أوروبا نحو «شتاء كارثى».. السيناريو الأسوأ مازال مطروحاً

عواقب اقتصادية وخيمة حال ترشيد استهلاك الغاز

أوروبا نحو «شتاء كارثى».. السيناريو الأسوأ مازال مطروحاً
أيمن عزام

أيمن عزام

6:31 ص, الثلاثاء, 21 يونيو 22

تواجه أوروبا شتاءً محفوفًا بالمخاطر رغم استطاعتها ملء خزاناتها بالغاز، وستحتاج الحكومات لطرح خطط لترشيد الاستهلاك، مع سعيها لتوفير إمدادات أكبر من الغاز الطبيعى المسال حتى يتسنى لها مواكبة جهود التحول السريع بعيدًا عن الوقود الروسى.

وكشفت وكالة رويترز عن أن الأسر الأوروبية لا تزال تعانى من ارتفاعات قياسية فى أسعار الوقود، ما أدى إلى تقليص دخلها المخصص للإنفاق، وشكل ضغطًا على التوقعات الاقتصادية.

ويهدف الاتحاد الأوروبى لإنهاء اعتماده على الوقود الأحفورى الروسى بحلول عام 2027، وأوقفت موسكو بالفعل تدفقات الغاز إلى بلغاريا وبولندا وفنلندا وشركة أورستاد الدنماركية وشركة جاستيرا الهولندية وشركة شل، بعد أن رفضت طلب الكرملين بالتحول إلى السداد بالروبل.

ويهدف الاتحاد الأوروبى، الذى يعتمد على روسيا فى الحصول على %40 من احتياجاته من الغاز، إلى ملء خزانات الغاز بنسبة %80 بحلول نوفمبر القادم صعودًا من مستوى النصف فى الوقت الحالى، حتى يتسنى له تأمين الإمدادات خلال الشتاء عندما يلبى الغاز المخزن لديه ربع الطلب، ويؤكد المحللون أنه فى طريقه لتحقيق هذا الهدف.

لكنه تظل هناك فجوة كبيرة يتعين ملؤها من مصادر أخرى، مثل الغاز الطبيعى المسال، وربما تزداد الفجوة اتساعًا حال قررت روسيا قطع التدفقات عن المزيد من المشترين الأوروبيين، على الرغم من أن موسكو تقول إنها تلبى التزاماتها، ولا ترى حاجة لوقف الإمدادات الذاهبة إلى عملاء آخرين.

السيناريو الأسوأ

ويرى ليون إزبيكى، مختص الغاز الطبيعى الأوروبى لدى شركة إنيرجى أسبكت: «الوقف الكامل للتدفقات الروسية سيكون بلا شك هو السيناريو الأسوأ لأوروبا خلال الشتاء القادم، لأنه من غير المحتمل أن تتمكن القارة من توفير إمدادات كافية، اعتمادًا على منتجين آخرين لتعويض مثل هذا النقص الملموس فى الإمدادات».

وحتى قبل الغزو الروسى لأوكرانيا فى فبراير الذى فجر أزمة طاقة فى أوروبا، فإن الطلب على الغاز واصل الارتفاع خلال التعافى الذى أعقب الجائحة، ولا تتوفر فوائض إنتاج فى سوق الغاز الطبيعى المسال، الذى تهيمن عليه عقود طويلة الأجل.

ورفع الاتحاد الأوروبى مشترياته من الغاز الطبيعى المسال وسط زيادة الواردات بنسبة %58 فى الأشهر الخمس الأولى من 2022، مقارنة بمستويات عام 2021، بحسب بيانات ريفنتف.

عراقيل الغاز المسال

وعدت الولايات المتحدة، التى تُعَدّ أحد المنتجين الكبار للغاز الطبيعى المسال، بمساعدة أوروبا عن طريق تزويدها بالمزيد من الشحنات.

لكن أوروبا تتوفر لديها قدرة محدودة على استقبال الغاز الطبيعى المسال، مما يعزز انعدام اليقين.

وقالت شركة فريبورت، المختصة بتشغيل واحدة من أكبر مصانع التصدير الأمريكية، إنها ستحتاج إلى ما لا يقل عن 90 يومًا حتى تتمكن من استئناف العمليات الجزئية بعد وقوع انفجار الأسبوع الماضى.

وتابعت «إذا دخلت أوروبا فصل الشتاء وهى معتمدة على إمدادات الغاز الطبيعى المسال وحدها، فسوف تزداد الأمور تعقيدًا» بحسب ايفانجلين كوكسون المحلل لدى شركة ماريكس.

وبخلاف الغاز المنقول عبر الأنابيب الذى يمكن زيادته سريعًا، فإن شحن الغاز الطبيعى المسال سيستغرق أسابيع، وربما تتم عرقلته بفعل الأحوال الجوية.

وقالت إدارة الأحوال الجوية الوطنية الأمريكية فوق المحيطات الشهر الماضى إنه توجد فرصة بنسبة %65 لوقوع موسم إعاصير بدرجة أكبر من المعتاد تشتمل على ستة إلى عشرة أعاصير.

وقال إيزبيكى من شركة انيرجى اسبكتس إن الغاز داخل الخزانات ربما يوفر احتياجات أوروبا من الغاز خلال 2022 حتى فى غيبة الإمدادات الروسية، لكن هذا سيجعلها تعانى عندما يحل الشتاء فى أواخر عام 2023، مما يعنى أن الحكومات لا تستطيع بعد وقف خطط الترشيد.

يلبى الغاز الروسى نصف احتياجات ألمانيا من الغاز، لكنها دشنت بالفعل خططًا لتفعيل مزادات لمساعدتها على ترشيد الغاز وتوفيره للصناعات كثيفة استهلاك الطاقة حال قطع الإمدادات.

ونفذت فرنسا تدابير لتقييد إمدادات الغاز المقدمة إلى كبار المستهلكين حال وقوع أى نقص.

وعززت بولندا وارداتها من الغاز الطبيعى المسال، وتهدف إلى افتتاح أنبوب غاز جديد العام الجارى مع النرويج.

لكن بولندا لا تزال لديها خطط لخفض الغاز المقدم إلى الصناعات الثقيلة حال وقوع أزمة حتى يتسنى لها ضمان تزويد المنازل والخدمات العامة بما تحتاج إليه من الغاز.

لكن ترشيد الاستهلاك ستكون له عواقب اقتصادية فادحة، ويقدر الخبير الاقتصادى هولجر شميدنج لدى مؤسسة بيرنبرج أن الناتج الاقتصادى للاتحاد الأوروبى سيقل بنسبة %2 بنهاية عام 2022 حال وقف الإمدادات الروسية الآن.

يشكل الغاز أكثر من %20 من استخدامات الطاقة داخل الاتحاد، إذ يتم استخدامه فى تدفئة المنازل، وتوليد الكهرباء، وتصنيع منتجات حيوية مثل الأسمدة.