أسعار نقل الحاويات بين الصين وأمريكا تقفز %750 من مستويات ما قبل «كورونا»

صعد سعر الحاوية التى يبلغ طولها 40 قدما من نحو 2000 دولار فى عام 2

أسعار نقل الحاويات بين الصين وأمريكا تقفز %750 من مستويات ما قبل «كورونا»
جريدة المال

خالد بدر الدين

دينا مجدي

8:40 ص, الأربعاء, 29 ديسمبر 21

قفزت أسعار نقل الحاويات بأكثر من 750 % من مستويات عام ما قبل وباء كورونا عندما بلغت ما يزيد قليلا عن 2000 دولار للحاوية التى يبلغ طولها 40 قدما، إلى أكثر من 17 ألف دولار عند شحن هذه الحاوية حاليا من الصين إلى الساحل الغربى للولايات المتحدة.

وأدى انتشار العدوى من كوفيد 19 إلى وجود أكثر من 25 مليون شاحنة على سطح السفن والناقلات الضخمة فى البحار والمحيطات فى أى وقت منذ مارس من عام الوباء وحتى الآن بسبب قيود الحكومات التى فرضتها على الناس للحد من تفشى العدوى بالفيروس المميت.

وصعد سعر الحاوية التى يبلغ طولها 40 قدما من نحو 2000 دولار فى عام 2019 إلى ما يزيد عن 5000 دولار دولار فى نهاية العام الماضى بزيادة %150 وتسع هذه الحاوية حوالى 200 غسالة أو 800 جهاز تليفزيون أو 96 ألف موزة.

وزاد أيضا عدد الأيام التى تنتظرها السفن والناقلات البحرية الضخمة فى الموانئ من أقل من يوم واحد تقريبا فى 2019 إلى 8 أيام فى بداية العام الجارى ثم إلى 13 يوما حاليا مع تزايد الإصابات من كورونا وطفراته المتعددة ليصل إجماليها إلى مايزيد عن 281 مليون حالة وأكثر من 5.4 مليون وفاة على مستوى العالم.

اختناقات فى الموانئ

وذكرت وكالة بلومبرج أن قطاع الشحن البحرى يعانى من نقص شديد فى عدد الحاويات واختناقات فى الموانئ لدرجة أن شركات التوريدات الأمريكية تؤكد تفاقم هذا النقص إلى أعلى مستوى منذ أكثر من 20 سنة كما تعانى دول أوروبا من أزمة فى إمدادات المكونات اللازمة للتصنيع بسبب قيود فيروس كورونا ولاسيما بعد ظهور المتحور دلتا ومؤخرا أوميكرون.

ويرى معظم خبراء اللوجستيات أن ازمة الشحن البحرى التى تفاقمت هذا العام لم تبدأ بين يوم وليلة ولن تنتهى سريعا وربما تستمر معظم شهور العام المقبل لأنها تشمل مشاكل متعددة منها ارتفاع تكاليف الشحن وتأخير تسليم الشحنات لعدة أسابيع وربما شهور وعدم توفر حاويات لنقل بضائع جديدة لأن معظمها مازالت إما فى عرض البحار والمحيطات أو راسية فى الموانئ تنتظر تفريغ حمولتها.

وتفاقمت أزمة الشحن البحرى هذا العام لدرجة أن عبارة أزمة أو مشكلة سلسلة التوريدات وردت أكثر من 3000 مرة فى خطابات رؤساء الشركات المدرجة على مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” S&P وأحاديثهم للمستثمرين والمستهلكين مما يؤكد عمق هذه الأزمة التى تعد من أخطر تداعيات وباء كورونا على الاقتصاد العالمى.

تحذير من نقص التوريدات العالمية

ويحذّر بيتر ساند كبير المحللين بشركة زينيتا لتحليلات الشحن البحرى والجوى، من أنَّ سلاسل التوريد العالمية ومدخلات الإنتاج تواجه ضغوطاً منذ إعلان منظمة الصحة العالمية فى مارس 2020 أن كورونا بات وباء عالميا ومن المتوقع أن تستمر هذه الضغوط طوال العام القادم فى ظل المخاوف من تزايد الإصابات من متحورات الفيروس.

ويرى ساند أن الضغوط على عمليات نقل البضائع لتلبية التوريدات المتأخرة تؤكد توقعات بمزيد من الارتفاعات الحادّة لأسعار الشحن خلال العام الجديد وهذا يعنى أن هناك مزيداً من التضخم قادم فى الطريق، بفعل ارتفاع التكلفة ونقلها إلى المستهلك.

تعافى «الشحن» فى 2023

ويستبعد ساند عودة قطاع الشحن بسهولة لما كان عليه فى 2019 قبل ظهور الوباء إلا فى عام 2023 على الأقل ويطالب العالم بالتأقلم مع هذا الواقع الجديد لأن قطاع الشحن – وخصوصا سلاسل التوريدات العالمية التى تعانى من مستويات نقص تاريخية، بدءاً من المواد الخام مروراً بالسلع الغذائية وصولاً إلى السيارات- يفتقر مؤخراً لوضوح الرؤية أو القدرة على التوقُّع وخصوص بالنسبة لتوقيتات تسليم الشحنات أو تسريع معدلات النقل مما هى عليه منذ اندلاع الجائحة.

وأشار ساند إلى أنه برغم أزمة سلاسل التوريدات فقد شهدت الأشهر الخمسة الماضية نقل كميات هائلة من السلع بحراً لمستهلكيها النهائيين، ولكن كان هناك تأخيرات متكررة، مما دفع المستوردين للجوء إلى شحن البضائع جوا غير أن النقل بالطائرات يواجه تحدّيات؛ فالصين مثلاً أعلنت أنَّه لن يكون مسموحاً نقل البضائع جواً إلى أمريكا الشمالية وأوروبا بدءا من العام القادم ولكنها عدّلت هذا الموعد لاحقاً حتى يونيو من العام المقبل؛ مما يشير إلى صعوبات إضافية قادمة بالنسبة لقطاع الشحن.

صعود أسعار الشحن الجوى

وبات الشحن الجوى إلى حدٍّ كبير الحل البديل الأمثل والأسرع للشركات لتلبية شهية المستهلكين القوية بعد خروج الاقتصادات من إغلاقات كورونا ولكن تكاليف الشحن الجوى بدورها ارتفعت إلى مستويات قياسية، فقد تضاعفت الأسعار بمقدار مرتين تقريباً على خطوط الشحن الجوى الرئيسية التى تربط مراكز التصنيع فى الصين بالمستهلكين فى الولايات المتحدة وأوروبا خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

كما وصلت الأسعار على خط شنغهاى – أمريكا إلى 14 دولاراً للكيلوجرام أوائل شهر ديسمبر الجارى ارتفاعاً من 8 دولارات بنهاية أغسطس الماضى وأعلى من الرقم القياسى السابق البالغ 12 دولاراً، والمسجل عندما ضرب كورونا سلاسل التوريد لأول مرة فى مارس من عام الوباء.

ويأتى هذا الارتفاع بالأسعار مدفوعاً بنمو الطلب كما جاء فى تقرير حديث صادر عن الاتحاد الدولى للنقل الجوى “إياتا” والذى أكد ارتفاع الحجم الإجمالى للشحنات المنقولة جواً بنسبة %8.7 خلال أشهر أغسطس وسبتمبر وأكتوبر من هذا العام، مقارنةً بالفترة ذاتها من عام 2019 ويتوقع أن يستمر الطلب على الشحن الجوى ويزداد خلال العام المقبل مع تزايد الطلب على طائرات الشحن وخصوصا بعد أن أدت عمليات الإغلاق بسبب كورونا إلى تعزيز التحول للتسوق عبر الإنترنت وقللت من رحلات طائرات الركاب التى كانت تستوعب أيضا معظم الشحنات المحمولة جواً.

وتتوقع منظمة التجارة العالمية WTO ارتفاع واردات آسيا من البضائع بحلول الربع الأخير من عام 2022 إلى أعلى من %14.2 مما كانت عليه فى عام 2019، وستكون الواردات خلال الفترة نفسها مرتفعة بنسبة %11.9 فى أمريكا الشمالية و%10.8 فى أمريكا الجنوبية والوسطى و%9.4 فى أوروبا و%8.2 فى أفريقيا و%5.7 فى كومنولث الدول المستقلة و%5.4 فى الشرق الأوسط.

أما بالنسبة للصادرات فستنمو لآسيا بنسبة %18.8 بينما ستسجل جميع المناطق الأخرى زيادات أكثر تواضعا حيث ستزداد صادرات أمريكا الشمالية %8 وأوروبا %7.8 وأمريكا الجنوبية %4.8 والشرق الأوسط %2.9 وأفريقيا %1.9.

وأشارت المنظمة فى تقريرها الأخير الصادر فى أكتوبر الماضى إلى أن نمو حجم التجارة العالمية من المتوقع أن يتفق مع نمو إجمالى الناتج المحلى فى العالم بنسبة %4.1 فى عام 2022 بفضل تحفيز نمو الناتج المحلى الإجمالى من خلال الدعم النقدى والسياسات المالية القوية، إضافة إلى استئناف النشاط الاقتصادى فى البلدان التى تمكنت من التطعيم بلقاحات كورونا على نطاق واسع مما يعنى أن الوباء لن يكون له تأثير هيكلى كبير على العلاقة بين التجارة العالمية والدخل إذا تحققت هذه التوقعات.

ومن ناحية أخرى أدى انتشار وباء كورونا وتزايد القيود المفروضة على السكان فى العالم ولاسيما التباعد الاجتماعى إلى اتجاه الناس للتعامل الأونلاين ليزداد معدل استهلاك المستخدمين للإنترنت بنسبة %34 فى العام الماضى أثناء جائحة كورونا مقارنة مع عام 2019، وكذلك زيادة نسبة عدد المستهلكين للتجارة الإلكترونية إلى %82.6 من إجمالى سكان الدول المتقدمة وارتفاع عدد المتاجر الإلكترونية المرخصة إلى نحو %14 عن عام ماقبل الوباء وتوقع ارتفاعها أكثر مع نهاية العام الجارى.