جددت تغريدة تعهد فيها رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد بالتزام بلاده بالعمل على منع تكرار الفيضانات في السودان مستقبلا، الجدل حول تكتيكات أديس أبابا في مفاوضات سد النهضة الذي تبنيه على بعد 15 كيلومترا من الحدود السودانية، بحسب تقرير لشبكة سكاي نيوز عربية.
ووفق التقرير يأتي هذا التلويح بعد اجتياح الفيضانات الأخيرة 16 ولاية من ولايات البلاد الـ18 بسبب ارتفاع منسوب النيل إلى أعلى مستوى له منذ بدء الرصد في العام 1902.
وكانت تقارير أشارت إلى أن عدم التنسيق خلال عملية الملء الأولي المفاجئ لبحيرة السد قبل أيام قليلة من حدوث كارثة الفيضان أحدث إرباكا في حسابات الفتح والإغلاف اليومي لبوابات خزان لروصيرص القريب من الحدود الأثيوبية، لكن عملية الملء نفسها لم تكن سببا في فيضانات السودان التي قتلت نحو 106 أشخاص وشردت 600 ألفا ودمرت أكثر من 100 ألف منزل كليا أو جزئيا.
وعلى الرغم من المخاوف البيئية والجيولوجية، إلا أن الخبراء تحدثوا لسكاي نيوز عربية يشيرون إلى أن تخفيف حدة مخاطر الفيضانات يمكن أن تكون واحدة من الميزات الإيجابية للسد على السودان، شريطة أن يتضمن الاتفاق القانوني الملزم صيغ تضمن تنسيق وتبادل البيانات اليومية.
وعبر إبراهيم الأمين، القيادي في قوى الحرية والتغيير والباحث في قضايا مياه النيل، عن اعتقاده بأن أبي أحمد يريد من خلال هذه التغريدة الإشارة إلى أن أثيوبيا ماضية في إكمال مشروع سد النهضة رغم الخلافات الكبيرة في المفاوضات بين بلاده وكل من السودان ومصر.
وأضاف: “كما يريد بعث رسالة للسودان في ظل ظروف الفيضانات الصعبة الحالية التي يعيشها، مفادها أن السد عند اكتماله سيقي السودان من خطر الفيضانات”.
وفي حين نفت وزارة الري السودانية وجود أي علاقة بين السد وموجة الفيضانات الحالية، إلا أنها أكدت ضرورة أن يتضمن أي اتفاق قانوني صيغة تنسيق ملزمة للبيانات اليومية المتعلقة بتشغيل السد لضمان عدم إرباك عمل سد الروصيرص القريب من سد النهضة.
وفي هذا السياق يشير خبير المياه صادق شرفي لسكاي نيوز عربية إلى أن الفترة التي سبقت وقوع كارثة الفيضانات شهدت حالة من الارتباك في عملية تشغيل سد الروصيرص بسبب الملء الأولي المفاجئ لسد النهضة بمقدار 4.9 مليار متر مكعب.
لكن شرفي شدد على أنه لا علاقة بين سد النهضة وموجة الفيضانات الحالية التي تعود لأسباب أخرى أهمها تضييق مجرى النيل في الخرطوم بفعل التوسعات المعمارية التي حدثت خلال الأعوام العشرين الماضية بشكل غير مدروس إضافة إلى هطول أمطار غزيرة في الهضبة الأثيوبية التي ينبع منها النيل الأزرق الذي يلتقي بالنيل الأبيض في الخرطوم ويشكلان معا نهر النيل.
ويرى شرفي أن تغريدة أبي أحمد تشير إلى أن أثيوبيا يمكن أن تقدم تنازلات فيما يتعلق بإلزامية الاتفاق وتنسيق البيانات انطلاقا من حاجتها للحصول على ميزات تفضيلية في الموانئ السودانية باعتبارها بلد يفتقد للمنافذ البحرية.
كما تسعى أثيوبيا وفقا لشرفي إلى الوصول إلى صيغ تفاهمية حول سد النهضة تضمن من خلالها تنفيذ طموحاتها المستقبلية المتعلقة ببناء المزيد من السدود الداخلية لضمان إنجاح مشروعاتها الزراعية والخدمية. ومن خلال كل المعطيات السابقة، يقول شرفي، إنه ليس من مصلحة أثيوبيا التمترس في مواقف تفاوضية تجعل من سد النهضة نغمة على السودانيين.
وشهدت مفاوضات سد النهضة بين السودان ومصر وأثيوبيا تعثرا ملحوظا خلال الأسابيع الماضية بسبب خلافات جوهرية حول إلزامية الاتفاق القانوني.
وفي التاسع والعشرين من أغسطس الماضي قال وزير الري السوداني ياسر عباس إن التفاوض على المستوى الوزاري أصبح غير كافيا لدفع المفاوضات ولا بد من تدخل رؤساء الحكومات، لكن منذ ذلك الحين لم يحدث تطور يذكر.
وفشلت جهود وساطة الاتحاد الأفريقي في دمج مسودات مقترحات كل من السودان ومصر وأثيوبيا المتعلقة بالتوصل إلى اتفاق ملزم بشأن السد.
وتبني إثيوبيا سد النهضة قرب الحدود السودانية بتكلفة تقدر بنحو 5 مليارات دولار، ويتوقع أن يكون عند اكتماله أكبر سد كهرومائي في القارة الأفريقية بطاقة توليد تصل إلى 6 آلاف ميغاوات