■ رضوى: انتهاء جولات دعم الطاقة يعزز قدرة الشركات على بناء نماذج الأعمال وتدشين المشروعات
■ عبد المنعم: زيادة أسعار الفائدة عقب التعويم أضعف قدرة القطاع على الاقتراض
■ بدرة: المشروعات الصغيرة والمتوسطة تعزز من استعادته لوضعه الطبيعى
■ عبد العال: الخفض المرتقب يشجع على المزيد
من الاقتراض
محمود الصباغ- فاطمة إمام
قلص القطاع الخاص المحلى حصته من قروض البنوك لتسجل أقل مستوياتها خلال السنوات العشرة الماضية بنسبة 60.2% نهاية شهر أبريل الماضى مقارنة بنحو %83.9 فى الشهر ذاته من العام 2009 ، حسب بيانات النشرة الإحصائية للبنك المركزى المصرى والتى أشارت الى أن النمو القوى فى إجمالى أرصدة القروض لم يواكبه نموا مماثلا فى الائتمان المقدم للقطاع الخاص.
ونمت قروض البنوك بنحو %312 خلال الفترة من أبريل 2010 وحتى أبريل 2019 بينما كان النمو أقل فيما يتعلق بأرصدة قروض القطاع الخاص اذ بلغ 190% خلال الفترة نفسها.
أرجع خبراء ومصرفيون انخفاص نصيب القطاع الخاص من الائتمان البنكى الى تباطؤ وتيرة نمو القروض التى حصل عليها مقارنة بنسبة النمو التى حققها إجمالى القروض، كنتيجة أساسية لتراجع حصته من الاستثمارات التى تم تنفيذها لتصل الى %44 تقريبا خلال العام المالى 2018-2017 مقارنة بنحو %54.7 فى العام المالى 2010-2009، بالإضافة الى تأثره بالصعود القوى لأسعار الفائدة المحلية عقب تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016.
زادت أسعار الفائدة لدى البنك المركزى المصرى «الكوريدور» – أحد أهم مؤشرات تسعير الائتمان البنكى – بنحو 10 نقاط مئوية فى الفترة من ديسمبر 2015 وحتى الشهر ذاته من عام 2017 مسجلة %19.75 على الإقراض قبل أن تبدأ فى التراجع مجددا الى مستوى %16.75 فى الوقت الحالى، ومن المرجح تراجعها 1 إلى %2 خلال الربع الأخير من العام الجارى وفق توقعات عدد من بنوك الاستثمار وشركات البحوث المحلية.
أكد الخبراء أن القطاع الخاص أبدى نوعا من التباطؤ فى تنفيذ استثمارات جديدة خلال الفترة الماضية لعدم قدرته على بناء دراسات جدوى بسبب الزيادات المستمرة فى أسعار الطاقة والكهرباء ضمن برنامج الإصلاح الإقتصادى، وبالتالى كان تدخل القطاع الحكومى ضروريا لسد فجوة الاستثمار وتعزيز معدلات النمو الاقتصادى وكبح مؤشر البطالة.
يذكر أن مؤشر مدراء المشتريات الرئيسى PMI التابع لبنك الإمارات دبى الوطنى كشف عن توسع القطاع الخاص غير النفطى فى أبريل الماضى، بأسرع وتيرة منذ أغسطس 2015، حيث تخطى المؤشر مستوى 50.0 نقطة، محايد، الذى يحدد الانكماش والتوسع.
أكد المؤشر أن تحمل القطاع الخاص العبء الأكبر لمواكبة جهود الإصلاح الاقتصادى التى بدأت فى مصر آواخر 2016، لافتا إلى أن الإنتاج حقق معدل إيجابى لأول مرة منذ 18 شهراً، ورصدت الشركات قوة الطلب بشكل أكبر، وقراءة إيجابية للطلبات الجديدة للشهر الثانى على التوالى ينذر بتحسن لقراءات متتالية.
أرجعت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث بفاروس، معدلات النمو المنخفضة بالقطاع الخاص إلى ازدياد حجم استثمارات الحكومية المنفذة فى الأعوام الأخيرة مقارنة بالقطاع الخاص، مشيرة إلى أن أداء الطلب على القروض بتأثير بالطلب على تمويلات القطاع العام، لأنها تشغل النسبة الأكبر من القروض.
استحوذت الحكومة وهيئاتها الاقتصادية والخدمية على نسبة %41.8 بقيمة 529 مليار جنيه، من إجمالى التسهيلات الائتمانية التى ضختها البنوك منذ 2013، بينما توزعت %59 المتبقية على القطاع الخاص بواقع %19.5 للنشاط الصناعى و%17.15 للخدمات، و%13.5 للقطاع العائلى ويضم الأفراد الطبيعيين، وغيرهم و%6.2 للتجارة، و%0.9 للزراعة، وسجلت إجمالى القروض التى حصل عليها القطاع الخاص خلال تلك الفترة ما يزيد عن 725 مليار جنيه، تبعا لتحليل أجرته «المال» اعتمادا على بيانات النشرة الإحصائية الشهرية للبنك المركزى المصرى.
أوضحت أن ارتفاع سعر الفائدة عقب تحرير سعر الصرف أثر سلبا على قدرة القطاع الخاص على الاقتراض فى الأعوام الماضية، متوقعة استعادة حصته القوية من الائتمان مع مطلع العام المقبل عقب خفض الفائدة المرجح من جانب البنك المركزى المصرى خلال الربع الأخير من العام الجارى.
انتعشت القروض المقدمة للقطاع الخاص خلال الفترة 12 شهرا منذ أبريل 2018، وحتى الشهر ذاته من العام الجارى لتبلغ نحو 86.7 مليار جنيه مقابل 33.7 مليار فقط خلال نفس الفترة من 2017-2018، ويعزى ذلك إلى تحسن نصيب القطاع من الاستثمارات ليصل إلى %60.5 فى النصف الأخير من 2018 مقابل متوسط %44، عن العام المالى 2018-2017.
قال محمد عبد المنعم، الخبير المصرفى ومدير قطاع تمويل الشركات ببنك الاستثمار العربى، إن انخفاض معدلات نمو قروض القطاع الخاص خلال 5 أعوام المنقضية، يرجع إلى ارتفاع العائد على الإيداع والإقراض خلال تلك الأعوام مقارنة بالفترات السابقة لها، ونتج عنها ارتفاع تكلفة الإقراض، مشيرًا إلى أن هدف الدولة كانت ترفع الفائدة على الإيداع والإقراض لمواجهة موجات التضخم.
أوضح أن الأوضاع الاقتصادية دفعت القطاع الخاص غير المرتبط بالخطط التوسعية، أو الأهداف الاستراتيجية للدولة، لتأجيل خطتهم التوسعية الخاصة بهم، سواء على مستوى خطوط الإنتاج أو شراء منتجات أو الآلات، التى كان يتم تموليها من قروض القطاع المصرفى.
أشار إلى أن الإقراض تزداد تكلفته حسب مخاطره، ما يدفع البنوك خلال فترة المسح إلى منح القطاع الخاص بفائدة أكبر عكس القطاع العام لأن مخاطره أقل، موضحًا أن القطاع الحكومى ذو مخاطر صفرية.
أضاف أن شركات القطاع الخاص عزفت عن الاقتراض من البنوك بشكل نسبى مقارنة بالأعوام الماضية، لأن دراسات تلك الشركات حول تأثير تكلفة التمويل ذو العائد المرتفع يدفع أرباحها إلى التراجع.
أوضح أن هناك اتجاهين يدفعان لعودة القطاع الخاص إلى معدلات نموه السابقة من الاقتراض، أولهما استقرار معدلات التضخم والتى سيعقبها تراجع معدلات الفائدة على الإيداع والإقراض، مشيرًا إلى أنه على المركزى فى اجتماعات السياسة النقدية المقبلة، والنظر فى خفض سعر الفائدة، مؤكدًا أن الفائدة مازالت مرتفعة، والاتجاه الثانى يكمن فى دور وزارة الاستثمار والتعاون الدولى.
أوضح محمد بدرة، عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، أن قروض القطاع المصرفى تعتمد بشكل أكبر على القروض المشتركة والقروض الكبرى الممنوحة من البنوك، مشيرًا إلى أنه آخر 5 أعوام كان التوسع فى بشكل أكبر فى البنية التحتية ومحطات المياة والكهرباء، والاستثمار فى المرافق والمدن الجديدة، فأغلب تلك التمويلات عبارة عن قروض مشتركة، وتلك المشروعات حكومية لذا كان نصيب القطاع من الاستثمار منخفض، دفع هذا معدلات نمو القطاع الخاص إلى التراجع.
كما أشار إلى أن الأوضاع السياسية التى جاءت بعد الثورة فى الأعوام الماضية التى نتج عنها عزوف الاستثمار الأجنبى والمحلى وابتعادهم عن البنوك كما كان هناك تخوف من البنوك فى إقراض القطاع الخاص لارتفاع مخاطر القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن أمل القطاع الخاص يكمن فى تركيز البنوك على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
كما يرى محمد عبدالعال، الخبير المصرفى، أن السبب وراء عدم توافق معدلات نمو قروض القطاع الخاص مقارنة مع نمو إجمالى القروض، إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج للشركات، ما يدفعها لرفع سعر المنتج النهائى، ويصعب على الشركات ترويج منتجاتها مرتفعة السعر، متوقعًا زيادة حصة القطاع الخاص من القروض خلال الفترة المقبلة، تزامنا تراجع الفائدة إلى معدلاتها الطبيعية.
تابع عبد العال: «كل المؤشرات الحالية، تؤكد أن المركزى يخفض سعر الفائد فى الاجتماعات المقبلة، وتشير التقديرات أنها تنخفض بواقع 100 نقطة فى الاجتماع المقبل، تزامنا مع تراجع التضخم فى الفترة المنقضية، واكتشافات الغاز الطبيعى وبرنامج الإصلاح الاقتصادى كلها ملامح تشير إلى أن القطاع الخاص من سيحصل على حصة تمويلية أكبر خلال الفترة المقبلة».
قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة، خلال اجتماعها فى منتصف يوليو الماضى عند %15.75، و%16.75، للمرة الثالثة على التوالى.