصت من ساعات العمل، ودفعت الطلب على السلع خاصة المعمرة
منها إلى الانخفاض، وهو ما سيؤثر سلباً على حجم الإنتاج والقدرة على السداد
لأصل الدين، موضحاً أن البنوك تدرس كل حالة على حدة، وتعطى مهلة السداد
للشركات التى تعتبر جيدة الأداء، لكنها تأثرت سلباً بالاضطرابات، أما إذا
كانت الجهة الحاصلة على التمويل قد تعثرت لأسباب تتعلق بسوء الإدارة، فيكون
هناك تعامل آخر.
وطبقاً للتقرير الصادر على موقع البنك المركزى،
فقد ارتفعت نسبة المخصصات للقروض غير المنتظمة من %92.5 فى العام المالى
2010 إلى %97.1 فى 2012 لتصل بنهاية مارس 2013 إلى %97.7.
وقال تامر
صادق، نائب مدير عام قطاع الائتمان ببنك مصر، إن البنوك مرت بفترات أصعب
من الوقت الراهن، لكنها لم تقع بل استمرت فى النشاط والوجود داخل السوق،
مستدلاً بما حدث بعد ثورة 25 يناير، وأكد أن تقليص ساعات العمل فى البنوك
كنتيجة للأحداث التى تمر بها الدولة يعتبر أمراً مؤقتاً، وسيتلاشى يوماً
بعد يوم، وسترجع الأمور مرة أخرى إلى طبيعتها.
وأكد صادق أن هناك
تأثيراً سلبياً ضئيلاً على حجم الربحية فى البنوك، لكن ليس من المعقول أن
تتم المقارنة بناءً على يومين فقط، مشيراً إلى أن البنوك حققت فى عام ثورة
25 يناير مقداراً من الأرباح أعلى من الأعوام السابقة، وأوضح أن البنوك لا
تعمل فى جزر منعزلة ولكن يقوم اتحاد البنوك بالاجتماع مع البنك المركزى
وجهاز الشرطة لاتخاذ القرار المناسب.
وأوضح مصدر مصرفى، أن عمليات
نقل الأموال وتأمين المبانى وماكينات الصرف الآلى وكل الفروع والأصول
البنكية تتم تغطيتها عبر الوثائق التأمينية، وحال حدوث الخسارة بشكل فعلى،
تقوم شركات التأمين بدفع جزء من المال ليتحمل المصرف الخسارة المتبقية.
وأضاف
أنه حال ارتفاع المخاطر تلجأ شركات التأمين إلى رفع أسعار الوثائق، مما
يؤدى إلى زيادة المصروفات التى يتحملها البنك، وهو ما يقلص من حجم ربحيته،
مؤكداً أن المصرف مرتبط بتقديم خدمات وهو ما يشترط قدوم العملاء من أجل
الحصول عليها، وبالتالى تقليص ساعات العمل فى المصارف أمر سيؤثر على
الإنتاجية وتراجع الأرباح.