ربما كان من الممكن فهم ـــ ولا أقول قبول ـــ هذا الجنوح البريطانى، لو كان هذا السلمان رشدى عبقرية فذّة سبقت زمانها وفاقت السابقين والمعاصرين بنبوغ لافت أدهش القصر الملكى وأذهب لبه ولب الحكومة ودفعهما دفعًا لا حيلة لهما فيه سوى إشهار الإقرار بهذه العبقرية الفذّة والعطاء المجيد.
بيد أن الواقع صافع يقول إن الرجل من مغمورى العطاء محدودى الفكر عديمى الموهبة، وأن كل بضاعته التى جرى بها ذكره، هى التطاول الجهول الغشوم على الإسلام، ومعاداة أمته، بحيث بدا أن المقصد الوحيد للإنعام البريطانى هو إغاظة المسلمين والتحرش بهم واستفزازهم.. فهل هذا «الاستفزاز» مرام مقصود لدفع المسلمين إلى ردود أفعالٍ غاضبة لاستغلالها فى الترويج ضدهم بأن العنف طبيعتهم ! حتى هذه الحيلة، إن كانت هى الدافع، حيلة خائبة، لأن الغضب للدين قاسم مشترك بين جميع أبناء الأديان بلا استثناء، وليس من ثم حجة على المسلمين أن يغضبوا للغو فى دينهم والإساءة إليه والتطاول عليه ! فإذا كانت وراء الإنعام اعتبارات سياسية، فإنها صدرت ولا شك عن رؤية قاصرة لم تحسن فهم التداعيات السلبية المؤكدة لهذا التصرف الذى بدا شذوذًا عن كل مألوف واصطناعاً لأسباب الاحتفان وتعكير العلاقة بين المسلمين وبين الغرب بعامة والإنجليز بخاصة !
ما هى مصالح بريطانيا العظمى، التى يجب أن تحكم التصرفات الملكية والقـرارات الحكومية، من وراء منح هذا الوسام الديكور ؟!.. هل صار سلمان رشدى فارساً فى الحق والحقيقة بمنحه هذا الوسام.. الفروسية التى ينتمى إليها الفارس مجموعة قيم وخصـال وقدرات ومعطيات، لا مجرد إسباغ نعم أو أوصاف بلا مضمون.. قد يمكن أن يوجد فارس بلا جواد، لأن الفروسية منظومة رفيعة يستطيع أن يدركها الفارس حتى لو كان مترجلاً على قدمين، ولكن لم يوجد فارس قط، حتى ولو اعتلى صهوة حصان أو حمار، لا يملك نخوة الفارس ومقومات وخصال وصفات وعطاء الفروسية !
ما العائد على بريطانيا من هذا التحرش الذى لا يستند إلى أى معنى تقره الأفهام، وهل جعلت الإنعامات الملكية لافتعال أسباب للعداء والتخاصم والتعارك بين الشعوب، ناهيك عن أبناء الأديان ؟! إن ما لازم قرار المنح الضرير ــ من تجريد مبصر للرئيس الزيمبابوى «موجابى» من لقب فارس السابق إسباغه عليه عام 1994، دليل قائم أمام الملكة وحكومتها على أخطاء وعمى أمثال هذه القرارات بما يوجب التأنى والتمعن فيها وفى مقوماتها، ناهيك عما يمكن ـ كالحادث ! ـ أن تثيره من ردود أفعال ظنى أن الإنسانية فى غنى عنها !
يخطئ المسلمون خطأ كبيراً لو أعطوا أى اهتمام لهذا الوسام الديكور أو التفتوا إليـه.. فلا المانحـة فارسة تقبل شهادتهـا على الفروسية، ولا المسبغ عليه فارس أو يمكن أن يكون فارساً لمجرد أن ملكة الإنجليز منحته وسام فارس.. الوسام ديكور لا قيمة ولا معنى ولا أثر له ما دام يخالف الواقع ولا يستند إلى حيثيات.. وسلمان رشدى لم يكن فارساً حين تهجم فى «آياته الشيطانية» على الإسلام، ولن يكون فارساً بالديكور الذى لا يجاوزه الوسام.. ومآل ما كتبه إلى مزبلة التاريخ، فلا هو قدم عملاً فكريًا موضوعيا قيّمًا، ولا هو صنع عملاً أدبيا رفيعاً يحسب له. ما فعله هذا الرجل محض تهاويم ضريرة وتهجم أعمى أرضى وأعجب فقط من يكرهون الإسلام والمسلمين !
الوسـام الممنوح بلا حيثيات، لغو فى لغو.. واللغو لا معنى له ولا قيمة، وكم من تفاهات وأضغاث مرت مر السحاب، فلا أمطرت، ولا أظلت، ولا التفت إليها أحد !!
www. ragai2009.com
[email protected]