وفقا للعديد من خبراء التأمين، من المتوقع أن تظل أسعار إعادة التأمين العالمية مستقرة أو تزيد قليلا فيما تبقى من عام 2024، ويعزى ذلك إلى ضغط شركات إعادة التأمين لمواكبة التكاليف التضخمية.
وأخبر الخبراء “المال” أن هناك إمكانية لعودة بعض الاهتمام بتغطيات الخسائر منخفضة المستوى إذا كان السعر مناسبا.
وأكدوا أن استقرار الأسعار فى تجديدات إعادة التأمين يعد علامة على الاستقرار، ومن وجهة نظر شركات إعادة التأمين، فهم أكثر اهتماما بالشروط والأحكام من الأسعار، ضمن حدود المعقول.
الشروط فى 2024 صارمة
وأكدت أمانى الماحى، رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين، على أن معيدى التأمين لن يتنازلوا عن الشروط الصارمة فى عام 2024، ولن تخفف أسواق إعادة التأمين موقفها بشأن معدلات الاحتفاظ المرتفعة من قبل شركات التأمين والشروط والأحكام الأكثر صرامة التى سعوا لترسيخها فى السنوات الأخيرة.
وأوضحت أنه تم تلبية الطلب المتزايد على تغطية إعادة تأمين الممتلكات، ولكن فى الوقت نفسه لم يتراجع السوق عن زيادة الاحتفاظ والشروط والأحكام الأكثر صرامة التى تم تنفيذها فى تجديدات العام الماضى.
وأشارت إلى أن تجديدات إعادة تأمين كوارث الممتلكات فى عام 2024 ستظل صارمة بعد التجديدات، خاصة إذا تحولت مخاوف تأمين المسئولية إلى حقيقة واقعة فى الربع القادم.
وتتوقع ارتفاع معدلات إعادة تأمين كوارث الممتلكات، معللة ذلك بمعدلات نشاط الكوارث الأخيرة التى أدت إلى ارتفاع معدلات الخسارة فى القطاع، بينما يتطلع معادو التأمين إلى جذب المزيد من رأس المال، لذلك ركزوا بشكل كبير على شرائح التغطية العليا والوسطى، حيث يسعى المؤمنون إلى المزيد من التغطية لذلك العام.
وأوضحت أن رأس المال لا يُجذب بأى ثمن، وفى معظم الحالات يتم تخصيص المزيد من رأس المال فقط عندما تظل الشروط والأحكام كافية، وبالمثل، تتراجع أسعار إعادة التأمين بأثر رجعى، حيث لا تمثل سوى حوالى 25 مليار دولار من الحد الإجمالى، وبالتالى فهى حساسة للغاية لتدفقات رأس المال المتواضعة.
وأشارت إلى أن تجديدات إعادة التأمين فى 2024 تبدو أقل جدلا ولكنها مؤلمة اقتصاديا بالنسبة لشركات التأمين مقارنة بالعام الماضى، حيث تتوفر قدرة استيعابية وفيرة لتغطية الممتلكات ولكن من المتوقع أن تأتى التغطية بسعر أعلى.
وأوضحت أن 58% من معيدى التأمين سيقومون بالاكتتاب بنفس القيم كما كان الحال فى العام الماضى من خلال مستويات مماثلة من المشاركة فى برامج التأمين الخاصة، مع وجود مؤشرات على أن 38٪ من معيدى التأمين بدأوا يصبحون أكثر انتقائية.
وأكدت أن سوق إعادة التأمين العالمية لا تزال تواجه اختلالا التوازن بين الطلب المتزايد على الحماية وحقيقة أن تدفقات رؤوس الأموال إلى القطاع بطيئة، فى حين أن سوق التجديدات الصارمة فى عام 2023 قدمت قدرة استيعابية أقل للتغطية الكاملة، وسط تحولات أساسية فى الأسعار.
وأشارت إلى أن الأخطار الثانوية ستكون محط تركيز رئيس فى تجديدات إعادة التأمين لعام 2024، حيث يدعم معيدو التأمين بالنتائج التى يرونها، حيث يتجنب الكثير منهم الخسائر المتكررة بفضل تحسين الشروط، ومن المتوقع أن يعتمد معادو التأمين بشكل أقل على الزيادات الإلزامية فى الأسعار على جميع المستويات، مع التركيز أكثر على تجربة الاكتتاب لدى العملاء.
وأضافت أن معدلات إعادة تأمين الممتلكات والمسئولية ستزداد من 20٪ إلى أقل من 10٪، فى حين أن المحافظ التى ستتأثر بالخسارة ستشهد ارتفاع الأسعار بنسبة تصل إلى 30٪، ما يشير إلى أن معيدى التأمين يسعون إلى الحفاظ على معدلات الاحتفاظ بما يتماشى مع التغير فى التعرض لتغييرات سعر الصرف والتضخم.
معيدو التأمين لن يتنازلوا عن الشروط المحكمة فى 2024
وقال خالد يسرى، رئيس لجنة إعادة التأمين باتحاد التأمين المصرى، إن معيدى التأمين العالميين قللوا من تعاملاتهم مع الأسواق، ما أثر بشكل كبير على قدرتهم الاستيعابية، خاصة بعد انفجار مرفأ بيروت، والزلازل فى تركيا وسوريا والمغرب، وإعصار درنا فى ليبيا، وكذلك الحرب الجارية فى فلسطين حاليا.
وأضاف أن خفض حدود التعويض عن حادث واحد سيدفع شركات التأمين إلى مراجعة دورية للنسـب الممنوحة فى وثائق التأمين لبعض المخاطر الطبيعية حتى لا تستنفد اتفاقياتها وتضطر لشراء تغطيات إضافية جديدة من معيدى التأمين بمبالغ إضافية.
وأشار إلى أن شركات التأمين ستخفض التغطية على المخاطر الطبيعية بنسبة 20% فى المناطق ذات المناخ المعتدلة، بينما تزيد النسبة فى المناطق المجاورة للجبال والبحار بسبب زيادة احتمالية التعرض للمخاطر.
وأوضح أن إعادة التأمين صمام أمان لشركات القطاع، حيث تزيد من قدرتها على قبول مخاطر تفوق حجم رأس مالها، بالإضافة إلى العمل على توزيع المخاطر داخل وخارج الحدود الإقليمية، لتحقيق مفهوم التأمين العالمى الذى يمكن من خلاله المشاركة فى تغطية المخاطر داخل أو خارج الحدود الإقليمية.
وأضاف أن إعادة التأمين تلعب دورا مهما ولها تأثير كبير من وجهة نظر المساهمين وحملة الوثائق، خاصة فى ظل المنافسة القوية والتطورات الاقتصادية التكنولوجية والرقمية التى يشهدها قطاع التأمين، والتى تؤثر على أداء الشركات، الأمر الذى يتطلب منها الاهتمام بالربحية لتحقيق أهدافها.
وأشار إلى أن إعادة التأمين تلعب دورا مهما فى زيادة قدرة شركات التأمين، بينما العلاقة بينهما إيجابية، فكلما كان برنامج إعادة التأمين الذى تطبقه الشركات المباشرة أكثر كفاءة وفعالية، كلما زادت قدرتها.
وأوضح أن الحصة المخصصة لمعيدى التأمين، بغض النظر عن الاتفاقية المبرمة سواء كانت نسبية أو غير نسبية، تقلل من حد الاحتفاظ للشركات المباشرة، ثم تصبح قادرة على توسيع الاكتتاب لديها واستيعاب جزء من الطلب الموجود فى السوق حتى تصل قدرتها إلى مستوى الامتصاص والامتلاء.
وأشار إلى أن العلاقة إيجابية أو مباشرة بين برامج إعادة التأمين والقدرة الاستيعابية، بينما العامل الذى يحدد ذلك هو حد الاحتفاظ وما توفره اتفاقيات إعادة التأمين كامتداد لقدرة الشركة المباشرة على استيعاب أكبر قدر ممكن من المخاطر الموجودة فى السوق.
وألمح إلى أن تأثير إعادة التأمين على القدرة الاستيعابية تحكمه عدة عوامل، وهى كفاءة الشركة فى اختيار المخاطر التى يعرضها عليها حملة الوثائق، وكفاءة برامج إعادة التأمين، وتكلفة برامج إعادة التأمين وقابليتها الاقتصادية، وتحقيق الفائدة للشركات المباشرة ومؤسسات إعادة التأمين.
وأكد أن عمليات إعادة التأمين تسعى إلى تحقيق التوازن على الأقل بالنسبة للشركات المباشرة، إن لم يكن توفيرا بين إجمالى التعويضات التى يطالب بها حملة الوثائق وإجمالى أقساط التأمين الصافية على المدى القصير والطويل، بينما يتحقق التوازن عن طريق تقليل الفرق ونتائج عمليات التأمين إلى الحد الأدنى الممكن.
والجراف التالى يبين تطور إجمالى الأقساط المكتتبة لصناعة إعادة التأمين فى شمال أفريقيا والشرق الأوسط للفترة 2017-2021، وفقا لشركة سويس رى العالمية لإعادة التأمين:
تخوفات من التغيرات المناخية لدى شركالت الإعادة العالمية
وبينت سامية حيدر، نائب رئيس مجلس إدارة شركة إعادة التأمين المصرية سابقا، أن اتفاقيات إعادة التأمين لعام 2024 ستتميز بشروط صارمة لشركات “الممتلكات”، ما قد يؤدى إلى فرض معيدى التأمين سقفا لتعويض الحوادث الأقصى بحوالى 10٪ من إجمالى المبلغ المؤمن عليه للعمليات المخصصة لإعادة التأمين.
وأوضحت أن العام الجديد قد يشهد أيضا إعادة صياغة بعض الاستثناءات لأنواع التغطية، مثل خسائر توقف الإنتاج غير المادية، بالإضافة إلى مراجعة تعريف الحادث فى نصوص الاتفاقيات النسبية وغير النسبية.
وأشارت إلى مخاوف شركات إعادة التأمين من الخسائر المتوقعة فى عام 2024، وبالتالى، من الواضح أنهم سيفرضون قيودا على تعويضات الحوادث، بما فى ذلك تحديد حد أقصى لإجمالى المبلغ المؤمن عليه للممتلكات المؤمنة فى محفظة الفرع.
وأوضحت أن تحديد حد أقصى لتعويض الحوادث ينطبق على فرعى الحريق والهندسة من كل محفظة على حدة، بينما يختلف الحد الأقصى الآمن لشركات التأمين التنازلية من دولة إلى أخرى، اعتمادا على الخسارة القصوى، وفقا للمحاكاة التى أجرتها شركات متخصصة فى نمذجة الكوارث.