لم يتخيل أشد المتفائلين للكرة العربية أن يفوز المنتخب السعودي على منتخب الأرجنتين في افتتاحية مباراتهما في كأس العالم، ولم يراهن الكثيرون قبل المونديال على وصول منتخب المغرب لنصف نهائي كأس العالم كأول منتخب عربي وإفريقي، فهل يستفيد البعض مادياً من هذه النتائج المفاجأة؟
بداية تاريخ المراهنات
بدأ صيت المراهنات يذيع في بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى، وتحديدًا في سباقات الخيل، والتي كانت تديرها عصابات مثل “بيكي بلايندرز”، ثم انتقلت إلى مباريات كرة القدم، ثم أصبح لها مكاتب في المدن.
في التسعينيات أصبحت المراهنات على نتائج مباريات كرة القدم شرعية في بريطانيا، ومع انتشار الإنترنت في أواخر العقد الأخير من الألفية الثانية انتشرت إعلانات شركات المراهنات، وكان كأس العالم 1998 هو أول كأس عالم يستطيع الجمهور المراهنة على نتائجه بهويات غير حقيقية عبر الإنترنت.
يقول بعض المؤرخين لهذه الحقبة إن الكثير من جماهير كرة القدم كانوا يفضلون المقامرة على نتائج مباريات كرة القدم عن الجنس والطعام، وإن البعض منهم باع منزله نتيجة إدمانه عليها.
انتشار المراهنات في مصر
بطبيعتنا الدينية، تختلف نظرة العالم العربي عن الغربي فيما يتعلق بالمراهنات الرياضية؛ نظرًا للجدل الديني المحيط بها، وهل هي قمار محرم أم لا، يُستثنى المغرب من هذه القاعدة إذ تعتبر المراهنات على نتائج مباريات كرة القدم شرعية منذ أيام الاحتلال الفرنسي حتى الآن.
وفي مصر أثارت أندية صغيرة في دوري الدرجة الممتاز الجدل بارتداء قمصان تحمل إعلانات لشركات مراهنة إلكترونية، الأمر الذي قوبل بالرفض؛ ليخرج الاتحاد المصري لكرة القدم عن طريق ممثله الإعلامي وينفي وجود المراهنات جملة وتفصيلاً في كرة القدم المصرية.
في سياق متصل، كشف الإعلامي واللاعب المصري السابق أحمد حسام ميدو، مفاجأة في برنامجه التلفزيوني، الغطاء عن المراهنات بين الشباب الصغار من سن 12 عامًا.
يقول ميدو: “الصغار يراهنون بأموال أبائهم على مباريات الدوري المصري، في أكشاك السجائر، والسؤال هنا أين الجهات المسؤولة عن التصدي لـهذه الظاهرة الخطيرة؟”.
وفي آسيا، حيث السعودية يلجأ الشعب المنتمي للمنتخب الأخضر إلى تقنية “VPN” من أجل المراهنة على نتائج مباريات فريقه المفضل، حيث تتوفر أشهر مواقع المراهنة الإلكترونية باللغة العربية، بل وفتحت أيضًا باب المراهنة على نتائج مباريات الدوري السعودي.
كذلك الحال للعبة الأشهر في عالم كرة القدم عبر الإنترنت “فانتازي”، حيث تُعتبر في نظر البعض نوعًا من أنواع المراهنات المغطاة بصبغة ترفيهية شرعية، فهي لا تُجبر المشترك على دفع أموال، ولكنه قد يجني الجوائز القيمة إذا صحّت توقعاته.
هذه الخدعة تُجبر ملايين المشتركين على تحميل التطبيق، وهم بذلك يُمنحون أموالاً وأرباحاً خيالية لملاك التطبيق، بالإضافة إلى الزيارات الاستثنائية، ليصبحوا الفائز الأكبر، مثلهم مثل أي شركة مراهنات.
كما تستخدم المحلات التجارية هوس الشباب بلعبة الـ”فانتازي” بإنشاء دوري يحمل اسمها، مقابل منح جائزة من منتجات المتجر للفائز، وهو أسلوب دعاية متبع وناجح في السنوات الأخيرة.
خسارة 160 ألف دولار في كأس العالم 2022
المراهنات بكل أشكالها كانت حاضرة معنا في مونديال قطر الأخير، والذي توّج به الأرجنتين بطلًا للعالم.
وخسر أحد المراهنين – الذي كان واثقًا من نفسه – مبلغًا هائلاً من المال بعد أن تعرضت الأرجنتين لهزيمة مفاجئة أمام السعودية، إذ كان يتوقع المراهن الأسترالي TAB فوز التانجو على الأخضر، ولذلك راهن بـ160 ألف دولار على انتصار ليونيل ميسي.
بفرص 1.13 دولار، كان الرهان سيعيد للمشجع الأسترالي مبلغ 180.800 ألف دولار، وهو ما يمثل ربحًا قدره 20000 دولار فقط مقارنة بالمبلغ الضخم الذي وضعه عند الرهان، لكن الخسارة المفاجئة والتاريخية على يد السعودية، كلفته خسارة بلغت 160 ألف دولارًا.
ووفق صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، فإن مقامر آخر وضع 100 ألف دولار على فوز الأرجنتين بنتيجة 5/2 على السعودية بهامش ثلاثة أهداف أو أكثر ليحصل المقامر على مكاسب قدرها 170 ألف دولار. هو، أيضًا، ذهب إلى المنزل بدون أي شيء.
ووفقًا لكل المعطيات، فإن هذه التطورات والتسهيلات تعكس الهوس الكبير بقطاع الألعاب والترفيه من جيل الألفية الجديدة. جيل لديه الكثير من الفراغ، والكثير من الكسل.
وتحولت المراهنات تدريجيًا إلى صناعة بحد ذاتها تدر المليارات من الدولارات، وأصبحت تهدف إلى إشراك المزيد مع كل عام جديد كما جميع القطاعات الأخرى. فالأفكار المبتكرة فيما يخص المراهنات تتجدد مع كل عام لإغراء فئة جديدة من المتابعين. الأمر أشبه بحفرة يزداد تجويفها وبإمكانها استيعاب المزيد.