وصفت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أفريقيا بأنها «ضحية» التغيرات المناخية، قائلة إن الانبعاثات الكربونية التى تصدرها بلدان القارة ضئيلة جدا مقارنة بالثروات التى حققتها الدول الغربية جراء حرق الوقود الحفرى، وهو ما تسبب بالطبع فى زيادة إطلاق الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحرارى.
وقالت الصحيفة إن عدم الاعتراف بحق البلدان الأفريقية فى زيادة استهلاكها للطاقة بدلاً من خفضه، يقوض بالطبع التنمية الشاملة بها، ما يوسع بدوره من دائرة الفقر ويجعل العديد من البلدان فى القارة السمراء أكثر عُرضة للجفاف والفيضانات والأعاصير وأنماط المطر المتقلبة.
وقالت الصحيفة إن قمة «كوب 27» تأتى فى وقت بالغ الحساسية للدول الإفريقية فى ملف المناخ، حيث تُعقد الآمال للوصول إلى حل يضمن حق تلك الدول فى استخدام مصادر الطاقة المتوافرة لديها بحرية من أجل تحقيق التنمية الشاملة.
وذكرت شركة ماكينزى أن مساهمة أفريقيا فى انبعاثات الكربون العالمية تقترب من 6 إلى 10% بالكامل من الغازات المنبعثة، بما فى ذلك الميثان وثانى أكسيد النيتروجين.
ويصدر الأفارقة اليوم فى المتوسط 0.7 طن من الكربون للفرد الواحد، وفقًا للبنك الدولى، مقابل متوسط عالمى يبلغ 4.5 طن و14.7 طن فى الولايات المتحدة. لكن نصيب الفرد من الاستهلاك رغم انخفاضه آخذ فى الارتفاع بسرعة.
وتشهد أفريقيا معدل نمو سكانى هو الأسرع فى العالم، وبحلول العام 2060، يتوقع البنك الدولى أن يزيد عدد سكان أفريقيا بأكثر من الضعف إلى 2.8 مليار نسمة.
وإذا ارتفع نصيب الفرد من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بحلول ذلك الوقت إلى 1.8 طن فقط (المستوى الحالى للهند)، فإن إجمالى الانبعاثات الأفريقية سيصل إلى نسب الولايات المتحدة.
600 مليون أفريقى محروم من الكهرباء
والسؤال الذى يطرح نفسه الآن: ما الذى يجب عمله؟ إن الخطوة الأهم هى الاعتراف بحق البلدان الإفريقية فى توسيع استهلاكها من الطاقة بدلاً من خفضه، حيث يعيش حوالى 600 مليون أفريقى بدون كهرباء.
وفى السنوات الأخيرة، حققت دول من موزمبيق وتنزانيا إلى السنغال وموريتانيا اكتشافات ضخمة للغاز، وستستخدم تلك الدول على الأرجح هذا الغاز، وإذا كان العالم لا يروق له هذا، فيجب أن يساعد فى دفع القارة فى اتجاه مختلف.
وتتمثل إحدى الطرق فى الاستثمار بشكل مكثف فى الهيدروجين الأخضر، وهى حلول ممتازة فى عدد من البلدان الأفريقية بما فى ذلك ناميبيا وجنوب إفريقيا والجزائر والمغرب، وليس من الخيال أن نعتقد أن هذه البلدان يمكن أن تقفز إلى عصر جديد للطاقة.
كما لا يمكن للاقتصادات الأفريقية أن تستمر فى تصدير المواد الخام غير المصنعة، بما فى ذلك الكوبالت والليثيوم والكولتان التى تعتبر أساسية لثورة البطاريات فى العالم.
ويعد شحن هذه المواد إلى دول العالم مساهمًا كبيرًا فى انبعاثات الكربون، ومن ثم تحتاج أفريقيا إلى صهر معادنها وإنتاج المزيد من سلعها المصنعة، وهذا ما يقودنا إلى قضية التمويل المختلط – استخدام دولارات التنمية لجذب رأس المال الخاص – بشكل أكثر قوة للمساعدة فى تحفيز ذلك.
وإذا كانت الخطة الغربية تهدف إلى إبقاء أفريقيا فقيرة إلى الأبد، فإن انبعاثات الكربون فى القارة سترتفع بشكل كبير فى ظل أى سيناريو يعمل كالمعتاد.
وإذا أتيحت للأفارقة الاختيار بين البقاء فقراء إلى الأبد أو المساعدة فى دفع العالم نحو الهاوية المناخية، فإنهم سيختارون الأخير، ولن يستطيع أحد إلقاء اللائمة عليهم.