تدشين إدارات فرعية لمتابعة وتسويق الخدمات التمويلية للقطاع
سهير محمد
تشهد البنوك اجتماعات مكثفة على مستوى الإدارات العليا التى بدأت فى تعديل تركيبة محافظها الائتمانية وخططها للعام الجديد التى كانت قد انتهت منها قبل بداية العام، والتى ستشهد تغييرات جذرية وشاملة على مستوى تمويل الشركات والتجزئة المصرفية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة وفقًا للتعليمات الجديدة للمركزى، والتى تنص على خفض سقف التمويل المتاح للعميل الواحد إلى %15 بدلا من %20، وتحديدها للعميل وأطرافه بنسبة %20 بدلا من %25، كما قلصت حد الخصم من الراتب إلى %35 بدلا من %40 لسداد أقساط القروض الاستهلاكية.
كما شرعت البنوك فى إعداد خططها الخاصة بالتوسع فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة استعدادًا لتقديمها للبنك المركزى قبل نهاية الشهر المقبل.
وتتضمن عمليات البنوك الانتهاء من التصنيف الجديد لمحافظ ائتمان المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وفقًا للتعريف الجديد الذى أطلقه البنك المركزى، وعقد اجتماعات على مستوى إدرات الائتمان والفروع لوضع الخطط التوسعية فى قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وتتضمن الخطط كل الإجراءات التى تتعلق بزيادة قدرة البنوك على إقراض القطاع بداية من إعادة قاعدة بيانات العملاء لديها وفقًا التعريف الجديد، وتحديد نسبة القروض الممنوحة لهذا القطاع من إجمالى القروض.
وقالت مصادر لـ«المال» إن البنوك اختلفت فى تحديد النسبة فهناك بنوك حددت النسبة إلى إجمالى محفظة القروض وأخرى حددتها وفقًا لإجمالى محفظة القروض الجيدة واستبعاد القروض الرديئة والمتعثرة، وعليه اختلفت النسب التى رصدتها البنوك، وعلى سبيل المثال قام البنك الأهلى بحساب محفظته للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لإجمالى القروض ووصلت حتى نهاية ديسمبر الماضى إلى %12.7، فى حين وصلت نسبة المحفظة فى بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى إلى %39 نسبة إلى إجمالى محفظة القروض الجيدة.
وتتضمن الخطط التى بدأت البنوك فى إعدادها التعديلات التى ستجريها على سياسات إقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة للإسراع فى منح الائتمان، وكذلك فى ضوء التكلفة الجديدة للإقراض، كما بدأت البنوك فى إعداد حزمة جديدة من المنتجات الموجهة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة سواء على مستوى إدارات القروض أو كمنتجات تجزئة مصرفية.
وتسارع البنوك للانتهاء من هذه المنتجات لضمها لمنتجاتها القائمة لإدراجها فى تقرير الخطة الموجهة إلى البنك المركزى، كما تتضمن الخطة قيام البنوك بإجراء تعديلات على عمل لجان الائتمان داخل البنك والفروع بعد تطبيق التعريف الجديد.
وتخطط بعض البنوك تدشين إدارات فرعية منبثقة عن إدارات الائتمان، خاصة بنشاط المتابعة والتسويق بعد إقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
كما تتضمن الخطة عدد الفروع التى تخطط البنوك لافتتاحها وأماكنها لتحقيق المستهدف خلال الأربع سنوات المقبلة والتوقيتات الزمنية لافتتاحها، كما ترصد الخطة قيام البنوك بتعيين موظفين جدد للعمل فى إدارات المشروعات الصغيرة والمتوسطة وخضوع الموظفين للتدريب اللازم.
وكان المركزى قد ألزم البنوك بزيادة حجم القروض الممنوحة لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، بحيث لا تقل نسبتها عن %20 من إجمالى محفظة قروض البنوك خلال السنوات الأربع القادمة، جاء ذلك تنفيذًا لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى، بتوفير 200 مليار جنيه لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بسعر عائد متناقص %5 سنويًا مقابل السماح للبنوك بخصم قيمة التمويل المباشر المقدم للمشروعات الصغيرة من قيمة الاحتياطى الإلزامى المودع بالبنك المركزى.
وقال مصرفيون إن وصول محافظ القروض الممنوحة لقطاع المشروعات الصغيرة إلى %20 من إجمالى قروض البنوك لن يكون سهلا؛ لأنه يستلزم تحركات وخبرة وإمكانيات لا تمتلكها إلا البنوك الكبيرة فى الوقت الحالى، كما أن نجاح هذه الإجراءات مرتبط بتحركات على كل ما يتعلق بخلق مناخ استثمار جاذب، وهو لا يقتصر فقط على توافر التمويل.
وأضافوا أن هناك معوقات داخلية خاصة بالبنوك وأخرى خارجية خاصة بكل الجهات التى لها علاقة بعمل هذه المؤسسات، وهو ما يمكن أن يعوق تحقيق هذه المستهدفات على أرض الواقع.
ووفقًا للإحصاءات التى قامت «المال» بإعدادها على أكبر البنوك الممولة بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بنسبة حجم القروض الممنوحة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى إجمالى القروض كان البنك الأهلى المصرى بنسبة %12.7 حتى ديسمبر 2015، وبنك مصر بنسبة %9.6 من إجمالى محفظة القروض، بالإضافة إلى البنوك التى لها باع طويل فى تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر مثل مصرف أبو ظبى الإسلامى الذى وصل إلى حوالى %17، وبنك القاهرة وصلت نسبة المحفظة إلى حوالى %8.
وألزم المركزى البنوك بزيادة حجم القروض الممنوحة لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، بحيث لا تقل نسبتها عن %20 من إجمالى محفظة قروض البنوك خلال السنوات الأربع القادمة، جاء ذلك تنفيذًا لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى، بتوفير 200 مليار جنيه لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بسعر عائد متناقص %5 سنويًا مقابل السماح للبنوك بخصم قيمة التمويل المباشر المقدم للمشروعات الصغيرة من قيمة الاحتياطى الإلزامى المودع بالبنك المركزى.
قال د. صلاح زكريا، رئيس قطاع المخاطر بأحد البنوك، إن الإجراءات الأخيرة التى اتخذها البنك المركزى جمعيها يصب فى صالح قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة لأنها ستجبر البنوك على تغيير تركيبة محافظها الائتمانية.
وأضاف أن البنوك ملتزمة بالوصول بمحافظ المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى %20 من محافظها الائتمانية، ولكن سيكون العائق الوحيد من الناحية التنفيذية هو مدى توافر الضمانات اللازمة، ولكن هناك 3 سنوات كمرحلة انتقالية لتصحيح الأوضاع والتغلب على أى معوقات.
وأوضح أن البنوك فى حاجة إلى توافر ضمانات وإجراء الدراسات الائتمانية اللازمة حتى تضمن عودة أموالها ولا ترتفع نسب التعثر خاصة أن هناك كثيرًا من البنوك حديثة العهد بمجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومن هنا تأتى أهمية التدريب على كيفية التعامل مع هذه الفئة من العملاء، وعلى البنوك أن تطور نموذجًا داخليًّا لتقييم عملاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتسهيل عملية منح الائتمان لهم.
وعن المعوقات التى من الممكن أن تواجه البنوك فى التوسع والوصول توفير بيانات ومعلومات عن المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتدريب الناس سيحتاج فترة من الوقت يكون البنوك أعدت نفسها، وهناك بنوك مثل القاهرة لها باع فى هذا المجال، ممكن ينقل خبراته للبنوك الأخرى.
وأكد زكريا أنه لا أحد ينكر أهمية كل هذه الإجراءات، ولكن النهوض بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ليست مهمة البنوك ولا البنك المركزى وحده، ولكن لا بد من اكتمال المنظومة، فلا بد من رفع كفاءة تحصيل الضرائب الذى من شأنه أن يزيد الحصيلة والتخفيف من عجز الموازنة، وعدم الضغط على موارد البنوك بإصدار أذون الحزانة، الأمر الذى سيؤدى إلى توافر سيولة أكبر للبنوك التى يمكن أن توجهها للمشروعات الصغيرة.
ويرى زكريا أن مبلغ 200 مليار جنيه هو مبلغ كبير، وهو ما يعنى أن المستهدف لكل بنك حوالى 5 مليارات جنيه خلال 4 سنوات من الأربعين بنك، ولكن من المؤكد أن الواقع سيكون مختلفًا بالنسبة للبنوك صغيرة ومتوسطة الحجم.
وأضاف أنه من المتوقع أن تكون حصص البنوك العامة أكبر من هذا المبلغ من البنوك الأخرى، وذلك حسب قدرة كل بنك وحجم أصوله.
وقال زكريا إن توجيه جزء أكبر من المحافظ الائتمانية للبنوك للمشروعات الصغيرة يعنى أن يكون وزن مخاطر معاملات الائتمان أقل من ائتمان الشركات أى تحسين معدل كفاية رأس مال البنوك.
ومن جانبه، قال ممدوح صلاح، مدير عام بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى، إن القرارات الصادرة من البنك المركزى مفيدة لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة مع تخفيض الفائدة على الإقراض إلى %5، وهى فى البنوك %13.5 كحد أدنى فى جين أنها تصل فى الصندوق الاجتماعى للتنمية %10.
وأكد أن البنوك قادرة على الوصول تدريجيا إلى نسبة الـ%20 خلال المرحلة الانتقالية التى حددها المركزى خلال 4 سنوات، ولكن الفرق أن البنوك التى تعمل فى تمويل القطاع ستكون أسرع فى الوصول أو وصلت بالفعل لهذه النسبة مقارنة بالبنوك حديثة العهد بها.
وأضاف أنه فى ظل التعليمات والسياسات الجديدة للبنك المركزى تعمل البنوك على إعادة ترتيب أولوياتها وسياستها الائتمانية، مشيرًا إلى أنه ستكون هناك متابعة مستمرة من قبل البنك المركزى لتحركات البنوك لتحقيق النسبة وهذا ما سيلزمها بها.
وعن أهم المعوقات التى يمكن أن تواجه البنوك فى التوسع فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة قال صلاح إن التمويل هو أحد العناصر اللازمة للنهوض بالقطاع، وليس معنى توافر التمويل أن كل المشكلات قد انتهت للنهوض بهذا القطاع، فلا بد من تحرك كل الجهات وليس البنوك فقط.
وأكد أن هذه الإجراءات هى الخطوة الأولى على الطريق الصحيح، وسيتم اكتشاف المعوقات والمشكلات التى تواجهها خلال السنة الأولى، وسيتم تفاديها وإجراء التعديلات اللازمة لاكتمال المنظومة.
وأوضح أن أنه لا بد من التنسيق والتحرك من كل الجهات والمؤسسات مثل وزارة التجارة والصناعة والاستثمارة غيرها وتسهيل كل الإجراءات مثل التراخيص والضرائب والتسويق وغيرها حتى لا يتوقف عند مرحلة معينة ويفاجئ بقررارت معينة ولا يكتمل حتى يصل إلى مرحلة الحصول على التمويل، فلا بد أن تكون الرؤية واضحة وهى تقديم كل التسهيلات اللازمة للمستثمر الصغير.
وعلى مستوى المعوقات التى يمكن أن تواجهها البنوك قال صلاح من أهمها الانتشار الجغرافى؛ لأن العمل فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة يتطلب الوجود فى أماكن متفرقة، بالإضافة إلى وجود كوادر قادرة على التعمل وإدارة مخاطر تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهذا يتطلب دورًا أكبر لشركة إدارة مخاطر الائتمان لضمان القروض الممنوحة للمشروعات خاصة الجدية منها بنسبة تصل إلى %100 حتى تشجع البنوك على تمويل المشروعات الجديدة، أو أن يكون هناك صندوق لضمان مخاطر تمويل هذه المشروعات.
وقال صلاح إنه لا بد من توفير الطمأنينة للبنوك التى لم تعمل فى القطاع من قبل، خاصة أن هذا النوع من الإقراض يكون بمبالغ ليست كبيرة مع إعطاء الأولوية للمشروعات كثيفة العمالة.
وأشار إلى أهمية وجود إدارة للتسويق والمتابعة داخل البنوك لإجراء متابعة دقيقة لإدارة وتسويق المشروعات، خاصة أنها تتعامل مع أصحاب مشروعات خريجين جدد وليس لديهم خبرة، مؤكدا أن المشروعات القائمة سيكون لها الأولوية فى التمويل بالنسبة للبنوك عن الجديدة لأنها تفضل مشروعات التى أثبتت نجاحًا بالفعل.
وأكد ممدوح أن البنوك ستحقق هامش ربح كبيرا من تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بعد إعفاء الودائع من الاحتياطى القانونى لأن البنوك ستقرض العميل بفائدة %5 وستعفى من %10 من الودائع كاحتياطى إلزامى، وهو ما سيشجع البنوك على الإقراض خاصة أن البنوك لديها حجم كبير من الودائع، وهو قرار ذكى لأن لن يحمل الحكومة أو البنك المركزى أى تكلفة.
وأوضح طارق بخيت، مدير عام بأحد البنوك العامة، أنه بالفعل ليست كل البنوك تمتلك الإمكانيات اللازمة للتوسع فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة لأنها تتطلب توافر أدوات مهمة على رأسها الكوادر المصرفية ذات الخبرة فى التعامل مع المشروعات الصغيرة والانتشار الجغرافى.
وقال بخيت إن وصول محافظ قروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى %20 سيكون أسهل بالنسبة للبنوك التى تعمل فى القطاع منذ سنوات بل هناك بنوك اقتربت كثيرًا من هذه النسبة ومع التسهيلات الجديدة التى أصدرها البنك المركزى لتمويل القطاع ستتعدى هذه النسبة خلال الفترة التى حددها وهى 4 سنوات.
وأضاف أن من أهم المعوقات التى يمكن أن تواجه البنوك حديثة العهد بتمويل هذا القطاع هو توافر الخبرات والكوادر التى تعمل على إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة لأنها تختلف تماما عن تمويل الشركات.
ويتوقع أن تتجه هذه البنوك من تمويل التجزئة المصرفية إلى المشروعات الصغيرة، مشيرًا إلى أن البنوك تعكف حاليًّا على تعديل سياستها الائتمانية بما يتناسب مع التعليمات الجديدة.