أكد اتحاد شركات التأمين المصرية في نشرته الصادرة اليوم الأحد الموافق 23 فبراير 2025، أن التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والأنظمة المستقلة قد أحدث تحولًا جذريًا في صناعة النقل البحري، مما أدى إلى ظهور السفن الذكية والمستقلة.
وأوضح الاتحاد أن هذه السفن، التي تعمل بتقنيات متقدمة دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر، تطرح تحديات جديدة أمام قطاع التأمين البحري، مما يستدعي إعادة النظر في أساليب تقييم المخاطر وتصميم المنتجات التأمينية.
وأشار الاتحاد إلى أن السفن الذكية شهدت تطورًا ملحوظًا خلال العقود الأخيرة، بدءًا من أنظمة التشغيل الجزئي في التسعينيات، وصولًا إلى الاعتماد الكامل على الأنظمة المستقلة منذ عام 2015.
ومع هذا التطور، تراجعت بعض المخاطر التقليدية مثل الأخطاء البشرية، إلا أن مخاطر جديدة ظهرت على السطح، من بينها الهجمات الإلكترونية، وأعطال البرمجيات، والمسؤوليات القانونية غير الواضحة في حالة وقوع الحوادث.
وأضاف الاتحاد أن أحد أبرز التحديات التي تواجه شركات التأمين حاليًا هو التعامل مع القرصنة الإلكترونية التي تستهدف السفن الذكية، حيث كشفت تقارير أمنية أن نحو 30% من السفن الذكية تعرضت لمحاولات اختراق خلال العام الماضي. وتشمل هذه التهديدات هجمات الفدية التي تقوم بتشفير أنظمة السفينة وطلب فدية لفك التشفير، بالإضافة إلى الهجمات التي تعتمد على خداع أنظمة الملاحة وتغيير مسارات السفن دون علمها.
وإلى جانب القرصنة الإلكترونية، تشكل الأعطال التقنية والبرمجية خطرًا كبيرًا، حيث قد تؤدي الأخطاء في الخوارزميات إلى اتخاذ قرارات غير صحيحة خلال الإبحار. فعلى سبيل المثال، شهد عام 2023 حادثة اصطدام سفينة بشعاب مرجانية بسبب عدم قدرة نظام الملاحة الذكي على التكيف مع تغيرات قاع البحر. كما أن تحديثات البرمجيات الدورية تمثل تحديًا آخر، حيث قد تصل تكلفة تحديث أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى نصف مليون دولار سنويًا لكل سفينة، فضلًا عن مخاطر عدم التوافق بين الإصدارات الجديدة والقديمة من البرمجيات.
وفيما يتعلق بالإطار القانوني، أكد الاتحاد أن 75% من الدول البحرية لا تمتلك حتى الآن قوانين واضحة تنظم مسؤولية السفن الذكية، مما يزيد من تعقيد القضايا التأمينية في حال وقوع الحوادث. وأوضح أن غياب الطاقم البشري عن هذه السفن يثير تساؤلات قانونية حول تحديد الجهة المسؤولة عن الحوادث، ما يتطلب تعاونًا بين الجهات التشريعية وشركات التأمين لوضع إطار قانوني واضح.
ولمواجهة هذه التحديات، أكد الاتحاد أن قطاع التأمين البحري بدأ في تطوير منتجات تأمينية متخصصة تتناسب مع طبيعة المخاطر الجديدة. وتشمل هذه المنتجات تأمين المسؤولية الإلكترونية الذي يغطي الأضرار الناجمة عن الاختراقات السيبرانية، وتأمين الأعطال الفنية لحماية السفن من أخطاء البرمجيات، وتأمين فقدان البيانات لتعويض المعلومات الحيوية التي تجمعها السفن الذكية، فضلًا عن تأمين المسؤولية القانونية لمواجهة التعقيدات الناتجة عن غياب الطاقم البشري.
وأكد الاتحاد شركات التأمين المصرية على أهمية التعاون بين شركات التأمين وشركات التكنولوجيا والجهات التنظيمية لضمان توفير تغطية تأمينية شاملة للسفن الذكية والمستقلة.
وأوضح أن التأمين البحري سيلعب دورًا رئيسيًا في دعم انتشار هذه التكنولوجيا، من خلال تقديم حلول تأمينية مرنة تساعد على تعزيز الثقة في السفن المستقلة، مما يسهم في تطوير قطاع النقل البحري عالميًا.