اختتم المجلس الأعلى للثقافة فعاليات الملتقى الدولى « جابر عصفور الإنجاز والتنوير » ، الذي أطلقه المجلس الأعلى للثقافة أمس تحت رعاية وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم ، وبحضور الدكتور هشام عزمى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، وبالتعاون مع مؤسسة سلطان بن على العويس الثقافية الإماراتية.
وشهدت جلسات المؤتمر حضورا واسعا ومشاركات لجمع كبير من الأدباء والمثقفين والمبدعين من مصر وسائر بلدان الوطن العربى، مثل: الامارات، العراق، البحرين، الجزائر، السعودية، السودان، الكويت، المغرب، اليمن، تونس، فلسطين، لبنان، ليبيا، سوريا، واستمرت جلسات الملتقى على مدار يومى الأحد والاثنين 26 و 27 يونيو بمقر المجلس الأعلى للثقافة .
«المشروع الثقافى لجابر عصفور» جلسة أدارها الدكتور حلمي النمنم
وعقدت الجلسة الختامية للملتقى، وكانت حلقة نقاشية حملت عنوان: «المشروع الثقافى لجابر عصفور»، أدارها الكاتب الصحفى حلمى النمنم؛ وزير الثقافة السابق، وشارك فيها كلا من الدكتور فريدريك معتوق، عميد معهد العلوم الاجتماعية بالجامعة اللبنانية الأسبق، والناقد والكاتب الصحفى السودانى مجذوب عيدروس، و الروائى الفلسطينى ناجى الناجى، والدكتور خيري دومة؛ الناقد الأدبى وأستاذ الأدب العربي الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة القاهرة، والكاتبة الروائية الدكتورة رشا سمير، والدكتور هشام زغلول؛ المدرس المساعد بكلية الآداب جامعة القاهرة .
دومة : على مدار عقود كان جابر عصفور يقلب أفكاره و يعمقها ويطورها حول نشأة الرواية العربية
كما أكد الدكتور خيرى دومة أن فجر الرواية العربية كما رآه جابر عصفور أواخر تسعينيات القرن العشرين، وحين الاحتفال بذكرى عبد المحسن طه بدر، ألقى جابر عصفور محاضرة لا زل يتذكرها؛ حيث طرح فيها أفكاره حول موضوع نشأة الرواية العربية.
ونشر أفكاره الأولى هذه في مجلة فصول 1998 تحت عنوان « فجر الرواية العربية: ريادات مهمشة » .
و في نوفمبر 2011 وفي مقدمة كتابه « الرواية والاستنارة » أشار مرة أخرى إلى محاضرته تلك.
ولم يكتف بذلك بل ركز في مقدمة الكتاب على تطور الفكرة وتبلورها في ذهنه على مدار سنوات طويلة يعود بها إلى نقطة زمنية أبعد عام 1989، حين احتفل مع مجموعة من زملائه بمرور مائة عام على مولد طه حسين، وكان احتفالهم البحثي تحت عنوان « مائة عام من الاستنارة » .
ثم في 2014 وفي مقدمة كتابه « القص في هذا الزمان » أعاد نشر المقالة نفسها مع تغييرات أهمها العنوان؛ فقد غيره من « فجر الرواية العربية » إلى « ابتداء زمن الرواية » .
وعلى مدار عقود كان جابر عصفور يقلب أفكاره و يعمقها ويطورها حول نشأة الرواية العربية والظروف التي أحاطت بهذه النشأة، ضمن معركة أوسع خاضها على الأرض.
منتصرا لما كان يطلق عليه قيم التنوير والاستنارة والتحديث والمدنية والنهضة، وذلك في مواجهة ما كان يخشاه من قيم الإظلام والإرهاب والتعصب .
وقال دومة : « كثيرا ما علمنا جابر عصفور – نحن تلاميذه- أن نضع كل شيء موضع المساءلة، وقد ظل يخوض معركته مع الحاضر البائس، محاولا أن يستعين بهؤلاء التنويريين بعد أن رأى فيهم أجداده العظام المكافحين، لكنه في غمرة الحماس لهم، وفي غمرة القلق من الحاضر، نسي أن يضعهم ويضع إنتاجهم الثقافي، والروائي منه بخاصة، موضع المساءلة » .
سمير : جابر عصفور يرفض إلا أن يترجم عن الأصل، ولا يجيز أي كتاب إلا بعد مراجعة شخص ذو ثقة في علمه
فيما تحدثت الروائية الدكتورة رشا سمير، مستعرضة مشروع الدكتور جابر عصفور من وجهة نظرها فى ثلاث محاور تتقاطع لتصنع مشروع ثقافي ضخم، أولها محور النظرية النقدية والنقد التطبيقي: تطوير نظرية النقد بحكم كونه أستاذ جامعي ودائم الاطلاع على المستحدث في نظريات النقد بالجامعات الأجنبية وما خلصت إليه .
وثانيها محور النقد التطبيقي: قد قدم كثيرا من الكتاب وناقش الكثير من الأعمال الأدبية وله، الكثير من كتبه في هذا المجال، ويدخل في ذلك أنه له دور مهم في التأليف الثقافي في الأدب العربي؛ فمثلا كان شغوفا بالرواية العربية له آراء كثيرة فيها وقدم كتابين في هذا الموضوع، وهو صاحب تعبير زمن الرواية ولى .
وثالث المحاور هو محور المؤسسات الثقافية؛ فقد تحول المجلس الأعلي للثقافة في عهده إلى مؤسسة ثقافية متكاملة، كما كان لديه مشروع كامل للنهضة بالترجمة بواسطة المركز القومي للترجمة؛ فلم يكن الأمر لديه مجرد بناء، بل كان الهدف الأساسي من المشروع هو الترجمة عن الأصول وليس عن ترجمة وسيطة.
يرفض إلا أن يترجم عن الأصل، ولا يجيز أي كتاب إلا بعد مراجعة شخص ذو ثقة في علمه.
الناجي : مشروع جابر عصفور الثقافى أكد تأسيسه لرؤى تنويرية متجددة
و تحدث الروائى الفلسطينى ناجى الناجى، مستعرضًا مشروع عصفور الثقافى، الذى أكد تأسيسه لرؤى تنويرية متجددة، تجاوز بواسطتها جغرافيا الوطن والإقليم .
وذهب إلى اشتباك فكري نقدي بنّاء مع النظريات الفكرية المقابلة، سيّما الأوروبية منها .
وصولا إلى أطروحة تستند إلى مكاشفة صادقة مع الذات .
زغلول : جابر عصفور لا يجد غضاضة في أن تكون النظريات النقدية مشاعا بين الناس
أما الدكتور هشام زغلول، أوضح أن جابر عصفور كما يشير في كتاب « الهوية الثقافية والنقد الأدبي » لا يجد غضاضة في أن تكون النظريات النقدية من قبيل المعرفة الكونية بمعنى أن تكون مشاعا بين الناس.
وتبقى أصالة هذا الناقد أو ذاك هي المحك الأخير في آلية توظيفه لهذه النظرية أو تلك، ومرونة تبنيه هذا المنهج أو ذاك. ومن ثم أدرك جابر
وأشار إلي أن أصالة عصفور النقدية قرينة تمثل النظرية والتشبع بالمنهج -أيا كانت هويته وشهادة ميلاده- إلى الحد الذي يجعله قادرا على أن يقلصه فيستغنى عن بعض أدواته أو يتسع به فيضيف إليه، حسب خصوصية ثقافته هو، لا ثقافة الآخر، المنحازة عنه بالضرورة، وهذا المحك هو الفارق بين الناقد الإبداعي والناقد الاتباعي.
وقال :« يمكن القول إن أستاذي جابر عصفور أحد أولئك النقاد القلائل الذين حين تقرأ نقدهم تتداعى إلى مخيلتك مقولة الرائد طه حسين: إذا كانت في قراءة الأدب لذة فنية، فإن في قراءة النقد أيضا لذة فنية، ولعلها تربو على اللذة الأولى »