محاولات جيدة من الحكومة لتنشيط القطاع الصناعى، بدأتها القيادة السياسية فى حفل إفطار الأسرة المصرية بإطلاق مبادرة لتوطين الصناعة الوطنية، وتلتها توجيهات رئاسية باستثناء خامات ومستلزمات الإنتاج من نظام فتح الاعتمادات المستندية والعودة إلى مستندات التحصيل، مرورًا بتأكيدات من وزارة الصناعة بخصوص إتاحة الأراضى بنظام حق الانتفاع، بالإضافة إلى قرار من مجلس الوزراء بتدشين وحدة لحل مشاكل المستثمرين تتبعه مباشرة، انتهاء بتأكيدات من رئيس مجلس الوزراء أمس الأول باختصار مدة إصدار وتجديد التراخيص الصناعية واقتراح بمنح بعض الإعفاءات لبعض الصناعات.
جميع هذه الإجراءات والقرارات لاقت ترحيبًا كبيرًا، وجاءت فى توقيت مناسب، بحسب تأكيدات عدد من المصنعين والمستثمرين الذين تحدثت معهم «المال» فى هذا التقرير، موضحين أنها ستخلق انتعاشة سريعة للقطاع الصناعى بمجرد تفعيلها، إلا أنهم طالبوا بمزيد من الإجراءات العاجلة لإنقاذ القطاع الصناعى الذى تأثر كثيرًا نتيجة ندرة الخامات، وعدم تهيئة المناخ المناسب لنمو الصناعة خلال المرحلة المقبلة.
أكد الدكتور محمد عبد السلام، رئيس غرفة صناعة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات، أهمية تحرك الدولة لإنعاش وتنشيط الصناعة المحلية التى تأثرت كثيرًا خلال السنوات الماضية نتيجة تحديات رئيسية، من بينها أزمة التراخيص، ونقص الأراضى وغيرها.
وأوضح أن مصر لديها فرصة كبيرة خلال المرحلة الحالية لجذب المزيد من الاستثمارات الصناعية الأجنبية للسوق المحلية من بعض الدول مثل سريلانكا أو بنجلاديش، وبالفعل توجد مناقشات حاليًّا بهذا الشأن.
وشدد عبد السلام على سرعة تفعيل كل ما تحدثت عنه الحكومة خلال الأيام الماضية بشأن إتاحة الأراضى الصناعية بحق الانتفاع، وكذلك سرعة إنهاء إجراءات التراخيص الصناعية، لأن حالة الروتين والبيروقراطية من جانب بعض المسئولين فى الجهات المنوطة بالصناعة تعد عامل طرد للاستثمار الصناعى.
وأوضح ضرورة إعادة النظر فى بعض الإجراءات المعمول بها لدى هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، والخاصة بخضوع بعض الواردات الخاصة بخامات الصناعات النسيجية للفحص داخل المعامل دون داعٍ، ما يعطل عمل المصانع ويكلفها أموالًا مقابل عمليات الفحص.
أشاد المهندس عبد الغنى الأباصيرى، نائب رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات، رئيس جمعية مستثمرى 15 مايو، باهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى بالصناعة المصرية، وبدء وضعها على أجندة الاهتمام، وإطلاق مبادرة توطين الصناعة المحلية لزيادة الإنتاج، وخفض الاستيراد.
وأوضح أن الدولة ممثلة فى كل من الرئيس عبد الفتاح السيسى، وكذلك مجلس الوزراء، والمجموعة الاقتصادية، تعلن منذ بداية الشهر الحالى عددًا من الإجراءات لتنشيط وتحفيز الصناعة المحلية، ومنها استثناء واردات الخامات ومستلزمات الإنتاج من قرار وقف العمل بمستندات التحصيل، حيث بدأت انفراجة كبيرة فى تدبير الدولار من جانب البنوك لاستيراد الخامات خلال اليومين الماضيين.
وأكد الأباصيرى أنه من الضرورى أيضًا حل مشاكل البيروقراطية أمام القطاع الصناعى، فضلًا عن توفير كافة المرافق اللازمة للمناطق الصناعية لتسهيل عمل المصانع خلال المرحلة الحالية.
قال المهندس وليد جمال الدين، رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء، إن كافة القرارات التى تم الإعلان عنها مؤخرًا جيدة للغاية، ومحفزة للاستثمار والتصنيع المحلى، وتنم عن اهتمام الحكومة والقيادة السياسية بتحريك وزيادة عجلة الإنتاج.
وأضاف جمال الدين أن الأهم من القرارات هى طريقة التفعيل والجهة التى ستقوم بالتطبيق، مشيرًا إلى أن مجلس الوزراء يحاول بكل جهده تحريك العجلة ولكن بعض الموظفين يوقفون التطبيق بسبب الروتين والبيروقراطية من بعضهم فى التنفيذ.
وأشار رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء إلى أنه يجب على الحكومة تغيير نظم إدارة التراخيص وإلغاء بعض الاشتراطات التى تعرقل التنفيذ فى بعض اللوائح، وعمل تغيير جذرى فى الهيئات الحكومية وبعض الجهات الأخرى مثل اعتماد بعضهم على القرارات بإرسال مراسلات وانتظار مراسلات بدلًا من استخدام الإيميل والفاكس وغيرها من الأدوات السريعة للتنفيذ.
وكشف عن أن الإعفاءات التى تستعد الحكومة لإقرارها يجب أن تشمل كل ما هو مشروعات صغيرة ومتوسطه لمدة تساعد على تنمية تلك المشروعات، واسترداد تكاليف الإنتاج، مع ضرورة وضع استراتيجية ودعم كبير لتنمية الصادرات الفترة المقبلة.
فيما أكد المهندس عمرو أبو فريخة، عضو غرفة الصناعات الهندسية، أنه يجب أن تصل مدة الإعفاءات الضريبية لنحو 8-10 سنوات، بما يساعد ويسمح لتلك الصناعات لتحقيق أرباح، واستعادة نفقاتها واستثماراتها، والبدء فى تحقيق أرباح وعوائد تسمح من خلالها سداد الضرائب والأعباء المفروضة عليها.
وأشار أبو فريخة إلى أن الصناعة تحتاج لمزيد من الاهتمام، وتقليل وقت التراخيص بشكل كبير، لاسيما أن أغلب المصانع تكمن مشاكلها فى الحصول على تراخيص فى ظل البيروقراطية الحالية من بعض الجهات الحكومية والمنفذة للقانون.
وأوضح أن قرارات إتاحة الأراضى بنظام حق الانتفاع لن تكون مجدية لدى بعض المصانع، لاسيما أن البنوك الممولة لن تسمح بتمويل مشروعات بأراضى ليست مملوكة لصاحب المصنع، ما يعيق إمكانية تمويل وتدشين المشروع.
وأثنى على أن يتم تخصيص الأراضى للتمليك بسعر المرافق مع إمكانية تقسيطها، مطالبًا بضرورة أن يكون التقسيط على مدة طويلة، وأن يكون سعر المرافق غير مغالٍ فيه من جانب هيئة التنمية الصناعية، فى ظل المتغيرات الاقتصادية الحالية.
وقال مصدر مسئول فى غرفة الصناعات المعدنية، إن القرارات جيدة ومشجعة للاستثمار، ولكن الأهم من ذلك هى اللوائح التنفيذية لتلك القرارات، فى ظل الظروف الحالية التى يعانى منها الاستثمار والاقتصاد العالمى.
وأشار إلى أن القطاع الخاص يعانى بشدة فى ظل الركود الشديد فى الطلب من جانب المستهلكين، واكتفاء البعض على الضروريات من غذاء وشراب ودواء، كما أن الغالبية يعيد النظر مجددًا فى طريقة الإنفاق الخاص به، بالتزامن مع تضخم فى الأسعار.
وأكد ضرورة أن تقوم الحكومة بتنفيذ القرارات الخاصة بتفضيل المنتج المحلى فى المناقصات، مع وضع اشتراطات على استيراد المنتج النهائى لدعم التصنيع المحلى، فى ظل أن بعض الدول تدعم منتجاتها لغزو الأسواق.
وطالب بضرورة تنظيم السوق وطريقة الاستيراد، وتشجيع ودعم التصدير بشكل أكبر، مع إمكانية خفض سعر الغاز لبعض المصانع تشجيعًا لدعم تحولها من الدرفلة إلى التصنيع الكامل.