أطفال فى أعمار متفاوتة.. جمعهم الفقر والعيش فى أماكن عشوائية، وأيضاً حب فنون السيرك والإيقاع، جاءتهم الفرصة ليصبحوا فنانين ويقدموا إبداعاتهم الخاصة أمام العالم، لتصبح عروضهم الفنية لها جمهورها من الكبار والصغار.
«مدرسة الدرب الأحمر لفنون السيرك» هى الوحيدة فى مصر التى تقدم فنون السيرك وتحافظ على هذا الفن من الاندثار، وتمتاز بأنها تدرب الأطفال من 8 إلى 18 عاماً، كما أنها تشترط أن يكون جميع المنضمين للمدرسة من منطقة الدرب الأحمر العشوائية.
ويقدم الأطفال بعد غد فى الثامنة والنصف مساء عرضاً جديداً بمشاركة اثنين من العازفين من الفريق الإنجليزى «ستومب» على مسرح الجنينة بالأزهر بارك.
فنون السيرك.. واحدة من الفنون الممتعة للكبار والصغار على حد سواء.. فالألوان اللافتة.. والحركات الصعبة.. والاتقان فى الأداء.. وأيضاً الإيقاعات المرحة جميعها مجتمعة تكون عالماً سحرياً تدخله برغبتك لتعيش فى هذا العالم المختلف وتخرج وأنت تتذكر هذه اللقطات المشوقة والصعبة والمثيرة أحياناً.
أطفال يحترفون العزف على الآلات النحاسية، والطبول، والاكروبات، واللعب بالكرات الملونة والحلقات، يقدمون السيرك بشكله القديم، البسيط والممتع فى الوقت نفسه، ويقدمون فنون الإيقاع والعزف والسيرك باحترافية، وإبداع رغم صغر سن اغلبهم، وهو ما يجعل عروض مدرسة الدرب الاحمر لفنون السيرك « من العروض التى تحظى بإقبال الكبار والصغار.
سارة وآية حسين طفلتان 12 سنة، تعيشان فى ظروف صعبة لكنهما قررتا احتراف فن من الفنون يساعدهما فى اخراج الشحنات السلبية التى يمكن ان تكتسباها فى حياتهما، وأيضا تدفعهما لاستكمال دراستهما.
سارة أوضحت ان والدها عرف عن المدرسة بالصدفة، ولم يتردد فى إدخالها هى واختها لدراسة فنون السيرك، واضافت انها سعدت كثيرا بهذا العمل الذى جعل لها جمهورا، فهى تسعد بشدة عندما تجد ترحيب الناس بها، والتفاعل معها، والتصفيق لها عندما تقوم بحركات صعبة، وهى الامور التى تصر على التفوق فى دراستها بنجاح والاستمرار فى الاكروبات كونه من الفنون التى وجدته قريبا من قلبها.
أما محمد عادل فتحدث عن تجربته مع العزف على الالات الإيقاعية، قائلاً: إن سنه الحرجة 15 عاماً دفعته إلى أفعال لم يكن اهله يرضون عنها، لكنهم ما كانوا يستطيعون السيطرة عليه، ولكن – ومع التحاقه بالمدرسة – سرعان ما وجد نفسه قد ترك اصدقاءه القدامى وكون صداقات جديدة، مشيرا إلى انه تعلم الطبلة بسرعة وأحب العزف عليها، كما أنها كانت بديلا عن عمله فى ورشة قريبة من بيته، وأضاف انه تعلم العديد من الامور الاخرى داخل المدرسة بجانب العزف فاصبحت لديه اسرة جديدة الجميع فيها يخافون على بعضهم، كما انهم يحافظون على ادائهم معا لأنهم يرفضون الفشل والعودة لحياتهم القديمة.
فرقة «مدرسة الدرب الاحمر» قدمت العديد من عروض السيرك بمناطق مفتوحة واثرية لإعادة نشر هذا الفن بين المصريين، كما أنه لقى العديد من التجاوب من قبل الحضور فى هذه الاماكن، فهو يعتمد على خفة دم الاطفال المشاركين، وقدراتهم على أداء هذه الألعاب البهلوانية والحركية امام الجمهور.
فهناك طفلة تقف على اسطوانة فوقها لوح خشب وتظل تتحرك عليه فى توازن حتى تصعد فوقها طفلة اخرى دون أن يقعا، وطفلة اخرى تحرك أربع كرات فى الهواء وتزيد العدد فى سلاسة، كما ياتى طفل اخر ليحرك العديد من الحلقات فى الهواء ويأخذها منه اخر دون ان تسقط أى حلقة منهم ليعيدها مرة اخرى للطفل الاول وهكذا، كما توجد فقرة تصعد فيها اكثر من طفلة لعمل تشكيلات سريعة وثابتة للحظات ثم يعودون للتحرك مرة اخرى فى حركات اكروباتية متنوعة.
كما سيجد المتفرجون العديد من المقطوعات الموسيقية على الات إيقاعية ونحاسية تخص اطفال المدرسة، وتكون هذه المقطوعات منفصلة تقدم قدرات هذه المجموعة، وفى احيان اخرى تكون خلفية لفقرات السيرك.
والجديد فى العرض الجديد هو مشاركة اثنين من فرقة إنجليزية تقدم معزوفات مغايرة لما يقدمه اطفال المدرسة، فلا يوجد جيتار مثلا مع اطفال المدرسة وهو ما يجعل هذا العرض مختلفاً فى تقديم مقطوعات تمزج آلات جديدة وتعلم هؤلاء الاطفال طريقة التفاعل مع هذه الآلات فى عروض السيرك.
يغلب على ملابس أطفال «مدرسة الدرب الاحمر» اللون الاحمر اللافت والمبهج، كما انه اشهر الوان المهرجين، فيظهرون فى عروضهم وكانهم مجموعة من المهرجين اللطفاء الذين يقدمون فنونهم امام العامة فى اماكن مفتوحة.
أطفال يعيشون فى منطقة عشوائية يعانون معاناة اطفال كثر، لكنهم مع ذلك قرروا النجاح، واتقان هذا الفن الذى يجعل منهم فنانين لهم قدرهم ومحبوهم، وأيضا اخراجهم من معاناة كثير من الاطفال يضطرون للعمل المبكر غير المناسب لسنهم فى ظل ظروفهم الصعبة.
كما أن عروض «مدرسة الدرب الاحمر» تمتاز بتفاوت اعمار الاطفال المشاركين فى هذه العروض، فيشعرك أنك أمام حالة إنسانية لمجموعة من الاطفال فى اعمال مختلفة تجمعهم الظروف نفسها والإصرار نفسه على استكمال دراستهم، وفى الوقت نفسه مساعدة ذويهم عن طريق تقديم فن هادف وممتع، كما أنهم يحافظون على تراث كان سيندثر بعد ان كان معروفاً ان هناك عروضاً للسيرك تطوف المحافظات فى مصر لكن ذلك لم يعد يحدث.