توقع عدد من الخبراء وممثلى القطاع استمرار ارتفاع أسعار السيارات الجديدة والمستعملة () فى السوق المحلية خلال العام الحالى بنسبة تصل إلى %20 بالتزامن مع استمرار أزمة نقص بعض مكونات الإنتاج فى مقدمتها الرقائق الإلكترونية «أشباه المواصلات»، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الشحن البحرى.
كما تكهن عدد من المؤسسات الدولية بحدوث زيادات سعرية فى أسعار المركبات سواء الجديدة أو «السكند هاند» العام المقبل بنسبة تصل إلى %3 للأولى، و%8 للثانية مع استمرار التداعيات السلبية التى يعانيها الاقتصاد العالمى الناجمة عن وباء كورونا، و فى مقدمتها ارتفاع مستوى التضخم.
أسعار السيارات ترتفع %20
فى البداية، أشار مصدر بارز فى أحد التوكيلات اليابانية العاملة فى مصر إلى أن هناك موجة قادمة فى أسعار السيارات قد تصل إلى %20 خاصة مع استمرار حالة عدم اليقين التى تسيطر على كبار مصنعى المركبات فى العالم حول التوقيت المحدد لانتهاء أزمة نقص الرقائق الإلكترونية والتى ظهرت تداعياتها الاقتصادية بقوة خلال الربع الثانى من العام الحالى وتسببت فى اتجاه عدد من الشركات لتبنى إستراتيجيات مختلفة حول طبيعة الإنتاج بها من توقف مؤقت أو تقليل المواصفات والكماليات فى بعض الموديلات لتجنب تلك الأزمة.
وأوضح المصدر لـ «المال» أنه بخلاف أزمة نقص الرقائق الإلكترونية والتى ستؤدى إلى نقص المعروض من المركبات فى جميع الأسواق العالمية بصفة عامة، ومصر بصفة خاصة هناك أزمات أخرى تعانيها صناعة وتجارة السيارات والتى من بينها ارتفاع تكلفة الشحن البحرى بنسبة تصل إلى %500، علاوة على موجة التضخم التى أصابت كافة السلع والخدمات، والتى انعكست بطبيعة الحال على مكونات السيارات.
وأضاف أن ضعف الإنتاج العالمى من المركبات بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الشحن سيؤدى إلى ارتفاع أسعار السيارات فى مصر بصورة أكبر عن مثيلاتها فى العالم، موضحًا ذلك بمثال قائلًا: “ لو أن الوكيل يقوم باستيراد 1000 سيارة فى الشهر بقيمة معينة فإنه مع التداعيات السلبية لنقص الرقائق ومن ثم نقص الإنتاج سيؤدى إلى خفض الكمية المستوردة إلى 400 على سبيل المثال وبالتالى بعد أن كانت التكلفة ستوزع على 1000 وحدة ستوزع على الـ 400 سيارة فقط مما سيضاعف انعكاس الزيادة فى أسعار الشحن على أسعار السيارات للمستهلك النهائي”.
وأكد أن الزيادات فى أسعار السيارات «الزيرو» ستؤدى إلى زيادة أسعار المستعملة، إلا أنه من الصعب التكهن بنسبة الزيادات المتوقعة فى «السكند هاند» لاعتمادها على عدد من العوامل فى مقدمتها سنة الموديل، نوع السيارة، والعلامة التجارية التابعة لها، والمواصفات الفنية وفئاتها، ومدى توافر خدمات ما بعد البيع وقطع الغيار لها.
صعوبات الاستيراد
فى سياق متصل، أكد محمود حماد، رئيس قطاع المستعمل برابطة تجار السيارات، أن استمرار نقص الإنتاج العالمى من السيارات بسبب تفاقم أزمة الرقائق الإلكترونية سيؤدى إلى ارتفاع أسعار المركبات المستعملة أسوة بـ«الزيرو»، خاصة وأن نقص المعروض من «الزيرو» تسبب فى اتجاه شريحة من المستهلكين إلى المركبات «السكند هاند» فى ظل وجود طلب ملح على امتلاك مركبة.
وتابع: «ليس هناك سبب واضح فى هذه الفترة لنزول أسعار «المستعملة» خاصة وأن التوقعات تشير إلى توافر معروض ملائم من أشباه المواصلات بنهاية العام المقبل وبالتالى فرص الزيادات ستكون قوة».
وتوقع أن تشهد سوق السيارات مزيدًا من النقص فى المعروض من المركبات فى ظل التضييق على المستوردين فى إدخال بعض العلامات التى تتميز بتزايد الطلب عليها، علاوة على الصعوبات بالإجراءات الجمركية.
زيادات عالمية بالأسعار
وتوقع بنك جولدمان ساكس الأمريكى للاستثمارات ارتفاع أسعار السيارات الجديدة بما يقرب من %3 والمستعملة بنسبة تتراوح بين %7 و%8 فى سوق الولايات المتحدة خلال العام المقبل مع استمرار اختناقات إمدادات المكونات اللازمة للتصنيع بسبب الموجات المتتالية من السلالات المتحورة من فيروس كورونا الذى تسبب فى إصابة حوالى 280 مليون حالة و وفاة أكثر من 5.4 مليون على مستوى العالم رغم تطعيم سكان الكوكب بأكثر من 9 مليارات جرعة حتى الآن.
وأدى انتشار السلالات المتحورة من فيروس كورونا خلال العام الجارى الذى أوشك على الانتهاء إلى صعود أسعار السيارات والشاحنات الخفيفة المستعملة بأكثر من %31 والمركبات الجديدة بنسبة 11% مع نقص إنتاج وتوريد رقائق أشباه الموصلات التى باتت تدخل فى تصنيع السيارات الكهربائية والسمارت فى الدول المتقدمة.
وذكرت وكالة «بيزنس إنسايدر» أن المخاطر الناجمة عن وباء كوفيد- 19 الذى انتشر فى جميع أنحاء العالم منذ مارس من العام الماضى وحتى الآن وربما لعام أو عامين قادمين أدت إلى ارتفاع أسعار السيارات الجديدة والمستعملة إلى مستويات قياسية نتيجة إغلاق مصانع رقائق أشباه الموصلات لحماية العمال من تفشى العدوى بالفيروس مما ساعد على نقص المعروض من السيارات فى السوق الأمريكية وغيرها من الأسواق فى أنحاء العالم.
ويتوقع البنك الأمريكى أن تقفز أسعار السيارات الجديدة والمستعملة إلى أعلى مستوى فى تاريخها خلال الفصلين الأول والثانى من العام المقبل على الأقل مما يجعل المستهلكين فى الولايات المتحدة والذين انتظروا الشهور الماضية منذ ظهور الوباء حتى يختفى الوباء وتنزل الأسعار مضطرين للانتظار أيضا عدة شهور قادمة حتى يتمكنوا من شراء السيارات التى يحتاجون إليها.
وإذا كانت معدلات التضخم قفزت خلال الربع الأخير من العام الجارى بأسرع وتيرة سنوية منذ ما يزيد من 40 عاما مما يعنى تآكل القوة الشرائية للمستهلكين الأمريكيين ولأجورهم بعد ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة %6.8 فى ديسمبر الحالى عما كان عليه فى الشهر الماضى فإن أسعار السيارات سجلت أكبر ارتفاعات طوال الـ 12 شهرا الماضية بقيادة المركبات المستعملة التى كانت أكبر العوامل الدافعة لصعود التضخم طوال عام 2021 مقارنة مع عام الوباء.
غياب الموديلات الحديثة
وأشار بنك جولدمان ساكس أن عشاق السيارات الجديدة الذين يحبون تغيير سياراتهم من حين لآخر لم يتمكنوا من العثور على موديلات جديدة هذا العام ليشتروها بسبب نقص المعروض نتيجة أزمة رقائق أشباه الموصلات بينما وجد المستهلكون الذين يريدون شراء سيارات مستعملة أنها سعرها أغلى مما يستطيعون دفعه، كما أن أصحاب المعارض يكافحون لتوفير الموديلات التى يرغب فى شرائها عملاؤهم.
ويرى الخبير الاقتصادى سبينسر هيل فى بنك جولدمان ساكس أن توفير موديلات السيارات الجديدة فى السوق الأمريكية لن تتوفر فى معارض السيارات إلا بعد عدة شهور على الأقل وستظل السيارات الجديدة أسعار منخفضة نوعا على عكس السيارات المستعملة التى ستزيد أسعارها بنسبة أكبرمما يشير إلى استمرار تزايد معدلات التضخم خلال العام المقبل.
كانت مبيعات السيارات المستعملة منذ عامين تزيد فى المتوسط بحوالى %10 عن نظيرتها المتوقعة العام المقبل برغم أنها كانت تستخدم تكنولوجيا تقليدية وأقدم من التقنيات السمارت المجودة حاليا كما جاء فى تقرير كتاب «كيلى بلو» التحليلى الذى أصدره مؤخرا بنك جولدمان ساكس والذى يشير إلى أن أسعار السيارات الجديدة ستزيد قليلا عن أسعار «المستعملة» قبل أن تعود إلى مستوياتها المعتادة قبل وباء كورونا.
وبتوقع «هيل» قفزة كبيرة فى أسعار السيارات المستعملة إلى أعلى مستوى لها خلال الربع المقبل، بينما سترتفع أسعار السيارات الجديدة إلى مستوياتها القياسية فى الربع الثانى من العام المقبل على أن تنزل بعد يونيو المقبل عندما يهبط معدل التضخم إلى %3.4 فى ذلك الشهر وفقا لتوقعات محللين فى العديد من المراكز البحثية وربما يواصل الاتجاه النزولى لينخفض إلى %2.5 فى ديسمبر المقبل.