اختتم حوار بين الصين والولايات المتحدة بعد أن أجرى الجانبان تبادلات صريحة وبناءة ومفيدة، مما أبقى الباب مفتوحا أمام مزيد من الاتصالات.
تعزيز التفاهم
وقال يانغ جيه تشي، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، للصحفيين بعد المحادثات التي استمرت يومين في أنكوريج بولاية ألاسكا الأمريكية، “لقد تبادلنا وجهات النظر بشأن سياساتنا الداخلية والخارجية وكذلك العلاقات الثنائية. هذا الحوار الإستراتيجي صريح وبناء ومفيد”.
وكان برفقة يانغ، وهو أيضا مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي، بينما مثل الجانب الأمريكي وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان.
ويمثل الحوار أول اتصال رفيع المستوى بين البلدين بعد أن أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأمريكي جو بايدن مكالمة هاتفية عشية العام القمري الصيني الجديد، وأول محادثات وجها لوجه بين مسؤولين رفيعي المستوى من الجانبين منذ تولي بايدن مهام منصبه في يناير.
حوار بين الصين والولايات المتحدة
واتفق الرئيسان على أن الجانبين بحاجة إلى تعزيز الاتصالات وإدارة الخلافات وتوسيع التعاون.
وبالرغم من البداية المثيرة للجدل يوم الخميس، والتي شن فيها الجانب الأمريكي بشكل استفزازي اتهامات لا أساس لها من الصحة ضد الصين وتلقيه ردا قويا من الوفد الصيني، قال يانغ إن الحوار مفيد ويفضي إلى تعزيز التفاهم المتبادل.
وقال بيتر بي.ووكر، الشريك الفخري الأول في شركة ((ماكينزي وشركاه)) الأمريكية للاستشارات الإدارية العالمية، إن التحلي بالصبر مطلوب لتعديل العلاقات بين الصين والولايات المتحدة.
وأضاف ووكر أنه “إذا خرجتم بفهم أفضل بكثير لأولويات كل جانب … ولديكم احترام متبادل من الناس الذين يعرفون بعضهم البعض بشكل أفضل، أعتقد أن هذه نتيجة جيدة”.
— إدارة الاختلافات
هناك بعض الاختلافات المهمة بين الصين والولايات المتحدة، لكن البلدين لديهما المسؤولية والقدرة والحكمة لإيجاد طريقة للدول الكبرى ذات الأنظمة السياسية المختلفة للتوافق مع بعضها البعض، وفقا لبيان صادر عن الوفد الصيني.
لدى الجانبين الكثير من الشواغل، لكن كما قال وانغ للصحفيين بعد المحادثات، يمكن تخفيف بعض شكوكهما من خلال الحوار، بينما يمكن إدارة بعض المشاكل القائمة منذ فترة طويلة من خلال الحوار.
وأوضح الوفد الصيني للجانب الأمريكي أن الصين ليس لديها نية لتحدي مكانة الولايات المتحدة ونفوذها أو الحلول محلها، وحث الولايات المتحدة على امتلاك رؤية صحيحة عن النظام السياسي للصين ومسار التنمية الخاص بها، وسياسات ومبادئ الصين الأساسية، وتأثيرها على العالم.
خطوط صينية حمراء
وأثناء المحادثات، شدد الجانب الصيني أيضا على الخطوط الحمراء التي لا يجوز تجاوزها أبدا، مؤكدا على وجوب عدم المساس بوضع الحكم الذي يتمتع به الحزب الشيوعي الصيني وكذا أمن النظام الاشتراكي الصيني، بينما تعد السيادة وسلامة الأراضي قضيتين رئيسيتين من حيث المبدأ، وفقا للبيان.
وأفاد البيان أن الصين ملتزمة بعدم الصراع وعدم المواجهة والاحترام المتبادل والتعاون المربح للجانبين مع الولايات المتحدة، في وقت تحمي فيه سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية بشدة.
وصرح روبرت دالي، مدير صرح معهد كيسنجر بشأن الصين والولايات المتحدة التابع لمركز ويلسون لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن البلدين “لديهما اختلافات جوهرية”، بيد أن “السؤال هو: هل يمكننا إيجاد طريقة لإدارة العلاقات على الرغم من أهداف وسلوكيات كل منا الآخر التي لا نوافق عليها، أو التي نجدها معادية لمصالحنا”.
وقال دالي “أعتقد أننا بحاجة إلى أن نكون صريحين بأن هذه ستكون مجموعة تفاعلات طويلة الأجل عويصة للغاية”.
اتصالات مستمرة
ومن خلال المحادثات المباشرة، اتفق الجانبان على مواصلة الحوار والاتصالات، وإجراء تعاون متبادل المنفعة، وتجنب سوء التفاهم وسوء التقدير، وتفادي الصراع والمواجهة، وتعزيز التنمية السليمة والمطردة للعلاقات الصينية الأمريكية.
وقال الوفد الصيني إن الجانبين أعربا عن أملهما في استمرار هذا النوع من الاتصالات الإستراتيجية رفيعة المستوى.
وقال جيفري ساكس، مدير مركز التنمية المستدامة بجامعة كولومبيا، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن الصين والولايات المتحدة لديهما “كم هائل من المصالح المشتركة”، والعلاقة بين البلدين “الضخمين والمعقدين” تحتاج إلى النمو “على أساس منظم”.
وقد شهد الحوار الذي اختتم للتو مناقشة الجانبين لمجموعة واسعة من القضايا، بما فيها الترتيبات المتبادلة لتطعيم الدبلوماسيين والمسؤولين القنصليين من كل جانب ضد كوفيد-19، وتعديل سياسات السفر والتأشيرات وفقا للوضع الوبائي، وتعزيز تطبيع تبادل الأفراد تدريجيا.
مجموعة عمل مشتركة
ومن الجدير بالذكر أن الصين والولايات المتحدة قررتا إنشاء مجموعة عمل مشتركة بشأن تغير المناخ، واتفقتا على مواصلة وتعزيز الاتصال والتنسيق في مجموعة متنوعة من الشؤون العالمية والإقليمية.
كما أكدت الولايات المتحدة مجددا التزامها بسياسة صين واحدة بشأن قضية تايوان.
وصرح روبرت لورانس كوهن، رئيس مؤسسة كوهن، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أنه “من الواضح أنه من مصلحة الجميع” أن تتمتع الصين والولايات المتحدة “بعلاقة عمل جيدة ومتينة كيفما يجري تحديدها في نهاية المطاف”.
وقال وانغ عقب الحوار إن موقف الصين تجاه تطوير العلاقات الصينية الأمريكية واضح ومتسق، معربا عن أمله في أن تلتقي الولايات المتحدة بالصين في منتصف الطريق، وعلى وجه الخصوص، يتعين على الجانبين احترام المصالح الجوهرية والشواغل الرئيسية لبعضهما البعض.
وأضاف أنه على هذا الأساس، فإن الباب أمام الحوار بين الصين والولايات المتحدة سيظل مفتوحا دائما.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.