بعد مرور أربع سنوات على إكتشاف مقبرة العلمين التى تعود لنهاية القرن الأول وحتى نهاية القرن الثانى الميلادي، أقر مجلس الوزراء برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى مؤخراً فى يونيو 2021، بإعتبار الموقع المعروف بـ «مقبرة العلمين» أرضاً أثرية ، والواقعة جنوب الموقع الأثرى المعروف بإسم «قصور العطش» بمركز العلمين، وذلك بالقرار الذى حمل رقم 1368 لسنة 2021، هذا القرار الذى إنتظره الأثريين منذ وقت للإحتفال بالكشف الأثرى الجديد الذى لازمه الحظ بوجوده وسط إحدى مدن الجيل الرابع بمدينة العلمين الجديدة.
وتقع مقبرة العلمين جنوب الموقع الأثرى «قصور العطش»، ووفقاً لمحضر معاينة اللجنة الأثرية بعام 2019، تبين بأنه تم عمل حفائر علمية بالمنطقة، وأسفرت عن الكشف عن مقبرة منحوتة فى الصخر، بها غرفة دفن رئيسية تحوى 14 فتحة دفن، وتم العثور بداخل تلك الفتحات على بقايا هياكل عظمية لرجال ونساء وأطفال «حوالى 40 هيكلا عظميا» وعلى بقايا توابيت خشبية متهالكة، وتبين أن المقبرة تعود لنهاية القرن الأول الميلادى وحتى نهاية القرن الثانى الميلادي، فى حين وافقت اللجنة على الدائمة للآثار على ضم الموقع الأثرى كمنافع عامة آثار بحلول منتصف عام 2020، ولكنه كان لازال حينها خارج عداد الآثار لحين صدور قرار مجلس الوزراء المنشور بالجريدة الرسمية فى يونيو 2021.
وفى هذا الصدد كشفت مدير عام منطقة آثار مارينا الأثرية نعمة سند عن طبيعة الكشف الأثرى الذى تم إكتشافه بسبب الأعمال الإنشائية لإحدى مدن الجيل الرابع «مدينة العلمين الجديدة» وأوضحت لـ»المال» بأنه خلال عام 2017 وأثناء قيام الشركة التابعة لمدينة العلمين الجديدة ببعض الأعمال الإنشائية بالقرب من موقع قصور العطش الذى يقع جنوب غرب مدينة العلمين والذى يبعد عن منطقة آثار مارينا العلمين بحوالى 30 كيلومترا، اسقطت إحدى المعدات الثقيلة «لودر»سقفاً لحفرة منحوتة فى الصخر تحت سطح الأرض وتلاحظ وجود 14 فتحة بأعماق مختلفة.
وأضافت «سند» خلال تصريحاتها لـ«المال» ، أنه نتيجة للمتابعة الأثرية والتعاون بين المنطقة ورئيس جهاز مدينة العلمين الجديدة أخطرنا رئيس الجهاز بسقوط اللودر فى حفرة عميقة، وبالمعاينة على الطبيعة تبين لنا إنها مقبرة منحوتة فى الصخر وتقع جنوب الموقع الأثرى المعروف بإسم قصور العطش، فتم التنسيق بين المنطقة ورئيس الجهاز وتخصيص دائرة نصف قطرها 200 متر، يكون مركزها المقبرة.
وتابعت : «وقام فريق العمل بالبدء فى عمل حفائر علمية منظمة أسفرت عن الكشف عن مقبرة منحوتة فى الصخر يتجه محورها من الجنوب إلى الشمال، وتبدأ المقبرة بسلم مكون من 13 درجا غير متساوى الحجم وفى حالة متهالكة ، ويؤدى إلى غرفة دفن رئيسية بطول 530 سم، وعرض 550سم، وهذه الغرف تحتوى 14 فتحة دفن خمس فتحات بالجانب الشمالى وأربع فتحات بالجانب الشرقى ومثلها بالجانب الغربي، وفتحة واحدة بالجانب الجنوبي».
المقبرة حوت 40 هيكلا عظميا وعملات برونز ومذبح من الحجر الجيري
وأكدت مدير عام منطقة آثار مارينا، أنه تم العثور بداخل هذه الفتحات على بقايا 40 هيكلا عظميا، لرجال ونساء وأطفال وبقايا توابيت خشبية متهالكة، كما عثر على مسارج فخار كانت تستخدم للإضاءة، وتبين وجود مذبح صغير من الحجر الجيرى يبلغ ارتفاعه 45 سم، بالإضافة الى العديد من بقايا الأوانى الفخارية أغلبها كانت محلية الصنع ،وسرجتين دائرتين وعدد 10 عملات من البرونز.
ولفتت «سند» إلى أن الجديد فى هذه المقبرة هو وجود نحت بارز فى الجدار الجنوبى الغربى لغرفة الدفن ، ويعد هذا النحت لـ «قرن الخيرات» عند اليونان والرومان، وهو إحد شعارات العالم الآخر «بلوتو»، وهو على هيئة وعاء يأخذ شكل قرن الحيوان ومُزين بأوراق من الشجر.
وقالت «سند» إن الدراسة الميدانية أظهرت أن هذه المقبرة ترجع لنهاية القرن الأول، ثم حدثت بعض الإضافات عليها فى نهاية القرن الثانى الميلادي، وتتمثل هذه الإضافات فى وجود غرفة على يمين الداخل للمقبرة بطول 490سم، وعرض 500 سم، وتحوى فتحة دفن واحدة بالجانب الشمالى الشرقى من الغرف، بالإضافة إلى وجود مصطبة بطول الغرفة من الناحية الشمالية بطول حوالى 61 سم.
وأشارت مدير عام المنطقة الأثرية إلى أن المقبرة وجدت حينها بحالة تحتاج لسرعة البدء فى الترميم لأنها متهالكة، مشيرة إلى أنه فى عام 2019 تم تشكيل لجنة لتحديد الموقع الأثرى المعروف بإسم «مقبرة العلمين» ورفعه وتوقيعه على خرائط مساحية تمهيدا لضمه «منافع آثار عامة» لوزارة الآثار .
وطالبت نعمة سند مدير عام آثار مارينا بعمل سور حول المقبرة مع وجود لافتات إرشادية ونبذات عنها بالصور أثناء الإكتشاف والأعمال الأثرية بها، فضلا عن ضرورة البدء فى مشروع إضاءة متكامل يتناسب مع طبيعة الموقع، فى حين أن موقع المقبرة داخل مدينة العلمين الجديدة.
تجدر الإشارة إلى أنه عندما يتردد جملة مقابر العلمين يتجدد فى الأذهان أفكار حول المقابر التى دفن فيها جنود الحلفاء والمحور منذ الحرب العالمية الثانية فى العلمين بالساحل الشمالى فى مصر، والتى عرفت بمقابر العلمين، إلا أن «مقبرة العلمين» المكتشفة حديثا ستغير تلك الصورة لإضفاء أثر سياحى كلما تم ذكرها وفقاً لإدراجها ضمن عداد الآثار بعد إكتشاف التوقيت الزمنى لها والذى يرجع إلى نهاية القرن الأول الميلادي.