بدأ كبير الدبلوماسيين الصينيين جولته السنوية في إفريقيا امس الأحد، مواصلاً تقليداً دام 35 عاماً يهدف إلى تعزيز نفوذ بكين الكبير بالفعل في القارة الغنية بالموارد، بينما يشهد الحضور الأوروبي تراجعاً ويبدو النفوذ الأمريكي متذبذباً، وفقا لتقرير وكالة رويترز.
وفي الوقت الذي تنشغل فيه العواصم العالمية والمستثمرون بعودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، فضلاً عن قضايا سياسية داخلية تشغل المسؤولين الألمان والفرنسيين، تسلط زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى كل من ناميبيا وجمهورية الكونغو وتشاد ونيجيريا الضوء على التزام الصين المستمر تجاه إفريقيا، وفقاً للمحللين.
تمتد زيارة وانغ حتى السبت، حيث تسعى الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى تعزيز دعمها المالي للقارة المثقلة بالديون، وإبرام المزيد من الاتفاقيات للحصول على المعادن الاستراتيجية، وفتح أسواق جديدة لصادراتها، بما في ذلك السيارات الكهربائية والألواح الشمسية.
قال إريك أورلاندر، الشريك المؤسس لمشروع الصين-الجنوب العالمي: “اختيار البلدان التي تُزار كل عام لا يتبع أي منطق خارجي، لكنه يبعث برسالة قوية إلى إفريقيا تؤكد على التزام الصين المستمر بالقارة، على عكس نهج الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي”.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، قوه جياكون، أن “الصين تؤمن بقوة أن إفريقيا لم تكن يوماً قارة منسية، بل مصدر حيوي وطاقة مليئة بإمكانات التنمية”.
دوافع اقتصادية واستراتيجية
في ظل تباطؤ الاقتصاد الصيني، تُعد إفريقيا سوقاً حيوية لشركات البنية التحتية المملوكة للدولة، التي تعاني من نقص المشاريع داخل الصين، ومجالاً لتصريف فائض إنتاجها من السيارات الكهربائية والألواح الشمسية. كما أن لأصوات الدول الإفريقية الخمسين في الأمم المتحدة أهمية خاصة لدعم مساعي الصين لإعادة تشكيل المؤسسات متعددة الأطراف وفقاً لمصالحها، خاصة في قضايا حقوق الإنسان.
بينما اكتفى الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن بزيارة وحيدة إلى أنغولا خلال فترة رئاسته، جعلت الصين من إفريقيا أولوية في جدولها الدبلوماسي السنوي.
تتزامن زيارة وانغ إلى جمهورية الكونغو، التي تتولى هذا العام رئاسة منتدى التعاون الصيني-الإفريقي (FOCAC)، مع سعي الصين لتطبيق نتائج القمة الأخيرة التي تضمنت تعهدات بتقديم مساعدات مالية بقيمة 51 مليار دولار.
كما تعكس زيارة تشاد اهتمام الصين المتزايد بالقضايا الأمنية الإقليمية. فقد بدأت فرنسا الشهر الماضي في سحب قواتها العسكرية من تشاد بعد إنهاء الحكومة التشادية اتفاقية تعاون دفاعي مع باريس، مما أضعف نفوذ الغرب في المنطقة.
قال أورلاندر: “الصين أثبتت أنها شريك موثوق ومستقر للحكومات العسكرية الجديدة في منطقة الساحل وغرب إفريقيا”. وأضاف أن وجود الصين يُعتبر مثيراً للجدل من وجهة نظر الغرب، لكنه يُنظر إليه بإيجابية من قبل الأفارقة الذين يرون في الصين شريكاً استراتيجياً قوياً.