أعلنت وزارة التجارة الأمريكية أن إنفاق المستهلكين الأمريكيين الذى يمثل أكثر من %66 من النشاط الاقتصادى هبط بحوالى %1 خلال شهر فبراير الماضى ليسجل أكبر نسبة انخفاض منذ عشرة شهور.
وأكت الوزارة أن الدخل الشخصى هوى بحوالى %7.1 خلال فبراير بعد انتعاشه بأكثر من 10 %فى يناير الذى ارتفع خلاله الإنفاق بما يزيد عن %3.4 بفضل الإعلان عن توزيع اللقاحات اللازمة لمكافحة فيروس كورونا وتزايد التفاؤل فى القضاء على الوباء.
وذكرت وكالة رويترز أن مشتريات الأمريكيين من السلع الاستهلاكية تراجعت كثيرا خلال الشهر الماضى وسط الأجواء الباردة التى كبلت العديد من المناطق فى الولايات المتحدة وقلصت حركة الناس علاوة على تزايد الإصابات بفيروس كورونا والتى تجاوز عددها 30 مليون حالة واقترب عدد الوفيات من 550 ألف ضحية برغم التطعيم بلقاحات مرض كوفيد 19.
وتراجع أيضا إنفاق المستهلك الأمريكى مع انحسار الانتعاش المتوقع من الجولة الثانية لشيكات التحفيز التى تعهد الرئيس جو بايدن بمنحها للمستهلكين أصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة بسبب استمرار العدوى من كورونا الذى جعل الولايات المتحدة تتصدر العالم فى عدد الإصابات والوفيات معظم شهور العام الماضى وحتى الآن.
هبوط الإنفاق الاستهلاكى الأكبر منذ الإغلاقات
لكن المحللين فى وزارة التجارة يرون أن هبوط الإنفاق الاستهلاكى الذى يعد الأكبر منذ الإغلاقات التى فرضتها الحكومة الفيدرالية على الأنشطة غير الجوهرية مثل المطاعم ومرافق التسلية والترفيه منذ أبريل الماضى للحد من تفشى الوباء، يمثل انخفاضا مؤقتا لأنهم يتوقعون أن يحقق الاقتصاد الأمريكى هذا العام أفضل أداء منذ 37 عاما بفضل تدابير التحفيز الضخمة التى يمنحها البيت الأبيض والتى بلغت 1.9 تريليون دولار لتخفيف تداعيات كورونا وزيادة التطعيمات بلقاحات مكافحة الفيروس.
وقال جريجورى داكو رئيس الاقتصاديين فى مؤسسة أوكسفورد إيكونوميكس فى نيويورك إن انخفاض الإنفاق والدخل فى فبراير الماضى هو مجرد حالة مؤقتة ومن المتوقع أن يؤدى ارتفاع عدد التطعيمات وتوزيع أكبر شيكات تحفيز على المستهلكين فى تاريخهم لمواجهة تداعيات الوباء إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكى بقوة خلال الشهر الجارى.
برودة فبراير قلصت إنتاج الأنشطة الاقتصادية
أدت الأجواء شديدة البرودة خلال النصف الثانى من الشهر الماضى فى العديد من الولايات الأمريكية كثيفة السكان ومنها تكساس وغيرها من المدن الجنوبية، إلى ركود فى تشييد المبانى وانخفاض إنتاج المصانع وتراجع طلبات الشراء وهبوط فى حجم شحنات المنتجات الصناعية.
وساعد ارتفاع درجات الحرارة هذا الشهر والموافقة على إرسال شيكات التحفيز التى يبلغ كل منها حوالى 1400 دولار للفرد من المستهلكين المؤهلين لها وتمديد شبكة الضمان الاجتماعى على العاطلين حتى 6 سبتمبر القادم على تزايد الإنفاق الاستهلاكى خلال مارس الحالى وحتى الآن لأعلى مستوى له منذ 8 سنوات.
وانتعش أيضا سوق العمل خلال الشهر الجارى لدرجة أن طلبات الحصول على إعانات البطالة لأول مرة انخفضت الأسبوع الماضى لأقل مستوياتها منذ بداية الوباء وحتى الآن بفضل النظرة المستقبلية المتفائلة التى رفعت الروح المعنوية للمستهلكين مما جعلتهم يتجهون إلى الشراء أكثر وأكثر.
مؤشر ثقة المستهلك ارتفع بمارس لأعلى مستوى منذ عام
نشرت جامعة ميتشيجان فى تقرير منفصل فى نهاية الأسبوع الماضى أن مؤشر ثقة المستهلك ارتفع الشهر الجارى إلى أعلى مستوى له منذ عام 2012 وانتعش الدولار مقابل العملات الأخرى وتراجعت عوائد سندات الخزينة الأمريكية بينما ارتفعت أسعار أسهم الشركات فى وول ستريت.
كان الإنفاق الاستهلاكى على السلع تراجع الشهر الماضى بحوالى %3 بقيادة الهبوط فى شراء منتجات الأدوية والرعاية الصحية والتسلية والترفيه بينما زاد الإنفاق على الخدمات بنسبة طفيفة بلغت %0.1 وارتفع أيضا إنفاق المستهلكين على المرافق والرعاية الطبية داخل المستشفيات ليعوض الانخفاض فى الإنفاق فى المطاعم.
ورغم تراجع التضخم مع هبوط الطلب إلا أنه من المتوقع ارتفاع أسعار السلع مع استئناف فتح جميع الأنشطة الاقتصادية بفضل تزايد عدد الأمريكيين الذين سيجرى منحهم التطعيمات فى غضون الأسابيع القادمة وانتعاش السياسة المالية والنقدية لدفع عجلة النمو الاقتصادى وتشجيع المستهلكين على زيادة إنفاقهم على السلع والخدمات.
ارتفاع معدل التضخم خلال العام الجارى
أعلن جيروم باول رئيس مجلس الاتياطى الفيدرالى الأمريكى (البنك المركزى) أنه يتوقع ارتفاع معدل التضخم خلال العام الجارى ولكنه لن يكون بنسبة كبيرة ولا بصفة مستمرة ولاسيما أن مؤشر سعر نفقات المستهلك الشخصية باستثناء أسعار الأغذية والوقود المتقلبة PCE زاد %0.1 فى فبراير بعد ارتفاعه %0.2 فى يناير من العام الحالى بينما صعد خلال ال 12 شهرا حتى الشهر الماضى بحوالى %1.4 وحتى يناير بنسبة %1.5
ويفضل مجلس الاحتياطى الفيدرالى مؤشر PCE كمقياس للتضخم ويستهدف أن يبلغ %2 كمتوسط مرن لمعدل التضخم بصفة عامة غير أن جاس فوشر الخبير الاقتصادى بشركة PNC فاينانشيال فى مدينة بيتسبرج بولاية بنسلفانيا يرى أنه إذا كان التضخم سيرتفع قليلا هذا العام لكنه سيظل تحت السيطرة خلال الأعوام القليلة المقبلة لأن الاقتصاد مازال يعتريه تباطؤ سيستمر فترة طويلة قادمة.
ومع ذلك فقد تراجع إنفاق المستهلك بعد تعديله مع معدل التضخم بنسبة %1.2 الشهر الماضى بعد ارتفاعه %3 فى يناير من العام الحالى غير أن هبوط إنفاق المستهلك الحقيقى خلال أول شهرين فى الربع الأول من هذا العام إلا مازال أفضل كثيرا مما كان فى الربع الأخير من العام الماضى.
العجز فى تجارة السلع %2.5 فى فبراير
رغم ارتفع العجز فى تجارة السلع بحوالى %2.5 فى فبراير ليتجاوز 86.7 مليار دولار للمرة الثانية فى تاريخه وفقا لتقرير وزارة التجارة الأمريكية إلا أن هذا العجز لم يؤثر على التوقعات المتفائلة بتحقيق نمو اقتصادى واضخ خلال الربع الحالى.
ورفع خبراء الاقتصاد فى بنك مورجان ستانلى توقعاتهم لنمو الناتج المحلى الإجمالى الأمريكى للربع الأول من العام الجارى إلى %10 بمعدل سنوى بالمقارنة مع %8.7 فى توقعاتهم السابقة فى بدادية العام وبالمقارنة مع %4.3 فى الربع الأخير من العام الماضى.
نمو الاقتصاد العام الجارى إلى %7 لأعلى معدل منذ عام 1984
يتوقع هؤلاء الخبراء أن يرتفع نمو الاقتصاد خلال العام الجارى إلى %7 ليحقق أعلى معدل نمو منذ عام 1984 برغم انكماشه 3.5 %خلال عام الوباء والذى سجل أسوأ أداء منذ 74 عاما بسبب انتشار فيروس كورونا الذى فرض قيودا عنيفة أدت إلى إغلاق العديد من الأنشطة الاقتصادية ولاسيما الطيران والسياحة والمطاعم ومرافق التسلية والترفيه.
وهوى دخل المستهلكين بحوالى %27 فى الشهر الماضى وتراجعت مدخراتهم بأكثر من %13.6 بعد هبوطها بما يزيد عن %19.8 فى يناير لكن من المتوقع أن ترتفع مدخراتهم خلال الشهر الجارى مع حصولهم على شيكات التحفيز.
ويرى مجلس الاحتياطى الفيدرالى أن انتعاش الاقتصاد يرجع أيضا إلى أن معدل البطالة سينخفض إلى %4.5 مع نهاية العام الجارى بفضل برنامج التحفيز الحكومى وتطعيم معظم الأمريكيين كبار السن بحلول مايو القادم حيث يتم تطعيم أكثر من مليونى أمريكى يوميا منذ نهاية العام الماضى وحتى الآن بفضل جهود الحكومة لوضع حد للوباء مما جعل سوق العمالة تشهد انتعاشا واضحا خلال مارس الحالى الذى تراجع فيه معدل البطالة إلى %6 وارتفع حجم العمالة غير الزراعية بحوالى 643 ألف شخص.
وأكد الرئيس جو بايدين أن مساعديه جهزوا برنامجا اقتصاديا طويل الأجل بقيمة 3 تريليونات دولار للإنفاق على مشروعات فى مجالات البنية التحتية واستثمارات تكنولوجية لدفع عجلة الاقتصاد وضمان منافسة قوية مع الصين فى المستقبل وتعويض تداعيات وباء كورونا التى قلصت النمو العام الماضى.