تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، استضافت المملكة العربية السعودية الدورة العاشرة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين، والدورة الـثامنة لندوة الاستثمارات تحت شعار “التعاون من أجل الرخاء” في مدينة الرياض، والذي انتهى إلى خطة عمل مشتركة اطلق عليها “إعلان الرياض” والذي تضمن 9 توصيات بين الجانبين العربي والصيني.
ويمثل الحدث الاقتصادي الأكبر من نوعه بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية، وذلك في إطار متابعة تنفيذ أنشطة منتدى التعاون العربي الصيني، واستكمالاً للنتائج الإيجابية التي نتجت عن الدورة التاسعة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين والدورة السابعة لندوة الاستثمارات المنعقدة في الصين عام 2021.
وتأتي هذه الاستضافة – من المملكة العربية السعودية التي تقود دفة العمل العربي المشترك للفترة القادمة منذ ترأسها للقمة العربية – استكمالاً للجهود السعودية الناجحة في احتضان أول قمة عربية صينية، حيث أعطت مخرجاتها دفعة جديدة للتعاون العربي الصيني في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، بفضل رغبة الطرفين الصادقة في الارتقاء بالتعاون إلى رحاب أوسع.
ويهدف المؤتمر – الذي رعاه صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، ونظمته وزارة الاستثمار السعودية، بالشراكة مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والمجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية (CCPIT)، واتحاد الغرف العربية، وعدد من الجهات الحكومية من الجانبين العربي والصيني – لتطوير العلاقات الاقتصادية، وتعزيز العمل المشترك المبني على المصالح المشتركة، وتحقيق المزيد من النمو الاقتصادي، وتهيئة البيئة الاستثمارية بما يحقق مستهدفات التنمية المستدامة، وتنفيذ الرؤى التنموية الطموحة للدول العربية، ومبادرة الحزام والطريق الصينية.
وافتتحت أعمال المؤتمر بكلمة راعي المؤتمر، والتي ألقاها صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود وزير الخارجية السعودي، تلاها كلمة لرئيس الجانب العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ثم كلمة خو تشون خوا نائب رئيس الهيئة الاستشارية السياسية الشعبية الصينية ، ثم كلمة لوزير الاستثمار السعودي المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح.
وحضر المؤتمر الذي يُعد أكبر تجمع عربي صيني للأعمال والاستثمار ما يزيد عن (3500) من أصحاب السمو والمعالي والسعادة، وصناع القرار، وكبار المسؤولين الحكوميين، وممثلي الجهات الحكومية والمنظمات العربية المتخصصة، والقادة والتنفيذيين، ونخبة واسعة من المستثمرين، وكبار رجال الأعمال، والمختصين، ومؤسسات تنمية التجارة والاستثمار والمؤسسات البحثية والصناعية والتجارية من الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية، والمهتمين بالعلاقات العربية الصينية من أكثر من (26) دولة مشاركة، لمناقشة الرؤى الاستراتيجية لديهم، وعرض وجهات نظرهم حول الفرص والإمكانات التي تحفل بها مجموعة من القطاعات الواعدة مثل؛ الطاقة المتجددة، والتصنيع المتقدم، والخدمات اللوجستية، والاتصالات، والتقنيات الرقمية المتطورة وغيرها، وذلك لتعزيز الشراكة الاستراتيجية العربية الصينية، وفرص الموائمة مع مبادرة الحزام والطريق، في مجالات الاستثمار، والاقتصاد، والتجارة، والعمل على الارتقاء بهذه الشراكة نحو مزيدٍ من الازدهار والنمو والتقدم.
وناقش المؤتمر – الذي شارك فيه أكثر من (150) متحدثاً من الوزراء وقادة الشركات الكبرى، في الصين والدول العربية – على مدار يومين مجالات التعاون المشتركة في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتجارة، وعُقد (9) جلسات حوارية، ركزت (الجلسة الأولى) على “الاستثمار والتمويل مع مبادرة الحزام والطريق”، وناقشت (الجلسة الثانية) “الطاقة النظيفة والمتجددة – السبيل لخفض الانبعاثات”، ونظراً لأهمية القطاع السياحي فقد خُصصت (الجلسة الثالثة) لهذا القطاع تحت عنوان “السياحة والترفيه من أجل التنوع”، أما (الجلسة الرابعة) فدار محورها حول “الأمن الغذائي والزراعة – مفتاح لإطلاق العنان للتنمية”، في حين عُقدت (الجلسة الخامسة) بعنوان “الصناعة، والتعدين والمعادن – قطاعات رئيسية لمستقبل واعد”، وكانت (الجلسة السادسة) مخصصه للحديث عن “بناء المرونة في اللوجستيات وسلاسل الإمداد والبنية التحتية”، في حين خُصصت (الجلسة السابعة) لمناقشة “الرعاية الصحية، والأدوية الحيوية”، فيما كانت (الجلسة الثامنة) بعنوان “الاقتصاد الرقمي والذكاء الصناعي – إطلاق العنان للإنتاجية والنمو”، وناقشت (الجلسة التاسعة) “القطاع المالي لدعم نمو الأعمال التجارية العربية الصينية”، كما تضمن برنامج المؤتمر عقد (18) ورشة عمل وعدد كبيرٍ من اللقاءات الخاصة والفعاليات الجانبية، الهادفة للتعريف بالمشروعات النوعية والتقنيات الحديثة المبتكرة والجهات التي تلعب دوراً مهماً في تكثيف التعاون الاستثماري والتجاري بين الصين والعرب، وتعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة الحالية والمستقبلية.
كما تم خلال أعمال المؤتمر توقيع عدد (23) اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الجانبين، زادت قيمتها الإجمالية عن (١٠) مليار دولار أمريكي. كما يتطلع الجانب العربي والجانب الصيني إلى استكمال التفاوض على اتفاقيات التجارة الحرة بين الجانب الصيني والدول العربية، وتحديث اتفاقيات حماية وتشجيع الاستثمار المتبادلة بين الجانب الصيني والدول العربية.
وقد أشاد الجانب الصيني والدول العربية بما حققته التجارة الدولية بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية من مستويات مميزة في عام 2022م، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينها حوالي (1.6) تريليون ريال (430 مليار دولار) بنمو بلغ نسبته (31%) مقارنةً بالعام 2021، وتطلعهما إلى زيادة هذه النسبة بما يحقق طموح القطاع الخاص لدى الجانبين، كما بلغ رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين، في عام 2021م، حوالي (3) تريليونات وستمائة مليار دولار، (12٪) منها من العالم العربي. وهي تضم نجاحاتٍ متميزةً في مجالات الطاقة والبتروكيميائيات، مع توجّهٍ لتعزيز هذه النجاحات لتشمل قطاعات أخرى، وبينما نما الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني إلى الخارج بمعدل (20%) سنوياً لم ينل العالم العربي سوى (23 مليار دولار) فقط وهو ما تطمح الدول العربية إلى الرفع منه.
وتوصل الجانب العربي والصيني في ختام الدورة العاشرة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين والدورة الثامنة لندوة الاستثمارات إلى التوافقات التالية:
- تعزيز الشراكات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والمالية وغيرها ذات العلاقة بالشأن الاقتصادي بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل، والارتقاء بها لخدمة المصالح المشتركة والإسهام في تحقيق تطلعات الجانبين في إطار رؤى وإستراتيجيات الدول العربية ومبادرة الحزام والطريق الصينية، واستمرار العمل على معالجة التحديات التنموية المشتركة، والدعوة لإطلاق طريق حريرٍ عصريةً جديدة.
- استكشاف المزيد من الفرص الجديدة لتعزيز التعاون والاستثمار بجميع المجالات الاقتصادية، بما في ذلك المشاريع النوعية ذات الأولوية للجانبين.
- استمرار المشاركة الفعالة في التعاون العربي الصيني العربي في المجالات النوعية كالطاقة، والطاقة المتجددة، والاقتصاد الرقمي، وريادة الأعمال والاستثمار والمشروعات الصغيرة والمتوسطة (SMEs)، وتشجيع الشركات العاملة والمؤسسات المتخصصة من الجانبين على تعزيز التواصل والتعاون بمجالات الصناعات المتقدمة والحيوية، والاتصالات والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وشبكة الإنترنت الصناعية والتجارة الإلكترونية والمدن الذكية وغيرها.
- تشجيع الشركات والمؤسسات البحثية والتطوير من الجانبين للتواصل بشكل دوري، للمساهمة في التحول والتنوع الاقتصادي، وتعزيز تبادل المعلومات حول مشاريع الاستثمار واُطرها القانونية والسياسات الاستثمارية المتعلقة بتلك المشاريع، والعمل على ترويجها وتقديم الدعم اللازم لها، والاستفادة من التجربة الصينية الرائدة في مجال البحث العلمي والابتكار.
- التأكيد على أهمية الموارد البشرية في العالم العربي لإطلاق طاقات التعاون بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية، وتبادل الخبرات وتنظيم الدورات التدريبية للتدريب التقني وبناء القدرات.
- تثمين تجاوب الجهات الصناعية والتجارية العربية والصينية لما دعت إليه الحكومات، ودورها في تعميق التضامن والتعاون والدعم السياسي وتعزيز تبادل المعلومات واستئناف حركة تبادل الأفراد بشكل ملائم ومنتظم، وتسريع وتيرة استئناف العمل والإنتاج، والعمل على استقرار الأسواق المالية وسلاسل الإمداد.
- العمل على معالجة الآثار السلبية لجائحة كورونا، والركود الاقتصادي العالمي، وتداعيات الأزمة الأوكرانية كأولوية للمجتمع الدولي والانتعاش الاقتصادي.
- العمل على تعزيز النظام التجاري متعدد الأطراف وفقاً لقواعد ومبادئ منظمة التجارة العالمية.
- التأكيد على أهمية تخفيض انبعاثات الكربون التي التزمت بها كلٌ من الدول العربية والصين حتى عام 2060م، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى إضافة نحو (1000) جيجا واط من الطاقة المتجددة تضاف إلى المنطقة العربية ومنطقة أفريقيا، وهذا يعطي القطاع الخاص في الوطن العربي والصين فرصًا سانحه للتوسع في الاستثمارات في سلسلة القيمة في هذا المجال.
وأعرب المشاركون في المؤتمر عن خالص شكرهم وتقديرهم لقيادة المملكة العربية السعودية على رعايتها واستضافتها للدورة العاشرة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين والدورة الثامنة لندوة الاستثمارات، ودعمها لهذا المؤتمر مما ساهم وبمشاركة الجانبين في إنجاح أعماله وتحقيق نتائج ملموسة تعود بالنفع على اقتصاداتها.
واتفق الجانبان على عقد الدورة الحادية عشرة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين والدورة التاسعة لندوة الاستثمارات في الصين في العام 2025.