نشرت بمقالى 14/ 3/ 2023 (بركاتك يا إكس لانس شامبليون!) مناشدة لمنتج وفريق عمل المسلسل الرمضانى (الحاج إكس لانس) لتغيير بوستر المسلسل فورًا، على الأقل بإزالة تشكيل الرأس الملكى أو رأس «حم إيونو» أسفل الملصق، لخطورة إثارته اللبس أو سوء الفهم، والمقارنة وربطه بوجيعة مصر «تمثال شامبليون» يدعس رأس ملك مصرى بالكولديج دى فرانس بباريس، للنحات أوجست بارتولدى. وكان قد سبقنى فى ذات الطلب عدة مقالات وأخبار صحفية أثارت الأزمة للسادة د. محمد عبد المقصود الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، د. عبد الرحيم ريحان رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، أ. بسام الشماع المؤرخ والمرشد السياحى وغيرهم، مقابل توضيح فريق عمل المسلسل بأن بطله يضع قدمه على حجر إسمنتى وليس رأس ملكى!
خطورة أزمة تغيير البوستر (وهى غير مفتعلة)، فى تأثيرها السلبى المباشر عند إدارة ملف قضية تمثال شامبليون رسميًا بعدم صلاحيته للعرض العام، لتوفر مسئولية فنية تقصيرية فى حق صانعه بارتولدى، على النحو المشروح باستفاضة فى مقالاتى الـ14 السابقة! وكان فى ظهور بوستر (الحاج إكس لانس) بشُبهة محاكاته لهذا الخطأ الفنى الضار بمصر والمصريين، ما سيُضعف الجدلية الفنية التاريخية، والحجة القانونية لفريق عمل التصدى للأزمة مع جهات الاختصاص الفرنسية، بما سيجعل لتحفظ المؤرخ بسام الشماع محلًا فى التفنيد الفرنسى لطلبنا الموضوعى العادل، عندما وضح بحسم (فكيف ستكون الحال إذا ما قال لنا الفرنسيون ها هو أحد فنانيكم يضع قدميه على رأس ملك مصرى أيضًا؟).
وعلى الصعيد الشخصى أطلق مقالى مناشدة (باسمى وباسم جيل بناتى والمصريين؛ للشركة المنتجة، وبطل الفيلم المحبوب، وفريق العمل، والرقابة على المصنفات الفنية، ونقابة الممثلين، لتغيير بوستر مسلسل إكس لانس فورًا، على الأقل بإزالة تشكيل الرأس الملكى أو رأس «حم إيونو» أسفل الملصق)، وأعقبت المقال، بتواصل مباشر مع الفنان الكبير أ.د أشرف زكى رئيس نقابة المهن التمثيلية، والفنان الكبير الأستاذ. أيمن عزب عضو المجلس، والإعلامى الكبير د. خالد حلمى، والسادة مسئولى قناة المحور مشترية حقوق البث الحصرى للمسلسل، الذين تواصلوا مشكورين مع منتج العمل وقائد فريق عمله الأستاذ ممدوح شاهين لتفعيل مناشدة تعديل البوستر. وفى وعى حقيقى من مصرى أصيل، ودارس للآثار المصرية، قام المنتج بتعديل البوستر على الصفحة الرسمية للشركة المنتجة بالفيسبوك، مع هذا التعليق الإيجابى جدًا (نفى السيد المنتج/ ممدوح شاهين وضع أى شخص قدمه على تمثال يمثل الحضارة المصرية أو ما شابه ذلك، والصورة عبارة عن وقوف الفنان/ محمد سعد على كتلة إسمنتية، وحيث إن المنتج/ ممدوح شاهين من خريجى كلية الآثار، وقد عمل بمجال السياحة طيلة عشرين عامًا، وكأثرى غيور على نشأته الأثرية فإنه لن يقبل مطلقًا بأية إساءة من الممكن أن تمس الحضارة المصرية، وبناءً عليه قام المنتج/ ممدوح شاهين بتعديل البوستر الخاص بالمسلسل.
يأتى هذا التصحيح الشجاع من منتج العمل، كأول انتصار لموضوعية الطرح الجديد لأزمة تمثال شامبليون، ولتغليب الوعى بمصلحة مصر وكرامتها، على مصالح مهنية وتجارية وفنية، وكسد لثغرة حتمًا كانت ستعوق طرح المطالبة المصرية بحل أزمة التمثال.
سيُحسب فى التاريخ لكل من ساهم ودعم وقرر تعديل بوستر (الحاج إكس لانس)، إطلاق شرارة الوعى الجمعى فى 2023 بأهمية قضية مصر ضد تمثال شامبليون، ليكون تصميم البوستر الأصلى، ثم تعديله رسميًا بعد المناشدة، هو أول خطوة مادية إيجابية وثقت بدء تغيير الإدراك المصرى بخطورة الأزمة، ثم التصدى لها، ثم استيعاب أثرها، فحلها. خصوصًا عندما ترتبط شُبهة مُحاكاة المهانة الشامبليونية، بفنان كبير محبوب كالأستاذ محمد سعد، ومن خلال وسيط الفضائيات المخترقة لكل بيت وموبايل فى العالم وليس مصر فقط.
خالص الشكر للمصرى الأصيل والمنتج الواعى الأستاذ ممدوح شاهين، والفنان الكبير محمد سعد، وفريق عمل مسلسل إكس لانس، الذين قدرًا سيُكتب لموقفهم المُصحح الخلود عند الاحتجاج به فى ملف الدعوى، كدليل فورى على يقظة الوعى المصرى، ورفض المصريين لمجرد شبهة التشبه بوصمة تمثال شامبليون.
إكس لانس مصرى يا شامبليون! ولن يعيد قصة «عواد» الفلاح المصرى، الذى رفض بيع أرضه 1946 لأمير جائر وقتلوه لكفاحه لاستعادتها قضائيًا بعد غصبها، ليقوم الأمير ومعاونوه بعد قتله بإشاعة بيعه لأرضه كوصمة عار لأى فلاح مصرى وقتها، واستأجروا السفهاء ينادون بالقرى بالجملة الشهيرة «عواد باع أرضه يا ولاد.. شوفوا طوله وعرضه يا ولاد»، ولكن الحقيقة أن عواد لم يبع أرضه، بل مات من أجلها، ولم يتركها.
وهكذا كان وسيكون العمل الفنى الحاج إكس لانس! لم يكابر فى الحق أو القيم المصرية، أو يترك لنفسه شُبهة لصقه بوجيعة مصرية، ويصمت عنها أو يكابر فيها بعد وعيه بخطورة القضية، ودور الإعلام والفنان والفن فى تشكيل وتوجيه الوعى الجمعى وسيكولوجية الجماهير وعشقها للتقليد الأعمى.
أول الغيث قطرة! ولدينا اليوم أول دليل شعبى بتعديل البوستر على بداية تحرك الوعى المصرى، لاستيعاب خطورة أزمة تمثال شامبليون، ويكون الحاج إكس لانس سببًا قدريًا لفضول مشاهديه ما علاقته بشامبليون وبارتولدى، ولماذا تم تعديل البوستر؟ فتبدأ رحلة بحثهم عن صورة التمثال على جوجل، فمعاينة المهانة، فالإحساس بالوجع، فتوحيد رؤية أهمية إزالته، فاستنفار المتخصصين فى التاريخ والآثار والسياحة والفن التشكيلى والإعلام والثقافة، لتقديم زخم المعلومات والمستندات والرؤى التى تدعم فريق عمل محاكمة بارتولدى عن صنيعته المُهينة تمثال شامبليون!
لن يبيع المصريون تاريخهم وكرامتهم وآثارهم، بإشاعة اكتشاف شامبليون لفك الهيروغليفية! وسنثابر حتى تتلقى صنيعة بارتولدى جزاء مُلهمه اُديب!
فإكس لانس مصرى يا بارتولدى!
* محامى وكاتب مصرى