إيرادات بنوك الاستثمار الأمريكية تتجاوز 100 مليار دولار من تداول الأسهم

لأول مرة منذ أكثر من 10 سنوات بفضل «كورونا»

إيرادات بنوك الاستثمار الأمريكية تتجاوز 100 مليار دولار من تداول الأسهم
خالد بدر الدين

خالد بدر الدين

7:44 ص, الأثنين, 30 نوفمبر 20

تتجه أكبر البنوك الاستثمارية الأمريكية لتحقيق إيرادات من تداولات الأسهم تتجاوز 100 مليار دولار هذا العام لأول مرة منذ أكثر من 10 سنوات، بعد أن حققت فعلاً حوالى 84 ملياراً خلال التسعة شهور الأولى من العام الجارى، متفوقة على إيرادات أى سنة كاملة منذ عام 2010.

وركب المستثمرون البائعون موجة نشاط التداولات عندما هوت الأسواق المالية فى بداية إغلاقات المصانع والشركات، وحظر خروج الناس من بيوتهم بسبب وباء فيروس كورونا خلال الشهور الأولى من انتشار العدوى، وقبل استعادة الأنشطة الاقتصادية لأعمالها المعتادة.

وذكرت وكالة بلومبرج أن مكاسب التداولات منذ بداية وباء كورونا ساعدت على تعويض الضعف فى أنشطة المستهلكين فى كبرى بنوك الاستثمار الأمريكية التى تراكمت فيها مخصصات القروض المعدومة، خلال النصف الأول من هذا العام بسبب مرض كوفيد 19.

وقال جيف هارت محلل أسواق البنوك بشركة بايبر ساندلر للأبحاث المالية والاقتصادية، إن وحدات التداولات وعقد الصفقات فى أسواق المال كانت جذابة للبنوك عندما انهارت الإيرادات فى بداية وباء كورونا، وحققت التداولات مكاسب كبيرة، لاسيما للبنوك الضخمة.

وشهدت بنوك الاستثمار الأمريكية مثل JP مورجان تشيز، وجولدمان ساكس جروب، ومورجان ستانلى ارتفاعا فى إيرادات التداولات بأكثر من %20 فى الربع الماضى للفصل الثالث على التوالى، لدرجة أن عوائد السهم ارتفعت إلى مستوى قياسى لبنك جولدمان، وحقق بنك مورجان ستانلى ثانى أعلى أرباح فى تاريخه.

ولكن تدهور إيرادات البنوك الاستثمارية بسبب معاناة الأنشطة الاقتصادية من وباء كورونا، أثار تساؤلات بخصوص استجابة سياسة مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى، ودور البنك فى عملية التعافى من الركود، ووجه تحديات لكيفية تعامل الشركات عند سداد مدفوعات التداولات.

لكن مكاسب التداولات حافظت على الأرباح مستقرة نسبياً، وساعدت بنوك الاستثمار الأمريكية فى عام الوباء الحالى على تفادى المشاكل الوجودية التى واجهتها فى الأزمة المالية العالمية خلال عامى 2008 و 2009، مستفيدة من استعادت الشركات والبنوك أرباحها التى كانت تحققها قبل الوباء.

وتفوقت عوائد الأسهم فى 5 من أكبر 6 بنوك أمريكية على توقعات المحللين، لكن أسعار أسهم بنكين فقط هى التى ارتفعت خلال الربع الحالى، بينما هبطت أسعار أسهم أكبر 4 بنوك بأكثر من %27 هذا العام حتى الآن، ورغم أن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 S&P تفوق خلال العام الجارى على مستوياته القياسية السابقة، لكنه لم يتفوق على البنوك سوى فى قطاع الطاقة فقط.

وأكدت كبرى البنوك أنها تعرضت لهبوط واضح فى القروض التجارية مع تفاقم كورونا، وبعد أن قفز معدل الاقتراض خلال الربع الأول من العام الجارى، والذى كان من البوادر القوية على انتعاش الاقتصاد لأن الشركات كانت تشعر بثقة فى قدرتها على سداد القروض التى حصلت عليها فى بادية الإغلاقات، لكن هذه القروض الضخمة باتت من العوامل التى أعاقت نمو إجمالى إيرادات البنوك.

وتراجعت القروض التجارية بحوالى %10 على الأقل بقية شهور السنة فى بنوك JP مورجان، وسيتى جروب، وبنك أوف أمريكا عن مستوياتها فى الربع الأول من هذا العام، لكن مارك ميسون، رئيس الشئون المالية فى بك سيتى جروب، أكد أن هناك ارتفاعاً واضحاً فى سداد القروض مع اتجاه الشركات لأسواق المال للحصول على السيولة النقدية.

وأوضحت تيرى دولان، رئيسة الشئون المالية فى يو إس بنكورب، أن حوالى %40 من العملاء سددوا أقساط القروض من خلال إصدار سندات، ونسبة %60 الباقية استخدموا الأرباح لتقليص الديون.

ويرى بول دونوفريو، رئيس الشئون المالية فى بنك آوف أمريكا، أن أسعار فوائد القروض التجارية تراجعت لمستويات قياسية، لكنه يشعر بالتفاؤل فى ارتفاع الطلب على القروض خلال الشهور القادمة، مع استعادة الاقتصاد لعافيته، لكن نظيرته جينيفر بيبسزاك، فى بنك JP مورجان أعربت عن نظرة مستقبيلة أكثر تحفظاً.

ووصفت جينيفر البنوك بأنها تسير على الماء عند منح القروض بهذه المستويات المنخفضة القياسية، غير أنها تأمل أن تزداد صفقات الدمج والاستحواذ والاستثمار فى رأس المال لتدعيم نمو القروض المعتادة، لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت.

وتستغل كبرى البنوك الأمريكية وباء هذا العام فى تنفيذ المزيد من الخطط التوسعية، لكن البنوك المتوسطة والصغيرة اتجهت لإغلاق العديد من فروعها.

وحصل مثلا بنك JP مورجان على موافقة لدخول 10 ولايات إضافية، ليصل عدد الولايات التى يعمل بها إلى 48، ولديه 120 فرعاً فى أسواقه التوسعية، وسيفتتح أكثر من 150 فرعاً جديداً خلال الفترة المقبلة، بينما أعلن بريان ميونيهان، الرئيس التنفيذى لبنك آوف أمريكا، تعزيز حصته السوقية خلال الربع الحالى بفتح 13 فرعاً جديداً فى أسواق لا يعمل بها.

لكن البنوك الإقليمية المتوسطة والصغيرة تعمل بسرعة على تقليص شبكة فروعها، لدرجة أن بنك يو إس، أعلن العام الماضى عن اعتزامه إغلاق 10 إلى %15 من فروعه مع بداية 2021 لتقليل التكاليف، لكنه أكد مؤخراً عن عزمه إغلاق %25 منها، وكذلك بنك PNC فاينانشيال سيرفيسيز، سيغلق 160 فرعاً هذا العام، مع اتجاه العملاء للخدمات الديجيتال بسبب وباء كورونا الذى أصاب ما يقرب من 60 مليون أمريكى حتى الآن.