أثبتت الحرب الروسية في أوكرانيا أنها نعمة بالنسبة إلى أسهم شركات الدفاع الأوروبية ، بينما أدت خطوة رفع أسعار الفائدة إلى زيادة هوامش إقراض البنوك، بحسب وكالة بلومبرج.
وفي إطار إعداد قائمة بالرابحين والخاسرين من بين أسهم الشركات الأوروبية خلال 2022، أشارت وكالة بلومبرج إلى تعرض استراتيجيات الاستثمار المخطط لها بعناية، إلى حالة من الفوضى، أولاً بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا وأزمة الطاقة التي أعقبتها، وبعد ذلك بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض، والتي رفعت بدورها عائدات السندات الألمانية لأجل 10 سنوات -وهي مقياس للاستقرار المالي في منطقة الأوروبي- إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقد.
قال جيمس رذرفورد، مسؤول الأسهم الأوروبية في “فيديرايتيد هيرمس ليمتد”، إنه مع انتهاء عصر الفائدة الصفرية، “يمكن للمرء القول إننا تخلصنا من استثمارات المضاربة، وتحوّلنا أخيراً للنظر بتمعّن إلى المبادئ الأساسية للشركات، وآفاقها المستقبلية”.
حسب اعتقاد رذرفورد، فإن اختيار الأسهم سيكون عاملاً حاسماً في العام الجديد، حيث يتوقع أن تصبح السوق “أكثر انتقائية أيضاً على مستوى الشركات”.
فيما يلي نظرة على بعض الرابحين والخاسرين في 2022:
الرابحون:
أداء شركات الدفاع الأوروبية
تحركت الحكومات الأوروبية تقريباً بين عشية وضحاها، لتعزيز قدراتها العسكرية بعدما زحفت القوات الروسية نحو أوكرانيا. النتيجة كانت ارتفاعاً بنسبة 130% لأسهم شركة المقاولات الدفاعية الألمانية “راينميتال” ، لتسجل بذلك أفضل أداء بين الأسهم الأوروبية خلال 2022. سجلت أسهم شركات دفاعية أوروبية أخرى، مثل “ثيلز” ، و”دسولت أفييشن” ، و”ساب” ، مكاسب تراوحت بين 60% و80%.
قد يشهد هذا القطاع المزيد من الانتعاش، حيث لا يزال محللون تتابعهم بلومبرغ يتوقعون ارتفاعاً بقيمة 20% لأسهم شركة “راينميتال”.
الوقود الأحفوري في الصدارة
أدت طفرة ما يُسمى بقطاعات الاقتصاد القديم، مثل النفط والتعدين، إلى جعل أسهم الطاقة الأفضل أداءً على مؤشر “ستوكس 600″، بمكاسب وصلت إلى 30%. وعززت أزمة الطاقة الناجمة عن انخفاض الإمدادات الروسية، أسعار النفط خلال النصف الأول من العام، كما أعلن العديد من شركات النفط الكبرى في أوروبا عن أرباح وفيرة كبيرة وتنفيذ عمليات إعادة شراء للأسهم. ولا يزال المحللون يتوقعون ارتفاعاً بنحو 20% العام المقبل لأسهم عملاقي النفط “شل”، و “بي بي”، رغم أن تزايد احتمال الركود العالمي قد يؤثر على أسعار النفط.
البنوك ورفع أسعار الفائدة
حققت أسهم البنوك الأوروبية نهاية قوية لعام 2022، إذ تمكنت من تحقيق مكاسب بلغت 19% في الربع الرابع، وعكست تقريباً كل خسائرها التي منيت بها خلال العام. ساعدت الأرباح القوية البنوك على بناء رسمية سوقية يمكنها إعادتها إلى المستثمرين، حيث أعلنت بعض البنوك مثل”بانكو سانتندير” ، و “يو بي اس جروب” عن إعادة شراء الأسهم.
قد تستمر هذه المكاسب خلال 2023. فقد قال نصف مديري الصناديق الأوروبية في استطلاع أجراه “بنك أوف أمريكا” في نوفمبر، إنهم يرون أسهم البنوك كملاذ استثماري يتيح لهم التحوّط ضد رفع أسعار الفائدة.
مكاسب شركات الأدوية الكبرى
كانت هناك عوائد وفيرة لأكبر شركة أدوية في أوروبا، “أسترازينيكا”، والتي ساعدت محفظتها الجديدة من أدوية السرطان، في ارتفاع أسهمها بأكثر من 30% خلال 2022، بينما ارتفعت أسهم “نوفو نورديسك” الدنماركية 25% بفضل تجاوز الطلب على دوائها المخصص للسمنة “ويغوفي” ، الكميات المعروضة منه.
قد تستمر أسهم شركات الدواء الكبرى في الارتفاع خلال 2023، حيث يسلط محللو “أودو بي إتش إف” الضوء على غزارة الاكتشافات الطبية في 2023، بما في ذلك علاج سرطان الرئة الذي طال انتظاره من “أسترازينيكا”.
الخاسرون
انكماش قطاع العقارات
قطاع العقارات المعروف بتأثره بتغيرات أسعار الفائدة، كان من أكثر المتضررين، حيث سجلت أسهمه أكبر انخفاض سنوي لها منذ 2008. مع ذلك، ربما تكون أسهم هذا القطاع الذي استفاد لسنوات من الائتمان الرخيص، على موعد مع ما هو أسوأ، في ظل تراجع قيمة العقارات وارتفاع تكاليف التمويل.
كانت أسهم “إس بي بي أي نوردن” المدرجة في أستوكهلم، الأسوأ أداءً على مؤشر قطاع العقارات، بانخفاضها بأكثر من 70%. ومع احتضانها لشركات عقارية كبرى، ربما تعكس السويد صورة عن الوضع في أوروبا ككل.
متاعب “كريدي سويس”
مرّت مجموعة “كريدي سويس” بعام كئيب آخر بعد مجموعة من الفضائح، أدت إلى سحب الكثير من العملاء لمدخراتهم، وانخفاض سعر السهم بنسبة 66%. وخسرت المجموعة ما يقرب من خُمس قيمتها السوقية في يوم واحد بعد الإعلان عن خسارة بقيمة 4 مليارات دولار وإعادة هيكلة شاملة. يشير بعض المحللين إلى استمرار المخاوف، حيث توقع أندرو كومبس من “سيتي”، أن “كريدي سويس”، أن تتكبد أسهم المجموعة “خسارة فادحة” في 2023.
تكاليف المعيشة تضرب تجارة التجزئة
مؤشر “ستوكس 600” لقطاع لتجزئة، كان ثاني أسوأ المؤشرات الفرعية أداءً، حيث سجل انخفاضاً بنسبة 30%، إذ أدى التصخم إلى تراجع الإنفاق الاستهلاكي بشكل كبير، كما تسبب الارتفاع الهائل في الأسعار، بزيادة تكاليف مدخلات الشركات. ومن غير المحتمل أن تنحسر أي من هذه الرياح المعاكسة في الوقت القريب.
مع ذلك، أثبتت سلاسل المتاجر مرونة نسبية، لأن المتسوقين أعطوا الأولوية للإنفاق على الغذاء.
لكن شركات تجارة التجزئة في مجال الملابس، وخصوصاً في بريطانيا، تعرضت لضربة أكبر، إذ انخفضت أسهم “ماركس آند سبنسر جروب” و “جيه دي سبورتس فاشون” بأكثر من 40%، فيما هوت أسهم شركة الأزياء للتجارة الإلكترونية “زلاندو” بأكثر من 50%.