إبراهيم الخليل .. مصادر التاريخ القديم

رجائى عطية

3:26 م, الأحد, 31 يناير 16

رجائى عطية

رجائى عطية

3:26 م, الأحد, 31 يناير 16

أبو الفداء (3)

اختار الأستاذ العقد «أبو الفداء» الإمام الحافظ ابن كثير (700 / 774 هـ)، المؤرخ المفسر الكبير، لأنه كتب فى القرن الثامن الهجرى واعتمد على كبار المؤرخين الموسوعيين من قبله، ولأنه أمضى حياته على صلة بأقطار العراق العليا و«آشور» القديمة وعلى علمٍ بمراجع أصحاب السير فيها، ومن ثم كان أقدر على تلخيص تاريخ إبراهيم والتعقيب عليه من مصادره فى زمنه.

وقد استعرض الأستاذ العقاد ما أورده ابن كثير عن شجرة نسب إبراهيم، ومولده بالأهواز، وقيل ببابل. وهى العراق، ومن أن أباه كان يصنع الأصنام ويعطيها إياه ليبيعها، فكان إبراهيم يقول: من يشترى ما يضره ولا ينفعه! فلما أمره الله أن يدعو قومه للتوحيد، لم يجبه أبوه، فلما فشا أمره واتصل خبره «بنمرود بن كوش» ملك تلك البلاد، أخذ إبراهيم ورماه فى نار عظيمة فكانت بردًا وسلامًا وخرج منها إبراهيم سليمًا، ثم آمن به بعض من قومه على خوف من «غرور»، وآمنت به «سارة» ابنة عمه «هاران».

وجاء بأخبار ابن كثير، أن إبراهيم ومن آمن معه وأباه على كفره فارقوا قومهم وهاجروا إلى «حران» وأقاموا بها مدة، ثم سار إبراهيم إلى مصر حيث أشار إلى قصته التى مرت بنا مع فرعون، الذى أطلق زوجته «سارة» بعد أن عرف الحقيقة حين أيبس الله تعالى يديه ورجليه لما هَمَّ بها، وأطلقه حين تركها، فأطلقها ووهبها «هاجر» جاريةً لها، ثم سار إبراهيم إلى الشام فأقام بين الرملة وإيليا، وكانت «سارة» لا تلـد فوهـبت «هاجر» لإبراهيم وواقعها فولدت إسماعيل، وعمر إبراهيم ست وثمانون سنة، فحـزنت «سارة» فوهبها الله إسحق، وولدته وهى فى التسعين، ثم غارت من «هاجر» وقالت إن ابن الأمة لا يرث مع ابنها، وطلبت من إبراهيم أن يخرجهما عنها، فأخذهما إبراهيم إلى حيث تركهما بموضع مكة حيث تزوج إسماعيل من امرأة من جرهم.

وماتت هاجر بمكة، فقدم إبراهيم إلى إسماعيل وبنيا الكعبة، ثم أمر الله إبراهيم أن يذبح ولده، وقد اختلف فى الذبيح هل هو اسحق أم إٍسماعيل، وفداه الله بكبش.

وأن إبراهيم كان فى أواخر أيام «بيوراسب» المسمى بالضحاك، وفى أوائل ملك «افريدون»، وكان «النمرود» عاملاً له، وأنه كان لإبراهيم أخوان: هاران وناحور، وهاران أعقب «لوطًا»، أما ناحور فأولد «بتويل» الذى أولـد «لابان» الذى أولـد «إليا» و«راحيل» زوجتى يعقوب.

وأورد ابن كثير أن من يزعم أن الذبيح اسحق يقول إن موضع الذبح كان بالشام على ميلين من «إليا» وهى بيت المقدس، وأن من يقول أن الذبيح إسماعيل يقول إن ذلك كان بمكة.

وأورد ابن كثير أنه فى أيام إبراهيم توفيت زوجته سارة بعد وفاة هاجر، وفى ذلك خلاف، وتزوج إبراهيم بعد وفاة سارة امرأة من الكنعانيين أعقب منها ستة فكان جملة أولاده ثمانية: إسماعيل واسحق، وستة من الكنعانية على خلاف فى ذلك.

***

ومما أورده ابن كثير عن سيرة إسماعيل واسحق، أن إبراهيم أعقب إسماعيل وعمره ستة وثمانون سنة، فلما صار لإسماعيل ثلاث عشرة سنة تطهر (اختتن) هو وإبراهيم، ولما صار لإبراهيم مائة سنة وولد له اسحق، أخرج إبراهيم «هاجر» وابنها إٍسماعيل إلى مكة بسبب غيرة «سارة» وقومها ألاَّ يرث مع ابنها، وسكن مكة مع إسماعيل من العرب قبائل «جرهم»، وكانوا من قبله بقرب مكة، وتزوج منهم إسماعيل ورزق اثنى عشر ولدًا. ولما أمر الله تعالى إبراهيم عليه الصلاة والسلام ببناء الكعبة البيت الحرام سار من الشام وقدم على ابنه إسماعيل بمكة، وأخبره بأمر ربه، وجعل إبراهيم يبنى وإسماعيل يناوله الحجارة، وكلما بنيا دعيا قائلين: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وأن إبراهيم كان يقف على حجر وهو يبنى، وذلك الموضع هو مقام إبراهيم، واستمر البيت على بناء إبراهيم إلى أن هدمته قريش سنة خمس وثلاثين من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بناء الكعبة بعد مضى مائة سنة من عمر إبراهيم بمدة فيكون بالتقريب بين ذلك وبين الهجرة ألفان وسبعمائة ونحو ثلاث وتسعين سنة.

وأضاف ابن كثير أن إسماعيل أرسله الله إلى قبائل اليمن وإلى العماليق، وزوج إسماعيل ابنته من ابن أخيه «العيص» بن اسحق (وهو عيسو فى لغة التوراة) وعاش إسماعيل مائة وسبعًا وثلاثين سنة، ومات بمكة ودفن عند قبر أمه «هاجر» بالحجر، وكانت وفاته بعد وفاة أبيه إبراهيم بثمان وأربعين سنة.

ثم قال المؤرخ ابن كثير بعد أن استطرد إلى سيرة موسى الكليم، إن مولد موسى كان لمضى أربعمائة وخمس وعشرين سنة.. إلى أن قال عن خراب بيت المقدس سنة عشرين من ولاية «بختنصر» تقريبًا، وهى السنة التاسعة والتسعون بعد التسعمائة لوفاة موسى.

(يتبع)

Email: [email protected]

www.ragai2009.com

رجائى عطية

رجائى عطية

3:26 م, الأحد, 31 يناير 16