ألعاب خطرة!

ألعاب خطرة!
حازم شريف

حازم شريف

10:55 ص, الأحد, 10 أغسطس 03

العرض الذي تقدم به بنك الاستثمار القومي مؤخرا، لشراء 9% من أسهم شركة السويس للأسمنت، أثار موجة من الاستياء في أوساط المستثمرين سواء من ناحية دلالة العرض نفسه أو علي مستوي التوقيت.

فيما يتعلق بالدلالة.. بات من الواضح، أن العرض يستهدف منع شركة سيمون فرانسيه الفرنسية من الاستحواذ علي حصة الأغلبية، وهو مايعني تراجع الحكومة عن تعهداتها من خلال العقد الموقع مع الجانب الفرنسي قبل عامين.

وبصرف النظر عما يمكن أن يدور من جدل حول مدي صواب أو خطأ تعهدات الحكومة السابقة أو توجهاتها الحالية وما يمكن أن تسوقه من مبررات لموقفيها المتناقضين، فإن الأمر المؤكد أن هذا التناقض من شأنه التأثير علي مصداقية الحكومة نفسها وما تعلنه من مواقف أو قرارات في المستقبل، أمام دوائر الاستثمار الأجنبية والمؤسسات الدولية.

ومما يضاعف من تأثير الخطوة الحكومية السابقة توقيتها، الذي يتزامن مع عدم استقرار النظام الجديد لسوق الصرف وآلياته المختلفة، وهو ما نجم عنه العديد من المشكلات ربما يكون من أهمها في هذا السياق، تعثر تحويل حصيلة مستحقات المستثمرين الأجانب الناجمة عن بيع أسهمهم بالبورصة خلال الشهور الماضية وكذلك عوائد كوبونات ما يملكونه من أوراق مالية.. وهو ما قد يضاعف من تأثير هذا التراجع الحكومي علي فرص جذب استثمارات أجنبية، تعترف الحكومة نفسها، بأنها في أمس الحاجة إليها، لتحقيق معدلات النمو التي تصبو لتحقيقها.

أما بالنسبة لبنك الاستثمار القومي، فإننا إذا كنا نبارك عملية تطويره التي أعلن عنها مؤخرا وزير المالية بتحويله إلي مؤسسة مالية- تشبه مؤسسة التمويل الدولية علي حد وصف الوزير- تمتلك القدرة علي توجيه استثماراتها في قطاعات واعدة ذات عوائد مرتفعة.. فإننا من ناحية أخري ننبه إلي ضرورة التروي والحذر بعض الشيء، لأن عملية إعادة الهيكلة بغرض التحول من كيان يعمل كمجرد ممول للمشروعات القومية كشق الطرق والكباري وانشاء المدارس- ربما بلا أي حسابات للجدوي والعائد- إلي مؤسسة تمويلية محترفة، هي مسألة تحتاج إلي بعض الوقت، مع ضخ كوادر جديدة محترفة، تستطيع التعامل مع المعطيات الراهنة.

وإذا كنا نخشي علي البنك – ونسانده- من تحمل أعباء التحول إلي كيان يماثل مؤسسة التمويل الدولية، فإننا لا نملك سوي التعجب من خطورة أن يدفع به البعض إلي القيام بممارسات وألعاب خطرة، كالدخول في عروض شراء ومزيدات سعرية وربما عمليات استحواذ وإغارة علي شركات صغيرة وكبيرة فيما بعد، وهي ألعاب يملك أدواتها وخبراتها ويصلح للقيام بها بنوك استثمار كجولدمان ساكس، وميريل لينش، وسالمون سميث بارني.. وليست مؤسسة التمويل الدولية، ناهيك عن مؤسسة لا تزال تخطو خطواتها الأولي في التحول من حصالة للحكومة إلي شبيه لمؤسسة التمويل الدولية!