صورة – ارشيفية
حسام الزرقاني:
يعد انتاج الوقود الحيوي من المخلفات الزراعية ومن النباتات التي تعتمد في زراعتها علي المياه المالحة قضية في غاية الاهمية، خاصة مع تصاعد حدة مشاكل الطاقة التقليدية علي المستوي العالمي، وقرب نضوب البترول والغاز الطبيعي في مصر وفي اماكن كثيرة من العالم.
ولذلك شدد الخبراء علي ضرورة ان تسعي مصر وبقوة الي دخول ميدان انتاج الوقود الحيوي من المخلفات الزراعية التي تمتلكها، فضلا عن ضرورة الاستفادة من التجارب العالمية الرائدة في هذا المجال من اجل توفير الطاقة للاجيال القادمة من ناحية وتحقيق اقصي استفادة ممكنة من المخلفات الزراعية المتجددة من ناحية اخري.
وحسبما اكد الدكتور سعيد صالح استاذ الهندسة الكيمائية والبيولوجية عميد كلية الهندسة بجامعة سيناء فإن مصر يجب ان تتجه بقوة وبشكل علمي مدروس الي انتاج الوقود الحيوي من المخلفات الزراعية التي يزيد حجمها علي 30 مليون طن سنويا ـ حسبما تشير الارقام المعلنة ـ كما يجب ان تتجه ايضا الي انتاج الوقود الحيوي من النباتات التي يمكن التوسع في زراعتها في تربة تعتمد علي المياه المالحة.
ولفت الي ان دولا مثل: الهند والبرازيل وجنوب افريقيا توسعت بشكل ملحوظ في انتاج الطاقة من المخلفات الزراعية، كما ان الصين انشأت مصنعا كبيرا لانتاج الايثانول الحيوي من مخلفات محصول الذرة.
من جانبه شدد المهندس ايمن فائق رئيس قسم الاختبارات بهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة علي اهمية منع انتاج الوقود الحيوي من المحاصيل الغذائية والتركيز علي انتاجه من المخلفات الزراعية المتجددة.
واشار الي ان انتاج الوقود الحيوي من المحاصيل الزراعية الرئيسية يجب ان يمنع لانه سيؤثر بشدة علي الامن الغذائي العالمي وسيؤدي الي ارتفاعات كبيرة وغير مبررة في اسعار الغذاء وهو ما حدث في فترات سابقة ومازال يحدث حتي الآن، داعيا الي الاتجاه بقوة الي التوسع في استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في توليد الكهرباء لتحقيق وفر في الوقود البترولي المعرض للنضوب خلال الفترة المقبلة.
وفي السياق ذاته دعا الدكتور محمد علي رزق رئيس قسم المحاصيل الزراعية بكلية زراعة الازهر الي وضع تشريعات جديدة في جميع دول العالم النامي والمتقدم، ومنها مصر تمنع استخدام اي محاصيل غذائية في انتاج الوقود الحيوي بسبب الآثار السلبية الخطيرة الناجمة عن الاخذ بهذا التوجه.
وطالب مراكز الابحاث في مصر وفي العالم المتقدم بتوجيه كل جهودها نحو انتاج الوقود الحيوي من المخلفات الزراعية ومن نباتات الطاقة التي يمكن زراعتها في تربة غير صالحة للزراعة وتعتمد علي المياه المالحة وهي موجودة في مصر بمساحات كبيرة.
وشدد رزق علي اهمية ان تدخل مصر وبقوة في مجال انتاج الطاقة من المخلفات الزراعية ـ لانها لا تمتلك ثروات بترولية كبيرة.. بل علي العكس فإن مصادر الطاقة التقليدية التي لديها حاليا قابلة للنضوب ولا تكفيها إلا لسنوات قليلة مقبلة، ومن هنا يجب علي مصر ان تحذو حذو الصين وتتوسع في انتاج الوقود الحيوي من المخلفات الزراعية.. وتنشئ مصنعا ضخما لانتاج الايثانول الحيوي من مخلفات الذرة التي تمتلك مصر منها ملايين الاطنان!!
وفي نفس الوقت اكد المهندس خالد وجيه رئيس لجنة البترول والطاقة بجمعية رجال الاعمال المصريين اهمية دخول مصر مجال انتاج الطاقة من المخلفات الزراعية ومن النباتات التي تزرع بمياه مالحة لكي تتمكن من مواجهة النضوب المتوقع في الوقود القائم علي البترول والفحم والغاز الطبيعي باعتباره وقودا غير مستدام لان خاماته غير متجددة وقابلة للنفاد.
وألمح الي ان انتاج الطاقة من المخلفات الزراعية التي تمتلك منها مصر ملايين الاطنان تجربة يتم تطبيقها في الهند واليابان والولايات المتحدة الامريكية حاليا وتحقق عائدا اقتصاديا كبيرا لهذه البلدان.
ونبه الي ان مصادر الطاقة التقليدية في مصر قابلة للنضوب ومن اجل ذلك يجب ان نسعي لتوفير بدائل بشكل عاجل وسريع.. علي ان تكون تلك البدائل مرتبطة بانتاج الطاقة من القمامة والمخلفات والرياح والشمس، ورحب باعلان وزارة الكهرباء مؤخرا عن البدء في انشاء اول مزرعة رياح في مصر بخليج السويس بقدرة 250 ميجاوات.
وحذر وجيه من العواقب الوخيمة التي يمكن ان تترتب علي عدم لحاق مصر بركب العالم الذي يتجه بقوة لانتاج الوقود الحيوي من المخلفات الزراعية.
ورفض في الوقت ذاته انتاج الوقود الحيوي من الغذاء او من النباتات التي تزرع في ارض زراعية خصبة وجيدة وتستهلك مياها صالحة للري الزراعي التقليدي، لافتا الي ان انتاج الوقود الحيوي من الغذاء الذي يتجه اليه البعض حاليا في اوروبا يعتبر جريمة ضد الانسانية لانها تهدد بحدوث مجاعات بشرية قاتلة.