
يسيطر مناخ ضبابى على مصير
الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة الوافدة إلى السوق المحلية،
فى ظل ظهور بعض التهديدات بقطع المساعدات الأوروبية والأمريكية عن مصر.
وطرحت
«المال» على الخبراء، تساؤلا حول امكانية ايجاد بدائل للاستثمارات
الاوروبية والامريكية حال تنفيذ تلك الدول ما ألمحت له مؤخراً بقطع
مساعداتها واستثماراتها عن مصر.
بداية قال عدد من خبراء الاستثمار
المباشر وسوق المال، إن فرض عقوبات اقتصادية على مصر فى الوقت الحاضر،
سيؤثر بالسلب على نصيبها من الاستثمارات المباشرة، خاصة تلك القادمة من
الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة.
وأضافوا أنه على الحكومة العمل
على تنويع الاستثمارات الأجنبية من خلال فتح الطريق امام العالم الشرقى،
خاصة الاستثمارات الصينية التى تتمنى الدخول إلى السوق المحلية.
وحدد
خبراء الاستثمار عدة خطوات كـ«روشتة» لزيادة الاستثمارات الأجنبية
المباشرة فى الفترة المقبلة وأهمها إعادة الأمن فى الشارع، والاستقرار
السياسى، ووضع برنامج للاستثمار يضم المشروعات الكبرى مثل مشروعات الطرق
والكبارى، وقطاع البترول والغاز، ومصانع الأسمدة مع تفضيل الاستثمارات
القادمة من الكتلة الشرقية من خلال تقديم الحوافز لها.
قال هانى
توفيق، خبير الاستثمار وأسواق المال، إن الاستثمارات المباشرة القادمة من
دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة ستتأثر بالأوضاع الجارية، خاصة فى
ظل توجهات الاتحاد الأوروبى واجتماعاته نحو وقف المساعدات إلى مصر.
وأضاف
خبير الاستثمار وأسواق المال، أنه إذا تم فرض عقوبات على مصر من قبل
الاتحاد الأوروبى أو الولايات المتحدة سيؤدى ذلك إلى خفض التصنيف الائتمانى
للبلاد، وهو ما يجعل شهية المستثمرين منخفضة للاستثمار، وبالتالى ينخفض
حجم الاستثمارات المباشرة بصفة عامة.
وقال توفيق، إن فكرة توجه
الحكومة نحو محاولة جذب استثمارات مباشرة من دول المعسكر الشرقى، خاصة
روسيا والصين، بالإضافة إلى دول أمريكا اللاتينية مثل البرازيل، هى فكرة
جيدة فى حد ذاتها ولكن لن تكون بديلاً عن استثمارات الاتحاد الأوروبى
والولايات المتحدة خاصة فى ظل الارتباط الوثيق بين المصالح الاقتصادية مع
هذه البلدان.
وأضاف خبير الاستثمار وأسواق المال، أن هذا النوع من
السياسة الذكية التى كان يقوم بها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر باستخدام
ورقة الاتحاد السوفيتى للضغط على الولايات المتحدة، لم يعد موجودا الآن
بهذا الشكل، وذلك بسبب عدم وجود الاتحاد السوفيتى أو الدولة التى توازى
قوتها قوة الولايات المتحدة.
وتوقع خبير الاستثمار، أن يحدث استقرار
نسبى فى البلاد خلال شهرين أو ثلاثة شهور من الآن، حيث سيتم القضاء على
الجماعات الإرهابية فى سيناء وغيرها من المحافظات، وبالتالى سيكون هناك
تأثير إيجابى فى قطاع الاستثمارات المباشرة، وإن وقعت بعض أعمال العنف
الفردية التى لن تؤثر سوى على قطاع السياحة بشكل نسبى.
وألمح توفيق،
إلى أن أهم المكاسب من هذه الاحداث الحالية هى المساعدات الخليجية التى
ستؤثر إيجابا بالطبع على موازنة البلاد، وأيضا الاستثمارات الخليجية التى
سيكون لها نصيب الأسد من السوق فى الفترة المقبلة.
من جانبه، قال
خالد سبع، الرئيس التنفيذى لشركة اجرو كورب للاستثمار المباشر، إن الأحداث
الجارية ستؤثر بالطبع على حجم الاستثمارات المباشرة فى مصر وخاصة
الاستثمارات الأوروبية والأمريكية فى ظل موقف الاتحاد الأوروبى والولايات
المتحدة، الذى يعتبر معارضا للحكومة المصرية الحالية.
وأضاف سبع، أن
حجم التأثير السلبى الناتج عن انخفاض الاستثمارات المباشرة الأوروبية
والأمريكية، لن يكون كبيراً فى ظل قلة هذه الاستثمارات فى مصر فى هذه
المرحلة التى تعيشها مصر.
فمنذ عام 2008 وحتى الآن، الجزء الأكبر من
الاستثمارات التى دخلت مصر كانت خليجية، هذا بالإضافة إلى تمركز جزء كبير
من الاستثمارات الأجنبية الأوروبية والأمريكية فى قطاع البترول، وهى
استثمارات تحكمها حسابات اخرى ليست لها علاقة بما يحدث الآن.
وشدد
الرئيس التنفيذى لشركة «اجرو كورب للاستثمار المباشر»، على ضرورة قيام
الحكومة بعدة خطوات لانتشال البلاد من مأزق الركود الاقتصادى، حيث يجب
عليها القيام بجولات ترويج خارجية لفرص الاستثمار، مثل دول الخليج العربى
والصين وروسيا والبرازيل.
ويرى الرئيس التنفيذى لشركة اجرو كورب
للاستثمار المباشر، فى الشركات الصينية البديل الأمثل لاستثمارات دول
الاتحاد الأوروبى، وأكد ضرورة العمل على جذب هذه الشركات للاستثمار فى مصر.
وحدد
سبع، عدة خطوات لزيادة نصيب مصر من الاستثمارات المباشرة فى الفترة
المقبلة، وذلك عن طريق حل مشكلة الأمن، ووضع برنامج اقتصادى مميز، وعلاج
عجز الموازنة عن طريق المساعدات الخليجية، وتقديم مميزات وحوافز للاستثمار
فى مصر، وتوضيح دور الحكومة فى الفترة المقبلة وإذا كانت مروجة للمشروعات
ام مشاركة فيها، وتسهيل إنشاء صناديق الاستثمار وتسيير التعاون بينها وبين
الجهات الدولية المسماة بالجهات المانحة.
وتوقع فى حال عودة الأمن
وتحقيق الاستقرار أن تختلف حال السوق ويرتفع حجم الاستثمارات بمجرد إقرار
التعديلات على الدستور فى الفترة المقبلة.
وأضاف سبع، أن هناك
مستثمراً حذراً سيفضل الانتظار حتى يتم تنفيذ خارطة الطريق بأكملها، وهناك
مستثمر يحب المخاطرة ويريد الاستفادة من الوضع خاصة فى ظل وجود فرص
استثمارية هذه الأيام لن ت++تكرر فى سوق استهلاكية كبيرة، وبعض الصناعات
التى تمتلك ميزة تصديرية.
وقال عمر مغاورى، مدير الاستثمار بصندوق
«بداية1»، إنه يجب علينا معرفة الجوانب المحيطة بالاستثمارات الأوروبية
والأمريكية لكى نعرف مدى تأثير مواقف الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة
المضاد للحكومة المؤقتة على هذه الاستثمارات.
وأضاف مغاورى، إنه فى
أوقات كثيرة يكون «الدائن أضعف من المدين» فى إشارة لموقف الاتحاد الأوروبى
فى مشكلة مصر الحالية، ولنا فى أزمة دبى الأخيرة بعد الأزمة الاقتصادية
العالمية مثالا، حيث رضخ العالم الدائن لطلب دبى وجلس على مائدة المفاوضات
التى انتهت بجدولة ديون هذه الإمارة، حيث تتركز استثمارات أوروبا والولايات
المتحدة على قطاع البترول والغاز، وبالتالى هذه الاستثمارات صعب أن تتأثر
أو تنتهى فى الوقت الحاضر.
وأكد مدير الاستثمار بصندوق «بداية1»،
ضرورة اتباع «سياسة التوريط» بمعنى انه إذا أراد الاتحاد الأوروبى معاقبة
مصر، فإن استثمارات شركات مثل بريتش بتروليم، بريتش غاز، إليكترولكس هى
التى ستتأثر سلبا وليس الشعب المصرى لأنه دائما يوجد البديل.
وشدد
مغاورى، على ضرورة التوجه إلى كتلة الخليج والصين والعمل على جذب استثمارات
هذه الدول التى تعتبر مخرجا مهماً للاقتصاد فى هذا الوقت، حيث تتغول
الاستثمارات الصينية فى دول أفريقيا بسبب غلق الباب أمامها فى السوق
المصرية، بما يعنى وجوب توجه الحكومة إلى المعسكر الشرقى.
وطالب
مدير الاستثمار بصندوق «بداية1»، بتغيير المجموعة الاقتصادية فى الحكومة
بعد استقرار الأوضاع، وتشكيل مجموعة اقتصادية جديدة خالية من الهواجس
القديمة التى تتعلق بالهيمنة الغربية، بالإضافة إلى تحديد المشروعات التى
تحتاج إليها الدولة وتضعها أمام العالم بأكمله، لكى يتم الاستثمار فيها
ويتوقف القرار على مصلحة البلاد.
وحدد مغاورى خطوات يجب على الحكومة
القيام بها لكى تعيد الروح إلى الاقتصاد مثل تفعيل خطة 20 مليار دولار من
دول الخليج، ووضع برنامج للاستثمار فى مصر يضم مشروعات كبرى مثل مشروع محور
القناة، ومشروعات الطرق والكبارى، ومشروعات التنقيب عن الغاز وتكرير
البترول، ومناقصات المعادن، ومصانع الأسمدة مع إعادة النظر فى اتفاقية
الغاز مع الاتحاد الأوروبى، والنظر فى تعريفة المرور فى قناة السويس مع
تفضيل الكتلة الشرقية «الصين وكوريا وروسيا» وإعطائهم تفضيلات للاستثمار فى
مصر.
وتوقع مدير الاستثمار بصندوق «بداية1»، أنه فى حالة تغيير
الحكومة إستراتيجيتها وتوجهها نحو المعسكر الشرقى، حدوث تأثير إيجابى على
جميع قطاعات الدولة، بالإضافة إلى فلترة رجال الأعمال واستبعاد غير
القادرين على تنويع استثماراتهم المعتمدين على أوروبا والولايات المتحدة.
وطالب مغاورى، بعدم الاستعجال على قطاع الاستثمارات المباشرة فى الفترة الحالية، حيث وصفها بأنها فترة العمل السياسى.
من
جانبه، قال عمرو القاضى «خبير استثمار وأسواق المال» إنه بلا شك سيحدث نوع
من التأثير فى حال مقاطعة الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة مصر أو فرض
عقوبات عليها، وأن هذا التأثير ناتج عن خوف المستثمرين الأجانب الدخول فى
مشكلات حال استثمار أموالهم فى مصر.
وأضاف القاضى، إنه يجب على
الحكومة الانفتاح على العالم شرقا وغربا فى محاولة لجلب المزيد من
الاستثمارات المباشرة ويجب بذل الجهد لتوضيح الصورة الحقيقية لما يحدث فى
مصر حتى لا تتأثر الاستثمارات الأجنبية.
ورأى خبير سوق المال، أنه
يجب تحقيق الاستقرار وعودة الأمن إلى الشارع، بالإضافة إلى توجيه رسالة
إعلامية توضح الحقائق مع إجراءات اقتصادية تشجع على الاستثمار والتأكيد على
عدم اتخاذ إجراءات استثنائية لعودة الروح الى اقتصاد البلاد.
وشدد
القاضى على ضرورة معرفة دور الحكومة فى المرحلة القادمة وهل هى مشارك ام
منظم فقط للسوق، مع عدم اتباع سياسة رد الفعل حتى لا تحدث آثار عكسية على
الاستثمارات المباشرة.
وأبدى خبير سوق المال، تفاؤله بالمستقبل
القريب قائلاً: إنه حال تنفيذ خارطة الطريق والالتزام بها سيعتبر ذلك
عبوراً ثانياً لمصر مثل العبور فى 73.